حروب الإمام عليّ











حروب الإمام عليّ



يوم أن مسک الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام زمام الحکم بيده، وراح يطبّق ما کان قد تحدّث عنه ووعد الناس به، برز أمامه تدريجيّاً ما کان قد توقّعه؛ فالوضع لم يحتمل بسط العدل، ولم يُطِق حرکة الإصلاح والمساواة وإلغاء الامتيازات الوهميّة، فأخذت الفتن تطلّ برأسها، وبدأت أزمات الحکم.

ما يبعث علي الدهشة أنّ أوّل من استجاش الفتنة وأرباها هُم اُولئک النفر الذين کان لهم الدور الأکبر في إسقاط الحکم السابق، وإرساء قواعد الحکم الجديد!

ميزة هذا القسم من الموسوعة أنّه تناول بالبحث والتحليل مناشئ هذه الفتن وجذورها، وتابع مساراتها وما ترتّب عليها من تبعات. کما رصد

[صفحه 23]

بالتفصيل فتن «الناکثين» و«القاسطين» و«المارقين» التي تعدّ في حقيقتها انعکاساً لحرکة الإمام الإصلاحيّة، وردّ فعل علي مواضعه المبدئيّة الصُّلبة بإزاء الحقوق الإلهيّة، ودفاعه عن قيم الناس وحقوقها.

من النقاط المبدعة اللامعة في هذا القسم تسليط الضوء علي بعض الزوايا الفکريّة والنفسيّة والمواقف السياسيّة لمثيري الفتنة، ومتابعة تجلّيات ذلک بعمق ودقّة في حرکة خوارج النهروان.

إنّ هذا البحث- في الصيغة التي اکتسبتها هذه الدراسة من خلال معرفة الوثائق التاريخيّة، وتحرّي التوجيهات الروائيّة التي احتوت هذه الخصائص- لهو حديث مبتکر وتحليل بکر بديع.

علي أنّ هذا القسم برمّته هو أکثر أقسام الکتاب عِظة، وأعظمها درساً.



صفحه 23.