البعث لتأدية خسارات بني جذيمة











البعث لتأدية خسارات بني جذيمة



وجّه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بعد فتح مکّة خالد بن الوليد علي رأس کتيبة لدعوة قبيلة جذيمة بن عامر. وکان خالد يُکنّ حقداً قديماً لهذه القبيلة، فقتل نفراً منهم ظلماً وعدواناً، ومنوا بخسائر. فتبرّأ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من هذه الجريمة الشنعاء، وأمر عليّاً عليه السلام أن يذهب إليهم، ويعوّضهم عمّا تکبّدوه من خسائر، ويديهم بنحو دقيق. فأدّي عليه السلام المهمّة مراعياً غاية الدقّة في تنفيذها، وحين رجع أثني النبيّ صلي الله عليه و آله علي عمله، وأکّد، بکلمات ثمينة رفيعة، منزلته العليّة ودوره الکبير في هداية الاُمّة وتوجيه المسلمين في المستقبل.[1] .

241- الإمام الباقر عليه السلام: بعث رسول اللَّه صلي الله عليه و آله خالد بن الوليد- حين افتتح مکّة- داعياً، ولم يبعثه مقاتلاً، ومعه قبائل من العرب؛ سليم بن حصور، ومدلج بن مرّة، فوطئوا بني جذيمة بن عامر بن عبدمناة بن کنانة. فلمّا رآه القوم أخذوا السلاح، فقال خالد: ضعوا السلاح، فإنّ الناس قد أسلموا... فلمّا وضعوا السلاح أمر بهم خالد عند ذلک، فکتّفوا، ثمّ عرضهم علي السيف، فقتل من قتل

[صفحه 267]

منهم. فلمّا انتهي الخبر إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله رفع يديه إلي السماء، ثمّ قال: اللهمّ إنّي أبرأ إليک ممّا صنع خالد بن الوليد....

ثمّ دعا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عليّ بن أبي طالب- رضوان اللَّه عليه- فقال: يا عليّ، اخرج إلي هؤلاء القوم فانظر في أمرهم، واجعل أمر الجاهليّة تحت قدميک. فخرج عليّ حتي جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فوَدَي[2] لهم الدماء وما اُصيب لهم من الأموال، حتي إنّه ليَدي لهم مِيلَغة[3] الکلب، حتي إذا لم يبقَ شي ء من دم ولا مال إلّا وَدَاه بقيت معه بقيّة من المال.

فقال لهم عليّ- رضوان اللَّه عليه- حين فرغ منهم: هل بقي لکم بقيّة من دم أو مال لم يُودَ لکم؟ قالوا: لا. قال: فإنّي اُعطيکم هذه البقيّة من هذا المال، احتياطاً لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله ممّا لا يعلم ولا تعلمون، ففعل، ثمّ رجع إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فأخبره الخبر، فقال: أصبت وأحسنت.

ثمّ قام رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فاستقبل القبلة قائماً شاهراً يديه حتي إنّه ليري ما تحت مَنْکِبيه، يقول: «اللهمّ إنّي أبرأ إليک ممّا صنع خالد بن الوليد» ثلاث مرّات.[4] .

[صفحه 268]



صفحه 267، 268.





  1. الأمالي للصدوق: 252:237 ، الخصال: 562، بحارالأنوار: 5:142:21؛ تاريخ الطبري: 67:3، السيرة النبويّة لابن هشام: 71:4.
  2. وَدَيتُ القتيل: أعطيت ديته (لسان العرب: 383:15).
  3. هي الإناء الذي يَلغ فيه الکلب، يعني أعطاهم قيمة کلّ ما ذهب لهم حتي قيمة المِيلغة (لسان العرب: 460:8).
  4. السيرة النبويّة لابن هشام: 71:4، تاريخ الطبري: 66:3، تاريخ الإسلام للذهبي: 568:2 کلّها عن حکيم بن حکيم بن عباد بن حُنَيف، الکامل في التاريخ: 620:1 کلاهما نحوه وراجع الطبقات الکبري: 147:2 والمغازي: 875:3 تا 882.