كلمات أعلام المذاهب الاربعة حول زيارة النبي الأقدس











کلمات أعلام المذاهب الاربعة حول زيارة النبي الأقدس



حول زيارة النبي الاقدس صلي الله عليه وآله وهي أربعون کلمة

1- قال أبوعبدالله الحسين بن الحسن الحليمي الجرجاني الشافعي المتوفي 403، في کتابه (المنهاج في شعب الايمان) بعد ذکر جملة من تعظيم النبي: فأما اليوم فمن تعظيمه زيارته.

2- قال أبوالحسن أحمد بن محمد المحاملي الشافعي المتوفي 425، في «التجريد»: ويستحب للحاج إذا فرغ من مکة أن يزور قبر النبي صلي الله عليه وسلم.

3- قال القاضي أبوالطيب طاهر بن عبدالله الطبري المتوفي 450: ويستحب أن يزور النبي صلي الله عليه وسلم بعد أن يحج ويعتمر.

4- قال أقضي القضاة أبوالحسن الماوردي المتوفي 450، في «الاحکام السطانية»ص 105: فإذا عاد (ولي الحاج) سار بهم علي طريق المدينة لزيارة قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم ليجمع لهم بين حج بيت الله عزوجل وزيارة قبر رسول الله رعاية لحرمته وقياما بحقوق طاعته، وذلک وإن لم يکن من فروض الحج فهو من مندوبات الشرع المستحبة، وعبادات الحجيج المستحسنة.

وقال في الحاوي: أما زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم فمأمور بها ومندوب إليها.

5- حکي عبدالحق بن محمد الصقيلي المتوفي 466، في کتابه (تهذيب الطالب) عن الشيخ أبي عمران المالکي انه قال: إنما کره مالک أن يقال: زرنا قبر النبي صلي الله عليه وسلم لان الزيارة من شاء فعلها ومن شاء ترکها، وزيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم واجبة. قال عبدالحق: يعني من السنن الواجبة (في «المدخل» 1 ص 256) يريد وجوب السنن المؤکدة

6- قال أبوإسحاق إبراهيم بن محمد الشيرازي الفقيه الشافعي المتوفي 476، في «المهذب»: ويستحب زيارة قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم.

7- قال أبوالخطاب محفوظ بن أحمد الکلوداني الفقيه البغدادي الحنبلي المتوفي

[صفحه 110]

510 في کتاب «الهداية»: وإذا فرغ من الحج استحب له زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وقبر صاحبيه.

8- قال القاضي عياض المالکي المتوفي 544، في «الشفاء»: وزيارة قبره صلي الله عليه وسلم سنة مجمع عليها، وفضيلة مرغب فيها. ثم ذکر عدة من أحاديث الباب فقال: قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه: ومما لم يزل من شأن من حج المزور[1] بالمدينة والقصد إلي الصلاة في مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم والتبرک برؤية روضته ومنبره وقبره ومجلسه وملامس يديه ومواطن قدميه والعمود الذي استند إليه ومنزل جبريل بالوحي فيه عليه، ومن عمره وقصده من الصحابة وأئمة المسلمين، والاعتبار بذلک کله.

9- قال ابن هبيرة المتوفي 560، في کتاب «إتفاق الائمة»: إتفق مالک و الشافعي وأبوحنيفة وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالي علي أن زيارة النبي صلي الله عليه وآله وسلم مستحبة «ألمدخل» لابن الحاج 1 ص 256.

10- عقد الحافظ إبن الجوزي الحنبلي المتوفي 597 في کتابه «مثير الغرام الساکن إلي أشرف الاماکن» بابا في زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله وذکر حديثي إبن عمر وأنس المذکورين في أحاديث الباب.

11- قال أبومحمد عبدالکريم بن عطاء الله المالکي المتوفي 612 في مناسکه: فصل: إذا کمل لک حجک وعمرتک علي الوجه المشروع لم يبق بعد ذلک إلا إتيان مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم للسلام علي النبي صلي الله عليه وسلم، والدعاء عنده والسلام علي صاحبيه والوصول إلي البقيع وزيارة ما فيه من قبور الصحابة والتابعين والصلاة في مسجد الرسول فلا ينبغي للقادر علي ذلک ترکه.

12- قال أبوعبدالله محمد بن عبدالله بن الحسين السامري الحنبلي المعروف بابن أبي سنينة المتوفي 616 في کتاب «المستوعب»: باب زيارة قبر الرسول صلي الله عليه وسلم. وإذا قدم مدينة الرسول عليه السلام استحب له أن يغتسل لدخولها. ثم ذکر أدب الزيارة وکيفيةالسلام والدعاء والوداع.

13- قال الشيخ موفق الدين عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي الحنبلي المتوفي

[صفحه 111]

620 في کتابه ألمغني:[2] فصل: يستحب زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم ثم ذکر حديثي إبن عمر وأبي هريرة من طريق الدارقطني وأحمد.

14- قال محيي الدين النووي الشافعي المتوفي حدود 677 في «المنهاج» المطبوع بهامش شرحه المغني 1 ص 494: ويسن شرب ماء زمزم وزيارة قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد فراغ الحج.

15- قال نجم الدين إبن حمدان الحنبلي المتوفي 695 في «الرعاية الکبري» في الفروع الحنبلية: ويسن لمن فرغ عن نسکه زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما، وله ذلک بعد فراغ حجه وإن شاء قبل فراغه.

16- قال القاضي الحسين: إذا فرغ من الحج فالسنة أن يقف بالملتزم ويدعو، ثم يشرب من ماء زمزم، ثم يأتي المدينة ويزور قبر النبي صلي الله عليه وسلم( ألشفاء)

17- قال القاضي أبوالعباس أحمد السروجي الحنفي المتوفي 710، في «الغاية» إذا انصرف الحاج والمعتمرون من مکة فليتوجهوا إلي طيبة مدينة رسول الله صلي الله عليه وآله و زيارة قبره فإنها من أنجح المساعي.

18- قال الامام القدوة إبن الحاج محمد بن محمد العبدري القيرواني المالکي المتوفي 737 في (المدخل) في فضل زيارة القبور ج 1 ص 257: واما عظيم جناب الانبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فيأتي إليهم الزائر، ويتعين عليه قصدهم من الاماکن البعيدة، فإذا جاء إليهم فليتصف بالذل والانکسار والمسکنة والفقر والفاقة والحاجة والاضطرار والخضوع، ويحضر قلبه وخاطره إليهم وإلي مشاهدتهم بعين قلبه لا بعين بصره لانهم لا يبلون ولا يتغيرون، ثم يثني علي الله تعالي بما هو أهله، ثم يصلي ويترضي علي أصحابهم، ثم يترحم علي التابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين، ثم يتوسل إلي الله تعالي بهم في قضاء مآربه ومغفرة ذنوبه، ويستغيث بهم، ويطلب حوائجه منهم، ويجزم بالاجابة ببرکتهم ويقوي حسن ظنه في ذلک، فإنهم باب الله المفتوح، وجرت سنته سبحانه وتعالي بقضاء الحوائج علي أيديهم وبسببهم، ومن عجز عن الوصول فليرسل بالسلام عليهم، ويذکر

[صفحه 112]

ما يحتاج إليه من حوائجه ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه إلي غير ذلک، فإنهم السادة الکرام، والکرام لا يردون من سألهم ولا من توسل بهم ولا من قصدهم ولا من لجأ إليهم. هذا الکلام في زيارة الانبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام عموما. ثم قال:

فصل: وأما في زيارة سيد الاولين والآخرين صلوات الله عليه وسلامه فکل ما ذکر يزيد عليه أضعافه أعني في الانکسار والذل والمسکنة، لانه الشافع المشفع الذي لا ترد شفاعته، ولا يخيب من قصده، ولا من نزل بساحته، ولا من استعان أو استغاث به، إذ أنه عليه الصلاة والسلام قطب دائرة الکمال وعروس المملکة إلي أن قال:

فمن توسل به، أو إستغاث به، أو طلب حوائجه منه، فلا يرد ولا يخيب لما شهدت به المعاينة والآثار، ويحتاج إلي الادب الکلي في زيارته عليه الصلاة والسلام، وقد قال علماؤنا رحمة الله عليهم: إن الزائر يشعر نفسه بأنه واقف بين يديه عليه الصلاة والسلام کما هو في حياته، إذ لا فرق بين موته وحياته- أعني في مشاهدته لامته ومعرفته بأحوالهم ونياتهم وعزائمهم وخواطرهم، ذلک عنده جلي لا خفاء فيه- إلي أن قال:

فالتوسل به عليه الصلاة والسلام هو محل حط أحمال الاوزار، وأثقال الذنوب والخطايا، لان برکة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب إذ أنها أعظم من الجميع، فليستبشر من زاره، وليلجأ إلي الله تعالي بشفاعة نبيه عليه الصلاة والسلام من لم يزره، أللهم لا تحرمنا من شفاعته بحرمته عندک آمين رب العالمين، ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم، ألم يسمع قول الله عزوجل: ولو انهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤک فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول. الآية؟ فمن جاءه ووقف ببابه وتوسل به وجد الله توابا رحيما، لان الله منزه عن خلف الميعاد وقد وعد سبحانه وتعالي بالتوية لمن جاءه ووقف ببابه وسأله واستغفر ربه، فهذا لا يشک فيه ولا يرتاب إلا جاحد للدين معاند لله ولرسوله صلي الله عليه وسلم، نعوذ بالله من الحرمان.

19- ألف الشيخ تقي الدين السبکي الشافعي المتوفي 756 کتابا حافلا في زيارة النبي الاعظم في 187 صحيفة وأسماه (شفاء السقام في زيارة خير الانام) ردا علي ابن تيمية. وذکر کثيرا من أحاديث الباب، ثم جعل بابا في نصوص العلماء من المذاهب الاربعة علي استحبابها وان ذلک مجمع عليه بين المسلمين، وقال في ص 48: لا حاجة إلي تتبع کلام

[صفحه 113]

الاصحاب في ذلک مع العلم باجماعهم وإجماع ساير العلماء عليه والحنفية قالوا:إن زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم من أفضل المندوبات والمستحبات، بل يقرب من درجة الواجبات، وممن صرح بذلک أبومنصور محمد بن مکرم الکرماني في مناسکه، وعبدالله بن محمود ابن بلدحي في شرح المختار، وفي فتاوي أبي الليث السمرقندي في باب أداء الحج.

وقال في ص 59: کيف يتخيل في أحد من السلف منعهم من زيارة المصطفي صلي الله عليه وسلم وهم مجمعون علي زيارة سائر الموتي وسنذکر ذلک وما ورد من الاحاديث والآثار في زيارتهم، وحکي في ص 61 عن القاضي عياض وأبي زکريا النووي إجماع العلماء والمسلمين علي استحباب الزيارة. وقال ص 63: وإذا استحب زيارة قبر غيره صلي الله عليه وسلم فقبره أولي لما له م دن الحق ووجوب التعظيم فإن قلت: ألفرق (يعني بين زيارة قبر النبي وغيره) ان غيره يزدللاستغفار له لاحتياجه إلي ذلک کما فعل النبي صلي الله عليه وسلم في زيارته أهل البقيع، والنبي صلي الله عليه وسلم مستغن عن ذلک. قلت: زيارته صلي الله عليه وسلم إنما هي لتعظيمه والتبرک به، ولتنالنا الرحمه بصلاتنا وسلامنا عليه، کما أنا مأمورون بالصلاة عليه والتسليم وسؤال الوسيلة وغير ذلک مما يعلم أنه حاصل له صلي الله عليه وسلم بغير سؤالنا، ولکن النبي صلي الله عليه وسلم أرشدنا إلي ذلک لنکون بدعائنا له متعرضين للرحمة التي رتبها الله علي ذلک.

فإن قلت: ألفرق أيضا ان غيره لا يخشي فيه محذور وقبره صلي الله عليه وسلم يخشي الافراط في تعظيمه أن يعبد. قلت: هذا کلام تقشعر منه الجلود ولو لا خشية اغترار الجهال به لما ذکرته، فإن فيه ترکا لما دلت عليه الادلة الشرعية بالآراء الفاسدة الخيالية، وکيف تقدم علي تخصيص قوله صلي الله عليه وسلم: زوروا القبور؟ وعلي ترک قوله: من زار قبري وجبت له شفاعتي؟ وعلي مخالفة إجماع السلف والخلف بمثل هذا الخيال الذي لم يشهد به کتاب ولا سنة؟ بخلاف النهي عن اتخاذه مسجدا، وکون الصحابة احترزوا عن ذلک المعني المذکور لان ذلک قد ورد النهي فيه وليس لنا أن نشرع أحکاما من قبلنا، أم لهم شرکاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله؟ فمن منع زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم فقد شرع من الدين والتعظيم والوقوف عند الحد الذي لا يجوز مجاوزته بالادلة الشرعية، وبذلک يحصل الامر من عبادة غير الله تعالي، ومن أراد الله ضلاله من أفراد من الجهال فلن يستطيع أحد هدايته، فمن ترک شيئا من التعظيم المشروع لمنصب النبوة زاعما بذلک الادب

[صفحه 114]

مع الربوبية فقد کذب علي الله تعالي وضيع ما أمر به في حق رسله، کما أن من أفرط وجاوز الحد إلي جانب الربوبية فقد کذب علي رسل الله وضيع ما امروا به في حق ربهم سبحانه وتعالي، والعدل حفظ ما أمر الله به في الجانبين، وليس في الزيارة المشروعة من التعظيم ما يفضي إلي محذور.

وعقد في ص 75 -87 بابا في کون السفر إلي الزيارة قربة، وبسط القول فيه وأثبته بالکتاب والسنة والاجماع والقياس، واستدل عليه من الکتاب بقوله تعالي: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤک فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما. بتقريب صدق المجيئ وعدم فرق بين حياته صلي الله عليه وآله ومماته. ومن السنة بعموم قوله صلي الله عليه وآله وسلم: من زار قبري. وصريح صحيحة إبن السکن: من جاءني زائرا لا تعمله حاجة إلا زيارتي. وبما دل من السنة علي خروج النبي من المدينة لزيارة القبور، وإذا جاز الخروج إلي القريب جاز إلي البعيد، فقد ثبت في الصحيح خروجه صلي الله عليه وآله إلي البقيع[3] بأمر من الله تعالي وتعليم عايشة کيفيةالسلام علي أهل البقيع. وخروجه إلي قبور الشهداء[4] ثم قال: الرابع الاجماع لاطباق السلف والخلف فإن الناس لم يزالوا في کل عام إذا قضوا الحج يتوجهون إلي زيارته صلي الله عليه وسلم ومنهم من يفعل ذلک قبل الحج هکذا شاهدناه وشاهده من قبلنا، وحکاه العلماء عن الاعصار القديمة کما ذکرناه في الباب الثالث. وذلک أمر لا يرتاب فيه وکلهم يقصدون ذلک ويعرجون إليه، وإن لم يکن طريقهم ويقطعون فيه مسافة بعيدة وينفقون فيه الاموال ويبذلون فيه المهج، معتقدين ان ذلک قربة وطاعة، وإطباق هذا الجمع العظيم من مشارق الارض ومغاربها علي ممر السنين وفيهم العلماء والصلحاء وغيرهم يستحيل أن يکون خطأ، وکلهم يفعلون ذلک علي وجه التقرب به إلي الله عزوجل، ومن تأخر عنه من المسلمين فإنما يتأخر فذهب بعجز أو تعويق المقادير مع تأسفه عليه ووده لو تيسر له، ومن ادعي ان هذا الجمع العظيم مجمعون علي خطأ فهو المخطي.

20- قال زين الدين أبوبکر بن الحسين بن عمر القريشي العثماني المصري

[صفحه 115]

المراغي المتوفي 816 في (تحقيق النصرة في تاريخ دار الهجرة): وينبغي لکل مسلم اعتقاد کون زيارته صلي الله عليه وسلم قربة عظيمة للاحاديث الواردة في ذلک، ولقوله تعالي: ولو أنهم إذ ظلموا جاؤک فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول. الآية. لان تعظيمه لا ينقطع بموته ولا يقال: إن استغفار الرسول لهم إنما هو في حياته وليست الزيارة کذلک لما أجاب به بعض الائمة المحققين ان الآية دلت علي تعليق وجدان الله تعالي توابا رحيما بثلاثة امور: المجيئ واستغفارهم واستغفار الرسول لهم وقد حصل استغفار الرسول لجميع المؤمنين لانه قد استغفر للجميع قال الله تعالي: واستغفر لذنبک و للمؤمنين والمؤمنات فإذا وجد مجيئهم واستغفارهم کملت الامور الثلاثة الموجبة لتوبة الله تعالي ورحمته (المواهب اللدنية للقسطلا ني).

21- قال السيد نور الدين السمهودي المتوفي 911، في «وفاء الوفاء» ج 2 ص 412 بعد ذکر أحاديث الباب: وأما الاجماع: فأجمع العلماء علي استحباب زيارة القبور للرجال کما حکاه النووي بل قال بعض الظاهرية بوجوبها، وقد اختلفوا في النساء، وقد امتاز القبر الشريف بالادلة الخاصة به کما سبق، قال السبکي: ولهذا أقول إنه لا فرق في زيارته صلي الله عليه وسلم بين الرجال والنساء. وقال الجمال الريمي في «التقفية»: يستثني أي من محل الخلاف قبر النبي صلي الله عليه وسلم وصاحبيه، فإن زيارتهم مستحبة للنساء بلا نزاع کما اقتضاه قولهم في الحج: يستحب لمن حج أن يزور قبر النبي صلي الله عليه وسلم، وحينئذ فيقال معاياة قبور يستحب زيارتها للنساء بالاتفاق، وقد ذکر ذلک بعض المتأخرين وهو ال دد منهوري الکبير، وأضاف إليه قبور الاولياء والصالحين والشهداء. ثم بسط القول في أن السفر للزيارة قربة کالزيارة نفسها.

22- الحافظ أبوالعباس القسطلاني المصري المتوفي 923 في «المواهب اللدنية»: ألفصل الثاني في زيارة قبره الشريف ومسجده المنيف. إعلم أن زيارة قبره الشريف من أعظم القربات وأرجي الطاعات والسبيل إلي أعلي الدرجات، ومن اعتقد غير هذا فقد انخلع من ربقة الاسلام، وخالف الله ورسوله وجماعة العلماء الاعلام، وقد أطلق بعض المالکية وهو أبوعمران الفاسي کما ذکره في «المدخل» عن «تهذيب الطالب» لعبد الحق: أنها واجبة. قال: ولعله أراد وجوب السنن المؤکدة،

[صفحه 116]

وقال القاضي عياض: أنها من سنن المسلمين مجمع عليها وفضيلة مرغب فيها. ثم ذکر جملة من الاحاديث الواردة في زيارته صلي الله عليه وسلم فقال: وقد أجمع المسلمون علي استحباب زيارة القبور کما حکاه النووي وأوجبها الظاهرية، فزيارته صلي الله عليه وسلم مطلوبة بالعموم والخصوص کما سبق، ولان زيارة القبور تعظيم وتعظيمه صلي الله عليه وسلم واجب، ولهذا قال بعض العلماء: لا فرق في زيارته صلي الله عليه وسلم بين الرجال والنساء، وان کان محل الاجماع علي استحباب زيارة القبور الرجال، وفي النساء خلاف، ألاشهر في مذهب الشافعي ألکراهة. قال ابن حبيب من المالکية: ولا تدع في زيارة قبره صلي الله عليه وسلم والصلاة في في مسجده فإن فيه من الرغبة ما لا غني بک وبأحد عنه، وينبغي لمن نوي الزيارة أن ينوي مع ذلک زيارة مسجده الشريف والصلاة فيه، لانه أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها وهو أفضلها عند مالک، وليس لشد الرحال إلي غير المساجد الثلاثة فضل لان الشرع لم يجيئ به، وهذا الامر لا يدخله قياس لان شرف البقعة إنما يعرف بالنص الصريح عليه وقد ورد النص في هذه دون غيرها. و قد صح عن عمر بن عبدالعزيز کان يبرد البريد للسلام علي النبي صلي الله عليه وسلم فالسفر إليه قربة لعموم الادلة، ومن نذر الزيارة وجبت عليه کما جزم به ابن کج من اصحابنا، وعبارته: إذا نذر زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم لزمه الوفاء وجها واحدا. انتهي. (إلي أن قال): وللشيخ تقي الدين إبن تيمية هنا کلام شنيع عجيب يتضمن منع شد الرحال للزيارة النبوية وانه ليس من القرب بل يضد ذلک، ورد عليه الشيخ تقي الدين السبکي في «شفاء السقام» فشفي صدور المؤمنين.

23- ذکر شيخ الاسلام أبويحيي زکريا الانصاري الشافعي المتوفي 925 في «أسني المطالب» شرح «روض الطالب»- لشرف الدين إسماعيل بن المقري اليمني- ج 1 ص 501 ما يستحب لمن حج وقال: ثم يزور قبر النبي صلي الله عليه وسلم ويسلم عليه وعلي صاحبيه بالمدينة المشرفة. ثم ذکر شطرا من أدلتها وجملة من آداب الزيارة.

24- قال إبن حجر الهيتمي المکي الشافعي المتوفي 973، في کتابه (ألجوهر المنظم في زيارة القبر المکرم) ص 12 ط سنة 1279 بمصر بعد ما استدل علي مشروعية زيارة قبر النبي بعدة أدلة منها: ألاجماع. فإن قلت: کيف تحکي الاجماع

[صفحه 117]

علي مشروعية الزيارة والسفر إليها وطلبها وإبن تيمية من متأخري الحنابلة منکر لمشروعية ذلک کله کما رآه السبکي في خطه؟! وقد أطال ابن تيمية الاستدلال لذلک بما تمجه الاسماع، وتنفر عنه الطباع، بل زعم حرمة السفر لها إجماعا وانه لا تقصر فيه الصلاة، وان جميع الاحاديث الواردة فيها موضوعة، وتبعه بعض من تأخر عنه من أهل مذهبه. قلت: من هو ابن تيمية؟ حتي ينظر إليه أو يعول في شئ من امور الدين عليه، وهل هو إلا کما قال جماعة من الائمة الذين تعقبوا کلماته الفاسدة وحججه الکاسدة حتي أظهروا عوار سقطاته و قبائح أوهامه وغلطاته کالعز بن جماعة: عبد- أضله الله تعالي وأغواه، وألبسه رداء الخزي وأرداه، وبوأه من قوة الافتراء والکذب ما أعقبه الهوان وأوجب له الحرمان ولقد تصدي شيخ الاسلام وعالم الانام المجمع علي جلالته واجتهاده وصلاحه وإمامته التقي السبکي قدس الله روحه ونور ضريحه للرد عليه في تصنيف مستقل أفاد فيه وأجاد، وأصاب وأوضح بباهر حججه طريق الصواب. ثم قال:

هذا وما وقع من ابن تيمية مما ذکر وان کان عثرة لا تقال أبدا، ومصيبة يستمر شؤمها سرمدا، وليس بعجيب فإنه سولت له نفسه وهواه وشيطانه انه ضرب مع المجتهدين بسهم صائب، وما دري المحروم انه أتي بأقبح المعائب، إذ خالف إجماعهم في مسائل کثيرة، وتدارک علي أئمتهم سيما الخلفاء الراشدين باعتراضات سخيفة شهيرة حتي تجاوز إلي الجناب الاقدس المنزه سبحانه عن کل نقص والمستحق لکل کمال أنفس، فنسب اليه الکبائر والعظائم، وخرق سياج عظمته بما أظهره للعامة علي المنابر من دعوي الجهة والتجسيم، وتضليل من لم يعتقد ذلک من المتقدمين و المتأخرين، حتي قام عليه علماء عصره وألزموا السلطان بقتله أو حبسه وقهره، فحبسه إلي أن مات، وخمدت تلک البدع، وزالت تلک الضلالات، ثم انتصر له اتباع لم يرفع الله لهم رأسا، ولم يظهر لهم جاها ولا بأسا، بل ضربت عليهم الذلة والمسکنة وباءوا بغضب من الله ذلک بما عصوا وکانوا يعتدون.

25- قال الشيخ محمد الخطيب الشربيني المتوفي 977 في «مغني المحتاج» ج 1 ص 357 ومحل هذه الاقوال[5] في غير زيارة قبر سيد المرسلين، أما زيارته فمن

[صفحه 118]

أعظم القرباب للرجال والنساء، وألحق الدمنهوري به قبور بقية الانبياء والصالحين والشهداء، وهو ظاهر وإن قال الاذرعي: لم أره للمتقدمين، قال ابن شهبة: فإن صح ذلک فينبغي أن يکون زيارة قبر أبويها واخوتها وسائر أقاربها کذلک فإنهم أولي بالصلة من الصالحين. اه د. والاولي عدم إلحاقهم بهم لما تقدم من تعليل الکراهة[6] .

وقال في ص 494 بعد بيان مندوبية زيارة قبره الشريف صلي الله عليه وآله وذکر جملة من أدلتها: ليس المراد اختصاص طلب الزيارة بالحج فإنها مندوبة مطلقا کما مر بعد حج أو عمرة أو قبلهما أولا مع نسک، بل المراد (يعني من قول المصنف بعد فراغ الحج) تأکد الزيارة فيها لامرين أحدهما: أن الغالب علي الحجيج الورود من آفاق بعيدة فإذا قربوا من المدينة يقبح ترکهم الزيارة. والثاني لحديث من حج ولم يزرني فقد جفاني. رواه إبن عدي في الکامل وغيره. وهذا يدل علي انه يتأکد للحاج أکثر من غيره، وحکم المعتمر حکم الحاج في تأکد ذلک

26- قال الشيخ زين الدين عبدالرؤف المناوي المتوفي 1031 في شرح الجامع الصغير 6 ص 140: وزيارة قبره صلي الله عليه وسلم الشريف من کمالات الحج، بل زيارته عند الصوفية فرض وعندهم الهجرة إلي قبره کهي إليه حيا، قال الحکيم: زيارة قبر المصطفي صلي الله عليه وسلم هجرة المضطرين هاجروا إليه فوجدوه مقبوضا فانصرفوا، فحقيق أن لا يخيبهم بل يوجب لهم شفاعة تقيم حرمة زيارتهم.

وقال في شرح الحديث الاول المذکور ص 93: إن أثر الزيارة إما الموت علي الاسلام مطلقا لکل زائر، وإما شفاعة تخص الزائر أخص من العامة، وقوله: شفاعتي في الاضافة إليه تشريف لها، إذ الملائکة وخواص البشر يشفعون، فللزائر خاصة فيشفع هو فيه بنفسه والشفاعة تعظم بعظم الزائر.

27- جعل الشيخ حسن بن عمار الشرنبلالي في «مراقي الفلاح بإمداد الفتاح» فصلا في زيارة النبي صلي الله عليه وآله وقال: زيارة النبي صلي الله عليه وسلم من أفضل القربات وأحسن المستحبات تقرب من درجة ما لزم من الواجبات، فإنه صلي الله عليه وسلم حرض عليها وبالغ في الندب إليها

[صفحه 119]

فقال: من وجد سعة فلم يزرني فقد جفاني وقال صلي الله عليه وسلم: من زار قبري وجبت له شفاعتي. وقال صلي الله عليه وسلم: من زارني بعد مماتي فکأنما زارني في حياتي. إلي غير ذلک من الاحاديث، ومما هو مقرر عند المحققين إنه صلي الله عليه وسلم حي يرزق ممتع بجميع الملاذ والعبادات، غير انه حجب عن أبصار القاصرين عن شرف المقامات، ورأينا أکثر الناس غافلين عن أداء حق زيارته وما يسن للزائر من الجزئيات والکليات أحببنا أن نذکر بعد المناسک وآدابها ما فيه نبذة من الآداب تتميما لفائدة الکتاب. ثم ذکر شيئا کثيرا من آداب الزائر والزيارة کما يأتي.

28- وقال قاضي القضاة شهاب الدين الخفاجي الحنفي المصري المتوفي 1069 في شرح الشفا 3 ص 566: واعلم أن هذا الحديث[7] هو الذي دعا إبن تيمية ومن معه کابن القيم إلي مقالته الشنيعة التي کفروه بها وصنف فيها السبکي مصنفا مستقلا وهي منعه من زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم وشد الرحال إليه وهو کما قيل:


لمهبط الوحي حقا ترحل النجب
وعند ذاک المرجي ينتهي الطلب


فتوهم انه حمي جانب التوحيد بخرافات لا ينبغي ذکرها فإنها لا تصدر عن عاقل فضلا عن فاضل سامحه الله تعالي.

وأما قوله صلي الله عليه وسلم: لا تتخذوا قبري عيدا. فقيل: کره الاجتماع عنده في يوم معين علي هيئة مخصوصة. وقيل: ألمراد لا تزوره في العام مرة فقط بل أکثروا الزيارة له،[8] وأما احتماله للنهي عنها فهو بفرض انه المراد محمول علي حالة مخصوصة أي لا تتخذوه کالعيد في العکوف عليه واظهار الزينة عنده وغيره مما يجتمع له في الاعياد، بل لا يؤتي إلا للزيارة والسلام والدعاء ثم ينصرف.

وقال في صحيفة 577 في شرح حديث: لا تجعلوا قبري عيدا: أي کالعيد باجتماع الناس وقد تقدم تأويل الحديث وانه لا حجة فيه لما قاله إبن تيمية وغيره فإن إجماع الامة علي خلافه يقتضي تفسيره بغير ما فهموه فإنه نزعة شيطانية.

29- قال الشيخ عبدالرحمن شيخ زداه 1087 في (مجمع الانهر في شرح ملتقي الابحر) ج 1 ص 157: من أحسن المندوبات، بل يقرب من درجة الواجبات زيارة قبر

[صفحه 120]

نبينا وسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وقد حرض عليه السلام علي زيارته وبالغ في الندب إليها بمثل قوله عليه السلام: من زار قبري. فذکر ستة من أحاديث الباب ثم قال: فإن کان الحج فرضا فالاحسن أن يبدأ به إذا لم يقع في طريق الحاج المدينة المنورة ثم يثني بالزيارة، فإذا نواها فلينو معها زيارة مسجد الرسول عليه السلام. ثم ذکر جملة کبيرة من آداب الزائر.

30- قال الشيخ محمد بن علي بن محمد الحصني المعروف بعلاء الدين الحصکفي الحنفي المفتي بدمشق المتوفي 1088 في (الدر المختار في شرح تنوير الابصار) في آخر کتاب الحج: وزيارة قبره صلي الله عليه وسلم مندوبة بل قيل واجبة لمن له سعة، ويبدأ بالحج لو فرضا ويخير لو نفلا ما لم يمر به، فيبدأ بزيارته لا محالة، ولينو معه زيارة مسجده صلي الله عليه وسلم.

31- قال أبوعبدالله محمد بن عبدالباقي الزرقاني المالکي المصري المتوفي 1122 في «شرح المواهب» 8 ص 299: قد کانت زيارته مشهورة في زمن کبار الصحابة معروفة بينهم، لما صالح عمر بن الخطاب أهل بيت المقدس جاءه کعب الاحبار فأسلم ففرح به وقال: هل لک أن تسير معي إلي المدينة وتزور قبره صلي الله عليه وسلم وتتمتع بزيارته؟ قال: نعم.

م 32- قال أبوالحسن السندي محمد بن عبدالهادي الحنفي المتوفي 1138 في شرح سنن إبن ماجة 2 ص 268: قال الدميري: فائدة زيارة النبي صلي الله عليه وسلم من أفضل الطاعات وأعظم القربات لقوله صلي الله عليه وسلم: من زار قبري وجبت له شفاعتي. رواه الدارقطني وغيره وصححه عبدالحق، ولقوله صلي الله عليه وسلم من جائني زائرا لا تحمله حاجة إلا زيارتي کان حقا علي أن اکون له شفيعا يوم القيامة. رواه الجماعة منهم الحافظ أبوعلي إبن السکن في کتابه المسمي بالسنن الصحاح، فهذان إمامان صححا هذين الحديثين و قولهما أولي من قول من طعن في ذلک.

33- قال الشيخ محمد بن علي الشوکاني المتوفي 1250، في «نيل الاوطار» ج 4 ص 324 قد اختلفت فيها (في زيارة النبي) أقوال أهل العلم، فذهب الجمهور إلي أنها مندوبة، وذهب بعض المالکية وبعض الظاهرية إلي أنها واجبة، وقالت الحنفية إنها قريبة من الواجبات، وذهب إبن تيمية الحنبلي حفيد المصنف المعروف بشيخ الاسلام إلي أنها غير مشروعة. ثم فصل الکلام في الاقوال (إلي أن قال في آخر

[صفحه 121]

کلامه): واحتج ايضا من قال بالمشروعية بانه لم يزل دأب المسلمين القاصدين للحج في جميع الازمان علي تباين الديار واختلاف المذاهب الوصول إلي المدينة المشرفة لقصد زيارته ويعدون ذلک من أفضل الاعمال، ولم ينقل أن أحدا أنکر ذلک عليهم فکان إجماعا.

34- قال الشيخ محمد أمين إبن عابدين المتوفي 1253، في (رد المحتار علي الدر المختار) عند العبارة المذکورة ج 2 ص 263: مندوبة باجماع المسلمين کما في «الباب» (إلي أن قال): وهل تستحب زيارة قبره صلي الله عليه وسلم للنساء؟ ألصحيح: نعم، بلا کراهة بشروطها علي ما صرح به بعض العلماء، أما علي الاصح من مذهبنا و هو قول الکرخي وغيره من أن الرخصة في زيارة القبور ثابتة للرجال والنساء جميعا فلا إشکال، وأما علي غيره فذلک نقول بالاستحباب لاطلاق الاصحاب. (بل قيل: واجبة) ذکره في شرح اللباب، وقال: کما بينته في «الدرة المضية في الزيارة المصطفوية» وذکره ايضا الخير الرملي في حاشية «المنح» عن إبن حجر وقال: وانتصر له. نعم عبارة اللباب والفتح وشرح المختار أنها قريبة من الوجوب لمن له سعة. (إلي أن قال): قال إبن الهمام: والاولي فيما يقع عند العبد الضعيف: تجريد النية لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام، ثم يحصل له إذا قدم زيارة المسجد، أو يستمنح فضل الله تعالي في مرة اخري ينويها لان في ذلک زيادة تعظيمه صلي الله عليه وسلم وإجلاله ويوافقه ظاهر ما ذکرناه من قوله صلي الله عليه وسلم: من جاءني زائرا لا تعمله حاجة إلا زيارتي کان حقا علي أن أکون شفيعا له يوم القيامة. اه. ونقل الرحمتي عن العارف الملاجامي: أنه أفرز الزيارة عن الحج حتي لا يکون له مقصد غيرها في سفره ثم ذکر حديث: لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد. فقال: والمعني کما أفاده في «الاحياء» انه لا تشد الرحال لمسجد من المساجد إلا لهذه الثلاثة لما فيها من المضاعفة بخلاف بقية المساجد فإنها متساوية في ذلک، فلا يرد انه قد تشد الرحال لغير ذلک کصلة رحم وتعلم علم، وزيارة المشاهد کقبر النبي صلي الله عليه وسلم وقبر الخليل عليه السلام وسائر الائمة.

35- قال ألشيخ محمد بن السيد درويش الحوت البيروتي المتوفي 1276، في تعليق «حسن الاثر» ص 246: زيارة النبي صلي الله عليه وسلم مطلوبة لانه واسطة الخلق،و

[صفحه 122]

زيارته بعد وفاته کالهجرة إليه في حياته، ومن أنکرها فإن کان ذلک إنکارا لها من أصلها فخطاؤه عظيم، وإن کان لما يعرض من الجهلة مما لا ينبغي فليبين ذلک.

36- قال الشيخ إبراهيم الباجوري الشافعي المتوفي 1277 في حاشيته علي شرح إبن الغزي علي متن الشيخ أبي شجاع في الفقه الشافعي ج 1 ص 347: ويسن زيارة قبره صلي الله عليه وسلم ولو لغير حاج ومعتمر کالذي قبله، ويسن لمن قصد المدينة الشريفة لزيارته صلي الله عليه وسلم أن يکثر من الصلاة والسلام عليه في طريقه، ويزيد في ذلک إذا رأي حرم المدينة وأشجارها، ويسأل الله أن ينفعه بهذه الزيارة ويتقبلها منه. ثم ذکر جملة کثيرة من آداب الزيارة وألفاظها.

37- جعل الشيخ حسن العدوي الحمزاوي الشافعي المتوفي 1303 خاتمة في کتابه( کنز المطالب) ص 179 -239 لزيارة النبي صلي الله عليه وسلم وفصل فيها القول وذکر مطلوبيتها کتابا وسنة وإجماعا وقياسا، وبسط الکلام في شد الرحال إلي ذلک القبر الشريف، وذکر جملة من آداب الزائر ووظايف الزيارة وقال في ص 195 بعد نقل جملة من الاحاديث الواردة في أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم يسمع سلام زائريه ويرد عليهم: إذا علمت ذلک علمت أن رده صلي الله عليه وسلم سلام الزائر عليه بنفسه الکريمة صلي الله عليه وسلم أمر واقع لا شک فيه، وإنما الخلاف في رده علي المسلم عليه من غير الزائرين، فهذه فضيلة اخري عظيمة ينالها الزائرون لقبره صلي الله عليه وسلم، فيجمع الله لهم بين سماع رسول الله صلي الله عليه وسلم لاصواتهم من غير واسطة وبين رده عليهم سلامهم بنفسه، فأني لمن سمع لهذين بل بأحدهما أن يتأخر عن زيارته صلي الله عليه وسلم أو يتواني عن المبادرة إلي المثول في حضرته صلي الله عليه وسلم تالله ما يتأخر عن ذلک مع القدرة عليه إلا من حق عليه البعد من الخيرات، والطرد عن مواسم أعظم القربات، أعاذنا الله تعالي من ذلک بمنه وکرمه آمين. وعلم من تلک الاحاديث ايضا أنه صلي الله عليه وسلم حي علي الدوام، إذ من المحال العادي أن يخلو الوجود کله عن واحد يسلم عليه في ليل أو نهار، فنحن نؤمن ونصدق بانه صلي الله عليه وسلم حي يرزق، وان جسده الشريف لا تأکله الارض، وکذا سائر الانبياء عليهم الصلاة والسلام والاجماع علي هذا.

م 38- قال السيد محمد بن عبدالله الجرداني الدمياطي الشافعي المتوفي 1307 في

[صفحه 123]

«مصباح الظلام» ج 2 ص 145: قال بعضهم: ولزائر قبر النبي صلي الله عليه وسلم عشر کرامات: أحداهن يعطي أرفع المراتب. ألثانية: يبلغ أسني المطالب. ألثالثة: قضاء المآرب. ألرابعة: بذل المواهب. ألخامسة: ألامن من المعاطب. ألسادسة: ألتطهير من المعايب. ألسابعة: تسهيل المصائب. ألثامنة: کفاية النوائب. ألتاسعة: حسن العواقب. ألعاشرة: رحمة رب المشارق والمغارب. وما أحسن ما قيل:


هنيئا لمن زار خير الوري
وحط عن النفس أوزارها


فإن السعادة مضمونة
لمن حل طيبة أوزارها


وبالجملة فزيارة قبره صلي الله عليه وسلم من أعظم الطاعات وأفضل القربات حتي ان بعضهم جري علي أنها واجبة، فينبغي أن يحرص عليها وليحذر کل الحذر من التخلف عنها مع القدرة وخصوصا بعد حجة الاسلام لان حقه صلي الله عليه وسلم علي امته عظيم، ولو أن أحدهم يجئ علي رأسه أو علي بصره من أبعد موضع من الارض لزيارته صلي الله عليه وسلم لم يقم بالحق الذي عليه لنبيه جزاه الله عن المسلمين أتم الجزاء.


زر من تحب وإن شطت بک الدار
وحال من دونه ترب وأحجار


لا يمنعنک بعد عن زيارته
إن المحب لمن يهواه زوار


ويسن لمن قصد المدينة الشريفة (إلخ)، ثم فصل القول في آداب الزيارة، وذکر التسليم علي الشيخين وزيارة السيدة فاطمة وأهل البقيع والمزارات المشهورة وهي نحو ثلاثين موضعا کما قال.

39- قال الشيخ عبدالباسط بن الشيخ علي الفاخوري مفتي بيروت في (الکفاية لذوي العناية) ص 125: ألفصل الثاني عشر في زيارة النبي صلي الله عليه وسلم وهي متأکدة مطلوبة ومستحبة محبوبة، وتسن زيارته في المدينة کزيارته حيا وهو في حجرته حي يرد علي من سلم عليه السلام، وهي من أنجح المساعي وأهم القربات وأفضل الاعمال وأزکي العبادات، وقد قال صلي الله عليه وسلم: من زار قبري وجبت له شفاعتي، ومعني «وجبت» ثب دتت بالوعد الصادق الذي لابد من وقوعه وحصوله، وتحصل الزيارة في أي وقت وکونها بعد تمام الحج أحب، ويجب علي من أراد الزيارة ألتوبة من کل شئ يخالف طريقته وسننه صلي الله عليه وسلم ثم ذکر شطرا وافرا من آداب الزيارة والزيارة الاولي الآتية في الآداب، فقال: ومن

[صفحه 124]

عجز عن حفظ هذا فليقتصر علي بعض وأقله، ألسلام عليک يا رسول الله. ثم ذکر زيارة الشيخين إلي أن قال: ويستحب التبرک بالاسطوانات التي لها فضل وشرف وهي ثمانية: اسطوانة محل صلاته صلي الله عليه وسلم. واسطوانة عائشة رضي الله عنها وتسمي اسطوانة القرعة، واسطوانة التوبة محل اعتکافه صلي الله عليه وسلم. واسطوانة السرير. واسطوانة علي رضي الله عنه. واسطوانة الوفود. واسطوانة جبريل عليه السلام. واسطوانة التهجد.

40- قال الشيخ عبدالمعطي السقا في «الارشادات السنية» ص 260: زيارة النبي صلي الله عليه وسلم. إذا أراد الحاج أو المعتمر الانصراف من مکة أدام الله تشريفها وتعظيمها طلب منه أن يتوجه إلي المدينة المنورة للفوز بزيارته عليه الصلاة والسلام فإنها من أعظم القربات وأفضل الطاعات وأنجح المساعي المشکورة، ولا يختص طلب الزيارة بالحاج غير انها في حقه آکد، والاولي تقديم الزيارة علي الحج إذا اتسع الوقت فإنه ربما يعوقه عنها عائق، وقد ورد في فضل زيارته صلي الله عليه وسلم أحاديث منها قوله صلي الله عليه وسلم: من زار قبري وجبت له شفاعتي. وينبغي الحرص عليها وعدم التخلف عنها عند القدرة علي أدائها خصوصا بعد حجة الاسلام لان حقه صلي الله عليه وسلم علي امته عظيم. وينبغي لمريد الزيارة أن يکثر من الصلاة والسلام عليه صلي الله عليه وسلم في طريق ذهابه إليها، وإذا وصلها استحب له أن يغتسل ثم يتوضأ أو يتيمم عند فقد الماء، ثم ذکر جملة من آداب الزيارة ولفظا مختصرا من زيارة النبي صلي الله عليه وسلم والشيخين.

41- قال الشيخ محمد زاهد الکوثري في (تکملة السيف الصقيل) ص 156: والاحاديث في زيارته صلي الله عليه وسلم في الغاية من الکثرة، وقد جمع طرقها الحافظ صلاح الدين العلائي في جزء کما سبق، وعلي العمل بموجبها استمرت الامة إلي أن شذ إبن تيمية عن جماعة المسلمين في ذلک، قال علي القاري في شرح «الشفاء»:وقد فرط إبن تيمية من الحنابلة حيث حرم السفر لزيارة النبي صلي الله عليه وسلم کما أفرط غيره حيث قال: کون الزيارة قربة معلوم من الدين بالضرورة، وجاحده محکوم عليه بالکفر، ولعل الثاني أقرب إلي الصواب لان تحريم ما أجمع العلماء فيه بالاستحباب يکون کفرا لانه فوق تحريم المباح المتفق عليه.

فسعيه في منع الناس من زيارته صلي الله عليه وسلم، يدل علي ضغينة کامنة فيه نحوالرسول

[صفحه 125]

صلي الله عليه وسلم، وکيف يتصور الاشراک بسبب الزيارة والتوسل في المسلمين الذين يعتقدون في حقه عليه السلام انه عبده ورسوله وينطقون بذلک في صلاتهم نحو عشرين مرة في کل يوم علي أقل تقدير إدامة لذکري ذلک؟ ولم يزل أهل العلم ينهون العوام عن البدع في کل شؤونهم، ويرشدونهم إلي السنة في الزيارة وغيرها إذا صدرت منهم بدعة في شئ، ولم يعدهم في يوم من الايام مشرکين بسبب الزيارة أو التوسل، کيف؟ وقد أنقذهم الله من الشرک وأدخل في قلوبهم الايمان،وأول من رماهم بالاشراک بتلک الوسيلة هو إبن تيمية وجري خلفه من أراد استباحة أموال المسلمين ودماءهم لحاجة في النفس، ولم يخف إبن تيمية من الله في رواية عد السفر لزيارة النبي صلي الله عليه وسلم سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة عن الامام إبن الوفاء إبن عقيل الحنبلي- وحاشاه عن ذلک- راجع کتاب «التذکرة» له تجد فيه مبلغ عنايته بزيارة المصطفي صلي الله عليه وسلم والتوسل به کما هو مذهب الحنابلة. ثم ذکر کلامه وفيه القول بإستحباب قدوم المدينة وزيارة النبي صلي الله عليه وآله وکيفية زيارته وزيارة الشيخين وکيفية زيارتهما وإتيان مسجد قبا والصلاة فيه وإتيان قبور الشهداء وزيارتهم وإکثار الدعاء في تلک المشاهد. ثم قال: وأنت رأيت نص عبارته في المسألة علي خلاف ما يعزو إليه إبن تيمية.

42- قال فقهاء المذاهب الاربعة المصريين في (الفقه علي المذاهب الاربعة) ج 1 ص 590 زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم أفضل المندوبات، وقد ورد فيها أحاديث. ثم ذکروا ستة من الاحاديث وجملة من أدب الزائر وزيارة للنبي صلي الله عليه وآله وسلم واخري للشيخين هدوا إلي الطيب من القول وهدوا إلي صراط الحميد

ألحج 24


صفحه 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 117، 118، 119، 120، 121، 122، 123، 124، 125.








  1. قيل بکسر الميم وسکون الزاء وفتح الواو مصدر ميمي بمعني الزيارة (شرح الشفا للخفاجي).
  2. شرح مختصر الخرقي في فروع الحنابلة تأليف الشيخ أبي القاسم عمر الحنبلي المتوفي 334، والشرح المذکور من أعظم کتب الحنابلة التي يعتمدون عليها.
  3. أخرجه مسلم في صحيحه.
  4. أخرجه أبوداود في سننه 1 ص 319.
  5. يعني الاقوال في زيارة القبور للنساء من الندب والکراهة والحرمة والاباحة.
  6. من انها مظنة لطلب بکائهن ورفع اصواتهن لما فيهن من رقة القلب وکثرة الجزع قال الاميني. هذا التعليل عليل جدا کما يأتي بيانه في کلمة ابن حجر في زيارة القبور.
  7. حديث شد الرحال إلي المساجد.
  8. هذا المعني ذکره غير واحد من أعلام القوم.