تحذير شباب قريش من الحرب











تحذير شباب قريش من الحرب



2206- الجمل عن صفوان: لمّا تصافّ الناس يوم الجمل صاح صائح من أصحاب أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب: يا معاشر شباب قريش! أراکم قد لججتم وغلبتم علي أمرکم هذا، وإنّي أنشدکم اللَّه أن تحقنوا دماءکم ولا تقتلوا أنفسکم، اتّقوا الأشتر النخعي وجندب بن زهير العامري، فإنّ الأشتر نشر درعه حتي يعفو أثره، وإنّ جندباً يخرم درعه حتي يشمّر عنه، وفي رايته علامة حمراء، فلمّا التقي الناس أقبل الأشتر وجندب قبال الجمل يرفلان في السلاح حتي قتلا عبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد ومعبد بن زهير بن خلف بن اُميّة، وعمد جندب لابن الزبير فلمّا عرفه قال: أترکک لعائشة...

وروي محمّد بن موسي عن محمّد بن إبراهيم عن أبيه قال: سمعت معاذ بن عبيد اللَّه التميمي، وکان قد حضر الجمل يقول: لمّا التقينا واصطففنا نادي منادي عليّ بن أبي طالب عليه السلام: يا معاشر قريش! اتّقوا اللَّه علي أنفسکم، فإنّي أعلم أنّکم

[صفحه 211]

قد خرجتم وظننتم أنّ الأمر لا يبلغ إلي هذا، فاللَّه اللَّه في أنفسکم! فإنّ السيف ليس له بُقياً، فإن أحببتم فانصرفوا حتي نحاکم هؤلاء القوم، وإن أحببتم فإليّ فإنّکم آمنون بأمان اللَّه.

فاستحيينا أشدّ الحياء وأبصرنا ما نحن فيه، ولکنّ الحِفاظ[1] .حملنا علي الصبر مع عائشة حتي قُتل من قُتل منّا، فوَاللَّه، لقد رأيت أصحاب عليّ عليه السلام وقد وصلوا إلي الجمل وصاح منهم صائح: اِعقروه، فعقروه فوقع، فنادي عليّ عليه السلام: «من طرح السلاح فهو آمن، ومن دخل بيته فهو آمن». فوَاللَّه ما رأيت أکرم عفواً منه.

وروي سليمان بن عبداللَّه بن عويمر الأسلمي قال: قال ابن الزبير: إنّي لواقف في يمين رجل من قريش إذ صاح صائح: يا معشر قريش! اُحذّرکم الرجلين: جندباً العامري والأشتر النخعي. وسمعت عمّاراً يقول لأصحابنا: ما تريدون وما تطلبون؟ فناديناه: نطلب بدم عثمان، فإن خلّيتم بيننا وبين قتلته رجعنا عنکم. فقال عمّار: لو سألتمونا أن ترجعوا عنّا بئس الفحل، فإنّه ألأم الغنم فحلاً وشرّها لجماً ما أعطيناکموه. ثمّ التحم القتال وناديناهم: مکّنونا من قتلة عثمان ونرجع عنکم. فنادانا عمّار: قد فعلنا، هذه عائشة وطلحة والزبير قتلوه عطشاً، فابدؤوا بهم، فإذا فرغتم منهم تعالوا إلينا نبذل لکم الحقّ. فأسکت واللَّه أصحاب الجمل کلّهم.[2] .

[صفحه 212]



صفحه 211، 212.





  1. الحِفَاظ: الذبُّ عن المحارم والمنع لها عند الحروب، والاسم الحفيظة. والحفاظ: المحافظة علي العهد. (لسان العرب: 442:7).
  2. الجمل: 364 وراجع تاريخ اليعقوبي: 183:2 وأنساب الأشراف: 57:3 والأخبار الطوال: 151.