مقاتلة الإمام بنفسه
[صفحه 235] أميرالمؤمنين! فلم يُجِب أحداً حتي سوّاه، ثمّ حمل ثانية حتي اختلط بهم، فجعل يضرب فيهم قدماً قدماً حتي انحني سيفه، ثمّ رجع إلي أصحابه، ووقف يسوّي السيف برکبته وهو يقول: واللَّه ما اُريد بذلک إلّا وجهَ اللَّه والدار الآخرة! ثمّ التفت إلي ابنه محمّد ابن الحنفيّة وقال: هکذا اصنع يابني.[1] . 2238- شرح نهج البلاغة عن أبي مخنف: زحف عليّ عليه السلام نحو الجمل بنفسه في کتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار، وحوله بنوه حسن وحسين ومحمّد عليهم السلام، ودفع الراية إلي محمّد، وقال: أقدم بها حتي ترکزها في عين الجمل، ولا تقفنّ دونه. فتقدّم محمّد، فرشقته السهام، فقال لأصحابه: رويداً، حتي تنفد سهامهم، فلم يبقَ لهم إلّا رشقة أو رشقتان. فأنفذ عليّ عليه السلام[2] إليه يستحثّه، ويأمره بالمناجزة، فلمّا أبطأ عليه جاء بنفسه من خلفه، فوضع يده اليسري علي منکبه الأيمن وقال له: أقدِم، لا اُمّ لک! فکان محمّد إذا ذکر ذلک بعدُ يبکي، ويقول: لَکأنّي أجد ريح نفسه في قفاي، واللَّه لا أنسي أبداً. ثمّ أدرکت عليّاً عليه السلام رقّة علي ولده، فتناول الراية منه بيده اليسري وذو الفقار مشهور في يمني يديه، ثمّ حمل فغاص في عسکر الجمل، ثمّ رجع وقد انحني سيفه، فأقامه برکبته. فقال له أصحابه وبنوه والأشتر وعمّار: نحن نکفيک يا [صفحه 236] أميرالمؤمنين! فلم يجِب أحداً منهم، ولا ردّ إليهم بصره، وظلّ يَنحِطُ[3] ويزأر زئير الأسد، حتي فَرِقَ مَن حوله، وتبادروه، وإنّه لطامح ببصره نحو عسکر البصرة، لا يبصر من حوله، ولا يردّ حواراً. ثمّ دفع الراية إلي ابنه محمّد، ثمّ حمل حملة ثانية وحده، فدخل وسطهم فضربهم بالسيف قُدُماً قُدُماً، والرجال تفرّ من بين يديه، وتنحاز عنه يمنة ويسرة، حتي خضب الأرض بدماء القتلي، ثمّ رجع وقد انحني سيفه، فأقامه برکبته، فاعصوصب[4] به أصحابه، وناشدوه اللَّه في نفسه وفي الإسلام، وقالوا: إنّک إن تُصَب يذهب الدين! فأمسک ونحن نکفيک. فقال: واللَّه، ما اُريد بما ترون إلّا وجه اللَّه والدار الآخرة. ثمّ قال لمحمّد ابنه: هکذا تصنع يابن الحنفيّة. فقال الناس: مَن الذي يستطيع ما تستطيعه يا أميرالمؤمنين!![5] . 2239- المصنّف عن الأعمش عن رجل قد سمّاه: کنت أري عليّاً يحمل فيضرب بسيفه حتي ينثني، ثمّ يرجع فيقول: لا تلوموني ولوموا هذا. ثمّ يعود فيقوِّمه.[6] . 2240- شرح نهج البلاغة عن أبي مخنف: خرج عبداللَّه بن خلف الخزاعي- وهو رئيس البصرة، وأکثر أهلها مالاً وضياعاً- فطلب البراز، وسأل ألّا يخرج إليه إلّا عليّ عليه السلام، وارتجز فقال: أبا ترابٍ ادنُ مِنّي فِتْرا [صفحه 237] وإنّ في صَدري عليک غِمرا فخرج إليه عليّ عليه السلام، فلم يُمهله أن ضربه ففلق هامته.[7] . 2241- الفتوح: انفرق عليّ يريد أصحابه، فصاح به صائح من ورائه، فالتفتَ وإذا بعبداللَّه بن خلف الخزاعي وهو صاحب منزل عائشة بالبصرة، فلمّا رآه عليّ عرفه، فناداه: ما تشاء يابن خلف؟ قال: هل لک في المبارزة؟ قال عليّ: ما أکره ذلک، ولکن ويحک يابن خلف ما راحتک في القتل وقد علمتَ من أنا!! فقال عبداللَّه بن خلف: دعني من مدحک يابن أبي طالب، وادنُ منّي لتري أيّنا يقتل صاحبه! ثمّ أنشد شعراً، فأجابه عليّ عليه، والتقوا للضرب، فبادره عبداللَّه بن خلف بضربة دفعها عليّ بحَجَفَته،[8] ثمّ انحرف عنه عليّ فضربه ضربة رمي بيمينه، ثمّ ضربه اُخري فأطار قحف رأسه.[9] . 2242- شرح نهج البلاغة عن أبي مخنف: تناول عبداللَّه بن أبزي خطام الجمل، وکان کلّ من أراد الجدّ في الحرب وقاتل قتالَ مستميتٍ يتقدّم إلي الجمل فيأخذ بخطامه، ثمّ شدّ علي عسکر عليّ عليه السلام وقال: [صفحه 238] أضرِبُهُم ولا أري أبا حَسَن ها فشدّ عليه عليّ أميرالمؤمنين عليه السلام بالرمح، فطعنه، فقتله وقال: قد رأيتَ أبا حسن، فکيف رأيتَه! وترک الرمح فيه.[10] .
2237- الفتوح: قاتل محمّد ابن الحنفيّة ساعة بالراية ثمّ رجع، وضرب عليّ رضي الله عنه بيده إلي سيفه فاستلّه، ثمّ حمل علي القوم، فضرب فيهم يميناً وشمالاً، ثمّ رجع وقد انحني سيفه فجعل يسوّيه برکبته، فقال له أصحابه: نحن نکفيک ذلک يا
فَإنّني دانٍ إليک شِبْرا
إنّ هذا حَزَنٌ مِن الحَزَن
صفحه 235، 236، 237، 238.