اعتراف علماء اهل السنة بأن من اسامي ابي طالب











اعتراف علماء اهل السنة بأن من اسامي ابي طالب



(قال المؤلف) خرج ابن حجر عند ذکر أحوال ابي طالب عليه السلام أمورا کثيرة تدل علي رفيع مقام أبي طالب إضافة إلي إيمانه و إسلامه و قال: إنه عليه السلام ولد قبل النبي صلي الله عليه و آله بخمس و ثلاثين سنة و هو شقيق عبد الله والد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أمهما فاطمة بنت عمر بن عائذ المخزومية (ثم قال): و اشتهر (أي أبو طالب) بکنيته و اسمه عبد مناف، و قيل: عمران.

(قال المؤلف) ذکر الثعلبي في تفسيره (الکشف و البيان) ما ذکره ابن حجر في أن من أسمائه عليه السلام عمران، و ذلک عند تفسيره قوله تعالي " و آل عمران علي العالمين ".

[صفحه 182]

(بعض القضايا الدالة علي أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم کان يحب عمه أبا طالب حبا شديدا و ذلک يدل علي علو مقام عمه عليه السلام) (قال المؤلف) و مما يدل علي علو مقام أبي طالب عند الله و عند رسوله صلي الله عليه و آله نبع الماء له عليه السلام عندما عطش و هو في الصحراء، و قد ذکر ذلک جمع کثير من علماء أهل السنة و علماء الامامية عليهم الرحمة و إليک أولا من خرجه من علماء الشافعية و الحنفية، و هم جماعة.

(منهم) جلال الدين السيوطي الشافعي المتوفي سنة 911 فانه خرج ذلک في کتابه (الخصائص الکبري (ج 1 ص 124 طبع حيدر أباد) بسنده من کتاب ابن سعبد (الطبقات) خرجه تحت عنوان: (باب نبع الماء من الارض باعجازه لعمه أبي طالب، و قال ما هذا لفظه: قال ابن سعد: أخبرنا إسحاق بن يوسف الازرق، حدثنا عبد الله بن عوف، عن عمرو بن سعيد أن ابا طالب قال: کنت بذي المجاز مع ابن اخي يعني النبي صلي الله عليه و آله و سلم فأدرکني العطش فشکوت إليه فقلت: يا ابن أخي قد عطشت، و ما قلت له ذلک و انا أري أن عنده شيئا إلا الجزع، قال: يا عم أعطشت؟ قلت نعم، فاهوي بعقبه إلي الارض فإذا بالماء، فقال: إشرب يا عم، قال: فشربت، أخرجه ابن عساکر، (قال) و له طريق آخر أخرجه الخطيب و ابن عساکر من طريق ابن جرير الطبري، حدثنا سفيان بن وکيع، حدثنا أزهر بن سعد السمان، حدثنا ابن عوف، عن عمرو بن سعد به.

[صفحه 183]

(و منهم ابن حجر العسقلاني فقد خرج ذلک في (الاصابة في تمييز الصحابة ج 7 ص 116) و لفظه يختلف مع لفظ السيوطي في الحديث و السند، و هذا نص ألفاظه: (قال) ابن سعد في الطبقات: أخبرنا إسحاق الازرق، حدثنا عبد الله بن عون، عن عمرو بن سعيد أن أبا طالب قال: کنت بذي المجاز مع ابن أخي فأدرکني العطش فشکوت إليه و لا أري عنده شيئا، قال: فثني ورکه ثم نزل فأهوي بعصاه إلي الارض فإذا بالماء فقال: إشرب يا عم فشربت.

(و منهم) نور الدين علي بن إبراهيم بن احمد بن علي الحلبي الشافعي المتوفي سنة 1044 ه، فانه أخرج نبع الماء بالاعجاز لعمه ابي طالب عليه السلام في کتابه (إنسان العيون في سيرة الامين و المأمون) المعروف بالسيرة الحلبية (ج 1 طبع مصر سنة 1329 ه) قال (و روي) عن أبي طالب (أنه) قال: کنا بذي المجاز (و هو موضع علي فرسخ من عرفة کان سوقا في الجاهلية) مع ابن أخي (يعني النبي صلي الله عليه و آله) فأدرکني العطش فشکوت إليه فقلت يا ابن أخي قد عطشت، و ما قلت له ذلک و أنا أري ان عنده شيئا إلا الجزع (أي لم يحملني علي ذلک (أي علي الطلب بالماء) إلا الجزح و عدم الصبر) قال: فثني ورکه، أي نزل عن دابته، ثم قال: يا عم عطشت؟ قلت: نعم، فأهوي بعقبه الارض (و في رواية) إلي صخرة فرکضها برجله و قال شيئا (لم أفهمه) فإذا أنا بالماء لم أر مثله، فقال: إشرب فشربت حتي رويت، فقال: أ رأيت؟ قلت نعم، فرکضها ثانية فعادت کما کانت (ثم قال): و سافر النبي صلي الله عليه (و آله) و سلم مع عمه الزبير و له بضع عشرة سنة و الزبير أيضا شقيق عبد الله (والد النبي صلي الله عليه

[صفحه 184]

و آله و سلم).

(و منهم) السيد أحمد زيني دحلان الشافعي مفتي مکة المکرمة المتوفي سنة 1304 ه، فانه أخرج الواقعة في کتابه (السيرة النبوية المطبوعة بهامش السيرة الحلبية المتقدم ذکره في هامش ج 1 ص 103، قال السيد الحجة فخار بن معد و من الارهاصات (اي المعجزات) التي ظهرت علي يديه صلي الله عليه (و آله) و سلم و هو صغير: أنه کان مع عمه أبي طالب بذي المجاز و هو موضع علي فرسخ من عرفة کان سوقا للجاهلية فعطش عمه أبو طالب فشکا إلي النبي صلي الله عليه (و آله) و سلم و قال: يا ابن أخي قد عطشت فاهوي بعقبه إلي الارض (و في رواية) إلي صخرة فرکضها برجله و قال شيئا (لم يفهمه أبو طالب عليه السلام) قال أبو طالب: فإذا بالماء لم أر مثله، فقال: إشرب فشربت حتي رويت فرکضها فعادت کما کانت.

(قال المؤلف): بالتأمل في أحاديث الباب يظهر لک ما عمل في القضايا و الاحاديث من تغيير و تحريف و زيادة و نقصان، و ذلک أمر سبب عدم المعرفة بواقع القضايا کما کانت عليه و لاختلاف الحديث أخرجنا ما عثرنا عليه.

(قال المؤلف): و ما يثبت رفيع مقام أبي طالب عليه السلام دعاء النبي صلي الله عليه و آله له بالشفاء فشافاه الله ببرکة دعائه صلي الله عليه و آله فورا، و قد خرج ذلک علماء أهل السنة و علماء الامامية عليهم الرحمة و إليک ما أخرجه علماء الشافعية و الحنفية و هو جماعة: (منهم) ابن حجر العسقلاني الشافعي المتوفي سنة 852 فقد خرج في الاصابة (ج 7 ص 113) ما هذا نصه: بسنده عن أنس قال مرض أبو طالب فعاده النبي صلي الله عليه (و آله) و سلم، فقال يا ابن أخي أدع ربک الذي بعثک يعافيني فقال (صلي الله عليه و آله): أللهم

[صفحه 185]

اشف عمي: فقام (أبو طالب عليه السلام) کانما نشط من عقال، فقال يا ابن أخي إن ربک ليطيعک.

قال: و أنت يا عماه لئن أطعت الله ليطيعنک (و منهم) جلال الدين السيوطي الشافعي فقد خرج هذه المعجزة في کتابه (الخصائص ج 1 ص 124) تحت عنوان (باب دعائه صلي الله عليه (و آله) و سلم لابي طالب بالشفاء) و قال: أخرج ابن عدي، و البيهقي و أبو نعيم من طريق الهيثم بن حماد، عن ثابت، عن انس أن أبا طالب مرض فعاده النبي صلي الله عليه (و آله) و سلم فقال: يا ابن أخي أدع ربک الذي تعبد أن يعافيني فقال: أللهم اشف عمي، فقام أبو طالب کانما نشط من عقال، قال يا ابن اخي إن ربک الذي تعبد ليطيعک، قال: و أنت يا عماه لئن اطعت الله ليطيعک (ثم قال السيوطي تفرد به الهيثم و هو ضعيف.

(قال المؤلف) لا يفوتنک التحريف و الزيادة التي زادها جلال الدين في حديثه فان الحديث الذي خرجه في الاصابة خال من هذه الزيادة و هذا التحريف إذ فيه (أدع ربک الذي بعثک) و ليس فيه (ادع ربک الذي تعبد) و انما الحديث و زاد عليه کلمة (تعبد) لغاية معلومة يعرفها کل من طالع حياة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام و تاريخ حياة أمير الشام و هي تحصيل رضا أمير الشام و سائر بني أمية و أمثالهم و لا يخفي أن جواب النبي لعمه عليه السلام جواب مهم عظيم، و قد ورد ذلک في الکلمات القدسية و هي الکلمات التي خوطب بها النبي صلي الله عليه و آله و سلم عندما عرج به إلي السماء، و من جملتها ما کلمه الله بها بقدرته و هو قوله تعالي عز و جل: (عبدي أطعني تکون مثلي (أو مثلي) أقول للشيء کن فيکون و تقول للشيء کن فيکون) فالنبي الاکرم بين لعمه المکرم: أنه إن أطاع الله يکن مثله في أن الله يستجيب دعاءه

[صفحه 186]

بلا تأخير کما استجاب دعاءه بلا تعطيل.

(قال المؤلف) و مما يدل علي قوة إيمانه عليه السلام بإبن أخيه صلي الله عليه و آله وصيته عليه السلام لبني هاشم بان يطيعوا رسول الله صلي الله عليه و آله و إصراره علي ذلک کما ذکر ابن دحلان في السيرة النبوية المطبوع بهامش السيرة الحلبية (ج 1 ص 99 ص 100) و هذا نصه و قد تقدم بالمناسبة قال: و في الحديث إنهم اجتمعوا عند أبي طالب عند وفاته فأوصاهم أبو طالب فقال: يا معشر بني هاشم أطيعوا محمدا و صدقوه تفلحوا و ترشدوا.

(قال المؤلف) أمر بني هاشم بالدخول في الاسلام و تصديق ما جاء به ابن اخيه من الشريعة و بين لهم أن الفلاح و الرشاد في طاعته.

(و قال) ابن دحلان أيضا: و اجتمعوا مرة أخري عند أبي طالب فاوصاهم أبو طالب فقال: يا معشر العرب أنتم صفوة الله من خلقه و قلب العرب، فيکم السيد المطاع، و فيکم المقدم الشجاع، و الواسع الباع و اعلموا أنکم لم تترکوا للعرب في المآثر نصيبا إلا أحرزتموه، و لا شرفا إلا أدرکتموه، فلکم بذلک علي الناس الفضيلة، و لهم به إليکم الوسيلة و الناس لکم حرب، و علي حربکم ألب، و إني أوصيکم بتعظيم هذه البنية يعني الکعبة، فان فيها مرضاة للرب، و قواما للمعاش و ثباتا للوطأة صلوا أرحامکم، فان في صلة الرحم منشأة، اي فسحة في الاجل و زيادة في العدد، و اترکوا البغي و العقوق ففيهما هلکت القرون قبلکم أجيبوا الداعي، و أعطوا السائل فان فيهما شرف الحياة و الممات، و عليکم بصدق الحديث و أداء الامانة، فان فيهما محبة في الخاص، و مکرمة في العام، و أوصيکم بمحمد خيرا فانه الامين في قريش، و الصديق في العرب

[صفحه 187]

و هو الجامع لکل ما أوصيتکم به، و قد جاءنا بأمر قبله الجنان و أنکره اللسان مخافة الشنآن، و أيم الله کاني أنظر إلي صعاليک العرب، و أهل الاطراف و المستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته، و صدقوا کلمته و عظموا أمره، فخاض بهم غمرات الموت، فصارت رؤساء قريش و صناديدها أذنابا، و دورها خرابا، و ضعفاؤها أربابا، و إذا أعظمهم عليه أحوجهم اليه، و أبعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها و أعطته قيادها، يا معشر قريش کونوا له ولاة، و لحزبه حماة.

(قال): و في رواية، دونکم ابن أبيکم کونوا له ولاة، و لحزبه حماة، و الله، لا يسلک أحد سبيله إلا رشد، و لا يأخذ أحد بهدية إلا سعد، و لو کان لنفسي مدة و لاجلي تأخير لکففت عنه الهزاهز، و لدفعت عند الدواهي.

(قال المؤلف): لو لم ينقل من أبي طالب عليه السلام هذه الوصية لکفي في إثبات إيمانه و علو شأنه و مقامه، و هل الاسلام و الايمان ما بين عليه السلام؟ في وصيته، و هل ما جاء به ابن أخيه صلي الله عليه و آله ما أمر به و وصي به العرب و عشيرته؟ و من تفکر و تدبر في هذه الوصية حق التدبر عرف أن أبا طالب عليه السلام کان يعرف المغيبات مما يکون بعد موته من الحروب و الانتصارات التي يراها ابن اخيه صلي الله عليه و آله و أعوانه و أنصاره.

(قال المؤلف) و خرج ابن دحلان أيضا بهامش سيرة الحلبي في سيرته (ج 1 ص 100) ما هذا معناه قال: و قال أبو طالب في وصيته إلي العرب و بني هاشم: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد و ما اتبعتم أمره

[صفحه 188]

فأطيعوه ترشدوا: (ثم قال) الدحلاني: قال الزرقاني: فانظر و اعتبر کيف وقع جميع ما قاله (أبو طالب) من باب الفراسة الصادقة، و کيف هذه المعرفة التامة بالحق.

(قال المؤلف) خرج السيوطي هذه الرواية في الخصائص الکبري (ج 1 ص 87) و قال: أخرج ابن سعد عن عبد الله بن ثعلبة بن صغير العذري: أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دعا بني عبد المطلب فقال (في وصيته لهم): لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد و ما اتبعتموه، و اتبعتم امره، فاتبعوه و أعينوه ترشدوا.

(قال المؤلف) ينظر الزرقاني و أمثاله إلي أبي طالب عليه السلام نظره إلي رجل عادي و لا يدري أنه عليه السلام و عبد المطلب کانا يقرءان الکتب السالفة و کانا يتصلان بالعباد و الزهاد و الاحبار و الرهبان و کانوا يخبرونهما عن أحوال رسول الله صلي الله عليه و آله النبي الهاشمي و ما يکون له في حياته من الشئون و الاحوال، و مع قطع النظر عن ذلک کله کان يظهر لهم في معاشرتهم مع الرسول الاکرم حال کونه في دارهم و حال کونهم معه يخدمونه من الامور الغريبة و العلوم النافعة العجيبة ما لا يظهر لغيرهم لعدم اتصالهم به و معاشرتهم إياه، فما أخبروا به من الامور الغيبية ليست من الفراسة کما قال به الزرقاني، بل جميعه من تعليماته صلي الله عليه و آله لهم فان أبا طالب عليه السلام کان له من العمر علي حسب بعض الروايات تسعون سنة أو ازيد قضي خمسون سنة أو ازيد من عمره عليه السلام مع ابن أخيه فعرف منه و تعلم علما کثيرا نافعا بين لاولاد عبد المطلب بعضه و للعرب بعضه الآخر بالمناسبة و بمقتضي الحال، تأمل في الوصية المتقدمة التي ذکرها زيني دحلان و قد تقدمت و أولها (يا معشر العرب) تأمل فيها غاية التأمل يتضح لک

[صفحه 189]

ما کان يعلم السيد المطاع مؤمن قريش و شيخ الابطح عليه السلام تأمل في هذه الکلمات خاصة (و الله لا يسلک أحد سبيله إلا رشد، و لا يأخذ أحد بهدية إلا سعد، و لو کان لنفسي مدة و لاجلي تأخير لکففت عنه الهزاهز، و لدفعت عنه الدواهي.

(قال المؤلف) نقول لابي طالب عليه السلام و لو لم تکن بشخصک في الحياة و لکن کنت في الحياة في قالب ولدک البطل الشجاع الذي کف عن ابن أخيک صلي الله عليه و آله جميع الهزاهز و دفع عنه جميع الدواهي، و يشهد بذلک التاريخ، و يعلمه کل خبير بأحواله.

[صفحه 190]

(خاتمة) تتضمن بعض الاحاديث المستخرجة في کتب الامامية بطرقهم المعتبرة عن أهل البيت عليهم السلام في أحوال جدهم حامي سيد المرسلين، و ناصر سيد البشر، و الذي بتأييده دين الاسلام انتشر، و بواسطته قام النبي صلي الله عليه و آله بأداء واجبه محفوظا من کل خطر، سيد البطحاء و والد الاوصياء، و من آمن بالرسول الاکرم صلي الله عليه و آله و سلم قبل بعثته، و الذي بنصرته تمکن النبي صلي الله عليه و آله و سلم من بث دعوته، هو أبو طالب عليه السلام ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عليهم السلام.

(الحديث الاول) (ما في الحجة علي الذاهب إلي تکفير أبي طالب) ص 25 طبع النجف الاشرف سنة 1351 ه فقد خرج السيد شمس الدين فخار بن معد قدس سره المتوفي سنة (630) بسنده عن ابي الفرج الاصفهاني، قال: حدثني أبو محمد هارون بن موسي التلعکبري، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي المعمري الکوفي، قال: حدثنا علي بن مسعدة بن صدقة عن عمه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، أنه قال: کان أمير المؤمنين عليه السلام يعجبه أن يروي شعر أبي طالب عليه السلام، و أن يدون، و قال تعلموه و علموه أولادکم، فانه کان علي دين الله و فيه علم کثير.

[صفحه 191]

(الحديث الثاني) (و فيه أيضا ص 27) خرج بسنده، عن السيد النقيب أبي جعفر يحيي بن أبي زيد العلوي الحسني النقيب البصري بمدينه السلام سنة أربع و ستمأة، قال: أخبرني والدي محمد بن أبي زيد النقيب الحسني البصري قال: أخبرني تاج الشرف محمد بن محمد بن أبي الغنايم المعروف بإبن السخطة العلوي الحسيني البصري النقيب، قال: أخبرني الشريف الامام العالم أبو الحسن علي بن محمد الصوفي العلوي النسابة المشجر المعروف، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد البصري، عن أبي الحسين يحيي بن محمد الحضيني المدني، قال: رأيته بالمدينة سنة ثمانين و ثلثمأة، عن ابيه عن أبي علي بن همام رضي الله عنه عن جعفر بن محمد الضراري، عن عمران بن معافي، عن صفوان بن يحبي، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن محمد بن علي الباقر عليهما السلام، أنه قال: مات أبو طالب بن عبد المطلب مسلما مؤمنا، و شعره في ديوانه يدل علي إيمانه ثم محبته و تربيته و نصرته و معاداة أعداء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و موالاة أوليائه، و تصديقه إياه فيما جاء به من ربه، و أمره لولديه علي و جعفر عليهما السلام بأن يسلما و يؤمنا بما يدعو إليه.

و أنه خير الخلق، و أنه يدعو إلي الحق و المنهاج المستقيم، و أنه رسول رب العالمين فثبت ذلک في قلوبهما، فحين دعاهما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اجاباه في الحال، و ما تلبثا لما قد قرره أبوهما عندهما من أمره فکانا يتأملان أفعال رسول الله صلي الله عليه و آله فيجدانها کلها حسنة تدعو إلي سداد و رشاد.

(قال المؤلف) تقدمت مضامين الحديث الاول و الحديث الثاني

[صفحه 192]

في أحاديث مروية من کتب علماء أهل السنة، فمن راجع ما جمعناه من حياة أبي طالب عليه السلام ثبت له ما بيناه: (و قال) السيد شمس الدين في کتاب (الحجة ص 28) بعد ختم الحديث الثاني ما هذا نصه (و حسبک) ان کنت منصفا منه هذا أن يسمح بمثل علي و جعفر ولديه و کانا من قلبه بالمنزلة المعروفة المشهورة لما يأخدان به أنفسهما من الطاعة له و الشجاعة و قلة النظير لهما ان يطيعا رسول الله صلي الله عليه و آله فيما يدعوهما اليه من دين و جهاد و بذل أنفسهما و معاداة من عاداه، و موالاة من والاه، من غبر حاجة إليه لا في مال و لا في جاه و لا غيره، لان عشيرته أعداؤه و المال فليس له مال.

فلم يبق إلا الرغبة فيما جاء به من ربه، فهذا الحديث مروي عن الامام أبي جعفر عليه السلام فلقد بين حال ابي طالب فيه أحسن تبيين و نبه علي إيمانه أجل تنبيه، و لقد کان هذا الحديث وحده کافيا في معرفة إيمان أبي طالب عليه السلام اسکنه الله جنته و منحه رحمته، لمن کان منصفا لبيبا عاقلا أديبا.

(الحديث الثالث) في روضة الواعظين (ص 121) خرج بسنده عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: لما حضر أبو طالب (عليه السلام) الوفاة جمع وجوه قريش و أوصاهم فقال: يا معشر قريش، أنتم صفوة الله من خلقه، و قلب العرب، و أنتم خزنة الله في ارضه، و أهل حرمه، فيکم السيد المطاع، الطويل الذراع، و فيکم المقدم الشجاع، و الواسع الباع إعلموا أنکم لم تترکوا للعرب في المفاخر نصيبا إلا حزتموه، و لا شرفا إلا أدرکتموه، فلکم علي الناس بذلک الفضيلة، و لهم به إليکم الوسيلة و الناس لکم حرب علي حربکم إلب، و إني أوصيکم بتعظيم هذه البنية

[صفحه 193]

فان فيها مرضاة للرب، و قواما للمعاش، و ثباتا للوطأة، صلوا أرحامکم و لا تقطعوها، فان صلة الرحم منسأة في الاجل (إلي آخر الحديث) و قد تقدم ذلک نقلا من السيرة الحلبية (ج 1 ص 383) و فيه اختلاف لما روي في کتاب الحجة، و فيه زيادات مهمة، و خرج الحديث المجلسي رحمه الله في البحار (ج 9 ص 23 طبع 1) و (ج 35 ص 106 طبع 2) و خرجه في تاريخ الخميس (ج 1 ص 339) و اختصره، و في ألفاظه اختلاف يسير مع ما في السيرة الحلبية، و هذا نصه: في المواهب اللدنية: حکي عن هشام بن السائب الکلبي أو ابنه أنه قال: لما حضرت: أبا طالب الوفاة جمع اليه وجوه قريش فأوصاهم فقال: يا معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه (إلي أن قال): و إني أوصيکم بمحمد خيرا فانه الامين في قريش، و الصديق في العرب، و هو الجامع لکل ما أوصيکم به، و قد جاء بامر قبله الجنان، و أنکره اللسان مخافة الشنآن، و أيم الله کاني أنظر إلي صعاليک العرب، و أهل الوبر و الاطراف، و المستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته، و صدقوا کلمته و أعظموا أمره، فخاص بهم غمرات الموت، و صارت رؤساء قريش و صناديدها أذنابا، و دورها خرابا، و ضعفاؤها أربابا، و إن أعظمهم عليه أحوجهم إليه، و أبعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها وأصفت له فؤادهها، و أعطته قيادها، يا معشر قريش کونوا له ولاة، و لحزبه حماة، و الله لا يسلک أحد منکم سبيله إلا رشد، و لا يأخذ أحد بهدية إلا سعد، و لو کان لنفسي مدة، و لاجلي تأخير، لکففت عنه الهزاهز و لدفعت عنه الدواهي (ثم توفي عليه السلام).

(قال المؤلف) الحديث الذي خرجه في البحار يقرب من الحديث الذي خرجه الکلي، و فيه زيادات نافعة مهمة (ثم قال المجلسي رحمه الله)

[صفحه 194]

و روي بعض أرباب السير المعتبرة مثله (ثم قال): و في لفظ آخر لما حضرته الوفاة دعا بني عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد، و ما اتبعتم أمره، فأطيعوه ترشدوا.

(قال المؤلف) أراد المجلسي رحمه الله بأرباب السير الحلبي و أمثاله حيث خرجوا الحديثين المفصل و المختصر و قد تقدم لفظاهما فلا نحتاج إلي تکرار ذکره، و قد خرج الحديث الثالث الالوسي في بلوغ الارب (ج 1 ص 327) و الدحلاني في السيرة النبوية المطبوع بهامش السيرة الحلبية (ج 1 ص 99) و خرجه زيني دحلان أيضا في کتابه الآخر أسني المطالب (ص 5 طبع مصر) و (ص 7) طبع ايران مع الاختصار للحديث.

(قال المؤلف): إن في هذه الوصية اعترافا بنبوة سيد الانبياء من عمه والد سيد الاوصياء، و فيه إخبار عن أمور غيبية عرفها شيخ الابطح عليه السلام من قول الاحبار و الرهبان الذين رآهم قبل البعثة لا بن أخيه صلي الله عليه و آله و بشروا برسالة ابن اخيه، و أما قوله عليه السلام " أنکره اللسان " فقد کان ذلک في الظاهر فلم يعلن بما أعلن به أخوه حمزة و ولداه جعفر و أمير المؤمنين علي علبهم السلام و أما في الباطن فقد أتي بالشهادتين بامر من الرسول الاکرم، و قبل أن تنعقد نطفة أمير المؤمنين عليه السلام و ذلک حين طلب من فاطمة بنت أسد التمر الذي أخذته من النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقالت له تکلم بالشهادتين حتي أعطيک ذلک، فتکلم عليه السلام بالشهادتين فاعطته ذلک فاکل، ثم اجتمع معها فانعقدت في تلک الليلة نطفة سيد الاوصياء و إمام الاتقياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام و قد تقدم الحديث مفصلا نقلا من کبار علماء أهل السنة، هذا، و قد تکلم

[صفحه 195]

بالشهادتين أيضا في خطبه و أشعاه مرارا عديدة، و قد تقدم جميع ذلک (و منها) ما تکلم به في آخر حياته و عند وفاته و ذلک لما طلب منه النبي صلي الله عليه و آله و سلم الاتيان بالشهادتين للفوز بالمقامات العالية لا للدخول في الاسلام کما تخيله بعض الجاهلين بأحوال سيد قريش و أول مؤمن منها بعد عبد المطلب عليهما السلام، و قد تقدم تفصيل ذلک أيضا و ذکرنا القائلين به.

(و قال) العلامة الحجة شيخنا الاميني دام الله بقاه في کتاب (الغدير) ج 7 ص 367) بعد ذکره الوصية برواية جمع من علماء أهل السنة في سبب عدم إظهاره عليه السلام التکلم بالشهادتين کما أظهره أخوه حمزة و ولداه عليهم السلام ما هذا نصه: في هذه الوصية الطافحة بالايمان و الرشاد دلالة واضحة علي أنه عليه السلام إنما أرجأ تصديقه باللسان إلي هذه الآونة التي يئس فيها عن الحياة حذار شنان قومه المستتبع لانثيالهم عنه، المؤدي إلي ضعف المنة و تفکک القوي.

فلا يتسني له حينئذ.

الذب عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و إن کان الايمان به مستقرا في الجنان من أول بومه (کما أشرنا اليه) لکنه (عليه السلام) لما شعر بازوف الاجل، و فوات الغاية المذکورة، أبدي ما ا جنته أضلاعه فاوصي بالنبي صلي الله عليه و آله و سلم بوصيته الخالدة.

(الحديث الرابع) (وصية اخري) من مؤمن قريش و شيخ الابطح و رئيسها المطاع أبي طالب عليه السلام خرجها جمع کثير من علماء أهل السنة (منهم) ابن سعد في الطبقات الکبري (ج 1 ص 123) و جلال الدين السيوطي

[صفحه 196]

في الخصائص (ج 1 ص 87) و سبط ابن الجوزي الحنفي في تذکرة الخواص (ص 10) و زيني دحلان في کتابيه السيرة النبوية بهامش السيرة الحلبية (ج 1 ص 99) و اسني المطالب (ص 8 ط 1 وص 10 طبع مصر) و الحلبي الشافعي في السيرة الحلبية (ج 1 ص 383) و في تاريخ الخميس (ج 1 ص 339) و العلامة ابن شهر اشوب في المناقب (ج 1 ص 43 طبع 2) و ألفاظ الجميع تختلف في بعض الالفاظ، و أما لفظ ابن شهر اشوب فهذا نصه قال: أخرج مقاتل بسنده و قال: لما رأت قريش يعلوا أمره قالوا لا نري محمدا يزداد إلا کبرا و تکبرا، و إن هو إلا ساحر أو مجنون و توعدوه، و تعاقدوا لئن مات أبو طالب ليجمعن قبائل قريش کلها علي قتله، و بلغ ذلک أبا طالب فجمع بني هاشم، و أحلافهم من قريش فوصاهم برسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم و قال إن ابن اخي کما يقول و أخبرنا بذلک آباؤنا و علماؤنا أن محمدا نبي صادق، و أمين ناطق، و أن شأنه لعظيم، و مکانه من ربه أعلي مکان، فأجيبوا دعوته، و اجتمعوا علي نصرته، و راموا عدوه من وراء حوزته، فانه الشرف الباقي لکم الدهر، و انشأ يقول: أوصي بنصر النبي الخير مشهده عليا ابني و عمي الخير عباسا ألي آخر الابيات المتقذمة، و أما لفظ زيني دحلان في أسني المطالب (ص 7 ص 8 طبع 2) قال: و قد أوصي قريشا باتباعه و قال: و الله لکأني به و قد غلب و دانت له العرب و العجم، فلا يسبقنکم اليه سائر العرب، فيکونوا أسعد به منکم (قال): و هذه الوصية تکررت منه مرارا تارة يوصي بها بني هاشم، و تارة يوصي بها کافة قريش (ثم ذکر الحديث الاول) ثم قال: و قال لهم مرة: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد، و ما اتبعتم أمره، فأطيعوه ترشدوا، و أما لفظ سبط ابن الجوزي

[صفحه 197]

الحنفي في (تذکرة خواص الامة (ص 10) فقد قال: قال ابن سعد: حدثنا الواقدي، قال: دعا أبو طالب قريشا عند موته فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد ابن اخي، و ما اتبعتم أمره، فاتبعوه و أعينوه ترشدوا.

و أما لفظ جلال الدين السيوطي الشافعي في الخصائص (ج 1 ص 87) فقال: أخرج ابن سعد عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دعا بني عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد، و ما اتبعتم أمره، فاتبعوه و أعينوه ترشدوا.

و أما لفظ الحلبي في سيرته فقال: بعد ذکره الوصية السابقة الطويلة: و في لفظ آخر أنه لما حضرته الوفاة دعا بني عبد المطلب فقال لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد، و ما اتبعتم أمره فأطيعوه ترشدوا.

و أما لفظ زيني دحلان في السيرة النبوية المطبوع بهامش السيرة الحلبية (ج 1 ص 99) قال: و في رواية أن أبا طالب قال عند موته: يا معشر بني هاشم أطيعوا محمدا و صدقوه تفلحوا و ترشدوا.

(قال المؤلف) و خرج زيني دحلان الوصية الاولي المفصلة بعد هذه الوصية في تلک الصفحة (ص 99) و في لفظه اختلاف يسير مع ما تقدم نقله من السيرة الحلبية.

و ذکر وصية أخري بهامش (ص 100) و هذا لفظه، قال: و قال لهم مرة (أخري): لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد، و ما اتبعتم أمره فأطيعوه ترشدوا.

(قال المؤلف) خرج العلامة الحجة الا مبني هذه الوصية في (الغدير) ج 7 ص 367) نقلا من کتب عديدة لعلماء أهل السنة ثم قال دام بقاه: رأي البرزنجي هذا الحديث دليلا علي إيمان ابي طالب، و نعما

[صفحه 198]

هو قال: قلت: بعيد جدا أن يعرف أن الرشاد في اتباعه و يأمر غيره بذلک ثم يترکه، ثم ذکر الاميني بيانا جيدا واضحا يقبله من ترک التعصب و قال ما هذا نصه: ليس في العقل السليم مساغ للقول يان هذه المواقف کلها لم تنبعث عن خضوع أبي طالب للدين الحنيف و تصديقه للصادع به صلي الله عليه و آله و سلم، و إلا فماذا الذي کان يحدوه إلي مخاشنة قريش و مقاساة الاذي منهم و تعکير الصفو من حياته؟، لا سيما أيام کان هو الصفوة من فئته في الشعب، فلا حياة هنيئة، و لا عيش رغد، و لا أمن يطمأن به، و لا خطر مدروء، يتحمل الجفاء و القطيعة و القسوة المؤلمة من قومه، فماذا الذي أقدمه علي هذه کلها؟ و ما ذا الذي حصره و حبسه في الشعب عدة سنين تجاه أمر لا يقول بصدقه.

و لا يخبت إلي حقيقته؟ لا ها الله، لم يکن کل ذلک إلا عن إيمان ثابت، و تصديق و تسليم، و إذعان بما جاء به نبي الاسلام، يظهر ذلک للقاري المستشف لجزئيات کل من هذه القصص و لم تکن القرابة و القومية بمفردها تدعوه إلي مقاساة تلکم المشاق، کما لم تدع أبا لهب أخاه، وهب أن القرابة تدعوه إلي الذب عنه صلي الله عليه و آله و سلم لکنها لا تدعو إلي المصارحة بتصديقه و أن ما جاء به حق، و انه (نبي کموسي خط في أول الکتب) و أن من اقتص أثره فهو المهتدي و أن الضال من ازور عنه و تخلف، إلي أمثال ذلک من مصارحات قالها بملء فيه، و دعا اليه صلي الله عليه و آله فيها بأعلي (صوته) و هتافه.

(الحديث الخامس) ما أخرجه ابن حجر العسفلاني الشافعي في کتابه الاصابة (ج 7

[صفحه 199]

ص 116) قال: ذکر ابن سعد عن الواقدي أنه عليه السلام (أي أبو طالب) مات في نصف شوال (ثم قال): و قد وقعت لنا رواية أبي طالب عن النبي صلي الله عليه و آله فيما أخرجه الخطيب في کتاب رواية الآباء عن الابناء، من طريق أحمد بن الحسن المعروف بدبيس حدثنا محمد بن إسمعيل بن إبراهيم العلوي، حدثني عم أبي الحسين بن محمد عن ابيه موسي بن جعفر، عن ابيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين ابن علي، عن علي، قال: سمعت أبا طالب يقول: حدثني محمد ابن اخي و کان و الله صدوقا قال: قلت له: بما بعثت يا محمد؟ قال: بصلة الارحام، و إقام الصلاة، و إيتاء الزکاة.

(قال المؤلف): خرج زيني دحلان في أسني المطالب (ج 9) الحديث قال: و قد روي أبو طالب أحاديث عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم و کلمات تدل علي إيمانه، و امتلاء قلبه من التوحيد، فمن ذلک ما رواه الخطيب البغدادي باسناده إلي جعفر الصادق، عن أبيه محمد الباقر، عن أبيه زين العابدين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن ابي طالب، قال: سمعت أبا طالب يقول: حدثني محمد ابن أخي و کان و الله صدوقا قال: فلت له: بم بعثت يا محمد؟ قال: بصلة الارحام و إقامة الصلاة، و إيتاء الزکاة.

(قال زيني دحلان): و المراد من الصلاة رکعتان قبل طلوع الشمس و رکعتان قبل غروبها، کانتا في أول الاسلام، أو المراد صلاة التهجد فانه صلي الله عليه و آله و سلم کان يفعله من أول بعثته، و لا يصح حمل الصلاة علي الصلوات الخمس، لانها إنما فرضت ليلة الاسراء، و کان ذلک بعد موت أبي طالب بنحو سنة و نصف، و کان موت أبي طالب في النصف من شوال في السنة العاشرة من البعثة.

و عمره (عليه السلام)

[صفحه 200]

بضع و ثمانون سنة، و المراد من الزکاة مطلق الصدقة و إکرام الضيف و نحو ذلک من الصدقات المالبة، و مثل هذه الاشياء کان أبو طالب أسها و معدنها، و ليس المراد الزکاة الشرعية المعروفة، و لا زکاة الفطرة، لان ذلک إنما فرض بعد الهجرة في المدينة، و کل ذلک کان بعد موت أبي طالب (عليه السلام).

(قال المؤلف) و خرج زيني دحلان أيضا حديثا آخر رواه أبو طالب عن النبي صلي الله عليه و آله و (قال): أخرج الخطيب أيضا بسنده إلي أبي رافع مولي أم هاني بنت أبي طالب، أنه سمع أبا طالب يقول: حدثني محمد ابن اخي: أن الله أمره بصلة الارحام و أن يعبد الله لا يعبد معه احدا، قال: و محمد عندي الصدوق الامين.

(و فيه ايضا) قال (أبو طالب) أيضا: سمعت ابن اخي يقول: أشکر ترزق، و لا تکفر تعذب، و في ذيل أسني المطالب (ص 10) قال: روي الشيخ إبراهيم الحنبلي في نهاية الطلب (بسنده) عن عروة الثقفي قال: سمعت أبا طالب رضي الله عنه يقول: حدثني ابن اخي الصادق الامين و کان و الله صدوقا أن ربه أرسله بصلة الارحام و إقام الصلاة، و إيتاء الزکاة، و کان يقول: أشکر ترزق، و لا تکفر تعذب.

(قال المؤلف) خرج السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي رحمه الله في کتابه (الحجة علي الذاهب) أحاديث عديدة رواها أبو طالب عليه السلام عن ابن أخيه صلي الله عليه و آله و ألفاظها تقرب تلک الاحاديث، و إليک نصها بحذف السند.

(الحديث الاول في ص 26) بسنده عن اسحق بن عيسي بن علي ابن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، قال: سمعت أبي يقول: سمعت

[صفحه 201]

المهاجر مولي بني نوفل اليماني يقول: سمعت أبا رافع يقول: سمعت أبا طالب بن عبد المطلب يقول: حدثني محمد، أن ربه بعثه بصلة الارحام و أن يعبد الله وحده و لا يعبد معه غيره، و محمد عندي الصادق الامين.

(الحديث الثاني) بسنده عن محمد بن عباد، عن إسحاق بن عيسي عن مهاجر مولي بني نوفل، قال: سمعت أبا رافع يقول: حدثني محمد أن الله أمره بصلة الارحام، و أن يعبد الله وحده و لا يعبد معه غيره و محمد عندي الصدوق الامين.

(الحديث الثالث) بسنده عن أبي الفرج الاصفهاني، قال: حدثني أبو بشر أحمد بن إبراهيم، عن هارون بن عيسي الهاشمي، عن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قاضي قضاة البصرة بالثغر عن العباس بن الفضل الهاشمي عن إسحاق بن عيسي الهاشمي، عن أبيه، قال سمعت المهاجر مولي بني نوفل يقول: سمعت أبا رافع يقول: سمعت أبا طالب يقول: حدثني محمد ابن عبد الله أن ربه بعثه بصلة الارحام، و أن يعبد الله وحده لا شريک له لا يعبد سواه، و محمد الصدوق الامين.

(قال المؤلف) خرج الجديث في الاصابة (ج 7 ص 113) عن مهاجر مولي بني نفيل، و لفظه يساوي لفظ السيد فخار إلا في کلمة قال: و أن يعبد الله وحده لا يعبد معه غيره، و محمد الصدوق الامين.

(قال المؤلف) خرج العسقلاني في الاصابة (ج 7 ص 116) حديث محمد بن عباد المتقدم و لفظه يساوي لفظ السيد في کتاب الحجة إلا في کلمة واحدة، و هذا نصه، قال: حدثني محمد (صلي الله عليه و آله و سلم) إن الله أمره بصلة الارحام، و أن يعبد الله وحده لا يعبد معه أحد و محمد عندي الضدوق الامين.

و خرج ابن ابي الحديد في الشرح (ج 14 ص 69 ط 2) ما خرجه

[صفحه 202]

السيد في (الحجة علي الذاهب) و قال ما هذا نصه: يروي قوم من الزيدية أن ابا طالب أسند المحدثون عنه حديثا ينتهي إلي أبي رافع مولي رسول الله صلي الله عليه و آله قال: سمعت أبا طالب يقول بمکة: حدثني محمد بن أخي أن ربه بعثه بصلة الارحام و أن يعبده وحده لا يعبد معه غيره، و محمد عندي الصادق الامين.

(الحديث السادس) في کتاب (الحجة علي الذاهب إلي تکفير أبي طالب ص 24) قال: أخبرني الصالح النقيب أبو منصور الحسن ابن معية العلوي الحسني رحمه الله قال: أخبرني الشيخ الفقية أبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد الدوريستي عن أبيه، عن جده، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي، عن ابيه، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله الرقي، عن خلف بن حماد الاسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، عن ابيه قال: قال أبو طالب للنبي صلي الله عليه و آله بمحضر من قريش ليريهم فضله: يا ابن أخي الله أرسلک؟ قال: نعم قال: إن للانبياء معجزا و خرق عادة فارنا آية، قال: أدع تلک الشجرة و قل لها يقول لک محمد بن عبد الله: أقبلي باذن الله، فدعاها فاقبلت حتي سجدت بين يديه، ثم امرها بالانصراف فانصرفت، فقال أبو طالب: أشهد أنک صادق، ثم قال لابنه علي عليه السلام: يا بني ألزم ابن عمک.


صفحه 182، 183، 184، 185، 186، 187، 188، 189، 190، 191، 192، 193، 194، 195، 196، 197، 198، 199، 200، 201، 202.