الشجاعة والأدب في الحديبيّة











الشجاعة والأدب في الحديبيّة



عزم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله علي التوجّه إلي مکّة في السنّة السادسة من الهجرة قاصداً العمرة، فسار حتي الحديبيّة، فعلمت قريش بمسيره، فخرجت من مکّة. واُخبر النبيّ صلي الله عليه و آله أنّ قريش عازمة علي صدّه ومنعه من دخول مکّة.

وبعثت قريش ممثّلاً عنها للتفاوض مع النبيّ صلي الله عليه و آله، کما بعث النبيّ صلي الله عليه و آله ممثلاً عنه أيضاً، فقرّروا أن يرجع النبيّ صلي الله عليه و آله تلک السنة ولا يدخل مکّة.[1] وعقدوا علي ذلک صلحاً بينهم، فکتب الإمام عليّ عليه السلام نصّ الصلح بيده.[2] .

193- الإرشاد عن فايد مولي عبداللَّه بن سالم: لمّا خرج رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في عمرة الحديبيّة نزل الجحفة فلم يجد بها ماءً، فبعث سعد بن مالک بالروايا، حتي إذا کان

[صفحه 222]

غير بعيد رجع سعد بالروايا فقال: يا رسول اللَّه، ما أستطيع أن أمضي! لقد وقفت قدماي رُعباً من القوم!! فقال له النبيّ صلي الله عليه و آله: اجلس.

ثمّ بعث رجلاً آخر، فخرج بالروايا حتي إذا کان بالمکان الذي انتهي إليه الأوّل رجع، فقال له النبيّ صلي الله عليه و آله: لِمَ رجعت؟! فقال: والذي بعثک بالحقّ ما استطعت أن أمضي رُعباً!!

فدعا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليهما، فأرسله بالروايا، وخرج السقاة وهم لا يشکّون في رجوعه لما رأوا من رجوع من تقدّمه، فخرج عليّ عليه السلام بالروايا، حتي ورد الحِرار[3] فاستقي، ثمّ أقبل بها إلي النبيّ صلي الله عليه و آله ولها زجل،[4] فکبّر النبيّ صلي الله عليه و آله، ودعا له بخير.[5] .

194- صحيح البخاري عن البراء بن عازب: لمّا صالح رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أهل الحديبيّة، کتب عليّ بينهم کتاباً، فکتب: محمّد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فقال المشرکون: لا تکتب «محمّد رسول اللَّه»؛ لو کنت رسولاً لم نقاتلک!! فقال لعليّ: امحُه. فقال عليّ: ما أنا بالذي أمحاه، فمحاه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بيده.[6] .

195- الإمام عليّ عليه السلام: إنّي کنت کاتب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم الحديبيّة، فکتبت: هذا

[صفحه 223]

ما صالح عليه محمّد رسول اللَّه وسهيل بن عمرو. فقال سهيل: لو علمنا أنّه رسول اللَّه ما قاتلناه! أمحُها. قلت: هو واللَّه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وإن رغم أنفک، لا واللَّه لا أمحوها! فقال لي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: أرِنيه، فأريته، فمحاها.[7] .

راجع: القسم العاشر/الخصائص العقائديّة/امتحن اللَّه قلبه للإيمان.

القسم السادس/وقعة صفّين/تعيين الحکم/وثيقة التحکيم.

[صفحه 225]



صفحه 222، 223، 225.





  1. الطبقات الکبري: 95:2، تاريخ الطبري: 620:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 363:2، السيرة النبويّة لابن هشام: 321:3، الکامل في التاريخ: 582:1، المغازي: 571:2؛ تاريخ اليعقوبي: 54:2.
  2. الطبقات الکبري: 97:2، تاريخ الطبري: 634:2، السيرة النبويّة لابن هشام: 331:3، الکامل في التاريخ: 585:1، المغازي: 610:2؛ تاريخ اليعقوبي: 54:2.
  3. حِرار: جمع حَرّة- وهي کثيرة في بلاد العرب؛ کحرّة أوطاس وحرّة تبوک- وهي أرض ذات حجارة سود نخرة کأنّها اُحرقت بالنار (تقويم البلدان: 234:2 و 245).
  4. الزَّجَل: الصوت (المحيط في اللغة: 23:7).
  5. الإرشاد: 121:1 وراجع الإصابة: 6972:269:5.
  6. صحيح البخاري: 2551:960:2، صحيح مسلم: 90:1409:3، مسند ابن حنبل: 18591:420:6، خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 191:334، السنن الکبري: 9189:111:5 نحوه وراجع صحيح البخاري: 3013:1163:3 وسنن الدارمي: 2412:687:2 وخصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 192:336.
  7. خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 190:333 عن علقمة بن قيس.