منتهي القول في زيارة القبور
[صفحه 206] وأنت أيها القارئ الکريم إذا أعرت لما تلوناه عليک اذنا واعية، فهل تجد لما يصفه إبن تيمية ومن يرقص لماله من مکاء وتصدية (نظراء القصيمي) مقيلا من الصدق؟ فهل کان المسلمون الاولون يرون ما يأتون به من الاعمال في مشاهد الموتي کفرية ثم يتقربون به إلي الله تعالي؟ حاشا لانتهم فرق المسلمين عامة بمثل هذه الفرية الشائنة. وهل تجد شيئا من هاتيک الاعمال مختصا بالشيعة فحسب؟ لاها الله. وهل الاعمال التي تأتي بها الشيعة عند القبور- وقد زعم الرجل انها کاشفة عن الغلو والتأليه لعلي وولده- غير ما يأتي به أهل السنة وفي مقدمهم أئمتهم عند تلکم المزارات من لدن عصر الصحابة حتي اليوم من سرد ألفاظ زيارة جامعة لفضايل المزور، ومن الدعاء عند قبره، والصلاة لديه، وختم القرآن عنده وإهداءه إليه، والتوسل والاستشفاع به، وطلب قضاء الحاجة من الله تعالي بوسيلته والتبرک به بالتزام أو تمريغ أو تقبيل، وتعظيمه بکل ما اقتضته حرمته واستوجبه خطره فلو صحت أحلام إبن تيمية وتابعيه وتکون هذه الاعمال بدعة وضلالا وغلوا وتألها، وفاعلها خارجا عن ربقة الاسلام لم يبق عندئذ معتنق بالاسلام منذ يومه الاول إلا إبن تيمية ومن لف لفه. فحقيق علي القارئ الآن أن يقف علي کلمة «القصيمي» الاخري ويکون علي بصيرة من أن الشيعة ليس بينها وبين المذاهب الاربعة قط اختلاف في هذه المواضع الهامة وإنما هي مما تسالمت عليه الامة الاسلامية جمعاء، غير أن کتاب الهواهي هاج هائجهم علي الشيعة فأججوا عليهم نيران الاحن والشحناء، وجاؤا يقطعون کلمة التوحيد بأقلام مسمومة، ويشقون عصا المسلمين، ويلقون الخلاف بينهم. أولئک الذين طبع الله علي قلوبهم واتبعوا أهوائهم. ذکر في الصراع ج 2 ص 648 قول العلامة الامين من قصيدة له: لابدع أن کان الدعاء إليه فيها ثم قال: هذا القول عند جميع المسلمين علي اختلاف مذاهبهم ونحلهم من أقوال الردة والکفر الواضح ونعوذ بالله من الخذلان. وقبل هذا البيت: وکذا الصلاة لدي القبور تبرکا إن الائمة من سلالة هاشم [صفحه 207] قالوا: الصلاة لدي محل قبورنا عنهم روته لنا الثقات فبالهدي شرف المکان بذي المکان محقق خير عبادة ربنا في مثله وکذلکم طلب الحوائج عندها برکاتها ترجي لداع انها لابدع إن کان الدعاء إليه فقال: والقصيدة أغلبها من هذا النوع الفاحش المناقض لدين الاسلام ولغيره من أديان الله. اه د. وعد القول بالشفاء وإجابة الدعاء عند قبر الحسين السبط عليه السلام من آفات الشيعة في ج 2 ص 21. کبرت کلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا کذبا (ألکهف 5) [صفحه 208]
هذا قليل من کثير مما تداول بين أجيال المسلمين منذ عهدهم المتقادم من لدن عهد الصحابة الاولين والتابعين لهم بإحسان ثم في أدوارهم المتتابعة من زيارة قبر نبيهم الاعظم صلي الله عليه وآله وسلم ومراقد الائمة والاولياء والصالحين والعلماء وشد الرحال إليها، والتوسل والاستشفاع بها، وفي الزايرين علماء أعلام وأئمة يقتدي بهم في کل من المذاهب، علي ان نقلة هذه الاقاويل علماء وقادة ارتضوا تلکم الاعمال بنقلهم لها في مقام فضيلة المقبورين وأرباب هاتيک المشاهد، فعلي ذلک وقع التسالم بين فرق المسلمين في قرونهم المتطاولة، وذلک ينبئ عن الاجماع المتحقق بين طبقات الامة الاسلامية علي استحسان ذلک کله وکونه سنة متبعة.
صاعدا وبغيرها لم يصعد
بذوي القبور فليس بالصنع الردي
ثقل النبي وقدوة للمقتدي
في الفضل تعدل مثلها في المسجد
عنهم إذا شئت الهداية فاقتد
وأخو الحجا في ذاک لم يتردد
من غيره فإليه فاعمد واقصد
من ربنا أرجي لنيل المقصد
برکات شخص في الضريح موسد
الخ...
صفحه 206، 207، 208.