غزوة بني قُرَيظة











غزوة بني قُرَيظة



أخفقت المؤامرة الکبري التي تآزر عليها المشرکون واليهود في غزوة الخندق، ونکث بنو قريظة حلفهم الذي کان قد عقدوه مع المسلمين علي عدم التعرّض لهم، ومالؤوا المشرکين ضدّ النبيّ صلي الله عليه و آله،[1] فعزم صلي الله عليه و آله في غد ذلک اليوم الذي فرّ فيه المشرکون علي اقتحام حصن بني قريظة، وهو آخر وکر فسادٍ لليهود قرب المدينة.[2] وبعد أن صلّي صلي الله عليه و آله صلاة الظهر، أصدر أمره بالتعبئة العسکريّة، وأخبر المسلمين بإقامة صلاة العصر في حيّ «بني قريظة».[3] .

وتجلّت شخصيّة الإمام عليه السلام في هذا التحرّک أيضاً، وکان دوره فيه لافتاً للنظر لاُمور:

1- کانت راية الإسلام الخفّاقة بيده المقتدرة.[4] .

2- کان آمراً علي مقدّمة الجيش.[5] .

3- کان بنو قريظة قد تسامعوا به، ولمّا رأوه، قالوا: جاء قاتل عمرو بن

[صفحه 208]

عبدودّ. يقول ابن هشام: نزل بنو قريظة علي حکم سعد بن معاذ؛ لأنّ عليّ بن أبي طالب قال: «واللَّه لأذوقنّ ما ذاق حمزة أو لأفتحنّ حصنهم».[6] .

4- رضي اليهود بحکم سعد بن معاذ فيهم؛ إذ کانوا يظنّون أنّه سيحکم لهم بسبب الأواصر القديمة التي کانت تربطهم به، لکنّه حکم بقتل رجالهم، ومصادرة أموالهم، وسبي ذراريهم.[7] .

179- الإرشاد: لمّا انهزم الأحزاب وولّوا عن المسلمين الدبُر، عَمِل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله علي قصد بني قُرَيظة، وأنفذ أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام إليهم في ثلاثين من الخَزرج، فقال له: اُنظر بني قُرَيظة هل ترکوا حصونهم!

فلمّا شارف سورهم سمع منهم الهُجْر،[8] فرجع إلي النبيّ صلي الله عليه و آله فأخبره، فقال: دعهم، فإنّ اللَّه سيُمکّن منهم، إنّ الذي أمکنک من عمرو بن عبدودّ لا يخذلک، فقفْ حتي يجتمع الناس إليک، وأبشرْ بنصر اللَّه؛ فإنّ اللَّه قد نصرني بالرعب بين يديّ مسيرة شهر.

قال عليّ عليه السلام: فاجتمع الناس إليّ، وسرت حتي دنوت من سورهم، فأشرفوا عليَّ، فحين رأوني صاح صائح منهم: قد جاءکم قاتل عمرو، وقال آخر: قد أقبل إليکم قاتل عمرو، وجعل بعضهم يصيح ببعض ويقولون ذلک، وألقي اللَّه في قلوبهم الرعب، وسمعت راجزاً يرجز:


قَتَل عليٌّ عَمْرا
صاد عليٌّ صَقْرا


قَصَم عليٌّ ظَهْرا
أبرَم عليٌّ أمْرا


هَتَک عليٌّ سِتْرا

[صفحه 209]

فقلت: الحمد للَّه الذي أظهر الإسلام وقمع الشرک. وکان النبيّ صلي الله عليه و آله قال لي حين توجّهت إلي بني قُرَيظة: سِرْ علي برکة اللَّه؛ فإنّ اللَّه قد وعدک أرضهم وديارهم. فسِرت مستيقناً لنصر اللَّه عزّوجلّ حتي رَکزت الراية في أصل الحصن.[9] .

180- السيرة النبويّة- في ذکر نزول بني قُرَيظة علي حکم سعد بن معاذ-: إنّ عليّ بن أبي طالب صاح وهم محاصرو بني قريظة: يا کتيبة الإيمان. وتقدّم هو والزبير بن العوّام وقال: واللَّه لأذوقنّ ما ذاق حمزة أو لأفتحنّ حصنهم؛ فقالوا: يا محمّد، ننزل علي حکم سعد بن معاذ.[10] .

[صفحه 211]



صفحه 208، 209، 211.





  1. تاريخ الطبري: 571:2، المغازي: 455:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 287:2، السيرة النبويّة لابن هشام: 231:3، الکامل في التاريخ: 569:1؛ تاريخ اليعقوبي: 52:2.
  2. تاريخ الطبري: 581:2 و ص 583، السيرة النبويّة لابن هشام: 244:3، المغازي: 497:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 307:2 و ص 309، الکامل في التاريخ: 573:1.
  3. تاريخ الطبري: 581:2، السيرة النبويّة لابن هشام: 245:3، تاريخ الإسلام للذهبي: 308:2.
  4. الطبقات الکبري: 74:2، تاريخ الطبري: 582:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 311:2، السيرة النبويّة لابن هشام: 245:3، الکامل في التاريخ: 573:1؛ تاريخ اليعقوبي: 52:2.
  5. تاريخ الطبري: 582:2، السيرة النبويّة لابن هشام: 245:3، المغازي: 499:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 311:2، الکامل في التاريخ: 573:1؛ الإرشاد: 109:1.
  6. السيرة النبويّة لابن هشام: 251:3؛ الإرشاد: 109:1.
  7. الإرشاد: 111:1.
  8. هو الخَنا والقبيحُ من القول (النهاية: 245:5).
  9. الإرشاد: 109:1، کشف اليقين: 170:158، بحارالأنوار: 19:262:2.
  10. السيرة النبويّة لابن هشام: 251:3، البداية والنهاية: 122:4.وممّا تجدر الإشارة إليه هنا هو إنّهم إنّما رضوا بحکم سعد بن معاذ رجاء العفو عنهم؛ وذلک لوجود مودّة قديمة بينه وبينهم من قبل الإسلام، ولکنّ سعداً حکم بقتل الرجال وسبي النساء وغنيمة الأموال.