بعض افعال معاوية المخالفلة للشريعة الاسلامية برواية...











بعض افعال معاوية المخالفلة للشريعة الاسلامية برواية علماء اهل السنة



(قال المؤلف) هذا المغيرة بن شعبة مع علمه بأحوال إمامه و أميره معاوية بن أبي سفيان کان يظهر أعمالا يرضي بها معاوية، فکان يسب عليا أمير المؤمنين عليه السلام علي المنابر و يأمر أصحابه بذلک، و ما کان ذلک منه إلا لعداوته لبني هاشم، و عداوته لهم کانت لتحصيل رضا أميره الذي کان مطلعا علي أحواله و ديانته و عقيدته، و قد ذکر ابن ابي الحديد في (ج 5 ص 129 ط 2) من شرحه لنهج البلاغة، طبع بيروت سنة 1379 ه، بعض ما کان يعلمه المغيرة بن شعبة من أحوال معاوية بن أبي سفيان، و هذا نص ألفاظه (قال): روي الزبير بن بکار في (الموفقيات) و هو متهم علي معاوية و لا منسوب إلي اعتقاد الشيعة لما هو معلوم من حاله (أي من حال الزبير بن بکار) من مجانبة علي عليه السلام و الانحراف (و قال): قال المطرف بن المغيرة بن شعبة: دخلت مع أبي علي معاوية، فکان أبي يأتيه فيتحدث معه، ثم ينصرف الي فيذکر معاوية و عقله، و يعجب بما يري منه، إذ جاء ذات ليلة، فأمسک عن العشاء، و رأيته مغتما فانتظرته ساعة، و ظننت أنه لامر حدث فينا، فقلت (يا أبة) ما لي أراک مغتما منذ الليلة؟ فقال: يا بني جئت من عند أکفر الناس، و أخبثهم قلت: و ما ذاک؟ قال: قلت له (أي لمعاوية) و قد خلوت به: إنک قد بلغت سنة يا أمير المؤمنين فلو أظهرت عدلا و بسطت خيرا فانک قد کبرت، و لو نظرت إلي إخوتک من بني هاشم، فوصلت أرحامهم فو الله ما عندهم اليوم شيء تخافه، و إن ذلک مما يبقي لک ذکره و ثوابه فقال: هيهات هيهات، أي ذکر أرجو بقاءه، ملک أخو تيم فعدل و فعل

[صفحه 165]

ما فعل، فما عدا أن هلک حتي هلک ذکره، إلا أن يقول قائل: أبو بکر ثم ملک أخو عدي، فاجتهد و شمر عشر سنين، فما عدا أن هلک حتي هلک ذکره، إلا أن يقول قائل: عمر، و إن ابن أبي کبشة ليصاح به کل يوم خمس مرات: أشهد أن محمدا رسول الله: فاي عمل يبقي، وأي ذکر يدوم بعد هذا لا أبا لک، لا و الله الا دفنا دفنا (ثم قال ابن أبي الحديد الشافعي): و أما أفعاله (أي أفعال معاوية) المجانبة للعدالة الظاهرة، من لبسه الحرير، و شربه في آنية الذهب و الفضة، حتي أنکر عليه أبو الدرداء فقال له: إني سمعت رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم يقول: إن الشارب فيهما ليجرجر في جوفه نار جهنم: فقال معاوية: أما أنا فلا أري بذلک بأسا، فقال أبو الدرداء: من عذيري من معاوية، أنا أخبره عن الرسول صلي الله عليه (و آله) و سلم و هو يخبرني عن رأيه، لا أساکنک بأرض أبدا (ثم قال ابن ابي الحديد): نقل هذا الخبر المحدثون و الفقهاء في کتبهم.

في باب الاحتجاج علي أن خبر الواحد معمول به في الشرع، و هذا الخبر يقدح في عدالته (أي عدالة معاوية) کما يقدح أيضا في عقيدته، لان من قال في مقابلة خبر قد روي عن رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم: أما أنا فلا أري به بأسا فيما حرمه رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم، ليس بصحيح العقيدة، و من المعلوم أيضا من حاله (أي من حال معاوية) استئثاره بمال الفئ، و ضربه من لا حد له، و إسقاطه الحد عمن يستحق اقامة الحد عليه، و حکمه برأيه في الرعية، و في دين الله، و استلحاقه زيادا و هو يعلم قول رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم: الولد للفراش و للعاهر الحجر، و قتله حجر بن عدي و أصحابه و لم يجب عليهم القتل

[صفحه 166]

و مهانته لابي ذر الغفاري رحمه الله جبهه و شتمه و أشخاصه ألي المدينة علي قتب بغير وطاء لانکاره عليه، و لعنه عليا و الحسن و الحسين و عبد الله بن عباس علي منابر الاسلام، و عهده بالخلافة إلي ابنه يزيد مع ظهور فسقه (أي فسه يزيد) و شربه المسکر جهارا، و لعبه بالنرد (القمار) و نومه بين القيان و المغنيات، و اصطباحه معهن، و لعبه بالطنبور بينهن، و تطريقه بني أمية للوثوب علي مقام رسول الله صلي عليه (و آله) و سلم و خلافته حتي افضت إلي يزيد بن عبد الملک و الوليد بن يزيد المفتضحين الفاسقين، صاحب حبابة و سلامة، و الآخر رامي المصحف بالسهام، و صاحب الاشعار في الزندقة و الالحاد، ثم قال ابن أبي الحديد الشافعي: و لا ريب أن الخوارج إنما بري أهل الدين و الحق منهم لانهم فارقوا عليا و برئوا منه، و ما عدا ذلک من عقائدهم نحو القول بتخليد الفاسق في النار، و القول بالخروج علي أمراء الجور، و غير ذلک من أقاويلهم فان أصحابنا (أي الشافعية من أهل السنة) يقولون بها، و يذهبون إليها فلم يبق ما بقتضي البراءة منهم إلا براءتهم من علي، و قد کان معاوية يلعنه علي رؤوس الاشهاد و علي المنابر في الجمع و الاعياد.

، في المدينة و مکة و في ساير مدن الاسلام، فقد شارک الخوارج في الامر المکروه منهم، و امتازوا عليه بإظهار الدين و التلزم بقوانين الشريعة و الاجتهاد في العبادة و إنکار المنکرات، و کانوا أحق بان نيصروا عليه من أن ينصر عليهم (انتهي کلام ابن ابي الحديد).

(قال المؤلف: و مما يمکن الاستدلال به علي علو مقام أبي طالب عليه السلام علاوة علي إيمانه و إسلامه قبل البعثة و بعد بعثة ابن اخيه محمد صلي الله عليه و آله ما روي من أفعال النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أقواله في حق عمه و شقيق ابيه أبي طالب عليهما السلام

[صفحه 167]

و ما روي من أفعال الصحابة الکرام من الاقوال و الافعال نثرا و شعرا في حقه عليه السلام و هي کثيرة نذکر بعضها و فيها الکفاية لمن طلب الحق و ترک التعصب الاعمي و أخذ بالانصاف و بما يقبله العقل السليم.


صفحه 165، 166، 167.