نظرة التنقيب في الحديث











نظرة التنقيب في الحديث



کثرت القالة حول أحاديث الشيعة من رماة القول علي عواهنه، وکل منهم إختار معاثا، ويلوک بين شدقيه مغمزة، فتري هذا يزعمها رقاعا مزورة تعزي إلي الامام الغائب[1] وآخر يحسبها أکاذيب موضوعة علي الامامين الباقر والصادق[2] لا هذا يبالي بمغبة فريته، ولا ذاک يکترث لکشف سوئته، وفي مؤخر القوم کيذبان أشوس شدد النکير عليها، وبالغ في اللغوب، وتلمخ بالعجب العجاب، ألا وهو: عبدالله القصيمي قال في «الصراع»[3] ج 1 ص 85:

ألکذابة حقا کثيرة في رجال الشيعة وأصحاب الاهواء طمعا في الدنيا وتزلفا إلي أصحابها أو کيدا للحديث والسنة وحنقا علي أهلها، ولکن علماء السنة کشفوا ذلک وأبانوه أتم البيان (إلي أن قال): وليس في رجال الحديث من أهل السنة من هو متهم بالوضع والکذابة طمعا في الدنيا، وازدلافا إلي أهلها، وانتصارا للاهواء والعقائد المدخولة الباطلة. نعم: قد يوجد بينهم من ساء حفظه أو من کثر نسيانه أو من انخدع بالمدلسين الضعفاء، ولکن رجال التراجم والجرح والتعديل قد بينوا هذا النوع کله.

ج- لعل الباحث يحسب لهذه الدعاوي المجردة الفارغة مسة من الصدق أو لمسة من الحق، ذاهلا عن أن الغالب علي الاقلام المستأجرة اليوم هو الافک وقول الزور،وأن مدار رقي الامم في وجه البسيطة وتقدمها علي الکذب والشطط، و محور سياسة الدنيا في جهاتها الست هو الهث والدجل والتمويه، وأن کثيرا من الدعايات في المبادئ والآراء والمعتقدات تحکمات محضة، وتقولات لا طائل تحتها ملفوفة بأفانين الخب والخدع، وهناک فئات مبثوثة في الملا کلها لا تتأتي مآربهم

[صفحه 209]

من زبرج الدنيا إلا بزخرف القول وکذب الحديث، وتعمية الاميين من الناس، و سوقهم إلي معاسيف السبل ومعاميها، ولو لا تهديد المولي سبحانه عباده بقوله: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد «ق 50». ولولا الانذار النازل في کتاب الله علي کل کذاب أفاک أثيم لما کان يسع لاحد من هؤلاء الکذابين الدجالين أن يکذب أکثر مما کذب، أو يأتي بأمر لم يأت به، فکل منهم أکذب من خرافة وحجينة، فيهمنا عندئذ إيقاف القارئ علي حقيقة الامر، وإماطة الستر عن سر ما ادعاه الرجل في رجال الحديث من قومه من أنهم لا يوجد فيهم متهم بالوضع والکذابة. الخ. فنذکر امة ممن عرفوا بالوضع والکذب فضلا عمن اتهم بهما منهم، ونقدم بين يدي الباحث نبذة من الموضوعات التي لم توضع إلا طمعا في الدنيا، وازدلافا إلي أهلها، أو انتصارا للاهواء والعقائد المدخولة الباطلة، ونلمسه باليد حساب ما وضعته تلکم الايدي الاثيمة الخائنة علي قدس صاحب الرسالة وسنته، فتتضح عنده جلية الحال وله فصل الخطاب إن لم يتبع الهوي فيضل عن سبيل الله.


صفحه 209.








  1. راجع الجزء الثالث من کتابنا ص 277 -285.
  2. يجده الباحث في غير واحد من کتب القوم سلفا وخلفا.
  3. مر بحمل القول حول هذا الکتاب في الجزء الثالث ص 309 -288.