ابتداء دعوة النبي











ابتداء دعوة النبي



(بعض ما روي في بدء الشريعة المحمدية و معرفة) (ابي طالب عليه السلام ذلک) (قال المؤلف) و مما يؤيد ما ذکرناه و هو معرفة ابي طالب عليه السلام بنبوة ابن اخيه صلي الله عليه و آله حديث أخرجه فقيه الحنابلة إبراهيم بن علي بن محمد الدينوري في کتابه، (نهاية الطلب و غاية السؤول في مناقب آل الرسول) باسناده عن طاووس عن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه و آله قال للعباس رضي الله عنه: ان الله أمرني بإظهار أمري و قد أنبأني و أستنبأني، فما عندک؟ فقال له العباس يا ابن أخي تعلم أن قريشا أشد الناس حسدا لولد أبيک، و إن کانت هذه الخصلة کانت الطامة الطماء، و الداهية العظيمة، و رمينا عن قوس واحد و انتسفونا نسفا، و لکن قرب إلي عمک أبي طالب فانه کان اکبر أعمامک إن لا ينصرک و لا يخذلک و لا يسلمک، فاتياه فلما رآهما أبو طالب ففال: إن لکما لظنة و خبرا، ما جاء بکما في هذا الوقت؟ فعرفه العباس ما قال له النبي صلي الله عليه و آله، و ما أجابه به العباس، فتظر اليه

[صفحه 13]

أبو طالب و قال له: أخرج ابن ابي، فانک الرفيع کعبا، و المنيع حزبا و الاعلي أبا، و الله لا يسلقک لسان إلا سلقته ألسن حداد، و اجتذبه سيوف حداد، و الله لتذلن لک العرب ذل البهم لحاضنها، و لقد کان أبي (عبد المطلب شيبة الحمد عليه السلام) يقرأ الکتاب جميعا، و لقد قال إن من صلبي لنبيا لوددت أني أدرکت ذلک الزمان فآمنت به، فمن أدرکه من ولدي فليؤمن به.

(قال المؤلف) خرج هذا الحديث الشريف العلامة الحجة الاميني في کتابه (الغدير ج 7 ص 348) ثم قال ادام الله بقاه: (أ تري أن أبا طالب يروي عن ابيه مطمئنا به، فلينشط رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم هذا التنشيط لاول يومه، و يأمره باشهار أمره و الاشادة بذکر الله و هو مخبت بانه هو ذلک النبي الموعود بلسان أبيه و الکتب السالفة، و يتکهن بخضوع العرب له، أ تراه سلام الله عليه يأتي بهذه کلها ثم لا يؤمن به إن هذا إلا اختلاق) (قال المؤلف) و ممال يدل علي أن ابا طالب کان عالما بنبوة ابن اخيه قبل بعثته و لما بعث صلي الله عليه و آله آمن به و صدقه و حماه و أيده و نصره، ما خرجه ابن عساکر الشافعي في تأريخه المختصر (ج 1 ص 267 طبع روضة الشام سنة (1329) ه) قال: إنه صلي الله عليه و آله قدم بصري من نواحي دمشق قبل أن يوحي اليه و هو صغير (علي قول کان له تسع سنين و علي قول کان له اثنتا عشرة سنة) مع عمه أبي طالب و قدمها مرة ثانية في تجارة لخديجة مع غلامها ميسرة، قال: روي عن أبي موسي قال: خرج أبو طالب إلي الشام و خرج معه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا علي الراهب (بحيرا) هبطوا و حلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب، و کانوا قبل ذلک يمرون به

[صفحه 14]

فلا يخرج إليهم، و لا يلتف، فبينما هم يحلون رحالهم إذ به قد جعل يتخللهم حتي جاء فأخذ بيد رسول الله صلي الله عليه و آله فقال هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين (کل ذلک يسمعه أبو طالب) فقا له أشياخ من قريش: و ما علمک قال: انکم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر و لا حجر الا خر ساجدا (له) و لا يسجدون إلا لنبي، و إني لاعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف کتفه مثل التفاحة، ثم رجع فصنع له طعاما فلما أتاهم به، و کان هو في رعية الابل قال: أرسلوا اليه، فاقبل و عليه غمامة تضلله، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوا إلي فيء الشجرة، فلما جلس (صلي الله عليه و آله و سلم مال فيء الشجرة عليه، فقال: أنظروا إلي فيء الشجرة مال عليه، قال: فبينما، هو قائم و هو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلي الروم فان الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه، فالتفت فإذا هو بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال: ما جاء بکم؟ قالوا: جئنا إن النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق الا بعث اليه باناس، و انا قد أخبرنا خبره فبعثنا إلي طريقک هذا، قال فهل خلفتم خلفکم احدا هو خير منکم؟ قالوا: لا، إنما اخترنا خيرة لطريقک هذا، قال: أ فرأيتم إن أراد الله أمرا أن يمضيه هل يستطيع احد ان يرده؟ قالوا: لا قال: فبايعوه فأقاموا معه، قال: فاتاهم فقال: أنشدکم الله أيکم وليه؟ قال أبو طالب أنا فلم يزل يناشده حتي رده (إلي مکة.

(قال المؤلف) و ان کان هذا الحديث ضعيفا و لکن يوخذ به في باب الفضائل علي القاعدة التي ذکرت في الحديث، و هو عند علماء أهل السنة مجمع عليه کما ذکره ابن حجر في أول کتاب (تطهير الجنان) المطبوع بهامش (ص 26) من الصواعق، و هذا الحديث هو حديث بحيرا

[صفحه 15]

و لکن نقل بالمعني و زيد فيه ما ليس منه.

(قال المؤلف) و قد أخرجنا حديثا نحوه مفصلا من الخصائص الکبري للسيوطي الشافعي في هذا الختصر، فيه دلالة واضحة علي ما نحن بصدده، و خرج في ذيل تاريخ ابن عساکر (ج 1 ص 268) أن الحديث المتقدم خرجه الترمذي في کتابه، و ذکره البزاز في مسنده مع اختلاف و ذکر في التاريخ ايضا (ج 1 ص 268) بسنده عن ابي مجلز (انه قال) لما مات عبد الله (عليه السلام والد النبي صلي الله عليه و آله) عطف عبد المطلب أو أبو طالب علي محمد (صلي الله عليه و آله) فکان لا يسافر سفرا إلا کان معه فيه، فتوجه نحو الشام فنزل منزلا فاتاه فيه راهب فقال: إن فيکم رجلا صالحا فقال: إن فينا من يقري الضيف، و يفک الاسير، و يفعل المعروف، فقال: أرجو أعلي من هذا ثم (أشار إلي النبي صلي الله عليه و آله و قال: أين أبو هذا الغلام؟ فقيل له: هذا وليه، فقال له: احتفظ به و لا تذهب به إلي الشام إن اليهود حساد، و إني أخشاهم عليه، قال ما أنت تقول ذلک و لکن الله يقوله، فرده و قال: أللهم إني أستودعک محمدا ثم إن الراهب مات.

(قال المؤلف) ثم إن ابن عساکر ذکر قضية بحيرا الراهب و إطعامهم الطعام في (ج 1 ص 269 ص 271) و سيمر عليک تفصيل حديثه نقلا من الخصائص، و لفظه يوافق لفظ السيوطي الشافعي في الخصائص، أن السيوطي زاد کلمات في الحديث شرحا له، و ذکر أن أبا طالب عليه السلام قال في ذلک أبياتا، منها: فما رجعوا حتي رأوا من محمد أحاديث تجلو غم کل فؤاد فذکر ستة أبيات بعده تراها بعد الحديث فيما يأتي، و لکن ابن عساکر لما ذکر القضيه بکاملها ذکر لابي طالب عليه السلام أبياتا ما ذکره

[صفحه 16]

جلال الدين السيوطي في الخصائص، و نحن نذکر الابيات فقط دون القضيه قال ابن عساکر ثم نظر (بحيرا) إلي ظهره عليه السلام فرأي خاتم النبوة بين کتفيه علي موضعه من صفته التي عنده، فقال أبو طالب في ذلک: ان ابن آمنة النبي محمدا عندي يفوق منازل الاولاد[1] لما تعلق بلزمام رحمته و العيس قد قلصن بالازواد فارفض من عيني دمع ذارف مثل الجمان مفرق الافراد راعيت فيه قرابة موصولة و حفظت فيه وصية الاجداد و أمرته بالسير بين عمومة بيض الوجوه مصالت انجاد ساروا لابعد طية معلومة فلقد تباعد طية المرتاد حتي إذا ما القوم بصري عاينوا لاقوا علي شرک من المرصاد حبرا فاخبرهم حديثا صادقا عنه ورد معاشر الحساد قوما يهودا قد رأوا لما رأي ظل الغمام و عن ذي الاکباد ساروا لقتل محمد فنهاهم عنه و اجهد أحسن الاجهاد فثني زبيرا من بحيرا فانثني في القوم بعد تجاول و بعاد و نهي دريسا فانثني عن قوله حبر يوافق أمره برشاد و قال (أبو طالب عليه السلام) ايضا في قضية سفره مع ان أخيه صلي الله عليه و آله: ألم ترني من بعدهم هممته بفرقة حر الوالدين حرام باحمد لما أن شددت مطيتي برحلي و قد ودعته بسلام بکي حزنا و العيس قد فصلت بنا و أخذت بالکفين فضل زمام ذکرت اباه حين رقرق عبرة تجود من العينين ذات سجام

[صفحه 17]

فقلت ترحل راشدا في عمومة مواسين في البأساء لئآم و في کتاب الحجة علي الذاهب: (و قلت له رح راشدا في عمومة) فرحنا مع العير التي راح أهلها شآم الهوي و الاصل شآم و في الديوان: و جاء مع العير التي راح رکبها شآمي الهوي و الرکب شآم فلما هبطنا ارض بصري تشرفوا لنا فوق دور ينظرون عظام فجاء بحيرا عند ذلک حاشدا لنا بشراب طيب و طعام فقال أجمعوا اصحابکم عندما رأي فقلنا جمعنا القوم غلام يتيم فقال ادعوه ان طعامنا له دونکم من سوقة و إمام و آلي يمنيا برة إن زادنا کثير عليه اليوم حرام فلو لا الذي خبرتم عن محمد لکنتم لدينا اليوم کرام فلما رآه مقبلا نحو داره يوقيه حر الشمس ظل غمام حنا رأسه شبه السجود و ضمه إلي نحره و الصدر أي ضمام و اقبل رکب يطلبون الذي رأي بحيرا من الاعلام وسط خيام فذلک من اعلامه و بيانه و ليس نهار واضح کظلام فثار إليهم خشية لعرامهم و کانوا ذوي بغي لنا و عرام دريسا و تماما و قد کان فيهم زدير و کل القوم نيام فجاؤا و قد هموا بقتل محمد فردهم عنه بحسن خصام بتأويله التوراة حتي تيقنوا فقال لهم ما أنتم بطغام (قال المؤلف) ثم ذکر ابن عساکر البيت المتقدم ذکره (فذلک من اعلامه و بيانه) الخ، و لکن في الديوان المطبوع في النجف الاشرف جمع ابي هفان ذکر بيتا آخر و هو: و إن الذي نختاره منه مانع سيکفيه منکم کيد کل طغام

[صفحه 18]

ثم ذکر البيت المتقدم (فذلک من إعلامه و بيانه) الخ، بعده فالابيات في الديوان (32) في القصيدتين، وقي تاريخ ابن عساکر (30) بيتا، و في (کتاب الغدير) للامبني (33)، و في کتاب (الحجة علي الذاهب) لفخار بن معد (19) بيتا، و في کتاب (أبو طالب مؤمن قريش) للخنيزي (20) بيتا.

(قال المؤلف) خرج هذه الابيات من القصيدتين جماعة أشرنا إليهم و خرجهما السيد العلامة العاملي في الاعيان (ج 39 ص 147) و ذکر بعضها في معجم القبور (ج 1 ص 185) للسيد العلامة الحجة السيد محمد مهدي الاصبهاني الکاظمي، و خرجها العلامة الخنيزي في کتابه (أبو طالب مؤمن قريش (ص 134 ص 135) (ثم قال) و نعم ما قال: لسنا نشک بعد هذا في أن أبا طالب عليه السلام کان ينظر إلي هذه الارهاصات (ثم قال) فما هذه الملامح و الدلالات التي کان يراها من ابن اخيه صلي الله عليه و آله، بالتي يجدها عند غيره من هذا الحشد من الناس (ثم قال) إنها لدلائل صارخة ليس له أن يخالجه فيها شک أو يعارضه ريب في أن ابن اخيه سيکون نبيا و رسولا مبعوثا يجب طاعته و يلزم نصرته، فقام عليه السلام بواجبه ورأي ذلک فوق طاقته و أمر إخوانه و أولاده و ساير عشيرته بمتابعته و تأييده و نصرته حتي يتمکن من بث دعوته.

(قال المؤلف) و قال السيد العلامة الحجة السيد شمس الدين الموسوي ابن معد في (الحجة علي الذاهب ص 77): لما توفي عبد الله والد النبي صلي الله عليه و آله و سلم کفله جده عبد المطلب ثماني سنين ثم احتضر الموت فدعا ابنه أبا طالب و قال له: يا بني تسلم ابن اخيک مني، فانت شيخ قومک و عاقلهم و من أجد فيه الحجي (العقل خ ل) دونهم، و هذا الغلام تحدثت به

[صفحه 19]

الکهان، و قد روينا في الاخبار، انه سيظهر من تهامة نبي کريم، و روي فيه علامات قد وجدتها فيه، فأکرم مثواه، و احفظه من اليهود، فانهم أعداؤه، فلم يزل أبو طالب لقول عبد المطلب له حافظا، و لوصيته راعبا و من هنا قال (فيما تقدم) (و حفظت فيه وصية الاجداد) ثم أنه اعلي الله مقامه ذکر بعض القصيدة الثانية إلي قوله (و ليس نهار واضح کظلام) ثم قال و من قصيدة (له) في ذلک.

و ما برحوا حتي رأوا من محمد أحاديث تجلو غم کل فؤاد و لم يذکر بقية القصيدة و لکن ذکرها غيره.

(قال المؤلف) و هذا البيت من قصيدة ذکرها جلال الدين السيوطي الشافعي في الخصائص الکبري (ج 1 ص 84 ص 85) و إليک نصها: فما رجعوا حتي رأوا من محمد أحاديث تجلو غم کل فؤاد و حتي رأوا أحبار کل مدينة سجودا له من عصبة و فراد زبيرا و تماما و قد کان شاهدا دريسا و هموا کلهم بفساد فقال لهم قولا بحيرا و أيقنوا له بعد تکذيب و طول بعاد کما قال للرهط الذين تهودوا و جاهدهم في الله کل جهاد فقال و لم يترک له النصح رده فان له إرصاد کل مصاد فاني أخاف الحاسدين و إنه لفي الکتب مکتوب بکل مداد (قال المؤلف) ثم ذکر السيد شمس الدين بن معد في (الحجة علي الذاهب (ص 78) بعد ذکره البيت المتقدم: (و ما برحوا حتي رأوا من محمد) الخ و قال لما اشتد أذي أبي جهل بن هشام للنبي صلي الله عليه و آله و عناده له، قال أبو طالب له متهددا، و بالحرب متوعدا و لرسول الله صلي الله عليه و آله و لدينه محققا معتقدا.

صدق ابن آمنة النبي محمدا فتميزوا غيظا به و تقطعوا

[صفحه 20]

إن ابن آمنة النبي محمدا سيقوم بالحق الجلي و يصدع فأربع أبا جهل علي ظلع فما زالت جدودک تستخف و تظلع ستري بعينک إن رأيت قتاله و عناده من أمره ما تسمع (ثم قال السيد اعلي الله مقامه) لله در أبي طالب کأنه أوحي اليه ما يکون من أمر عدو الله أبي جهل اذ جد في عناد النبي صلي الله عليه و آله و سلم و قتاله، حتي أراه الله بعينه يوم بدر، و ما وعده أبو طالب من تعفير خده و إتعاس جده.

(قال المؤلف) إيذاء أبي جهل للنبي صلي الله عليه و آله معروف مشهور ذکر ذلک اغلب المؤرخين و من جملة أذ اياه ما ذکره ابن شهر آشوب في المناقب ج 1 ص 442 الطبع الثاني، قال: روي عن ابن عباس أنه قال دخل النبي صلي الله عليه و آله الکعبة، و افتتح الصلاة فقال أبو جهل: من يقوم إلي هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟ فقام ابن الزبعري و تناول فرثا و دما و ألقي ذلک عليه فجاء أبو طالب و قد سل سيفه فلما رأوه جعلوا ينهضون، فقال: و الله لئن قام أحد جللته بسيفي، (ثم قال) يا ابن أخي من الفاعل بک هذا؟ قال: عبد الله، فأخذ أبو طالب فرثا و دما و ألقي عليه (قال): و في رواية أمر عبيده أن يلقوا السلا عن ظهره و يغسلوه ثم أمرهم أن يأخدوه (اي يأخدوا السلا) فيمروا علي اسبلة القوم بذلک (و في رواية) إن فاطمة عليها السلام أماطته ثم أوسعتهم شتما و هم يضحکون (قال) فلما سلم النبي صلي الله عليه و آله قال: أللهم عليک الملا من قريش، أللهم عليک أبا جهل بن هشام، و عتبة بن ربيعة، و شيبة ابن ربيعة، و عقبة بن ابي معيط، و أمية بن خلف (قال): فو الله الذي لا إله إلا هو ما سمي النبي صلي الله عليه و آله يومئذ أحدا إلا و قد رأيته يوم بدر و قد أخذ برجله تجر إلي القليب مقتولا.

[صفحه 21]

(قال المؤلف) إن ابا طالب وعد أبا جهل هذا اليوم و قد رأي ما وعده عليه السلام.

(قال المؤلف) من جملة أذايا أبي جهل ما ذکره جمع من المحدثين و المورخين، منهم ابن ابي الحديد، فقد خرج في شرحه علي نهج البلاغة (ج 14 ص 74 ط 2) قال: و قد جاء في الخبر أن أبا جهل بن هشام جاء مرة إلي رسول الله صلي الله عليه و آله و هو ساجد و بيده حجر يريد أن يرضخ به رأسه صلي الله عليه و آله فلصق الحجر بکفه فلم يستطيع ما أراد، فقال أبو طالب في ذلک من جملة أبيات: أفيقوا بني عمنا و انتهوا عن ألغي من بغض ذا المنطق و إلا فاني إذا خائف بوائق في دارکم تلتقي کما ذاق من کان من قبلکم ثمود و عاد و ما ذا بقي (قال) و منها و أعجب من ذاک في أمرکم عجائب في الحجر الملصق بکف الذي قام من حينه إلي الصابر الصادق المتقي[2] فاثبته الله في کفه علي رغم ذا الخائن الاحمق (قال المؤلف) خرج العلامة السيد في (الحجة علي الذاهب) (ص 52) قضية أبي جهل و قصده أذية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قال: أخبرني الشيخ الفقية شادان رحمه الله، باسناده الي ابي الفتح الکراجکي رحمه الله يرفعه أن ابا جهل بن هشام جاء إلي النبي صلي الله عليه و آله و سلم و معه حجر، يريد أن يرميه به إذا سجد رسول الله صلي الله عليه و آله فرفع أبو جهل يده فيبست علي الحجر، فرجع و قد التصق الحجر بيده، فقال له أشياعه من المشرکين أجننت؟ قال: لا

[صفحه 22]

و لکن رأيت بيني و بينه کهيئة الفحل يخطر بذنبة، فقال في ذلک أبو طالب هذه الابيات: أفيقوا بني عمنا و انتهوا عن ألغي في بعض ذا المنطق و إلا فاني إذا خائف بوائق في دارکم تلتقي تکون لغابرکم عبرة و رب المغارب و المشرق[3] کما ذاق من کان قبلکم ثمود و عاد فمن ذا بقي[4] غداة أتتهم بها صرصر و ناقة ذي العرش إذ تستقي فحل عليهم بها سخطة من الله في ضربة الازرق غداة يعض بعرقوبها حسام من الهند ذو رونق و أعجب من ذلک في أمرکم عجائب في الحجر الملصق بکف الذي قام في جنبه إلي الصابر الصادق المتقي[5] فاثبته الله في کفه علي رغم ذا الخائن الاحمق[6] احيمق مخزومکم إذ غوي لغي الغواة و لم يصدق[7] (قال المؤلف) و خرج السيد العلامة العاملي في کتاب اعيان الشيعة (ج 39 ص 142 ص 143) بعض أبيات القصيدة المذکورة.

(قال المؤلف) و خرج ابن ابي الحديد في شرحه بعد نقله الابيات المتقدمة الذکر (في ج 14 ط 2 ص 73) و (ج 3 ط 1 ص 314) قد اشتهر

[صفحه 23]

عن عبد الله المأمون انه کان يقول: اسلم أبو طالب و الله بقوله: نصرت الرسول رسول المليک ببيض تلالا کلمع البروق أذب و أحمي رسول الآله حماية حام عليه شفيق و ما أن أدب لاعدائه دبيب البکار حذار الفنيق و لکن أزير لهم ساميا کما زار ليث بغيل مضيق (قال المؤلف): خرج ابوهفان[8] في الديوان (ص 34) طبع النجف الاشرف الابيات بزيادة بيت واحد فيها مع اختلاف في ترتيبها و هذا نصه قال: و قال أبو طالب: منعنا الرسول رسول المليک ببيض تلالا لمع البروق بضرب يذيب دون النهاب حذار الوتائر و الخنفنيق[9] أذب و أحمي رسول الآله حماية حام عليه شفيق و ما إن أدب لاعدائه دبيب البکار حذار الفنيق و قال (أبو طالب) أيضا: و لکن ازير لهم ساميا کما زار ليث بغيل مضيق (قال المؤلف) خرج العلامة الحجة في المناقب (ج 1 ص 42) بعض الابيات و ترک بعضها، و ذکر لها مقدمة کانت سببا لانشاد أبي طالب عليه السلام الابيات، و إليک المقدمة و الابيات بنصها: (قال عليه الرحمة) روي الطبري و البلاذري و الضحاک (و قالوا):

[صفحه 24]


صفحه 13، 14، 15، 16، 17، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24.








  1. في رواية ابن عساکر في تاريخه (ج 1 ص 271) بدل الشطر الثاني (عندي بمثل منازل الاولاد).
  2. في شرح نهج البلاغة ج 3 ص 314 ط 1 قال (بکف الذي قام من خبثه).
  3. (تکون لغيرکم عبرة) الغدير، ج 7 ص 336، و الديوان.
  4. (کما نال من لان من قبلکم) الغدير ج 7 ص 336 و الديوان.
  5. (بکف الذي قام في خبثه) الغدير (ج 7 ص 336) و في شرح نهج البلاغة ط 1 (ج 3 ص 314).
  6. (علي رغمه الجائر الاحمق) الغدير ج 7 ص 336، و الديوان.
  7. هذا البيت من الديوان، و في الغدير (ج 7 ص 337).
  8. عبد الله بن احمد المهزمي العبدي ابن حرب بن خالد اللغوي الشاعر المتوفي سنة خمس و تسعين و مائة، کما في معجم الادباء ج 12 ص 54 طبع دار الامان، و له ترجمة في تأريخ بغداد (ج 9 ص 370).
  9. (الخنفنيق) الداهية.