اخبر النبيّ أنّ عليّاً يقاتل علي تأويل القرآن











اخبر النبيّ أنّ عليّاً يقاتل علي تأويل القرآن



[أبو يعلي]: ثنا عثمان، ثنا جرير، عن الأعمش. (ح) و [ابن حبّان] و [ابن عساکر]: من طريق أبي يعلي، عن عثمان بن أبي شيبة، مثله. (ح) و [النسائي]: أنا إسحاق بن إبراهيم ومحمّد بن قدامة - واللفظ له - عن جرير، عن الأعمش. (ح) و [الحاکم]: أنا أبو جعفر محمّد بن عليّ الشيباني بالکوفة من أصل کتابه، ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، ثنا أبو غسّان، ثنا عبد السلام بن حرب، ثنا الأعمش. (ح) و [أيضاً]: أنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، نا أحمد بن عبد الجبار، نا أبو معاوية، عن الأعمش. (ح) و [البيهقي] و [البغوي]: من طريق الحاکم؛ عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله يقول: «إنّ منکم من يقاتل علي تأويل القرآن کما قاتلت علي تنزيله». فقال أبو بکر: أنا هو، يا رسول الله؟ قال: «لا». قال عمر: أنا هو، يا رسول الله؟ قال: «لا، ولکن خاصف النعل». قال: وکان أعطي عليّاً نعله يخصفها.

ولفظ النسائي: عن أبي سعيد الخدري، قال: کنّا جلوساً ننتظر رسول الله، فخرج إلينا قد انقطع شسع نعله فرمي به إلي عليّ، فقال: «إنّ منکم من يقاتل علي تأويل القرآن، کما قاتلت علي تنزيله». فقال أبو بکر: أنا؟ قال: «لا» قال عمر: أنا؟ قال: «لا، ولکن خاصف النعل».

ولفظ الحاکم في المستدرک: عن أبي سعيد، قال: کنّا مع رسول الله، فانقطعت نعله، فتخلّف عليّ يخصفها، فمشي قليلاً، ثمّ قال: «إنّ منکم من يقاتل علي تأويل القرآن کما قاتلت علي تنزيله». فاستشرف لها القوم، وفيهم أبو بکر وعمر، قال أبو بکر: أنا هو؟ قال: «لا» قال عمر: أنا هو؟ قال: «لا، ولکن خاصف النعل»، يعني عليّاً. فبشرناه، فلم يرفع به رأسه، کأنّه قد کان سمعه من رسول الله.

وأخرجه ابن عساکر من طُرق، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري. وأخرجه ابن عديّ من طريق الأعمش وسلمة بن تمام - أبي عبد الله الشقري - عن إسماعيل بن رجاء، به، ثمّ قال ابن عديّ: ولأبي عبد الله الشقري غير ما ذکرت قليل، وأرجو أنّه لا بأس به؛ فإنّ کلّ رواياته يحتمل علي ما روي. وذَکر عن يحيي بن معين: أنه ثقة، وعن أحمد والنسائي: ليس بقويّ.

ثمّ قال البيهقي: ورُوِيَ أيضاً عن عبد الملک بن أبي غنية، عن إسماعيل ابن رجاء. وقال البغوي: قال أبو عبد الله الحافظ: هذا إسناد صحيح، وقد احتجّ بمثله البخاري ومسلم.

وقال الحاکم بالنسبة لما في المستدرک: هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقرّه الذّهبي وابن حجر الهيتمي، وغيرهم من الأعلام المعاصرين. وأورده في الکنز واضعاً عليه رمز کلّ من أحمد بن حنبل في المسند، وأبي يعلي، والبيهقي في شعب الإيمان، والحاکم في المستدرک، وأبي نعيم في الحلية، وسعيد بن منصور. وأورده الهيثمي في المجمع، وقال: رواه أبو يعلي، ورجاله رجال الصحيح. وذکره الألباني في [الأحاديث الصحيحة]، وناقش الحاکمَ والذّهبي والهيثمي - حول کلامه الآتي - مناقشة لفظيّة، ثمّ قال: فالحديث صحيح، لا ريب فيه[1] .

أقول: إنّ هذا حديث صحيح، اتّفق الأعلام والمحقّقون علي تصحيحه، ولذا لم أر داعياً إلي التطويل وذکر جميع الألفاظ والأسانيد. ولم أقف علي من ضعّفه سوي ابن الجوزيّ، وفضحه القوم بذلک؛ فإنّه أخرجه من طريق النسائي في العلل، وقال: {قال الدارقطني: إسماعيل ضعيف. وقال ابن حبّان منکر الحديث، يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات}[2] .

فقال الذّهبي: تکلّم فيه ابن الجوزي من قِبَل إسماعيل، فأخطأ؛ هذا ثقة، وإنّما المضعَّف رجل صغير، روي عن موسي بن أعين، فهذا حديث جيّد السند[3] .

وقال الشيخ خليل الميس في تعليقه علي کلام ابن الجوزيّ: هذا من أوهام المؤلف؛ فإنّ الّذي قاله الدارقطني: ضعيف، وابن حبّان: منکر الحديث، فهو إسماعيل الحصني، کما في المجروحين[4] .

ثمّ إنّ مقابلة القتال علي تأويل القرآن بالقتال علي تنزيله، في کلام النبيّ تدلّ علي أنّ قتال عليّ کان لأجل بيان الهدف الحقيقي للقرآن وتطبيق حقيقة الوحي بين بني الإنسان، کما أنّ قتال النبيّ کان لأجل إبلاغ القرآن المنزل من الله إلي الناس، وتحکيمه فيما بينهم. فقتال عليّ کان بمثابة قتال النبيّ، فکما أنّ قتاله کان لإبلاغ الوحي، فکذلک قتال عليّ کان للدّفاع عن حقيقته. فالمقاتل في صفّ عليّ کالمقاتل في صفّ النبيّ، والمقاتل في صفّ أعدائه کالمقاتل في صف أعداء النبيّ. ويبدو أنّ البخاري ومسلم قد فهما مرمي الحديث، ولذا کتماه، مع صحّته وجودة طرقه.

[أحمد]: ثنا أبونعيم ووکيع وحسين بن محمّد - واللفظ له - نا فطر، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي، عن أبيه، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: کنّا جلوساً ننتظر رسول الله، فخرج علينا من بعض بيوت نسائه، قال: فقمنا معه، فانقطعت نعله، فتخلّف عليها عليّ يخصفها عنده، ومضي رسول الله، ومضينا معه، ثمّ قام ينتظره، وقمنا معه، فقال: «إنّ منکم من يقاتل علي تأويل القرآن کما قاتلت علي تنزيله». فاستشرفنا، وفينا أبو بکر وعمر، فقال: «لا، ولکنّه خاصف النعل». قال: فجئنا نبشّره، قال: وکأنّه قد سمعه.

وأخرجه ابن عساکر من طريق أحمد بن حنبل. وأخرجه القطيعي في زوائده، وأبو نعيم، عن فطر بن خليفة، عن إسماعيل بن رجاء، به. وأورده الهيثمي في المجمع، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير فطر بن خليفة، وهو ثقة. وصحّح شعيب الأرنؤوط وحسين سليم أسد وغيرُهُما من المحقّقين هذا السند أيضاً[5] .

[ابن أبي شيبة]: ثنا ابن أبي غنية، عن أبيه، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، قال: کنا مع رسول الله جلوساً في المسجد، فخرج رسول الله، فجلس إلينا، ولکأنّ علي رؤوسنا الطير؛ لا يتکلّم أحد منّا، فقال: «إنّ منکم رجلاً يقاتل الناس علي تأويل القرآن کما قوتلتم علي تنزيله». فقام أبو بکر، فقال: أنا هو يا رسول الله؟ قال: «لا». فقام عمر، فقال: أنا هو يا رسول الله؟ قال: «لا، ولکنّه خاصف النعل في الحجرة». قال: فخرج علينا عليّ، ومعه نعل رسول الله، يصلح منها.

و أخرجه ابن أخي تبوک في مناقبه من طريق خيثمة بن سليمان، عن عبد الملک بن أبي غنية، نحوه[6] .

[ابن عساکر]: أخبرناه أبو البرکات عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم المحتسب وأبو القاسم بن السمرقندي، قالا: أنا عبد الله بن الحسن الخلال، أنا أبو محمّد الحسن بن الحسين، نا عليّ بن عبد الله بن مبشر، نا محمّد ابن حرب، نا عليّ بن يزيد الصُّدَائي، عن فضيل بن مرزوق، عن عطيّة العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: انقطع شسع رسول الله، فتخلّف عليه عليّ يخصفها لشسع، فقال رسول الله: «إنّ منکم من يقاتل علي تأويل القرآن کما قاتلت علي تنزيله». فاستشرف الناس؛ أبو بکر وعمر، فقال: «ليس بهما، ولکن خاصف النعل». فذهبنا إلي عليّ، فبشّرناه بما قال، فلم يرفع بقولنا رأساً؛ کأنّه شيء قد سمعه[7] .

[ابن عساکر]: أنا أبو غالب بن البنا، أنا أبو محمّد الجوهري، أنا عليّ ابن محمّد بن أحمد بن لؤلؤ، نا محمّد بن أحمد الشطوي، نا محمّد بن يحيي بن ضُرَيْس، نا عيسي بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، ثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول الله: «إنّ منکم من يقاتل علي تأويل القرآن کما قاتلت علي تنزيله». فقال أبو بکر: أنا هو، يا رسول الله؟ قال: «لا، ولکنّه خاصف النعل». وفي يد عليّ نعل يخصفها[8] .

[ابن المغازلي]: أنا أحمد بن المظفّر العطّار، أنا عبد الله بن محمّد الحافظ، ثنا محمّد بن محمّد، ثنا موسي بن إسماعيل، ثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن أبي طالب، قال: قال رسول الله: «إنّ منکم من يقاتل علي تأويل القرآن کما قاتلت علي تنزيله، وهو علي بن أبي طالب»[9] .

[ابن المغازلي]: أنا محمّد بن أحمد بن عثمان، ثنا أبو الحسين محمّد ابن المظفّر بن موسي بن عيسي الحافظ، ثنا سعيد، ثنا علي بن أحمد بن مسعدة الورّاق، ثنا محمّد بن منصور الطوسي، ثنا موسي الهروي، ثنا يزيد ابن هارون، عن شعبة، عن منصور، عن ربعي، عن عليّ، قال: قال رسول الله: «إنّ منکم من يقاتل علي تأويل القرآن کما قاتلت علي تنزيله«. فقال أبو بکر: أنا؟ قال: «لا». قال عمر: فأنا؟ قال: «لا، ولکن خاصف النعل». يعني عليّاً[10] .

[ابن المغازلي]: بسنده المذکور في الفصل الأوّل عن أبي الطفيل: أنّ عليّاً قال لأصحاب الشوري: فأنشدکم بالله هل فيکم أحد قال له رسول الله: «إنّي قاتلت علي تنزيل القرآن، وتقاتل أنت علي تأويل القرآن»، غيري؟ قالوا: اللّهمّ، لا[11] .

[ابن عساکر]: أنا أبو القاسم يوسف بن عبد الواحد، أنا أبو منصور شجاع بن عليّ، أنا أبو عبد الله بن مندة، أنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عقبة بالکوفة ومحمّد بن سعيد الآبيوردي بمصر، قالا: نا محمّد بن عبد الله الحضرمي، نا جمهور بن منصور، نا سيف بن محمّد، عن السري بن إسماعيل، عن عامر الشعبي، عن عبد الرّحمن بن بشير، قال: کنّا جلوساً عند رسول الله، إذ قال: «ليضربنکم رجل علي تأويل القرآن کما ضربتکم علي تنزيله». فقال أبو بکر: أنا هو، يا رسول الله؟ قال: «لا». قال عمر: أنا هو، يا رسول الله؟ قال: «لا، ولکن صاحب النعل». قال: فانطلقنا، فإذا عليّ يخصف نعل رسول الله في حجرة عائشة، فبشّرناه[12] .









  1. السنن الکبري للنسائي: 5 / 154 ح: 8541، تاريخ دمشق: 42 / 452 - 455، مسند أبي يعلي: 2 / 341 - 342 ح: 1086، صحيح ابن حبّان: 15 / 385 ح: 6937، الإحسان: 9 / 46 ح: 6898، موارد الظمآن: 7 / 145 - 146 ح: 2207، الکامل لابن عديّ: 4 / 362 - 364 م: 787، شرح السنة للبغوي: 6 / 167 ح: 2557، المستدرک: 3 / 122 - 123، دلائل النبوة للبيهقي: 6 / 436، مجمع الزوائد: 5 / 186، کنز العمّال: 11 / 613 ح: 32967، الصواعق المحرقة: 189 ح: 19 ف 2، ينابيع المودة: 283 ب: 59، سلسلة الأحاديث الصحيحة: 5 / 639 - 640 ح: 2487، قوله (يخصفها) أي يخرزها.
  2. العلل المتناهية: 1 / 242 ح: 386.
  3. تلخيص العلل المتناهية: 81 ح: 185.
  4. راجع المجروحين لابن حبّان: 1 /130، الضعفاء والمتروکين للدارقطني: 138 م: 84.
  5. مسند أحمد: 17 / 390 - 391 ح: 11289 و 18 / 295 - 296 و 299 ح: 11773 و 11775، تاريخ دمشق: 42 / 453، حلية الأولياء: 1 / 67، فضائل الصحابة لأحمد: 2 / 627 ح: 1071، مجمع الزوائد: 9 / 133 - 134.
  6. المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 370 ح: 32073، المناقب: 438 ح: 23.
  7. تاريخ دمشق: 42 / 455.
  8. تاريخ دمشق: 42 / 451.
  9. مناقب أمير المؤمنين: 298 ح: 341.
  10. مناقب أمير المؤمنين: 54 - 55 ح: 78.
  11. المناقب: 112 - 118 ح: 155.
  12. تاريخ دمشق: 42 / 455.