كلام الإمام عند تطوافه علي القتلي











کلام الإمام عند تطوافه علي القتلي



2263- الإرشاد: ومن کلامه [عليٍّ] عليه السلام عند تطوافه علي قتلي الجمل: هذه قريش، جَدَعت أنفي، وشفيتُ نفسي، لقد تقدّمت إليکم اُحذّرکم عضّ السيوف، وکنتم أحداثاً لا علم لکم بما ترون، ولکنّه الحين، وسوء المصرع، فأعوذ باللَّه من سوء المصرع.

ثمّ مرّ علي معبد بن المقداد فقال: رحم اللَّه أبا هذا، أما إنّه لو کان حيّاً لکان رأيه أحسن من رأي هذا.

فقال عمّار بن ياسر: الحمد للَّه الذي أوقعه وجعل خدّه الأسفل، إنّا واللَّه- يا أميرالمؤمنين- ما نبالي من عَنَدَ عن الحقّ من ولدٍ ووالد. فقال أميرالمؤمنين:

[صفحه 250]

رحمک اللَّه وجزاک عن الحقّ خيراً.

قال: ومرّ بعبداللَّه بن ربيعة بن درّاج- وهو في القتلي- فقال: هذا البائس، ما کان أخرجه؛ أدينٌ أخرجه، أم نصرٌ لعثمان؟! واللَّه ما کان رأي عثمان فيه ولا في أبيه بحسن.

ثمّ مرّ بمعبد بن زهير بن أبي اُميّة فقال: لو کانت الفتنة برأس الثريّا لتناولها هذا الغلام، واللَّه ما کان فيها بذي نحيزة،[1] ولقد أخبرني من أدرکه وإنّه ليُولول فَرَقاً من السيف.

ثمّ مرّ بمسلم بن قرظة فقال: البرّ أخرج هذا! واللَّه، لقد کلّمني أن اُکلّم له عثمان في شي ء کان يدّعيه قبله بمکّة، فأعطاه عثمان وقال: لولا أنت ما أعطيته، إنّ هذا- ما علمت- بئس أخو العشيرة؛ ثمّ جاء المشوم للحين ينصر عثمان.

ثمّ مرّ بعبداللَّه بن حميد بن زهير فقال: هذا أيضاً ممّن أوضع في قتالنا، زعم يطلب اللَّه بذلک، ولقد کتب إليّ کتباً يؤذي فيها عثمان، فأعطاه شيئاً، فرضي عنه.

ومرّ بعبداللَّه بن حکيم بن حزام فقال: هذا خالف أباه في الخروج، وأبوه حيث لم ينصرنا قد أحسن في بيعته لنا، وإن کان قد کَفّ وجلس حيث شکّ في القتال، وما ألوم اليوم من کفّ عنّا وعن غيرنا، ولکن المليم الذي يقاتلنا!

ثمّ مرّ بعبداللَّه بن المغيرة بن الأخنس فقال: أمّا هذا فقُتل أبوه يوم قتل عثمان في الدار، فخرج مغضباً لمقتل أبيه، وهو غلام حدث حُيّن لقتله.

ثمّ مرّ بعبداللَّه بن أبي عثمان بن الأخنس بن شريق، فقال: أمّا هذا فإنّي أنظر

[صفحه 251]

إليه وقد أخذ القوم السيوف هارباً يعدو من الصفّ، فنَهنهتُ[2] عنه، فلم يسمع من نهنهتُ حتي قتله. وکان هذا ممّا خفي علي فتيان قريش، أغمار[3] لا علم لهم بالحرب، خدعوا واستزلّوا، فلمّا وقفوا وقعوا فقتلوا.

ثمّ مشي قليلاً فمرّ بکعب بن سور[4] فقال: هذا الذي خرج علينا في عنقه المصحف، يزعم أنّه ناصر اُمّه، يدعو الناس إلي ما فيه وهو لا يعلم ما فيه، ثمّ استفتح وخاب کلّ جبّار عنيد.[5] أما إنّه دعا اللَّه أن يقتلني، فقتله اللَّه. أجلسوا کعب بن سور. فاُجلس، فقال أميرالمؤمنين: يا کعب، قد وجدتُ ما وعدني ربّي حقّاً، فهل وجدت ما وعدک ربّک حقّاً؟ ثمّ قال: أضجعوا کعباً.

ومرّ علي طلحة بن عبيد اللَّه فقال: هذا الناکث بيعتي، والمنشئ الفتنة في الاُمّة، والمجلب عليَّ، الداعي إلي قتلي وقتل عترتي، أجلسوا طلحة. فاُجلس، فقال أميرالمؤمنين: يا طلحة بن عبيد اللَّه، قد وجدتُ ما وعدني ربّي حقّاً، فهل وجدتَ ما وعد ربّک حقّاً؟ ثمّ قال: أضجعوا طلحة، وسار.

فقال له بعض من کان معه: يا أميرالمؤمنين، أتُکلّم کعباً وطلحة بعد قتلهما؟ قال: أمَ واللَّه، إنّهما لقد سمعا کلامي کما سمع أهل القليب[6] کلام رسول اللَّه صلي الله عليه و آله

[صفحه 252]

يوم بدر.[7] .

[صفحه 253]



صفحه 250، 251، 252، 253.





  1. النحيزة: الطبيعة (مجمع البحرين: 1759:3).
  2. نهنهتَ: إذا صحتَ به لتکفّه (مجمع البحرين: 1841:3).
  3. أغمار: جمع غمر: الذي لم يجرّب الاُمور (المحيط في اللغة: 81:5).
  4. کعب بن سور من بني لقيط، قتل يوم الجمل، کان يخرج بين الصفّين معه المصحف يدعو إلي ما فيه، فجاءه سهم غرب فقتله، ولّاه عمر بن الخطّاب قضاء البصرة بعد أبي مريم ( الجرح والتعديل: 912:162:7 (.
  5. إشارة للآية 15 من سورة إبراهيم.
  6. القليب: البئر التي لم تُطوَ (النهاية: 98:4) وأشار عليه السلام إلي کلام رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في غزوة بدر مع قتلي قريش الذين طُرحوا في البئر (راجع السيرة النبوية لابن هشام: 292:2).
  7. الإرشاد: 254:1، الجمل: 391 نحوه مع تقديم وتأخير، بحارالأنوار: 163:207:32 وراجع تصحيح الاعتقاد: 93 والشافي: 344:4 والاحتجاج: 73:381:1 و 74 وشرح نهج البلاغة: 248:1.