سياسة الإمام عليّ











سياسة الإمام عليّ



خمسة وعشرون عاماً مضت علي خلافة الخلفاء، وقد اتّسعت الانحرافات، وتفشّي الاعوجاج الذي کان قد بدأبعد رحيل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، حتي بلغت الأوضاع في مداها حدّاً أملي علي الإمام عليّ عليه السلام أن يصف ما جري بأنّه «بليّة»[1] کتلک التي کانت قبل الإسلام، وذلک في خطاب حماسي خطير ألقاه بدء الخلافة.

في هذه البرهة العصيبة ثار الناس ضدَّ الخليفة وضدّ سلوکه ونهجه في الحکم، حتي إذا ما قُتل انثالوا علي الإمام بشکل مذهل، وهم يطالبونه باستلام الحکم.

لقد کان الإمام يُدرک تماماً أنّ ما ذهب لن يعود؛ إذ قلّما عاد شي ء أدبر. وعلي ضوء تقديره للأوضاع التي تناهت في صعوبتها امتنع في بادئ الأمر عن الاستجابة لهم، بيدَ أنّه لم يجد محيصاً عن إجابتهم بعد أن تعاظم إصرار المسلمين، وکثر التفافهم حوله.

کان أوّل ما طالعهم به في أوّل خطبة له حديثه عن التغييرات الواسعة التي يزمع القيام بها في المجتمع، کما أوضح في الحديث ذاته اُصول منهجه ومرتکزاته.

هذا القسم يبدأرحلته مع الإمام، فيسجِّل في البدء الأجواء التي لابست وصوله إلي السلطة وتسنّمه للحکم، ثمّ يتابع تفصيليّاً انطلاق

[صفحه 22]

حرکته الإصلاحيّة، متوفّراً علي رصد اُصول نهج الإمام ومرتکزات سياسته في التغييرات الواسعة التي قادها، والحرکة الإصلاحيّة التي تزعّمها، وما أثارت من أصداء في المجتمع، وما خلّفته من تبعات عليه.

من بين البحوث الأساسيّة الاُخري في هذا القسم رصد أبرز الاُصول التي اعتمدها الإمام في الإصلاح علي مختلف الصُّعد الثقافيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والقضائيّة والأمنيّة. کما سعي هذا القسم من الکتاب إلي متابعة رؤي الإمام عليه السلام في مجال السياسة، وعوامل استقرار الدول، وعوامل انحطاطها وزوالها، وطبيعة تعاون الدول بعضها مع بعض وغير ذلک ممّا له صلة بهذه الدائرة.



صفحه 22.





  1. نهج البلاغة: الخطبة 17، الکافي: 23: 67:8.