دعاء الإمام قبل القتال











دعاء الإمام قبل القتال



2221- الإمام الصادق عليه السلام: لمّا توافق الناس يوم الجمل، خرج عليّ صلوات اللَّه عليه حتي وقف بين الصفّين، ثمّ رفع يده نحو السماء، ثمّ قال: يا خير من أفضت إليه القلوب، ودُعي بالألسن، يا حسن البلايا، يا جزيل العطاء، احکم بيننا وبين قومنا بالحقّ، وأنت خير الحاکمين.[1] .

2222- الجمل: لمّا رأي أميرالمؤمنين عليه السلام ما قدم عليه القوم من العناد واستحلّوه من سفک الدم الحرام، رفع يديه إلي السماء وقال: اللهمّ اليک شخصت الأبصار، وبسطت الأيدي، وأفضت القلوب، وتقرّبت إليک بالأعمال، «رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَتِحِينَ»[2] [3] .

2223- الإمام عليّ عليه السلام- في دعائه يوم الجمل-: اللهمّ إنّي أحمدک- وأنت للحمد أهل- علي حسن صنعک إليّ، وتعطّفک عليّ، وعلي ما وصلتني به من نورک، وتدارکتني به من رحمتک، وأسبغت عليّ من نعمتک، فقد اصطنعتَ عندي- يا مولاي- ما يحقّ لک به جهدي وشکري؛ لحسن عفوک، وبلائک القديم عندي، وتظاهر نعمائک عليّ، وتتابع أياديک لديّ، لم أبلغ إحراز حظّي، ولا صلاح نفسي، ولکنّک يا مولاي بدأتني أوّلاً بإحسانک فهديتني لدينک، وعرّفتني نفسک، وثبّتّني في اُموري کلّها بالکفاية والصنع لي، فصرفت عنّي جهد البلاء، ومنعت منّي محذور الأشياء، فلستُ أذکر منک إلّا جميلاً، ولم أرَ منک إلّا

[صفحه 226]

تفضيلاً.

يا إلهي کم من بلاء وجهد صرفتَه عني، واريتنيه في غيري، فکم من نعمة أقررت بها عيني، وکم من صنيعة شريفة لک عندي.

إلهي أنت الذي تجيب عند الاضطرار دعوتي، وأنت الذي تنفّس عند الغموم کُربتي، وأنت الذي تأخذ لي من الأعداء بظُلامتي، فما وجدتک ولا أجدک بعيداً مني حين اُريدک، ولا مُنقبضاً عني حين أسألک، ولا معرضاً عنّي حين أدعوک، فأنت إلهي، أجد صنيعک عندي محموداً، وحسن بلائک عندي موجوداً، وجميع أفعالک عندي جميلاً، يحمدک لساني وعقلي وجوارحي وجميع ما أقَلّت الأرض منّي.

يا مولاي أسألک بنورک الذي اشتققتَه من عظمتک، وعظمتک التي اشتققتها من مشيّتک، وأسألک باسمک الذي علا أن تَمّن عليّ بواجب شکري نعمتک.

ربّ ما أحرصني علي ما زهّدتني فيه وحثثتني عليه! إن لم تُعنّي علي دنياي بزهد، وعلي آخرتي بتقواي، هلکتُ.

ربّي، دعتني دواعي الدنيا؛ من حرث النساء والبنين، فأجبتُها سريعاً، ورکنتُ إليها طائعاً. ودعتني دواعي الآخرة من الزهد والاجتهاد فکَبَوت لها، ولم اُسارع إليها مسارعتي إلي الحطام الهامد، والهشيم البائد، والسراب الذاهب عن قليل.

ربّ خوّفتَني وشوّقتَني واحتجبتَ[4] عليّ فما خفتُک حقّ خوفک، وأخاف أن أکون قد تثبّطتُ عن السعي لک، وتهاونت بشي ء من احتجابک. اللهمّ فاجعل في

[صفحه 227]

هذه الدنيا سعيي لک وفي طاعتک، واملأ قلبي خوفک، وحوّل تثبيطي وتهاوني وتفريطي وکلّ ما أخافه من نفسي فَرَقاً[5] منک، وصبراً علي طاعتک، وعملاً به، يا ذا الجلال والاکرام.

واجعل جُنّتي من الخطايا حصينة، وحسناتي مضاعفة؛ فإنّک تضاعف لمن تشاء.

اللهمّ اجعل درجاتي في الجنان رفيعة، وأعوذ بک ربّي من رفيع المطعم والمشرب، وأعوذ بک من شرّ ما أعلم ومن شرّ ما لا أعلم، وأعوذ بک من الفواحش کلّها؛ ما ظهر منها وما بطن، وأعوذ بک ربّي أن أشتري الجهلَ بالعلم کما اشتري غيري، أو السَّفهَ بالحلم، أو الجزعَ بالصبر، أو الضلالةَ بالهدي، أو الکفرَ بالإيمان. يا ربّ مُنَّ عليّ بذلک؛ فإنّک تتولّي الصالحين، ولا تُضيع أجر المحسنين، والحمد للَّه ربّ العالمين.[6] .



صفحه 226، 227.





  1. شرح الأخبار: 328:387:1.
  2. الأعراف: 89.
  3. الجمل: 341.
  4. کذا، وفي بحارالأنوار نقلاً عن المصدر: «احتججتَ» وهو أنسب.
  5. الفَرَق: الخوف والفزع (النهاية: 438:3).
  6. مهج الدعوات: 125، بحارالأنوار: 9:234:94.