لاوازع عن علم العباد بالغيب











لاوازع عن علم العباد بالغيب



ليس هناک أي منع وخطر إن علم الله أحدا ممن خلق بما شاء وأراد من الغيب المکتوم من علم ما کان أو سيکون، من علم السماوات والارضين، من علم الاولين

[صفحه 57]

والآخرين، من علم الملائکة والمرسلين. کما لم ير أي وازع إذا حبا أحدا بعلم ما شاء من الشهادة وأراه ما خلق کما أري إبراهيم ملکوت السماوات والارض. ولا يتصور عندئذ قط اشتراک مع المولي سبحانه في صفته العلم بالغيب، ولا العلم بالشهادة ولو بلغ علم العالم أي مرتبة رابية، وشتان بينهما، إذ القيود الامکانية البشرية مأخوذة في العلم البشري دائما لا محالة، سواء تعلق بالغيب أو تعلق بالشهادة، وهي تلازمه ولا تفارقه، کما أن العلم الآلهي بالغيب أو الشهادة تؤخذ فيه قيود الاحدية الخاصة بذات الواجب الاحد الاقدس سبحانه وتعالي.

وکذلک الحال في علم الملائکة، لو أذن الله تعالي إسرافيل مثلا وقد نصب بين عينيه اللوح المحفوظ الذي فيه تبيان کل شئ أن يقرأ ما فيه ويطلع عليه لم يشارک الله قط في صفته العلم بالغيب، ولا يلزم منه الشرک.

فلا مقايسة بين العلم الذاتي المطلق وبين العرضي المحدود، ولا بين مالا يکيف بکيف. ولا يؤين بأين وبين المحدود المقيد. ولا بين الازلي الابدي وبين الحادث الموقت. ولا بين التأصلي وبين المکتسب من الغير، کما لا يقاس العلم النبوي بعلم غيره من البشر، لاختلاف طرق علمهما، وتباين الخصوصيات والقيود المتخذة في علم کل منهما، مع الاشتراک في إمکان الوجود. بل لا مقايسة بين علم المجتهد وبين علم المقلد فيما علما من الاحکام الشرعية ولو أحاط المقلد بجميعها، لتباين المبادئ العلمية فيهما.

فالعلم بالغيب علي وجه التأصل والاطلاق من دون قيد بکم وکيف کالعلم بالشهادة علي هذا الوجه إنما هما من صفات الباري سبحانه، ويخصان بذاته لا مطلق العلم بالغيب والشهادة، وهذا هو المعني نفيا وإثباتا في مثل قوله تعالي: قل لا يعلم من في السموات والارض الغيب إلا الله «النمل 65» وقوله تعالي: إن الله عالم غيب السموات والارض إنه عليم بذات الصدور «فاطر 38» وقوله تعالي: إن الله يعلم غيب السموات والارض بصير بما تعملون «الحجرات 18» وقوله تعالي: ثم تردون إلي عالم الغيب والشهادة فينبئکم بما کنتم تعملون «الجمعة 8» وقوله تعالي: عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم «الحشر 22» وقوله تعالي: ذلک عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم «السجدة 6» وقوله تعالي: عالم الغيب والشهادة

[صفحه 58]

العزيز الحکيم «التغابن 18» وقوله تعالي: حکاية عن نوح، لا أقول لکم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملک «انعام 50، هود 31» وقوله تعالي حکاية: لو کنت أعلم الغيب لاستکثرت من الخير «الاعراف 188».


صفحه 57، 58.