تحريض الإمام أصحابه علي القتال











تحريض الإمام أصحابه علي القتال



2224- الجمل: إنّ أميرالمؤمنين عليه السلام أنظرهم [أصحاب الجمل] ثلاثة أيّام؛ ليکفّوا ويرعَوا، فلمّا علم إصرارهم علي الخلاف قام في أصحابه فقال:

عباد اللَّه! انهدّوا إلي هؤلاء القوم منشرحةً صدورُکم، فإنّهم نکثوا بيعتي، وقتلوا شيعتي، ونکّلوا بعاملي، وأخرجوه من البصرة بعد أن آلموه بالضرب المبرّح، والعقوبة الشديدة، وهو شيخ من وجوه الأنصار والفضلاء، ولم يرعَوا له

[صفحه 228]

حرمة، وقتلوا السبابجة رجالاً صالحين، وقتلوا حکيم بن جبلة ظلماً وعدواناً؛ لغضبه للَّه، ثمّ تتبّعوا شيعتي بعد أن هربوا منهم وأخذوهم في کلّ غائطة،[1] وتحت کلّ رابية، يضربون أعناقهم صبراً، ما لهم «قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّي يُؤْفَکُونَ»!![2] .

فانهدّوا إليهم عبادَ اللَّه، وکونوا اُسوداً عليهم؛ فإنّهم شِرار، ومساعدوهم علي الباطل شِرار، فالقوهم صابرين محتسبين موطّنين أنفسکم، إنّکم مُنازِلون ومقاتلون، قد وطّنتم أنفسکم علي الضرب والطعن ومنازلة الأقران. فأيّ امرئ أحسّ من نفسه رباطة جأش عند الفزع وشجاعة عند اللقاء ورأي من أخيه فشلاً ووهناً، فليذبّ عنه کما يذبّ عن نفسه؛ فلو شاء اللَّه لَجعلَه مثله.[3] .

2225 - الإمام عليّ عليه السلام- من خطبته يوم الجمل-: أيّها الناس! إنّي أتيت هؤلاء القوم، ودعوتُهم، واحتججتُ عليهم، فدعَوني إلي أن أصبر للجِلاد، وأبرز للطِّعان، فلِأُمّهم الهَبَل! وقد کنتُ وما اُهدّد بالحرب، ولا اُرهّب بالضرب، أنصف القارَةَ من راماها،[4] فلغيري فليُبرقوا وليُرعدوا؛ فأنا أبو الحسن الذي فَلَلتُ[5] حدّهم، وفرّقت جماعتهم، وبذلک القلب ألقي عدوّي، وأنا علي ما وعدني ربّي من النصر والتأييد والظفر، وإنّي لعلي يقين من ربّي، وغير شبهة من أمري.

أيّها الناس! إنّ الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص، ومن لم يَمُت يُقتل، وإنّ أفضل الموت القتل. والذي نفسي بيده، لَألف

[صفحه 229]

ضربة بالسيف أهون عليَّ من ميتة علي فراش.

واعجباً لطلحة! ألّبَ[6] الناس علي ابن عفّان، حتي إذا قُتل أعطاني صفقته بيمينه طائعاً، ثمّ نکث بيعتي، اللهمّ خُذه ولا تمهله. وإنّ الزبير نکث بيعتي، وقطع رحمي، وظاهَر عليَّ عدوّي، فاکفِنيه اليوم بما شئت.[7] .



صفحه 228، 229.





  1. الغائط: المتّسع من الأرض مع طمأنينة (لسان العرب: 364:7).
  2. التوبة: 30.
  3. الجمل: 334، الإرشاد: 252:1 نحوه، بحارالأنوار: 131:171:32.
  4. القارَة: قبيلة من بني الهون بن خزيمة، سُمّوا قارَة لاجتماعهم والتفافهم، ويوصفون بالرمي، وفي المثل: أنصفَ القارَة مَن راماها (النهاية: 120:4).
  5. فلَّه فانفَلّ أي کسره فانکسر (لسان العرب: 531:11).
  6. من التأليب: التحريض (لسان العرب: 216:1).
  7. الکافي: 4:53:5 عن ابن محبوب رفعه، الأمالي للطوسي: 284:169 عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي نحوه وراجع نهج البلاغة: الخطبة 174.