ترجمة بهاء الدين الاربلي











ترجمة بهاء الدين الاربلي



بهاء الدين أبوالحسن علي بن فخر الدين عيسي بن أبي الفتح الاربلي نزيل

[صفحه 446]

بغداد ودفينها. فذ من أفذاذ الامة، وأوحدي من نياقد علمائها، بعلمه الناجع وأدبه الناصع يتبلج القرن السابع، وهو في أعاظم العلماء قبله في أئمة الادب، وإن کان به ينضد جمان الکتابة، وتنظم عقود القريض، وبعد ذلک کله هو أحد ساسة عصره الزاهي، ترنحت به أعطاف الوزارة وأضاء دستها، کما ابتسم به ثغر الفقه والحديث، وحميت به ثغور المذهب، وسفره القيم- کشف الغمة- خير کتاب اخرج للناس في تاريخ أئمة الدين، وسرد فضايلهم، والدفاع عنهم، والدعوة إليهم. وهو حجة قاطعة علي علمه الغزير، وتضلعه في الحديث، وثباته في المذهب،ونبوغه في الادب، وتبريزه في الشعر، حشره الله مع العترة الطاهرة صلوات الله عليهم، قال الشيخ جمال الدين أحمد بن منبع الحلي مقرظا الکتاب:


ألا قل لجامع هذا الکتاب
يمينا لقد نلت أقصي المراد


وأظهرت من فضل آل الرسول
بتأليفه ما يسوء الاعادي


مشايخ روايته والرواة عنه:

يروي بهاء الدين المترجم عن جمع من أعلام الفريقين منهم:

1- سيدنا رضي الدين جمال المل د السيد علي بن طاوس المتوفي 664.

2- سيدنا جلال الدين علي بن عبدالحميد بن فخار الموسوي أجاز له سنة 676

3- ألشيخ تاج الدين أبوطالب علي بن أنجب بن عثمان الشهير بابن الساعي البغدادي السلامي المتوفي 674. يروي عنه کتاب- معالم العترة النبوية العلية-تأليف الحافظ أبي محمد عبدالعزيز بن الاخضر الجنابذي المتوفي 611 کما في کشف الغمة ص 135.

4- ألحافظ أبوعبدالله محمد بن يوسف بن محمد الکنجي الشافعي المتوفي سنة 658،قرأ عليه کتابيه: کفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب. والبيان في أخبار صاحب الزمان. وذلک باربل سنة 648، وله منه إجازة بخطه[1] وينقل عن کتابه «الکفاية» کثيرا في کشف الغمة.

5- کمال الدين أبوالحسن علي بن محمد بن محمد بن وضاح نزيل بغداد الفقيه

[صفحه 447]

الحنبلي المتوفي 672، يروي عنه بالاجازة ومما يروي عنه کتاب- الذرية الطاهرة- تأليف أبي بشر محمد بن أحمد الانصاري الدولابي المتوفي سنة 320، وکان مخطوطا بخط شيخه إبن وضاح المذکور، کشف الغمة 109.

6- ألشيخ رشيد الدين أبوعبدالله محمد بن أبي القاسم بن عمر بن أبي القاسم قرأ کتاب- المستغيثين-[2] «في کشف الظنون المستعين بالله» تأليف أبي القاسم خلف بن عبدالملک بن مسعود بن بشکوال الانصاري القرطبي المتوفي 578، والشيخ رشيد الدين قرأ- المستغيثين- علي محيي الدين أبي محمد يوسف بن الشيخ أبي الفرج ابن الجوزي وهو يرويه عن مؤلفه إجازة. قال المترجم في «کشف الغمة» ص 224: کانت قراءتي عليه في شعبان من سنة ست وثمانين وستمائة بداري المطلة علي دجلة ببغداد.

وينقل کثيرا عن عدة من تآليف معاصره منها: تفسير الحافظ أبي محمد عبدالرزاق عز الدين الرسعني الحنبلي المتوفي 661، کانت بينه وبين المترجم صداقة وصلة، راجع الجزء الاول من کتابنا هذا ص 220.

ومنها: مطالب السؤول تأليف أبي سالم کمال الدين محمد بن طلحة الشافعي کما أسلفناه في ترجمته ص 415 من هذا الجزء.

ومنها: تآليف شيخنا الاوحد قطب الدين الراوندي المترجم فيما مر ص 380، ويروي عنه جمع من أعلام الفريقين منهم:

1- جمال الدين العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر کما في إجازة شيخنا الحر العاملي صاحب «الوسائل».

2- ألشيخ رضي الدين علي بن المطهر کما في إجازة السيد محمد بن القاسم بن معية الحسيني للسيد شمس الدين.

3- ألسيد شمس الدين محمد بن فضل العلوي الحسني.

4- ولده الشيخ تاج الدين محمد بن علي.

5- ألشيخ تقي الدين بن إبراهيم بن محمد بن سالم.

[صفحه 448]

6- ألشيخ محمود بن علي بن أبي القاسم.

7- حفيده ألشيخ شرف الدين أحمد بن الصدر تاج الدين محمد بن علي.

8- حفيده الآخر ألشيخ عيسي بن محمد بن علي أخو الشرف المذکور.

9- ألشيخ شرف الدين أحمد بن عثمان النصيبي الفقيه المدرس المالکي.

10- مجد الدين أبوألفضل يحيي بن علي بن المظفر الطيبي الکاتب بواسط العراق قرأ علي المترجم شطرا من کتابه «کشف الغمة» وأجاز له ولجمع من الاعلام المذکورين سنة 691. وممن قرأ عليه:

11- عماد الدين عبدالله بن محمد بن مکي.

12- ألصدر الکبير عز الدين أبوعلي الحسن بن أبي الهيجا الاربلي.

13- تاج الدين أبوالفتح بن الحسين بن أبي بکر الاربلي.

14- ألمولي أمين الدين عبدالرحمن بن علي بن أبي الحسن الجزري الموصلي

15- ألشيخ حسن بن إسحاق بن إبراهيم بن عباس الموصلي. له ذکره الجميل في أمل الآمل. ورياض العلماء. ورياض الجنة في الروضة الرابعة. وروضات الجنات. والاعلام للزرکلي. وتتميم الامل لابن أبي شبانة. والکني والالقاب. والطليعة في شعراء الشيعة.

قال إبن الفوطي في «الحوادث الجامعة» ص 341: وفي سنة 657 وصل بهاء الدين علي بن الفخر عيسي الاربلي إلي بغداد، ورتب کاتب الانشاء بالديوان وأقام بها إلي أن مات وقال في ص 480: إنه توفي ببغداد سنة 693. وقال في ص 278: إنه تولي تعمير مسجد معروف سنة 678. وذکر له ص 38 من قصيدته التي يرثي بها معلم الامة شيخنا خواجه نصير الدين الطوسي والملک عز الدين عبدالعزيز:


ولما قضي عبدالعزيز بن جعفر
وأردفه رزء النصير محمد


جزعت لفقدان الاخلاء وانبرت
شؤوني کمرفض الجمان المبدد


وجاشت إلي النفس حزنا ولوعة
فقلت: تعزي واصبري فکأن قد


وقال في صحيفة 366: وفي خامس عشرين جمادي الآخرة رکب علاء الدين صاحب

[صفحه 449]

الديوان لصلاة الجمعة فلما وصل المسجد الذي عند عقد مشرعة الابريين، نهض عليه رجل وضربه بسکين عدة ضربات، فانهزم کل من کان بين يديه من السرهنکية وهرب الرجل أيضا فعرض له رجل حمال کان قاعدا بباب غلة ابن تومه وألقي عليه کساؤه ولحقه السرهنکية فضربوه بالدبابيس وقبضوه، وأما الصاحب فانه ادخل دار بهاء الدين- المترجم- إبن الفخر عيسي وکان يومئذ يسکن في الدار المعروفة بديوان الشرابي لما عرف بذلک خرج حافيا وتلقاه ودخل بين يديه وأحضر الطبيب فسبر الجرح ومصه فوجده سليما من السم.

وذکر في ص 369 من إنشاءه کتاب صداق کتبه في تزويج الخواجة شرف الدين هارون بن شمس الدين الجويني بابنة أبي العباس أحمد بن الخليفة المستعصم في جمادي الآخرة سنة 670.

وترجمه الکتبي في- فوات الوفيات- 2 ص 83 وقال: له شعر وترسل وکان رئيسا کتب لمتولي أربل من صلايا، ثم خدم ببغداد في ديوان الانشاء أيام علاء الدين صاحب الديوان، ثم إنه فتر سوقه في دولة اليهود، ثم تراجع بعدهم وسلم ولم ينکب إلي أن مات سنة 692، وکان صاحب تجمل وحشمة ومکارم أخلاق وفيه تشيع، وکان أبوه واليا باربل، ولبهاء الدين مصنفات أدبية مثل: المقالات الاربع. ورسالة الطيف: المشهورة وغير ذلک، وخلف لما مات ترکة عظيمة ألفي ألف درهم تسلمها ابنه أبوالفتح ومحقها ومات صعلوکا ومن شعر بهاء الدين رحمه الله:


أيا حاجري من غير جرم جنيته
ومن دأبه ظلمي وهجري فديته


أجرني رعاک الله من نار جفوة
وحر غرام في العباد اصطليته


وکن مسعفي فيما الاقي من الاسي
فهجرک ياکل المنايا نويته


أأظما غراما في هواک ولوعة
ولي دمع عين کالسحاب بکيته؟


وحقک لا أنسي العهود التي مضت
قديما ولا أسلو زمانا قضيته


ومن شعره ايضا:


کيف خلاصي من هوي شادن
حکمه الحسن علي مهجتي؟


بعاده ناري التي تتقي
وقربه لوزارني جنتي

[صفحه 450]

ما اتسعت طرف الهوي فيه لي
إلا وضاقت في الجفا حيلتي


ليت ليالي وصله عدن لي
يا حسرتا أين الليالي التي؟


وقال ايضا رحمه الله تعالي:


وجهه والقوام والشعر الاسود
في بهجة الجبين النضير


بدرتم علي قضيب عليه
ليل دجن من فوق صبح منير


وقال ايضا:


جنه سابق الغرام فجنا
وجفا منزلا وخلف مغني


ودعاه الهوي فلبي سريعا
وکذا شيمة المحب المعني


رام صبرا فلم يطعه غرام
غادر القلب بالصبابة رهنا


وجفا لذة الکري في رضا الحب
فأرضي قلبا وأسخط جفنا


أسهرت مقلتاه في طاعة الو
جد عيونا علي المخضب وسنا


کل ظامي الوشاح ريان من ما
ء التصابي أضنني المحب وعني


ما علي الدهر لو أعاد زمانا
سلبته أيدي الحوادث منا


وعلي من أحب لو شفع الحسن
الذي قيد العيون بحسني


وبروحي أفدي رشيق قوام
لاح بدرا وماس إذ ماس غصنا


يتجني ظلما فيحدث لي وجد
ا إذا صد عاتبا أو تجني


ما ثنانا عنه العذول وهل
ينسي غرامي وقده يتثني؟


کيف أسلو بدرا يشابهه البدر
سنا يسبي الحليم وأسني؟


لي معني فيه وفي صاحب الديوا
ن إذ رمت مدحه ألف معني


وقال ايضا رحمه الله تعالي:


طاف بها والليل وحف الجناح[3] .
بدر الدجي يحمل شمس الصباح


وفاز بالراحة عشاقه
لما بدا في کفه کاس راح


ظبي من الترک له قامة
يزري تثنيها بسمر الرماح


عارضه آس وفي خده
ورد نضير والثنايا إقاح

[صفحه 451]

عاطيته سهباء مشمولة
تجلي سنا الصبح إذا الصبح لاح


فسکنت سورته وانثني
فظل طوعي بعد طول الجماح


فبت لا أعرف طيب الکري
وبات لا ينکر طيب المزاح


فهل علي من بات صبا به
وإن نضا ثوب وقار جناح


وقال ايضا رحمه الله تعالي:


غزال النقا لولا ثناياک واللما
لما بت صبا مستهاما متيما


ولولا معان فيک أو جبن صبوتي
لما کنت من بعد الثمانين مغرما


أيا جنة الحسن الذي غادر الحشا
بفرط التجافي والصدود جهنما


جريت علي رسم من الجور واضح
أما آن يوما أن ترق وترحما


أمالک رقي کيف حللت جفوتي
وعدت لقتلي بالبعاد متمما


وحرمت من حلو الوصال محللا
وحللت من مر الجفاء محرما


بحسن التثني رق لي من صبابة
أسلت بها دمعي علي وجنتي دما


ورفقا بمن غادرته غرض الردي
إذا زار عن سخط بلادک مسلما


کأنت بساجي الطرف أحوي مهفهف
يميس فينسيک القضيب المنعما


يفوق الظبا والغصن حسنا وقامة
وبدر الدجي والبرق وجها ومبسما


فناظره في قصتي ليس ناظرا
وحاجبه في قتلتي قد تحکما


ومشرف صدغ ظل في الحکم جائرا
وعامل قد بان أعدي وأظلما


وعارضه لم يرث لي من شکاية
فنمت دموعي حين لاح منمنما


وترجمه صاحب «شذرات الذهب» ج 383:5 بعنوان بهاء الدين ابن الفخر عيسي الاربلي وعده من المتوفين في سنة 683 وأحسبه تصحيف 693. وجعلوه في فهرست الکتاب: عيسي بن الفخر الاربلي. زعما منهم بأن عيسي في کلام المصنف بدل من قوله بهاء الدين. وذکر له في الشذرات قوله:


أي عذر وقد تبدي العذار
إن ثناني تجلد واصطبار؟


فأقلا إن شئتما أو فزيدا
ليس لي عن هوي الملاح قرار


هل مجير من الغرام؟ وهيها
ت أسير الغرام ليس يجار

[صفحه 452]

يا بديع الجمال قد کثرت فيک
اللواحي وقلت الانصار


وذکره سيدنا صاحب «رياض الجنة» وقال: إنه کان وزيرا لبعض الملوک وکان ذا ثروة وشوکة عظيمة فترک الوزارة واشتغل بالتأليف والتصنيف والعبادة والرياضة في آخر أمره، وقد نظم بسبب ترکه المولي عبدالرحمن الجامي في بعض قصائده بقوله. ثم ذکر خمسة عشر بيتا باللغة الفارسية ضربنا عنها صفحا. والقصيدة علي انها خالية من اسم المترجم ومن الايعاز إليه بشئ يعرفه، تعرب عن أن الممدوح بها غادر بيئة وزارته إلي الحرم الاقدس وأقام هناک إلي أن مات. ومر عن إبن الفوطي: أن المترجم کان کاتبا إلي أن مات، وکون وفاته في بغداد ودفنه بداره المطلة علي دجلة في قرب الجسر الحديث من المتسالم عليه ولم يختلف فيه اثنان، وکان قبره معروفا يزار إلي أن ملک تلک الدار في هذه الآونة الاخيرة من قطع سبيل الوصول إليه وإلي زيارته، والناس مجزيون بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

توجد جملة کبيرة من شعره في العترة الطاهرة صلوات الله عليهم في کتابه «کشف الغمة» منها في ص 79 من قصيدة مدح بها أميرالمؤمنين عليه السلام وأنشدها في حضرته قوله:


سل عن علي مقامات عرفن به
شدت عري الدين في حل ومرتحل


بدرا واحدا وسل عنه هوازن
في أوطاس واسئل به في وقعة الجمل


واسئل به إذ أتي الاحزاب يقدمهم
عمرو وصفين سل إن کنت لم تسل


مآثر صافحت شهب النجوم علا
مشيدة قد سمت قدرا علي زحل


وسنة شرعت سبل الهدي وندي
أقام للطالب الجدوي علي السبل


کم من يد لک فينا يا أبا حسن
يفوق نائلها صوب الحيا الهطل؟


وکم کشفت عن الاسلام فادحة
أبدت لتفرس عن أنيابها العضل؟


وکم نصرت رسول الله منصلتا
کالسيف عري متناه من الخلل؟


ورب يوم کظل الرمح ما سکنت
نفس الشجاع به من شدة الوهل[4] .


ومأزق الحرب ضنک لا مجال به
ومنهل الموت لا يغني علي النهل

[صفحه 453]

والنقع قد ملا الارجاء عثيره[5] .
فصار کالجبل الموفي علي الجبل


جلوته بشبا البيض القواضب
والجرد السلاهب والعسالة الذبل[6] .


بذلت نفسک في نصر النبي ولم
تبخل وما کنت في حال أخا بخل


وقمت منفردا کالرمح منتصبا
لنصره غير هياب ولا وکل[7] .


تردي الجيوش بعزم لو صدمت به
صم الصفا لهوي من شامخ القلل


يا أشرف الناس من عرب ومن عجم!
وأفضل الناس في قول وفي عمل!


يا من به عرف الناس الهدي وبه
ترجي السلامة عند الحادث الجلل


يا من أعاد رسوم العدل جالية
وطال ما سترتها وحشة العطل


يا فارس الخيل والابطال خاضعة
يا من! له کل خلق الله کالخول[8] .


يا سيد الناس يا من لا مثيل له
يا من! مناقبه تسري سري المثل


خذ من مديحي ما أسطيعه کرما
فإن عجزت فإن العجز من قبلي


وسف اهدي لکم مدحا احبره
إن کنت ذا قدرة أو مد في أجلي


وله يمدح الامام الصادق عليه السلام قوله:


مناقب الصادق مشهورة
ينقلها عن صادق صادق


سما إلي نيل العلي وادعا
وکل عن إدراکه اللاحق


جري إلي المجد کآبائه
کما جري في الحلبة السابق


وفاق أهل الارض في عصره
وهو علي حالاته فايق


سماؤه بالجود هطالة
وسيبه هامي الحيا دافق


وکل ذي فضل بأفضاله
وفضله معترف ناطق

[صفحه 454]

له مکان في العلي شامخ
وطود مجد صاعد شاهق


من دوحة العز التي فرعها
سام علي أوج السها سامق[9] .


نايله صوب حيا مسبل
وبشره في صوبه بارق


صواب رأي إن عدا جاهل
وصوب غيث إن عرا طارق


کأنما طلعته مابدا
لناظريه ال د مر الشارق


له من الافضال حاد علي
البذل ومن أخلاقه سائق


يروقه بذل الندي واللها
وهو لهم أجمعهم رايق


خلائق طابت وطالت علا
أبدع في إيجادها الخالق


زشاد المعالي وسعي للعلي
فهي له وهو لها عاشق


إن أعضل الامر فلا يهتدي
إليه فهو الفاتق الراتق


يشوقه المجد ولا غرو أن
يشوقه وهو له شايق


مولاي إني فيکم مخلص
إن شاب بالحب لکم ماذق[10] .


لکم موال وإلي بابکم
أنضي[11] المطايا وبکم واثق


أرجو بکم نيل الاماني إذا
نجا مطيع وهوي مارق


وله يمدح الامام الکاظم موسي بن جعفر صلوات الله عليهما قوله:


مدايحي وقف علي الکاظم
فما علي العاذل واللائم؟


وکيف لا أمدح مولي غدا
في عصره خير بني آدم؟


ومن کموسي أو کآبائه
أو کعلي وإلي القائم؟


إمام حق يقتضي عدله
لو سلم الحکم إلي الحاکم


إفاضة العدل وبذل الندي
والکف عن عادية الظالم


يبسم للسائل مستبشرا
أفديه من مستبشر باسم


ليث وغي في الحرب دامي الشبا
وغيث جود کالحيا الساجم

[صفحه 455]

مآثر تعجز عن وصفها
بلاغة الناثر والناظم


في العلم بحر ذاخر مده
وفي الوغي أمضي من الصارم


يعفو عن الجاني ويولي الندي
ويحمل الغرم عن الغارم


ألقائم الصائم أکرم به
من قائم مجتهد صائم


من معشر سنوا الندي والقري
وشرفوا في الزمن القادم


وأحرزوا خصل العلي فاغتدوا
أشرف خلق الله في العالم


يروي المعالي عالم منهم
مصدق في النقل عن عالم


قد إستووا في شرف المرتقي
کما تساوت حلقة الخاتم


من ذا يجاريهم إذا ما اعتزوا
إلي علي وإلي فاطم؟


ومن يناويهم إذا عددوا
خير بني الطهر أبي القاسم؟


صلي عليه الله من مرسل
لما أتي من قبله خاتم


يا آل طه! أنا عبد لکم
باق علي حبکم اللازم


أرجو بکم نيل الاماني غدا
إذا استبانت حسرة النادم


معتصم منکم بود إذا
ما ظل شانيکم بلا عاصم


وله قوله وهو خاتمة کتابه «کشف الغمة» ص 350:


أيها السادة الائمة أنتم
خيرة الله أولا وأخيرا


قد سموتم إلي العلي فافترعتم
بمزاياکم المحل الخطيرا


أنزل الله فيکم هل أتي نصا
جليا في فضلکم مسطورا


من يجاريکم؟ وقد طهر الله
تعالي أخلاقکم تطهيرا


لکم سؤدد يقرره القرآن
لمن أسمع التقريرا


إن جري البرق في مداکم کبا من
دون غاياتکم کليلا حسيرا


وإذا أزمة عرت واستمرت
فتري للعصاة فيها صريرا


بسطوا للندي أکفا سباطا
ووجوها تحکي الصباح المنيرا


وأفاضوا علي البرايا عطايا
خلفت فيهم السحاب المطيرا


فتراهم عند الاعادي ليوثا
وتراهم عند العفاة بحورا

[صفحه 456]

يمنحون الولي جنة عدن
والعدو الشقي يصلي سعيرا


يطعمون الطعام في العسر واليسر
يتيما وبائسا وأسيرا


لا يريدون بالعطاء جزاء
محبطا أجر برهم أو شکورا


فکفاهم يوما عبوسا واعطا
هم الله علي البر نضرة وسرورا


وجزاهم بصبرهم وهو أولي
من جزي الخير جنة وحريرا


وإذا ما ابتدوا لفصل خطاب
شرفوا منبرا وزانوا سريرا


بخلوا الغيث نائلا وعطاء
واستخفوا يلملما وثبيرا


يخلفون الشموس نورا وإشراقا
وفي الليل يخجلون البدورا


أنا عبد لکم أدين بحبي
لکم الله ذا الجلال الکبيرا


عالم إنني أصبت وإن الله
يؤلي لطفا وطرفا قريرا


مال قلبي إليکم في الصبي الغ
ض وأحببتکم وکنت صغيرا


وتوليتکم وما کان في أهلي
ولي مثلي فجئت شهيرا


أظهر الله نورکم فأضاء ال
افق لما بدا وکنت بصيرا


فهداني إليکم الله لطفا بي
ومازال لي وليا نصيرا


کم أياد أولي؟ وکم نعمة أسدي
فلي أن أکون عبدا شکورا


أمطرتني منه سحائب جود
عاد حالي بهن غضا نضيرا


وحماني من حادثات عظام
عدت فيها مؤيدا منصورا


لو قطعت الزمان في شکر أدني
ما حباني به لکنت جديرا


فله الحمد دائما مستمرا
وله الشکر أولا وأخيرا


وقفنا علي قصائد غديرية في المجاميع المخطوطة ومعاجم الادب تعزي إلي اناس نحسبهم من رجال القرن السادس والسابع، غير أنا لم نعثر علي تراجم ناظمي عقودها ولم نجد لهم ذکرا في التآليف والکتب فضربنا عنها صفحا.

انتهي الجزء الخامس من کتاب الغدير

ويليه السادس انشاء الله

وما توفيقي الا بالله عليه توکلت واليه انيت

[صفحه 457]


صفحه 446، 447، 448، 449، 450، 451، 452، 453، 454، 455، 456، 457.








  1. کشف الغمة ص 324 و 31.
  2. قال ابن خلکان في تاريخه 1 ص 190: کتاب المستغيثين بالله تعالي عند المهمات والحاجات مجلد لطيف. فما ذکرناه في المتن عن کشف الظنون تصحيف.
  3. الوحف: الشعر الکثير الاسود الحسن. والواحف من الاجنحة: الکثير الريش.
  4. الوهل والوهلة: الفزع والفزعة.
  5. النقع: الغبار. عثير: التراب والعجاج.
  6. البيض: السيف. القواضب جمع قاضب يقال: سيف قاضب وقضاب وقضابة ومقضب شديد القطع. رجل قضابة: قطاع للامور مقتدر عليها. الجرد: الترس: السلاهب جمع السلهب: الطويل. العسالة من الرمح: ما يهتز لينا. الذبل جمع الذابل: الدقيق: المهزول. توصف بها الرماح.
  7. الوکل: الجبان. العاجز.
  8. الخول: العبيد والاماء.
  9. فاعل من سمق سمقا وسموقا: علا وطال فهو سامق وسمق.
  10. ماذق فلانا في الود: لم يخلص له الود.
  11. أنضي انضاء البعير: هزله.