السكينة العلويّة في الحرب











السکينة العلويّة في الحرب



2226- الجمل عن محمّد ابن الحنفيّة: لمّا نزلنا البصرة- وعسکرنا بها- وصففنا صفوفنا، دفع أبي عليّ عليه السلام إليّ اللواءَ، وقال: لا تحدثنّ شيئاً حتي يحدث فيکم. ثمّ نام، فنالنا نبل القوم، فأفزعتُه، ففزع وهو يمسح عينيه من النوم، وأصحاب الجمل يصيحون: يا ثارات عثمان!

فبرز عليه السلام وليس عليه إلّا قميص واحد، ثمّ قال: تقدّم باللواء! فتقدّمتُ وقلتُ: يا أبتِ أفي مثل هذا اليوم بقميص واحد؟!

فقال عليه السلام: أحرز أمراً أجلُه،[1] واللَّه قاتلت مع النبيّ صلي الله عليه و آله وأنا حاسر[2] أکثر ممّا قاتلت وأنا دارع.[3] .

2227- مروج الذهب: قد کان أصحاب الجمل حملوا علي ميمنة عليّ وميسرته،

[صفحه 230]

فکشفوها، فأتاه بعض ولد عقيل وعليّ يخفق نعاساً علي قربوس سرجه، فقال له: يا عمّ، قد بلغت ميمنتک وميسرتک حيث تري، وأنت تخفق نعاساً؟! قال: اسکت يابن أخي، فإنّ لعمّک يوماً لا يَعدُوه، واللَّه ما يبالي عمّک وقع علي الموت أو وقع الموت عليه![4] .

2228- دعائم الإسلام: روينا عن عليّ عليه السلام أنّه أعطي الراية يوم الجمل لمحمّد ابن الحنفيّة، فقدّمه بين يديه، وجعل الحسن في الميمنة، وجعل الحسين في الميسرة، ووقف خلف الراية علي بغلة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله.

قال ابن الحنفيّة: فدنا منّا القوم، ورشقونا بالنبل وقتلوا رجلاً، فالتفتُّ إلي أميرالمؤمنين فرأيته نائماً قد استثقل نوماً، فقلت: يا أميرالمؤمنين، علي مثل هذه الحال تنام! قد نضحونا بالنبل وقتلوا منّا رجلاً وقد هلک الناس!! فقال: لا أراک إلّا تحنّ حنين العذراء، الراية راية رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فأخذها وهزّها، وکانت الريح في وجوهنا، فانقلبت عليهم، فحسر عن ذراعيه وشدّ عليهم، فضرب بسيفه حتي صُبغ کُمّ قبائه وانحني سيفه.[5] .

2229- الإمامة والسياسة- في ذکر عليّ عليه السلام يوم الجمل-: فشقّ عليّ في عسکر القوم يطعن ويقتل، ثمّ خرج وهو يقول: الماء، الماء. فأتاه رجل بإداوة[6] فيها عسل، فقال له: يا أميرالمؤمنين، أمّا الماء فإنّه لا يصلح لک في ذا المقام، ولکن اُذوّقک هذا العسل. فقال: هاتِ، فحسا منه حسوة، ثمّ قال: إنّ عسلک لطائفي! قال الرجل: لعجباً منک- واللَّه يا أميرالمؤمنين- لمعرفتک الطائفي من غيره في

[صفحه 231]

هذا اليوم، وقد بلغت القلوب الحناجر!! فقال له عليّ: إنّه واللَّه يابن أخي ما ملأ صدر عمّک شي ء قطّ، ولا هابه شي ء.[7] .

راجع: وقعة صفّين/اشتداد القتال/طمأنينة الإمام في ساحة القتال.



صفحه 230، 231.





  1. أحرَزَ أمراً أجلُه: يقال: هذا أصدق مثل ضربته العرب (مجمع الأمثال: 1155:382:1).
  2. الحاسر: خلاف الدارع، وهو من لا مغفر له ولا درع ولا بيضة علي رأسه (تاج العروس: 274:6).
  3. الجمل: 355.
  4. مروج الذهب: 375:2.
  5. دعائم الإسلام: 393:1.
  6. الإداوة: إناء صغير من جلد يُتّخذ للماء کالسطيحة ونحوها (النهاية: 33:1).
  7. الإمامة والسياسة: 96:1، جواهر المطالب: 34:2 نحوه.