مجيء كفار قريش الي ابيطالب و مطالبتهم منه











مجيء کفار قريش الي ابيطالب و مطالبتهم منه



لما رأت قريش حمية قومه و ذب عمه أبو طالب عنه جاؤا إليه (أي إلي ابي طالب عليه السلام) و قالوا: جئناک بفتي قريش جمالا وجودا، و شهامة عمارة بن الوليد، ندفعه إليک يکون نصره و ميراثه لک، و مع ذلک (نعطيک) من عندنا ما لا، و تدفع إلينا ابن اخيک الذي فرق جماعتنا و سفه أحلامنا فنقتله، فقال (عليه السلام): و الله ما انصفتموني، أ تعطونني ابنکم أغذوه لکم، و تأخذون ابني تقتلونه، هذا و الله ما يکون أبدا أ تعلمون أن الناقة إذا فقدت ولدها لا تحن إلي غيره؟ ثم نهرهم، فهموا باغتياله (أي اغتيال النبي صلي الله عليه و آله) فمنعهم من ذلک و قال فيه: حميت الرسول رسول الآله ببيض تلالا مثل البروق اذب و أحمي رسول الآله حماية عم عليه شفيق (ثم قال عليه الرحمة): و أنشد (أيضا أبو طالب عليه السلام) و قال: يقولون لي دع نصر من جاء بالهدي و غالب لنا غلاب کل مغالب و سلم إلينا أحمدا و اکفلن لنا بنينا و لا تحفل بقول المعاتب فقلت لهم الله ربي و ناصري علي کل باغ مولوي بن غالب (قال المؤلف) قضية مجئ قريش إلي أبي طالب عليه السلام و طلبهم منه تسليم ابن اخيه صلي الله عليه و آله إليهم ليقتلوه ذکرها جمع کثير من علماء أهل السنة، و علماء الامامية عليهم الرحمة أما علماء أهل السنة الذين خرجوا ذلک فهم جماعة: (منهم) الطبري في تاريخه الکبير (ج 2 ص 220 ط م سنة 1326) (و منهم) قزاغلي سبط ابن الجوزي الحنفي (في تذکرة خواص الامة (ص 5 طبع ايران سنة 1385).

[صفحه 25]

(و منهم) العلامة الحلبي الشافعي في سيرته المعروفة بسيرة الحلبي (ج 1 ص 306 ط م سنة 1308) (و منهم) العلامة السيد احمد زيني دحلان الشافعي في سيرته المعروفة (بالسيرة النبوية المطبوعة بهامش السيرة الحلبية (ج 1 ص 91) (و منهم) ابن هشام في سيرته (ج 1 ص 246 طبع مصر سنة 1295) و ذکر معها قصيدة لابي طالب عليه السلام، أولها، (الا قل لعمرو و الوليد ابن مطعم.

) الخ، و هي في احد عشر بيتا تأتي قريبا.

(و منهم) محمد الصبان الشافعي في إسعاف الراغبين (ص 16) ط م سنة 1328، المطبوع بهامش مشارق الانوار.

(منهم) ابن سعد في الطبقات (ج 1 ص 134 ط ليدن سنة 1322) و ذکرها هؤلاء أيضا.

(منهم) ابن حجر العسقلاني في الاصابة (ج 7 ص 115 ط م سنة 1328).

(و منهم) العلامة زيني دحلان الشافعي ايضا في أسني المطالب (ص 6 طبع مصر و طبع طهران ص 9).

(وصية ابي طالب لاقربائه ان يطيعوا النبي صلي الله) (عليه و آله و سلم و الخطبة التي خطبها في زواج) (خديجة عليها السلام) (قال المؤلف) ذکر زيني دحلان الشافعي قبل ذکره القضيه في (ص 8) من أسني المطالب طبع طهران، و قال: قال أبو طالب

[صفحه 26]

لاقربائه و اولاده: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد و ما اتبعتم أمره فأطيعوه ترشدوا (قال) و قد نوه أبو طالب بنبوة النبي قبل أن يبعث صلي الله عليه و آله لانه ذکر في الخطبة التي خطب بها حين تزوج صلي الله عليه (و آله و سلم) بخديجة رضي الله عنها، فقال في خطبته تلک: " الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، و زرع اسماعيل، و ضئضئ معد، و عنصر مضر، و جعلنا حفظة بيته، وسواس حرمه، و جعل لنا بيتا محجوجا، و حرما آمنا، و جعلنا الحکام علي الناس، ثم إن ابن اخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل إلا رجح شرفا و نبلا، و فضلا و عقلا، و هو و الله، بعد هذا له نبأ عظيم، و خطر جسيم " (قال): و کان هذا (القول من أبي طالب عليه السلام) قبل بعثته صلي الله عليه و آله و سلم بخمس عشرة سنة (قال) فانظر کيف تفرس فيه أبو طالب کل خير قيل بعثته صلي الله عليه و آله، فکان الامر کما قال: و ذلک من أقوي الدلائل علي إيمانه و تصديقه بالنبي صلي الله عليه (و آله) و سلم حين بعثه الله تعالي، ثم ذکر قضية مجئ قريش و شکايتهم عند أبي طالب ابن اخيه صلي الله عليه و آله (قال): ثم إن ابا طالب قال للنبي إن بني عمک هؤلاء يزعمون أنک تؤذيهم، فقال: لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في شمالي علي أن اترک هذا الامر حتي يظهره الله أو أهلک فيه ما ترکته، ثم استعبر رسول الله صلي الله عليه و آله باکيا فقال أبو طالب: يا ابن أخي قل ما أحبيت، فو الله لا أسلمنک لهم ابدا، و قال لقريش و الله ما کذب ابن اخي قط، ثم انشأ الابيات المعروفة التي (منها): فاصدع بأمرک ما عليک غضاضة و أبشر بذلک وقر منه عيونا، الخ و قد تقدم تمامها و سيأتي أيضا: (قال المؤلف) فهل بعد ما مر عليک من التصريحات في الشعر

[صفحه 27]

و النثر بان محمدا صلي الله عليه و آله رسول الآله و نبي مرسل من الله جاء بالدين الصحيح، و الشريعة الواضحة، و الحق المبين الجلي من الواحد الاحد العلي، و بعد ما سمعه من الاحبار و الرهبان و من أبيه عبد المطلب عليه السلام، يبقي مجال للترديد أو التوقف أو الشک في ايمان حامي الرسول الباذل له نفسه و نفيسه في سبيل الدين ابي طالب عليه السلام.

(قال المؤلف) لما رأي المشرکون و کفار قريش أن ابا طالب عليه السلام لم يسلم ابن اخيه إليهم ليقتلوه اتفقوا علي ترکهم لابي طالب مع تبعته و کتبوا الصحيفة الملعونه.

(بعض ما ذکره المؤرخون في سبب کتابة الصيحفة) (الملعونة التي کتبها أهل مکة من قريش و غيرهم) قال الجزري في تاريخ الکامل (ج 2 ص 32 طبع مصر) و لما رأت قريش الاسلام يفشو و يزيد و أن المسلمين قووا بإسلام حمزة إئتمروا في أن يکتبوا بينهم کتابا يتعاقدون فيه علي ان لا ينکحوا بني هاشم و بني المطلب و لا ينکحوا إليهم، و لا يبيعوهم و لا يبتاعوا منهم شيئا، فکتبوا بذلک صحيفة و تعاهدوا علي ذلک، ثم علقوا الصحيفة في جوف الکعبة توکيدا لذلک الامر علي أنفسهم، فلما فعلت قريش ذلک انحازت بنو هاشم و بنو المطلب إلي أبي طالب.

فدخلوا معه شعبه، و اجتموا و خرج من بني هاشم أبو لهب بن عبد المطلب إلي قريش فلقي هند بنت عتبة فقال: کيف رأيت نصري للات و العزي قالت: لقد أحسنت فأقاموا علي ذلک سنتين أو ثلاثا (أو أربعا) حتي جهدوا لا يصل إلي احد منهم شيء الا سرا، و ذکروا أن أبا جهل لقي حکيم بن حزام بن خويلد و معه قمح يريد عمته خديجة و هي

[صفحه 28]

عند رسول الله صلي الله عليه و آله في الشعب، فتعلق به و قال و الله لا تبرح حتي أفضحک، فجاء أبو البختري بن هشام فقال: مالک و له؟ عنده طعام لعمته أفتمنعه أن يحمله إليها، خل سبيله، فأبي أبو جهل فنال منه فضربه أبو البختري بلحي جمل فشجه و وطأه وطئا شديدا و حمزة ينظر إليهم، و هم يکرهون أن يبلغ النبي صلي الله عليه و آله ذلک فيشتمت به و هو و المسلمون، و رسول الله صلي الله عليه و آله يدعو الناس سرا و جهرا، و الوحي متتابع إليه فبقوا کذلک ثلاث سنين (أو اربع سنين) کما في المناقب لا بن شهر اشوب (ج 1 ص 46 من الطبع الثاني سنة: 1317 ه) فقام في نقض الصحيفة نفر من قريش، و کان أحسنهم بلاء فيه هشام بن عمرو بن الحرث بن عمرو بن لوي، و هو ابن اخي نضلة ابن هشام بن عبد مناف لامه، کان يأتي بالبعير قد أوقره طعاما ليلا و يستقبل به الشعب و يخلع خطامه فيه فيدخل الشعب فلما رأي ما هم فيه و طول المدة عليهم مشي إلي زهير بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي أخي أم سلمة، و کان شديد الغيرة علي النبي صلي الله عليه و آله و المسلمين و کانت أمه عاتکة بنت عبد المطلب فقال: يا زهير أرضيت أن تأکل الطعام و تلبس الثياب و تنکح النساء و أخوالک حيث قد علمت، أما إني أحلف بالله لو کان أخوالي أبا الحکم يعني ابا جهل ثم دعوته إلي مثل ما دعاک إليه ما أجابک ابدا، فقال: فماذا أصنع و إنما أنا رجل واحد و الله لو کان معي رجل آخر لنقضتها، فقال قد وجدت رجلا، قال و من هو؟ قال انا، قال زهير أبغنا ثالثا قال قد فعلت، قال من هو؟ قال زهير بن أمية، قال: أيضا رابعا، قال: نعم، قال من هو؟ قال: انا و زهير و المطعم، قال أبغني خامسا فذهب إلي زمعة بن الاسود ابن المطلب بن أسد فکلمه و ذکره له قرابتهم، قال: و هل علي هذا الامر

[صفحه 29]

معين؟ قال: نعم، و سمي له القوم، فاتعدوا حطم الحجون الذي بأعلي مکة، فاجتمعوا هنالک و تعاهدوا علي القيام في نقض الصحيفة، فقال زهير: أنا أبدؤکم فلما أصبحوا غدوا إلي أنديتهم، و غدا زهير فطاف بالبيت ثم أقبل علي الناس فقال: يا أهل مکة أنأ کل الطعام و نلبس الثياب و بنو هاشم هلکي لا يبتاعون و لا يبتاع منهم؟ و الله لا أقعد حتي تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة قال أبو جهل: کذبت و الله لا تشق، قال زمعه بن الاسود أنت و الله أکذب، ما رضينا بها حين کتبت، قال أبو البحتري: صدق زمعة لا نرضي بما کتب فيها، قال المطعم بن عدي: صدقتما و کذب من قال ذلک، و قال هشام بن عمرو نحوا من ذلک، قال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل و أبو طالب جالس في ناحية المسجد، فقام المطعم إلي الصحيفة ليشقها فوجد الارضة قد أکلتها الا ما کان باسمک أللهم (و هي کلمة) کانت تفتتح بها کتبهم و کان کاتب الصحيفة منصور ابن عکرمة فشلت يده و قيل کان سبب خروجهم من الشعب ان الصحيفة لما کتبت و علقت بالکعبة اعتزل الناس بني هاشم و بني المطلب و اقام رسول الله صلي الله عليه و آله و أبو طالب و من معهما بالشعب ثلاث سنين فأرسل الله الارضة و أکلت ما فيها من ظلم و قطيعة رحم و ترکت ما فيها من أسماء الله تعالي فجاء جبريل إلي النبي صلي الله عليه و آله فاعلمه بذلک، فقال النبي صلي الله عليه و آله لعمه ابي طالب، و کان أبو طالب لا يشک في قوله فخرج من الشعب إلي الرحم فاجتمع الملا من قريش، و قال: إن ابن اخي أخبرني أن الله أرسل علي صحيفتکم الارضة فأکلت ما فيها من قطيعة رحم و ظلم و ترکت اسم الله ثعالي فاحضروها: فان کان صادقا علمتم أنکم ظالمول لنا، قاطعون لارحامنا و ان کان کاذبا علمنا انکم علي حق و أنا علي باطل، فقاموا سراعا و أحضروها فوجدوا الامر کما قال رسول الله صلي الله عليه و آله

[صفحه 30]

و سلم، و قويت نفس ابي طالب و اشتد صوته و قال: قد تبين لکم أنکم أولي بالظلم و القطيعة فنکسوا رؤوسهم، ثم قالوا: إنما تأتونا بالسحر و البهتان، و قام أولئک النفر في نقضها کما ذکرنا، و قال أبو طالب في أمر الصحيفة و أکل الارضة ما فيها من ظلم و قطيعة رحم أبياتا منها و قد کان في أمر الصحيفة عبرة متي ما يخبر غائب يعجب محا الله منهم کفرهم و عقوقهم و ما نقموا من ناطق الحق معرب فأصبح ما قالوا من الامر باطلا و من يختلق ما ليس بالحق يکذب (قال المؤلف) هذه القضيه ذکرت باختلاف في کتب التاريخ مفصلا و مختصرا، و الرواية الاخيرة التي ذکرها في الکامل أکثر ذکرا من غيرها، و الابيات التي ذکرها لها تتمة ذکرت في ديوان أبي طالب عليه السلام، و فيها تصريح بالوحدانية و النبوة و غير ذلک من الامور النافعة المهمة، تثبت لمن تأملها أن ابا طالب عليه السلام کان موحدا مؤمنا بالنبي الامي، ابن اخيه محمد بن عبد الله صلي الله عليه و آله، و إنما أخفي عقيدته و لم يتظاهر بها کساير أصحاب النبي صلي الله عليه و آله لحفظ نفسه و حفظ النبي و حفظ أصحابه، فحاله عليه السلام حال المؤمنين الذين کتموا إيمانهم فکان لهم اجران، و بذلک حفظ النبي و أهل بيته و لم يتمکن أحد من إيذائه رعاية له و خوفا منه، إلي أن توفي سلام الله عليه، و لما توفي عليه السلام قامت قريش و غير قريش بإيذاء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و وصل إلي حد لم يتمکن صلي الله عليه و آله من البقاء في وطنه فقر منها بامر الله تعالي إلي يثرب، حيث کان له هناک أتباع و أنصار قاموا بنصرته إلي ان قوي الدين و کثر المسلمون و استولوا علي الکافرين من قريش و غيرهم و تمکن من فتح مکة المکرمة و وطنه المبارک، و إليک

[صفحه 31]

القصيدة من الديوان.[1] الا من لهم آخر الليل منصب و شعب العصا من قومک المتشعب و جربي أراها من لوي بن غالب متي ما تزاحمها الصحيحة تجرب إذا قائم في القوم بخطبة أقاموا جميعا ثم صاحوا و أجلبوا و ما ذنب من يدعو إلي الله وحده و دين قويم أهله خيب و ما ظلم من يدعوا إلي البر و التقي و رأب الثأي بالرأي لا حين مشعب و قد جربوا فيما مضي غب امرهم و ما عالم امرا کمن لم يجرب و قد کان من امر الصحيفة عبرة اتاک بها من غاثب متعصب[2] محا الله منها کفرهم و عقوقهم و ما تقموا من صادق القول منجب و أصبح ما قولوا من الامر باطلا و من يختلق ما ليس بالحق يکذب فأمسي ابن عبد الله فينا مصدقا علي ساخط من قومنا معتب فلا تحسبونا خاذلين محمدا لذي غربة منا و لا متقرب ستمنعه منا يد هاشمية مرکبها في المجد خير مرکب و ينصره الله الذي هو ربه بأهل العقير أو بسکان يثرب[3] فلا و الذي يحدي له کل مر ثم طليح بجنبي نخلة فالمحصب يمينا صدقنا الله فيها و لم نکن لنحلف بطلا بالعتيق المحجب نفارقه حتي نصرع حوله و ما بال تکذيب النبي المقرب

[صفحه 32]

فيا قومنا لا تظلمونا فاننا متي ما نخف ظلم العشيرة نغضب و کفوا إليکم من فضول حلومکم و لا تذهبوا في رأيکم کل مذهب و لا تبدأونا بالظلامة و الاذي فنجزيکم ضعفا مع الام و الاب (قال المؤلف) و من جملة من خرج بعض الابيات المذکورة مؤلف ناسخ التواريخ في ج 1 من الکتاب الثاني ص 260، و هذا نص ما أخرجه بألفاظه: ألا من لهم آخر الليل منصب و شعب العصا من قومک المتشعب و قد کان في امر الصحيفة عبرة متي ما يخبر غائب القوم يعجب محا الله مها کفرهم و عقوقهم و ما نقموا من ناطق الحق معرب فکذب ما قالوا من الامر باطلا و من يختلق ما ليس بالحق يکذب و أمسي ابن عبد الله فينا مصدقا علي سخط من قومنا معتب فلا تحسبونا مسلمين محمدا لذي غربة منا و لا متقرب (قال المؤلف) و من شعر ابي طالب عليه السلام الدال علي انه کان مؤمنا بإبن اخيه محمد صلي الله عليه و آله و معتقدا بنبوته و رسالته ما خرجه ابن ابي الحديد في شرحه علي نهج البلاغة ج 14 ص 62 ط 2 و خرجه غيره: ألا أبلغا عني لويا رسالة بحق و ما تغني رسالة مرسل بني عمنا الادنين فيما يخصهم و إخواننا من عبد شمس و نوفل أظاهرتم قوما عليا سفاهة و أمرا غويا من غواة و جهل يقولون لو أنا قتلنا محمدا أقرت نواصي هاشم بالتذلل کذبتم و رب الهدي تدمي نحورها بمکة و البيت العتيق المقبل تنالونه أو تصطلوا دون نيله صوارم تفري کل عضو و مفصل فمهلا و لما تنتج الحرب بکرها بخيل تمام أو بآخر معجل

[صفحه 33]

و تلقوا ربيع الابطحين محمدا علي ربوة في رأس عنقاء عيطل و تأوي اليه هاشم إن هاشما عرانين کعب آخر بعد أول فان کنتم ترجون قتل محمد فروموا بما جمعتم نقل يذبل فانا سنحميه بکل طمرة وذي ميعة نهد المراکل هيکل و کل رديني ظماء کعوبه و عضب کايماض الغمامة مقصل ثم قال ابن ابي الحديد: " قلت: کان صديقنا علي بن يحيي البطريق رحمه الله يقول: لو لا خاصة النبوة و سرها لما کان مثل أبي طالب و هو شيخ الابطح و شيخ قريش و رئيسها و ذو شرفها يمدح ابن اخيه محمدا و هو شاب قد ربي في حجره و هو يتيمه.

و مکفو له.

وجار مجري أولاده مثل قوله: و تلقوا ربيع الابطحين محمدا علي ربوة في رأس عنقاء عيطل و تأوي اليه هاشم إن هاشما عرانين کعب آخر بعد أول و مثل قوله: و أبيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامي عصمة للارامل يطيف به الهلاک من آل هاشم فهم عنده في نعمة و فواضل فان هذا الاسلوب من الشعر لا يمدح به التابع و الذنابي من الناس و انما هو من مديح الملوک و العظماء، فإذا تصورت أنه شعر أبي طالب ذاک الشيخ المبجل العظيم في محمد صلي الله عليه و آله و هو شاب مستجير به، معتصم بظله من قريش، قد رباه في حجره، غلاما و علا عاتقه طفلا، و بين يديه شابه، يأکل من زاده، و يأوي إلي داره علمت موضع خاصية النبوة و سرها، و أن أمره کان عظيما، و أن الله تعالي أوقع في القلوب و الانفس له منزلة رفيعة، و مکانا جليلا ".

(قال المؤلف) لقد أنصف علي بن يحيي البطريق، و أظهر الحق

[صفحه 34]

و لم يتعام کما تعامي صديقه ابن ابي الحديد الشافعي و قال: " إني في القول بايمان شيخ قريش من المتوقفين "، و لم يتوقف إلا رعاية لخاله أمير الشام حيث أنکر إيمانه عليه السلام حقدا و عداوة لولده علي عليه السلام الذي قتل أشياخه ببدر و حنين، و لا يخفي علي طالبي الحق أن هذه الابيات من شعر أبي طالب عليه السلام خرجها ابوهفان عبد الله بن احمد المهزمي في ديوان ابي طالب عليه السلام شيخ الابطح ص 36 طبع النجف الاشرف و فيه اختلاف في الالفاظ، و زيادة في الابيات و إليک نصها فتاملها و اغتنم ألا ابلغا عني لويا رسالة بحق و ما تغني رسالة مرسل بني عمنا الادنين تيما نخصهم و إخواننا من عبد شمس و نوفل أظاهرتم قوما علينا أظنة و أمر غوي من غواة و جهل يقولون لو أنا قتلنا محمدا أقرت نواصي هاشم بالتذلل کذبتم و بيت الله يثلم رکنه و مکة و الاشعار في کل معمل (قال) يروي يلثم رکنه اي رکن البيت، و يثلم رکنه، أي رکن محمد صلي الله عليه و آله و الاشعار علامة الهدي، قال الاصمعي جاءت أم معبد الجهني الحسن فقالت: يا ابن ميسان إنک قد أشعرت ابني و بالحج أو بالنيب تدمي نحوره بمدماه و الرکن العتيق المقبل (قال) الناب المسن من الابل أي تقاتلون حتي تثني السيوف: تنالونه أو تعطفوا دون قتله صوارم تفري کل عظم و مفصل و تدعوا بارحام و أنتم ظلمتم مصاليت في يوم أغر محجل (قال) أي تدعوا بارحام أنتم قطعتموها: فمهلا و لما تنتج الحرب بکرها ييتن تمام أو بآخر معجل فانا متي ما نمرها بسيوفنا نجالح فنعرک من نشاء بکلکل (قال نجالح أي نکاشف، و يقال نصبر علي حالين، و المجلاح

[صفحه 35]

من النوق الذي يصبر علي الحر و البرد: و تلقوا ربيع الابطحين محمدا علي ربوة في رأس عيطاء عيطل (قال) أصل العيط طول العنق ثم استعير، و عيطل طويلة تامة: و تأوي اليه هاشم إن هاشما عرانين کعب آخرا بعد أول فان کنتم ترجون قتل محمد فروموا بما جمعتم نقل يذبل فانا سنحميه بکل طمرة وذي ميعة نهد المراکل هيکل (قال) طمر الجرح إذا انتفخ.

و نتاونزا، و طامر بن طامر البرغوث لانه کثير الوثب.

و کل رديني ظماء کعوبه و عضب کايماض الغمامة مقصل و کل جرور الذيل زغف مفاضة دلاص کهزهاز الغدير المسلسل (قال) المفاضة الواسعة التي تنصب علي لابسها کانصباب الماء الفائض.

و هزهاز کثير الاهتزاز قال جرير: و يجمعنا و الغر من آل فارس اب لا نبالي بعده من تغدرا أي تخلف، و قال الراجز: قد وردت مثل اليماني الهزهاز تدفع من أعناقها بالاعجاز أعيت علي مقصدنا و الرجاز أي وردت ماء تجففه الرياح يهتز اهتزاز السيف اليماني، أي يکثر لبنها فلا ننحرها، و المسلسل حسن المر.

بايمان شم من ذوائب هاشم مغاوير بالاخطار في کل محفل (قال) مغاوير ينقصون کل عز بغيرهم، قال المؤلف و في نسخة: بايمان شم من ذؤابة هاشم مغادير بالابطال في کل جحفل (قال المؤلف) ان مجموع الابيات في ديوان شيخ الابطح عليه السلام الذي جمعه أبو هفان سبعة عشر بيتا، و ما خرجه ابن ابن الحديد اثنا عشر بيتا، و الله أعلم بسبب ترکه بقية الابيات، و يعلم من توقفه في إيمان ناصر

[صفحه 36]

الرسول صلي الله عليه و آله سبب ترکه الابيات الخمسة، و لا يخفي أن هذه القصيدة خرجها في ديوان ابي طالب ص 137 ط بمبئي سنة 1326 ه و هو ديوان ابي هفان عبد الله بن احمد المهزمي، و قد نقل منه العلامة الخنيزي في کتابه (أبو طالب مؤمن قريش).

(قال المؤلف) حديث شيخ السنة ابي عمرو عثمان بن احمد الذي خرجه في المناقب (ج 1 ص 357) و قد تقدم يثبت أن أبا طالب و فاطمة بنت اسد عليهما السلام کانا مسلمين قائلين برسالة النبي الاکرم صلي الله عليه و آله قبل انعقاد نطفة أمير المؤمنين عليه السلام، أن أبا طالب عليه السلام کان يکتم إيمانه و لم يتظاهر بالاسلام کما کان يتظاهر بها أولاده و إخوانه عليهم السلام، ليتمکن من حفظ النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و حفظ من آمن به، و الذب عنهم، و مع ذلک کله کان يأمر أولاده و أقرباءه بمتابعة ابن أخيه محمد صلي الله عليه و آله، و کان يبين لهم في شعره و نثره أن ما أتي به ابن أخيه هو الدين الصحيح الحق و أن ما سواه باطل، و إليک بعض أشعاره التي فيها تصريح بنبوة ابن اخيه محمد صلي الله عليه و آله، و أشعاره الدالة علي إيمانه و اعترافه برسالة ابن أخيه کثيرة، و قد خرجها علماء أهل السنة، و علماء الامامية عليهم الرحمة.

(منها) ما ذکره ابن ابي الحديد الشافعي في شرحه لنهج البلاغة (ج 14 ص 77 طبع مصر سنة 1382 ه، قال: و من شعره (أي من شعر أبي طالب عليه السلام).

أنت النبي محمد قرم أغر مسود لمسودين أطائب کرموا و طاب المولد نعم الارومة أصلها عمرو الخضم الاوحد هشم الربيکة في الجفا ن و عيش مکة أنکد

[صفحه 37]

فجرت بذلک سنة فيها الخبيزة تثرد و لنا السقاية للحجيج بها يماث العنجد و المأزمان و ما حوت عرفاتها و المسجد أني تضام و لم أمت و أنا الشجاع العربد و بطاح مکة لا يري فيها نجيع أسود و بنو أبيک کانهم أسد العرين توقد و لقد عهدتک صادقا في القول لا يتريد ما زلت تنطق بالصوا ب و أنت طفل أمرد (قال المؤلف) و خرج الابيات العلامة السيد شمس الدين بن معد الموسوي في کتابه (الحجة علي الذاهب إلي تکفير أبي طالب ص 72 ص 73) مع اختلاف في بعض کلمات القصيدة و تقديم و تأخير في الابيات و زيادة بيت: فالابيات عند أبي الحديد اثنا عشر و عند السيد ثلاثة عشر و إليک نصها: أنت النبي محمد قرم أغر مسود لمسودين أطائب کرموا و طاب المولد نعم الارومة أصلها عمرو الخضم الاوحد هشم الربيکة في الجفا ن و عيش مکة أنکد فجرت بذلک سنة فيها الخبيزة تثرد و لنا السقاية للحجيج بها يماث العنجد و المأزمان و ما حوت عرفاتها و المسجد أني تضام و لم أمت و أنا الشجاع العربد و بنو أبيک کانهم أسد العرين توقد شم قماقمة غيو ث ندي بحار تزبد

[صفحه 38]

و بطاح مکة لا يري فيها نجيع أسود و لقد عهدتک صادقا في القول ما تنفند ما زلت تنطق بالصوا ب و أنت طفل أمرد (ثم قال عليه الرحمة) و من تدبر هذا القول و وعاه علم حقيقة ايمان قائله بشهادته للنبي صلي الله عليه و آله بالصدق و قول الصواب، و في ذلک کفاية لاولي الالباب، و خرج الابيات في کتاب (هاشم و أمية (ص 173 ص 174) و خرجه في کتاب (شيخ الابطح ص 28) و في (أعيان الشيعة ج 39 ص 143) و خرجها غيرهم.

(قال المؤلف) و من أشعاره عليه السلام التي فيها تصريح بنبوة ابن أخيه محمد صلي الله عليه و آله قوله کما في شرح نهج البلاغة (ج 14 ص 78 طبع 2): لقد اکرم الله النبي محمدا فاکرم خلق الله في الناس أحمد وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود و هذا محمد (قال المؤلف) أخرج السيد في (الحجة علي الذاهب ص 74) الاشعار باسنادها قال: أخبرني السيد النقيب أبو جعفر الحسيني يحيي بن محمد بن أبي زيد العلوي الحسني البصري بمدينه السلام في شهر رمصان سنة اربع و ستمأة، قال: أخبرني والدي أبو طالب محمد بن محمد بن أبي زيد البصري النقيب، قال: أخبرني تاج الشرف المعروف بإبن السخطة العلوي الحسيني البصري، قال: أخبرني السيد العالم النسابة الثقة أبو الحسن علي بن محمد بن الصوفي العلوي العمري رحمه الله، قال: أنشدني أبو عبد الله ابن معية الهاشمي معلمي رحمه الله بالبصرة (و قال ان) لابي طالب عليه السلام: لقد اکرم الله النبي محمدا فاکرم خلق الله في الناس أحمد

[صفحه 39]

وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود و هذا محمد (و اخرج) البيت الثاني ابن حجر العسقلاني الشافعي في الاصابة (ج 7 ص 112) و قال: هي من قصيدة له، و ترک البيت الاول لانه يثبت إيمان ابي طالب عليه السلام بنبوة ابن اخيه، و قال ابن حجر بعد نقله البيت من قصيدته عليه السلام: قال ابن عيينة عن علي بن زيد: ما سمعت أحسن من هذا البيت.

(قال المؤلف) جميع أشعاره عليه السلام قد شهد بحسنها علماء الادب و من جملتهم ابن کثير، فقد صرح بذلک في البداية و النهاية (ج 3 ص 57) و قال: قصيدته عظيمة بليغة جدا و هي أفحل من المعلقات السبع، و أبلغ الخ) و خرج ابن عساکر الشافعي البيت الثاني و ترک البيت الاول و قال: قبل نقله البيت قال ابن عباس لما ولد النبي صلي الله عليه و آله عق عنه عبد المطلب بکبش و سماه محمدا فقيل له يا أبا الحارث ما حملک علي أن تسميه محمدا و لم تسمه بإسم آبائه؟ فقال: أردت أن يحمده الله في السماء، و يحمده الناس في الارض، و قال علي بن زيد بن جدعان تذاکرنا الشعر فقال رجل: ما سمعنا شعرا أحسن من بيت أبي طالب: وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود و هذا محمد (و خرج) في تأريخ الخميس (ج 1) أنه قيل لعبد المطلب عليه السلام: ما سميته؟ قال: سميته محمدا قالوا: لم رغبت عن أسماء آبائه؟ قال: أردت أن يکون محمودا في السماء لله، و في الارض لخلقه (و فيه ايضا) انه صلي الله عليه و آله ولد معذورا أي مختونا مقطوع السرة، فاعجب ذلک عبد المطلب و حظي عنده و قال: ليکونن لابني هذا شأن (و فيه ايضا) بطرق عديدة عن أنس بن مالک أن النبي صلي الله عليه (و آله) و سلم قال: من کرامتي علي ربي اني ولدت مختونا و لم ير

[صفحه 40]

احد سوأتي (و فيه ايضا) عن ابن عمر قال: ولد النبي صلي الله عليه و آله و سلم مسرورا مختونا (و فيه ايضا) قال الحاکم في المستدرک: تواترت الاخبار أنه صلي الله عليه و آله ولد مختونا (و خرج ابن کثير) البيت الثاني من شعر أبي طالب عليه السلام في تاريخه الکبير (ج 2 ص 266) و قال قبل ذلک: قال بعض العلماء ألهم الله عز و جل أن سموه محمدا لما فيه من الصفات الحميدة ليلتقي الاسم و الفعل، و يتطابق الاسم و المسمي في الصورة و المعني، کما قال عمه أبو طالب.


صفحه 25، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 32، 33، 34، 35، 36، 37، 38، 39، 40.








  1. کان الديوان مخطوطا و کان تاريخ کتابته سنة 380 ه، و نقل من خط الشيخ أبي الفتح عثمان بن جني النحوي، و أخيرا طبع في النجف الاشرف سنة 1356 ه، و صححه و علق عليه العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم.
  2. يريد عليه السلام الصحيفة التي کتبتها قريش علي بني هاشم و علقوها في الکعبة فمحا الله منها موضع عقوقهم.
  3. العقير مدينة في البحرين.