الحرص











الحرص



2026- الأمالي للطوسي عن مالک بن أوس: بعث [علي عليه السلام] إلي طلحة والزبير فدعاهما، ثم قال لهما: أ لم تأتياني وتبايعاني طائعين غير مکرهين، فما أنکرتم! أ جور في حکم، أو استئثار في في ء!! قالا: لا. قال عليه السلام: أو في أمر دعوتماني إليه من أمر المسلمين فقصرت عنه!! قالا: معاذ الله.

قال عليه السلام: فما الذي کرهتما من أمري حتي رأيتما خلافي؟

قالا: خلافک عمر بن الخطاب في القسم، وانتقاصنا حقنا من الفي ء؛ جعلت حظنا في الإسلام کحظ غيرنا مما أفاء الله علينا بسيوفنا ممن هو لنا في ء فسويت بيننا وبينهم.[1] .

2027- الجمل: صارا [طلحة والزبير] إلي أميرالمؤمنين عليه السلام، فخطب إليه طلحة ولاية العراق، وطلب منه الزبير ولاية الشام. فأمسک عليه السلام عن إجابتهما في شي ء

[صفحه 38]

من ذلک. فانصرفا وهما ساخطان منه، فعرفا ما کان غلب في ظنهما قبل من رأيه عليه السلام، فترکاه يومين أو ثلاثة أيام، ثم صارا إليه واستأذنا عليه، فأذن لهما، وکان في علية في داره، فصعدا إليه وجلسا عنده بين يديه، وقالا: يا أميرالمؤمنين، قد عرفتَ حال هذه الأزمنة وما نحن فيه من الشدّة، وقد جئناک لتدفع إلينا شيئاً نصلح به أحوالَنا، ونقضي به حقوقاً علينا!

فقال عليه السلام: قد عرفتُما مالي بينبع،[2] يَنْبُع: بليدة بالقرب من المدينة، بها عيون وحضر وحصن(تقويم البلدان: 89). فإن شئتما کتبت لکما منه ما تيسّر!!

فقالا: لا حاجة لنا في مالک بينبع.

فقال لهما: فما أصنع؟

فقالا له: أعطِنا من بيت المال شيئاً فيه لنا کفاية.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: سبحان اللَّه! وأيّ يدٍ لي في بيت المال! ذلک للمسلمين، وأنا خازنهم وأمين لهم، فإن شئتما رَقيتُ المنبر وسألتهم ذلک ممّا شئتما، فإن أذنوا فيه فعلتُ. وأنّي لي بذلک وهو لکافّة المسلمين؛ شاهدهم وغائبهم!! لکنّي اُبلي لکما عذراً.

قالا: ما کنّا بالذي يکلّفک ذلک، ولو کلّفناکه لَما أجابک المسلمون.

فقال لهما: فما أصنع؟

قالا: سمعنا ما عندک.[3] .

2028- المناقب للخوارزمي عن أبي بشير الشيباني: لم يکُن [بعد بيعة عليّ عليه السلام ]

[صفحه 39]

إلّا يسيراً حتي دخل عليه طلحة والزبير، فقالا: يا أميرالمؤمنين، إنّ أرضنا أرض شديدة، وعيالنا کثير، ونفقتنا قليلة!

قال: أ لم أقُل لکم إنّي لا اُعطي أحداً دون أحد؟!

قالا: نعم.

قال: فأتوني بأصحابکم، فإن رضوا بذلک أعطيتُکم، وإلّا لم اُعطِکم دونهم. ولو کان عندي شي ء أعطيتُکم من الذي لي لو انتظرتم حتي يخرج عطائي أعطيتکم من عطائي.

فقالا: ما نريد من مالک شيئاً. وخرجا من عنده. فلم يلبثا إلّا قليلاً حتي دخلا عليه، فقالا: أ تأذن لنا في العمرة؟

قال: ما تُريدان العمرةَ، ولکن تُريدان الغَدرة.[4] .

2029- دعائم الإسلام: روينا عن عليّ عليه السلام أنّه أمر عمّار بن ياسر، وعبيد اللَّه بن أبي رافع، وأبا الهيثم بن تيّهان، أن يقسموا فيئاً بين المسلمين، وقال لهم: اعدلوا فيه، ولا تفضّلوا أحداً علي أحد.

فحسبوا، فوجدوا الذي يصيب کلّ رجل من المسلمين ثلاثة دنانير، فأعطوا الناس. فأقبل إليهم طلحة والزبير، ومع کلّ واحد منهما ابنه، فدفعوا إلي کلّ واحد منهم ثلاثة دنانير. فقال طلحة والزبير: ليس هکذا کان يعطينا عمر! فهذا منکم أو عن أمر صاحبکم؟ قالوا: بل هکذا أمرنا أميرالمؤمنين عليه السلام.

فمضيا إليه، فوجداه في بعض أمواله قائماً في الشمس علي أجير له يعمل بين

[صفحه 40]

يديه، فقالا: تري أن ترتفع معنا إلي الظلّ؟ قال: نعم.

فقالا له: إنّا أتينا إلي عمّالک علي قسمة هذا الفي ء، فأعطوا کلّ واحد منّا مثل ما أعطوا سائر الناس!

قال: وما تريدان؟!

قالا: ليس کذلک کان يعطينا عمر!

قال: فما کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يعطيکما؟ فسکتا، فقال: أ ليس کان صلي الله عليه و آله يقسم بالسويّة بين المسلمين من غير زيادة؟!

قالا: نعم.

قال: أفسُنّة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أولي بالاتّباع عندکما، أم سُنّة عمر؟!

قالا: سُنّة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ولکن يا أميرالمؤمنين لنا سابقة وغناء وقرابة، فإن رأيت أن لا تسوّينا بالناس فافعل.

قال: سابقتُکما أسبق، أم سابقتي؟ قالا: سابقتک.

قال: فقرابتکما أقرب، أم قرابتي؟ قالا: قرابتک.

قال: فغناؤکما أعظم أم غنائي؟ قالا: بل أنت يا أميرالمؤمنين أعظم غناءً.

قال: فوَاللَّه، ما أنا وأجيري هذا في هذا المال إلّا بمنزلة واحدة!![5] .

2030- مروج الذهب: لمّا رأي معاوية القتل في أهل الشام وکَلَب[6] أهل العراق

[صفحه 41]

عليهم، استدعي بالنعمان بن جبلة التنوخي- وکان صاحب راية قومه في تنوخ[7] وبَهْرَاء-[8] وقال له: لقد هممتُ أن اُولّي قومک مَن هو خيرٌ منک مقدماً، وأنصَح منک ديناً.

فقال له النعمان: إنّا لو کنّا ندعو قومنا إلي جيش مجموع لکان في کسع[9] الرجال بعض الأناة،[10] فکيف ونحن ندعوهم إلي سيوف قاطعة، ورُدَيْنية[11] شاجرة، وقوم ذوي بصائر نافذة!! واللَّه لقد نصحتک علي نفسي، وآثرتُ ملککَ علي ديني، وترکتُ لهواکَ الرشد وأنا أعرفه، وحُدتُ عن الحقّ وأنا اُبصره، وما وُفِّقت لرشد حين اُقاتل علي ملکک ابنَ عمّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وأوّل مؤمن به ومهاجر معه، ولو أعطيناه ما أعطيناک لکان أرأف بالرعيّة، وأجزل في العطيّة، ولکن قد بذلنا لک الأمر، ولابدّ من إتمامه کان غيّاً أو رشداً، وحاشا أن يکون رشداً، وسنقاتل عن تين الغوطة[12] وزيتونها؛ إذ حُرمنا أثمار الجنّة وأنهارها. وخرج إلي قومه، وصمد إلي الحرب.[13] .

راجع: وقعة الجمل/هويّة رؤساء الناکثين/تأهّب الناکثين للخروج علي الإمام.

[صفحه 42]



صفحه 38، 39، 40، 41، 42.





  1. الأمالي للطوسي: 1530:731، بحارالأنوار: 9:30:32.
  2. الجمل: 164.
  3. المناقب للخوارزمي، طبعة مکتبة نينوي: 112 وطبعة مؤسّسة النشر الإسلامي: 216:178 وفيه جميع ضمائر المثنّي بصيغة الجمع، تذکرة الخواصّ: 59 نحوه وراجع الکافئة: 12:14 و 13.
  4. دعائم الإسلام: 384:1، المناقب لابن شهر آشوب: 111:2 نحوه وفيه من «قالا: ليس کذلک...»، بحارالأنوار: 23:116:41.
  5. کَلِب عليه کَلَباً: غضب (لسان العرب: 723:1).
  6. تَنُوخ: حيّ من اليمن (لسان العرب: 65:3).
  7. بهراء: قبيلة من اليمن (لسان العرب: 85:4).
  8. الکَسْع: أن تضرب بيدک أو برجلک بصدر قدمک علي دُبر إنسان أو شي ء (لسان العرب: 309:8).
  9. الأناة: الحِلم والوقار (لسان العرب: 48:14).
  10. رُدَينة: امرأة في الجاهليّة کانت تسوِّي الرماح بخطّ هَجَر، إليها نسبت الرماح الرُدينية (تاج العروس: 232:18).
  11. الغوطة: الکورة التي منها دمشق. والغوطة کلّها أشجار وأنهار متّصلة(معجم البلدان: 219:4).
  12. مروج الذهب: 394:2.