الحنفية
ومن سبر التاريخ وجد الاطباق من علماء المذاهب علي جواز النقل في الصورتين عملا، وکان من المرتکز في الاذهان نقل الجثث إلي البقاع الشريفة من أرض بيت الله الحرام، أو جواز النبي الاعظم، أو قرب إمام مذهب، أو مرقد ولي صالح، أو بقعة اختصها الله بالکرامة، أو إلي حيث مجتمع أهل الميت، أو قبور ذويه. م وکان يوم نقل رفاة اولئک الرجال من المذاهب الاربعة يوما مشهودا تقام فيه حفلات مکتظة يحضر فيها حشد من العلماء والخطباء والقراء واناس آخرين، کل ذلک ينبأ عن جوازه، وإصفاق الامة الاسلامية عليه. بل کان ذلک مطردا منذ عهد[2] الصحابة الاولين والتابعين لهم بإحسان بوصية من الميت أو بترجيح من أوليائه، وکاد أن يکون من المجمع عليه عملا عند فرق المسلمين في القرون الاسلامية. ولو لم يکن کذلک لما اختلفت الصحابة في دفن رسول الله صلي الله عليه وآله، بالمدينة أو بمکة أو عند جده إبراهيم الخليل[3] . وتراه کان مشروعا في الشرايع السالفة فقد مات آدم عليه السلام بمکة ودفن في غار أبي قبيس، ثم حمل نوح تابوته في السفينة، ولما خرج منها دفنه في بيت المقدس[4] وفي أحاديث [صفحه 68] الشيعة انه دفنه في النجف الاشرف. ومات يعقوب عليه السلام بمصر ونقل إلي الشام[5] ونقل النبي موسي عليه السلام جثة يوسف عليه السلام من مصر بعد دفنه بها إلي فلسطين مدفن آبائه[6] . م- ونقل يوسف عليه السلام جثمان أبيه يعقوب عليه السلام من مصر ودفنه عند أهله في حبرون في المغارة المعدة لدفن تلک الاسرة الشريفة کما في تاريخ الطبري 169 و 161: 1، ومعجم البلدان 208: 3، وتاريخ إبن کثير 197 و 174: 1 وقد نقل الامامان السبطان صلوات الله عليهما جثمان أبيهما الطاهر أمير المؤمنين سلام الله عليه من الکوفة إلي حيث بقعته الآن من النجف الاشرف وکان ذلک قبل دفنه عليه السلام غير ان في دلائل النبوة[7] ان أول من نقل من قبر إلي قبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما استشهد يوم الجمعة سابع عشر رمضان ومات بعد يومين وصلي عليه ابنه الحسن رضي الله عنه ودفن بدار الامارة بالکوفة وغيب قبره ونقل إلي محل يقال له «نجف». فأظهره هارون الرشيد وبني عليه عمائر حين وجد وحوشا تستأنس بذلک المحل وتقر إليه إلتجاء من أهل الصيد، فسأل عن سبب ذلک من أهل قرية قريبة هناک فأخبره شيخ من القرية بأن فيه قبر أميرالمؤمنين علي رضي الله عنه مع قبر نوح عليه السلام[8] ونحن نذکر جملة من الجثث المنقولة تحت عنوانين
يستحب أن يدفن الميت في الجهة التي مات فيها، ولا بأس بنقله من بلدة إلي اخري قبل الدفن عند أمن تغير رائحته، أما بعد الدفن فيحرم إخراجه إلا إذا کانت الارض التي دفن فيها مغصوبة أو اخذت بعد دفنه بشفعة[1] .
صفحه 68.