تكلم اميرالمومنين مع امه











تکلم اميرالمومنين مع امه



فاکلت فازدادت رغبتها و طلبت أخري لابي طالب (فأعطاها) فعاهدها أن لا تعطيه إلا بعد الشهادتين، فلما جن عليها الليل اشتم أبو طالب نسما ما اشتم مثله قط فأظهرت ما معها فالتمسه منها، فابت عليه إلا أن يشهد الشهادتين، فلم يملک (أبو طالب) نفسه أن شهد الشهادتين، أنه سألها أن تکتم عليه لئلا تعيره قريش فعاهدته علي ذلک، فاعطته ما معها (فاکله) و آوي إلي زوجته فعلقت بعلي عليه السلام في تلک الليلة، و لما حملت بعلي عليه السلام ازداد حسنها فکان (الجنين الذي في بطنها) يتکلم (و هو) في بطنها فکانت (يوما) في الکعبة فتکلم علي (و هو في بطن أمه) مع جعفر (فاندهش) فغشي عليه فالتفتت (إلي) الاصنام (و قد) خرت علي وجوهها (تعظيما له) فمسحت علي بطنها و قالت: يا قرة العين سجدت لک الاصنام داخلا فکيف شأنک خارجا، و ذکرت لابي طالب ذلک فقال: هو الذي قال لي أسد في طريق الطائف (أي أخبره بأحوال ابنه علي عليه السلام جده أسد عليه السلام.

(قال المؤلف) فبالتأمل في کلام الراهب مثرم، و في حديث قاضي السنة ابي عمرو يثبت لک أن ابا طالب و زوجته فاطمة بنت اسد کانا داخلين في الشريعة المحمدية معترفين برسالته بعد أن کانا علي الشريعة الابراهيمية، و عند ما اجتمع أبو طالب عليه السلام مع زوجته فاطمة بنت اسد فحملت بعلي عليه السلام کانا مؤمنين موحدين مسلمين و کان ذلک

[صفحه 10]

بعد تزويج النبي صلي الله عليه و آله بخديجة عليها السلام بسنين علي اختلاف الروايات فاقلها تسع سنين و أکثرها سبع عشرة سنة.

(قال المؤلف) و بالتأمل في الحديث الآتي تعرف تاريخ حمل فاطمة بنت أسد بأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، کما تعرف تأريخ دخولهما في الشريعة التي جاء بها محمد صلي الله عليه و آله بعد أن کانوا يعملون بشريعة أبيهم إبراهيم الخليل عليه السلام.

(و في المناقب ج 1 ص 363) قال خرج الطبري في تأريخه، و کذلک البلاذري و الثعلبي في تفسيره (الکشف و البيان) و الواحدي في تفسيره و في کتاب (شرف النبي) و أربعين الخوارزمي (و هو المعروف بالمناقب) للموفق بن أحمد الخوارزمي الحنفي المطبوع في ايران، و في کتاب (الدرجات لمحفوظ البستي) و في مغازي محمد بن إسحاق، و في غيرها من الکتب المعتبرة و الکل يروون عن مجاهد (انه قال) کان من نعم الله علي علي بن أبي طالب أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة (اي قحط و غلاء) و کان أبو طالب ذا عيال کثيرة، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله لحمزة و العباس إن ابا طالب کثير العيال و قد أصاب الناس ما ترون من هذه الازمة فانطلق بنا نخفف عن عياله، فدخلوا عليه و طالبوه بذلک فقال إذا ترکتم لي عقيلا فافعلوا ما شئتم فبقي عقيل عنده إلي أن مات أبو طالب، ثم بقي في مکة وحده إلي أن أخذوه يوم بدر، واخذ حمزة جعفرا فلم يزل عنده في الجاهلية و الاسلام إلي أن قتل حمزة، و أخذ العباس طالبا و کان معه إلي أن أخرجوه يوم بدر ثم فقد فلم يعرف له خبر، و أخذ رسول الله صلي الله عليه و آله عليا و هو ابن ست سنين کسنه (صلي الله عليه و آله و سلم) يوم أخذه أبو طالب (من جده عبد المطلب) فربته خديجة و المصطفي صلي الله عليه و آله إلي ان جاء الاسلام، و تربيتهما أحسن

[صفحه 11]

من تربية أبي طالب و فاطمة بنت أسد، فکان مع النبي صلي الله عليه و آله و سلم إلي أن مضي (رسول الله صلي الله عليه و آله إلي دار البقاء) و بقي علي عليه السلام بعده حافظا للمسلمين و اماما و مرشدا لهم.

(و فيه ايضا ج 1 ص 363) قال: ذکر أبو القاسم في أخبار ابي رافع من ثلاثة طرق: أن النبي صلي الله عليه و آله حين تزوج خديجة قال لعمه (ابي طالب): إني أحب أن تدفع إلي بعض ولدک يعينني علي أمري و يکفيني و أشکر لک بلاءک عندي، فقال أبو طالب خذ ايهم شئت فاخذ عليا (عليه السلام).

(و في خطب نهج البلاغة) يشير إلي ما ذکرناه فيقول السيد الرضي رحمه الله قال عليه السلام: و قد علمتم موضعي من رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) بالقرابة القريبة، و المنزلة الخصيصة، وضعني في حجره و انا وليد، يضمني إلي صدره، و يلفني في فراشه، و يمسني جسده، و يشمني عرقه، و کان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه، و ما وجد لي کذبة في قول و لا خطلة في فعل (الخ).

(قال المؤلف) تقدم نقلا من المناقب (ج 1 ص 358) رواية جابر بن عبد الله قضية مثرم بن دعيب الراهب و ما فعله مع أبي طالب عليه السلام، و هذه القضيه و رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنه خرجها الکنجي الشافعي في کفاية الطالب (ص 260) و فيه اختلاف، و له مقدمة لم يذکرها في المناقب إليک نصها و قد تقدم.

(عن جابر بن عبد الله) قال سألت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عن ميلاد علي بن ابي طالب فقال: لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح (الحديث) و قد تقدم جميع ألفاظه و المقصود من ذکره أن ابا طالب عليه الکلام کان عالما بأحوال ابن اخيه محمد صلي الله

[صفحه 12]

عليه و آله و سلم و أحوال ولده علي بن ابي طالب قبل ولادتهما، و کان مؤمنا بهما، معترفا برسالة ابن اخيه محمد صلي الله عليه و آله و وصاية ولده له، و لذلک لما جمعهم النبي صلي الله عليه و آله يوم الانذار و أخبرهم بانه رسول الله إليهم و أن عليا وصيه قبل ذلک أبو طالب و لم يتکلم و لم يرد علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم کما رد عليه غيره فضحکوا علي أبي طالب عليه السلام و قالوا له: ألا تري ان محمدا يأمرک باتباع ولدک؟.


صفحه 10، 11، 12.