خطبة الامام لمّا رجعت رسله











خطبة الامام لمّا رجعت رسله



2205- الأمالي للطوسي عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي: لمّا رجعت رسل أميرالمؤمنين عليه السلام من عند طلحة والزبير وعائشة، يؤذنونه بالحرب، قام فحمد اللَّه وأثني عليه، وصلّي علي محمّد وآله، ثمّ قال:

يا أيّها الناس! إنّي قد راقبت هؤلاء القوم کيما يرعووا أو يرجعوا، وقد وبّختهم بنکثهم وعرّفتهم بغيهم، فليسوا يستجيبون، ألا وقد بعثوا إليّ أن أبرز للطعان،أصبر للجلاد، فإنّما منّتک نفسک من أبنائنا الأباطيل، هَبِلَتْهم الهَبول،[1] قد کنت وما اُهدّد بالحرب ولا اُرهب بالضرب، وأنا علي ما وعدني ربّي من النصر والتأييد والظفر، وإنّي لعلي يقين من ربّي، وفي غير شبهة من أمري.

أيّها الناس! إنّ الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص، من لم يمت يُقتل، إنّ أفضل الموت القتل، والذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من موت علي فراش!

يا عجباً لطلحة! ألّب علي ابن عفّان حتي إذا قُتل أعطاني صفقة يمينه طائعاً، ثمّ نکث بيعتي، وطفق ينعي ابن عفّان ظالماً، وجاء يطلبني يزعم بدمه، واللَّه، ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث: لئن کان ابن عفّان ظالماً، کما کان يزعم حين حصره وألّب عليه، إنّه لينبغي أن يؤازر قاتليه وأن ينابذ ناصريه، وإن کان

[صفحه 210]

في تلک الحال مظلوماً، إنّه لينبغي أن يکون معه، وإن کان في شکّ من الخصلتين، لقد کان ينبغي أن يعتزله ويلزم بيته ويدع الناس جانباً، فما فعل من هذه الخصال واحدة، وها هو ذا قد أعطاني صفقة يمينه غير مرّة ثمّ نکث بيعته، اللهمّ فخذه ولا تمهله.

ألا وإنّ الزبير قطع رحمي وقرابتي، ونکث بيعتي، ونصب لي الحرب، وهو يعلم أنّه ظالم لي، اللهمّ فاکفنيه بما شئت.[2] .



صفحه 210.





  1. هَبِلَتْهم الهَبُول: أي ثَکِلَتْهم الثَّکُول؛ وهي من النساء التي لا يَبْقي لها وَلَدٌ (النهاية: 240:5).
  2. الأمالي للطوسي: 284:169 وراجع نهج البلاغة: الخطبة 174.