ما روي عن غيرهما من الصحابة











ما روي عن غيرهما من الصحابة



[ابن حبّان]: ثنا نعمان بن هارون ببلد، ثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد المکتّب. (ح) و [ابن عديّ]: ثنا النعمان بن بکرون البلدي ومحمّد بن أحمد ابن المؤمّل وعبد الملک بن محمّد، قالوا: حدّثنا أحمد بن عبد الله أبو جعفر المکتّب. (ح) و [الحاکم]: ثني أبو بکر محمّد بن عليّ الفقيه الإمام الشاشي القفال ببخاري، ثنا النعمان بن هارون البلدي ببلد من أصل کتابه، ثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد الحرّاني. (ح) و [الخطيب]: ثنا يحيي بن عليّ الدسکري بحلوان، ثنا أبو بکر محمّد بن المقرئ بأصبهان، ثنا أبو الطيب محمّد بن عبد الصّمد الدّقّاق البغدادي، ثنا أحمد بن عبد الله أبو جعفر المکتّب. (ح) و [أيضاً]: أنا أبو طاهر عبد الغفّار بن محمّد بن جعفر المؤدّب، ثنا أبو الفتح محمّد بن الحسين بن أحمد الأزدي الحافظ، ثنا محمّد بن عبد الله الصيرفي وعليّ بن إبراهيم البلدي وجماعة، قالوا: حدّثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد المؤدّب أبو جعفر السامري. (ح) و [ابن المغازلي]: أنا الحسن بن أحمد بن موسي، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد ابن الصلت القرشي، ثنا عليّ بن محمّد المصري، ثنا محمّد بن عيسي بن شيبة البزّار، ثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد المؤدّب (ح) و [أيضاً]: أنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر بن أحمد العطّار الفقيه الشافعي رحمه الله - بقراءتي عليه، فأقرّ به - سنة أربع وثلاثين وأربعمائة؛ قلت له: أخبرکم أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان المزني الملقّب بابن السقّاء الحافظ الواسطي رحمه الله، ثنا عمر بن الحسن الصيرفي رحمه الله، ثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد، ثنا عبد الرزّاق، ثنا سفيان الثوري - مغ من طريق الحسن ابن أحمد: أنا معمّر - عن عبد الله بن عثمان بن خيثم، عن عبد الرّحمن بن بهمان - ک: وبعض نسخ المجروحين: بن عثمان - قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري، يقول: سمعت رسول الله يقول يوم الحديبيّة وهو آخذ بضبع - خط من طريق يحيي بن عليّ: بيد، مغ: أخذ النبيّ بعضد - عليّ بن أبي طالب: «هذا أمير البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله». ثمّ مدّ - حب: مدّ، خط: يمدّ - بها صوته، فقال: «أنا مدينة العلم وعليّ بابُها، فمن أراد العلم فليأت الباب».

وفي لفظ الخطيب: «فمن أراد البيت فليأت الباب».

وفي لفظ ابن حبّان: «فمن أراد الحکم فليأت الباب».

وأخرجه الديلمي، وابن عساکر في تاريخه من طريق ابن عديّ والخطيب. وأخرجه الحاکم بسنده المذکور في موضعين من مستدرکه، فذکر صدر الحديث في موضع، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وذکر ذيله في موضع آخر متصدّراً بقوله: ولهذا الحديث شاهد من حديث سفيان الثوري بإسناد صحيح، ثمّ ذکر الحديث[1] .

وتعقّبه الذّهبي؛ فقال في الموضع الأوّل: بل والله موضوع، وأحمد کذّاب فما أجهلک علي سعة معرفتک! وقال في الموضع الثاني: العجب من الحاکم وجرأته في تصحيح هذا وأمثاله؛ من البواطل، وأحمد هذا دجّال کذّاب.

هکذا يفقد الذهبي شعوره عند وقوفه علي مناقب أهل البيت؛ فيحلف علي ما لا يعلم من دون تورّع في الدّين، ويحکم بالجور علي من لا يعرفه من دون خوف من الله.

فلو وقف المرء علي أمثال هذه الکلمات من الذّهبي لتصوّر في نفسه بأنّه لا يمکن أن يقضي عالم متديّن بهذا الحکم القاطع علي مسلم، إلاّ بعد وقوفه منه علي أُمور کان يناقض فيها الإسلام والقرآن، وکان عالماً عامداً حين ارتکاب ذلک. أو بعد علمه القطعي بصداقته لأعداء الدّين، ومصاحبته للشياطين.

نعم، الحاکم بهذا الحکم هو الذّهبي، الّذي ليس لديه ذنب أعظم من الرواية في فضل عليّ؛ فيحکم علي راويه بذلک، وإن کان بينه وبين الذّهبي فاصلاً زمانيّاً أکثر من خمسمائة وخمس وسبعين سنة.

تعال معي نلاحظ ما کتبه الذّهبي حول هذا المسکين في کتبه الأخري، لکي نقف علي المنشأ الأصليّ لحکمه عليه بذلک الحکم الشديد.

قال في الميزان: {أحمد بن عبد الله بن يزيد الهيثمي المؤدب أبو جعفر، عن عبد الرزّاق، قال ابن عديّ: کان بسامرّاء يضع الحديث، أخبرنا جماعة، قالوا: أخبرنا أحمد، أنبأنا عبد الرزّاق، عن سفيان، عن ابن خيثم، عن عبد الرّحمن بن بهمان، عن جابر مرفوعاً: «هذا أمير البررة وقاتل الفجرة، أنا مدينة العلم وعليّ بابُها».

وحدّث عن أبي معاوية الضرير وإسماعيل بن أبان الغنوي، قال ابن مخلّد: مات سنة إحدي و سبعين ومائتين}.

وقال في المغني: کذّاب، قال ابن عديّ: يضع الحديث[2] .

فأنت تلاحظ أنّ مستمسک الذّهبي هو تقليد ابن عديّ، فابن عديّ هو الّذي جعله في حالة يصدر منه ذلک الحکم القطعي وتلک الکلمات البذيئة تجاه واحد من أهل القبلة.

وقد يتصوّر الواقف علي کلام ابن عديّ بأنّ أحمد هذا کان من بين الّذين يصاحبون ابن عديّ ويجالسونه، فعاينه وهو يضع الحديث، فشهد عليه بذلک القول الخطير، والحال أنّ بينه وبين ابن عديّ فاصلاً زمانيّاً قريباً من مائة سنة. ولم يبيّن علّة اتّهامه بالوضع سوي مرويّاته المخالفة لما في نفس ابن عديّ.

وکذلک الحال بالنسبة لغير ابن عديّ ممّن جرحوه؛ فقال ابن الجوزي: قال الدارقطني: ضعيف[3] .

فاستند ابن الجوزي في الحکم بوضع الحديث علي قول الدارقطني، الّذي کان بينه وبين هذا الراوي أکثر من مائة وعشر سنوات، فأدرجه في [الضعفاء والمتروکين] من دون بيان دليل وذکر علّة لحکمه.

ومثلهما ابن حبّان أيضاً، الّذي کان بينه وبين أحمد هذا أکثر من ثمانين سنة؛ حيث أورده في [المجروحين]، ولم يأت بعلّة في جرحه سوي القول: يروي عن عبد الرزّاق والثقات الأوابد والطامات[4] .

فاتّضح أنّه لم يکن سبب لضعف هذا الراوي، إلاّ رواياته في فضائل أهل البيت، المسمّاة بالمناکير عند ابن حبّان وابن عديّ والذهبيّ.

وأمّا لماذا کانت رواياته ضعيفة؟ فهل أنّ ضعف الراوي مترشّح من رواياته؟ أما أنا فلا أدري أيّهما أسبق في الضعف؛ فهل أنّ ضعف الرّاوي متقدّم علي ضعف الحديث، أو بالعکس؟ أو أخذ کلّ واحد منهما ضعفه من الآخر؟

ولعلّ هذا الحديث أهمّ ما اتّهموه به، وجعلوه في بوتقة المتروکين؛ فقـد قـال الـخطيب: ولـم يروه عـن عبد الرزّاق غير أحمد بن عبد الله هذا، وهو أنکر ما حفظ عليه، والله أعلم[5] .

وقال الغماري - معلّقاً علي کلام الخطيب المذکور -: { وليس کما قال الخطيب، بل تابعه أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيي، عن عبد الرزّاق، کما ذکره ابن عديّ وابن الجوزي.

ثمّ إنّه لا نکارة في تفرّد أبي جعفر السامري عن عبد الرزّاق بمثل هذا الحديث؛ فإنّ عبد الرزّاق کان يعلم أنّ من حدّث بفضائل عليّ بن أبي طالب يجرح ويبدع، بل يُتّهم ويکذب، فکان لا يحدّث بها إلاّ أهلها. وقد قال في حقّه الذهبي: إنّه کان يعرف الأمور، فلا يتجاسر أن يحدّث بها. سامح الله الذهبي يسمّي التحديث بفضائل عليّ جسارة!

کما أنّه وجد لأبي الأزهر - الّذي اتّهمه الذّهبي بحديث في فضل عليّ أيضاً - متابع عليه، کذلک وجد لأبي جعفر السامري؛ فقد أخرج الحافظ أبو الحسن بن شاذان في خصائص عليّ، قال: ثنا أبو بکر محمّد بن إبراهيم بن فيروز الأنماطي، ثنا الحسين بن عبد الله التميمي، ثنا حبيب بن النعمان، ثني جعفر بن محمّد، ثني أبي، عن جدّي، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله: «أنا مدينة الحکمة وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأت إلي بابها». انتهي کلامه[6] .

[الدارقطني]: ثنا محمّد بن إبراهيم بن نيروز، ثنا الحسين، ثنا حبيب - وهو ابن النعمان - قال: أتيت المدينة لأُجاور بها، فسألت عن خير أهلها، فأشاروا إلي جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، قال: فأتيته، فسلّمت عليه، فقال: أنت الأعرابي الّذي سمعت من أنس بن مالک خمسة عشر حديثاً؟ قال: قلت: نعم، قال: فأملها عليّ، قال: فأمليت علي ابنه وهو يسمع، فقلت له: ألا تحدّثني عن جدّک بحديث أخبرک به أبوک؟ قال: يا أعرابي، تريد أن يبغضک الناس، وينسبونک إلي الرفض؟ قال: قلت: لا، قال:...

وحدّثني أبي، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله: «أنا مدينة الحکم - أو الحکمة - وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأت بابها».

وأخرجه الخطيب في [تلخيص المتشابه] وابن عساکر في التاريخ من طريق الدارقطني. وأورده السيوطي في [اللآلي المصنوعة] عن الحافظ أبي الحسن بن شاذان[7] .

وقال الغماري: { إنّ هذه المخارج الثلاثة قد حکم بصحّة کلّ منها علي انفراده، کما رأيت. والحفّاظ إذا وجدوا حديثاً من هذا القبيل جزموا بارتقائه إلي درجة الصحيح، وکثير ما يجزم المتأخّرون - کابن کثير والعلائي والعراقي والحافظ وتلميذه السخاوي - بذلک، وقد سلک الحافظ السيوطي هذا المسلک بالنسبة لهذا الحديث، فقال في الجامع الکبير: قد کنت أُجيب دهراً عن هذا الحديث بأنّه حسن، إلي أن وقفت علي تصحيح ابن جرير لحديث عليّ في تهذيب الآثار، مع تصحيح الحاکم لحديث ابن عبّاس، فاستخرت الله تعالي، وجزمت بارتقاء الحديث من مرتبة الحسن إلي مرتبة الصحّة}[8] .

[الحسکاني]: أنا أيضا أبو جعفر، عن محمّد بن عليّ العلوي، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن عليّ الکوفي، عن محمّد بن سنان، عن المفضل، عن جابر بن يزيد، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله: «إنّ الله جعل عليّاً وزوجته وأبناءه حجج الله علي خلقه، وهم أبواب العلم في أُمّتي، من اهتدي بهم هدي إلي صراط مستقيم»[9] .

[الديلمي]: نا أبي، نا الميداني، نا أبو محمّد الحلاج، نا الفضل بن محمّد بن عبد الله، ثنا أحمد بن عبيد الثقفي، ثنا محمّد بن عليّ بن خلف العطّار، ثنا موسي بن جعفر بن إبراهيم بن محمّد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ثنا عبد المهين بن العبّاس، عن أبيه، عن جدّه سهل ابن سعد، عن أبي ذرّ، قال: قال رسول الله: «عليّ باب علمي، ومبيّن لاُمّتي ما أُرسلت به من بعدي، حبّه إيمان وبغضه نفاق، والنظر إليه رأفة»[10] .

[الخوارزمي]: عن عمرو بن العاص - ضمن قصّة - عن النبيّ: «أنا مدينة العلم وعليّ بابُها»[11] .

[ابن عساکر]: عن أنس: «أنا مدينة العلم وأبو بکر وعمر وعثمان سورها وعليّ بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب».

قال ابن عساکر: منکر جدّاً إسناداً ومتناً[12] .

[الديلمي]: عن أنس: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها ومعاوية حلقتها..».

[الديلمي]: عن ابن مسعود: «أنا مدينة العلم وأبو بکر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعليّ بابها، لا تقولوا في أبي بکر وعمر وعثمان وعليّ إلاّ خيراً»[13] .

وتدلّ هذه الرّوايات الثلاث الأخيرة علي أنّ حديث «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» کان مشهوراً ومعروفاً في الصدر الأوّل، ولأجل المقابلة بالمثل اخترعوا مدينة ذات سقف، وباباً ذا حلقة غير ملائمة به، واختلطوا السور بالأساس والحيطان والسقف.

قال ابن حجر الهيتمي: {أخرج البزّار والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله، والطبراني والحاکم والعقيلي وابن عديّ عن ابن عمر، والترمذي والحاکم عن عليّ، قال: قال رسول الله: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها». وفي رواية: «فمن أراد العلم فليأت الباب». وفي أخري عند الترمذي: «أنا دار الحکمة وعليّ بابها». وفي أخري عند ابن عديّ: «عليّ باب علمي»[14] .









  1. المستدرک علي الصحيحين: 3 / 128 و 129، کنز العمّال: 11 / 600 و 602 ح: 32890 و 32909، فردوس الاخبار: 1 / 76 ح: 109، تاريخ دمشق: 42 / 382 - 383، تاريخ بغداد: 2 / 377 م: 887 وفي طبع: 3 / 181 م: 1203 و 4 / 441 - 442 م: 2231، مناقب عليّلابن المغازلي: 80 و 84 ح: 120 و 125، الکامل لابن عديّ: 1 / 316 م: 32، المجروحين لابن حبّان: 1 / 152 - 153، اللآلي المصنوعة: 1 / 303، الموضوعات لابن الجوزي: 1 / 350، الجامع الصغير: 1 / 161 ح: 2705 وفي طبع دمشق: 1 / 314 ح: 2720، فتح الملک العليّ: 25.
  2. ميزان الاعتدال: 1 / 109 - 110 م: 429، لسان الميزان: 1 / 297 - 298 م: 627، المغني في الضعفاء: 1 / 73 م: 327، الکامل لابن عديّ: 1 / 316 - 317 م: 32.
  3. الضعفاء والمتروکون للدارقطني: 128 م: 68، الضعفاء والمتروکين لابن الجوزي: 1 / 77 م: 203.
  4. المجروحين: 1 / 152.
  5. تاريخ بغداد: 4 / 442 م: 2231.
  6. فتح الملک العليّ: 25 - 26.
  7. المؤتلف والمختلف: 2 / 624 - 625 في ترجمة حبيب بن نعمان، تلخيص المتشابه: 1 / 161 - 162 م: 251، تاريخ دمشق: 42 / 382، اللآلي المصنوعة: 1 / 307.
  8. فتح الملک العليّ: 27.
  9. شواهد التنزيل: 1 / 58 ح: 89.
  10. اللآلي المصنوعة: 1 / 307.
  11. المناقب: 200 ح: 240.
  12. اللآلي المصنوعة: 1 / 307 - 308.
  13. فردوس الاخبار: 1 / 76 و 77 ح: 108 و 111.
  14. الصواعق المحرقة: 188- 189 ح: 9 ف 2، ينابيع المودة: 282 ب 59.