غزوة بني النضِير











غزوة بني النضِير



کان بنو النضير قد عقدوا حلفاً مع المسلمين، ثمّ همّوا بقتل النبيّ صلي الله عليه و آله. وکان صلي الله عليه و آله قد عرف تحرّکاتهم السرّيّة بعد اُحد، فقصد حصنهم لتقصّي الحقيقة، وکان مطلبه الظاهري دفع دية رجلين من قبيلة بني عامر.

تظاهر بنو النضير باستقباله صلي الله عليه و آله في مشارف الحصن، ولمّا نام صلي الله عليه و آله مع أصحابه في ظلّ الحصن، خطّطوا لقتله، لکنّه علم بمکيدتهم حين مهّدوا لتنفيذها فيمّم المدينة علي غفلة منهم[1] بعد أن نقضوا حلفهم ونکثوا عهدهم، فأمر بإجلائهم عن بيوتهم، وترحيلهم عن ديارهم، فکابروا ولجّوا، فحاصرهم في ربيع الأوّل

[صفحه 206]

سنة (4) من الهجرة.[2] وفي ضوء بعض المعلومات التاريخيّة نزحوا عن ديارهم أذلّةً صاغرين بعد أن قتل عشرة منهم.[3] .

178- الإرشاد: لمّا توجّه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلي بني النضِير، عَمِل علي حصارهم، فضرب قبّته في أقصي بني حُطَمة من البطحاء، فلّما أقبل الليل رماه رجل من بني النضير بسهم فأصاب القُبّة، فأمر النبيّ صلي الله عليه و آله أن تحوّل قبّته إلي السفح، وأحاط به المهاجرون والأنصار.

فلمّا اختلط الظلام فقدوا أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقال الناس: يا رسول اللَّه، لا نري عليّاً؟ فقال صلي الله عليه و آله: أراه في بعض ما يُصلح شأنکم. فلم يلبث أن جاء برأس اليهودي الذي رمي النبيّ صلي الله عليه و آله- وکان يقال له: عزورا- فطرحه بين يدي النبيّ صلي الله عليه و آله. فقال له النبيّ صلي الله عليه و آله: کيف صنعت؟ فقال: إنّي رأيت هذا الخبيث جريئاً شجاعاً، فکَمَنت له وقلت: ما أجرأه أن يخرج إذا اختلط الظلام يطلب منّا غُرّة،[4] فأقبل مُصلِتاً سيفه في تسعة نفر من أصحابه اليهود، فشددت عليه فقتلته وأفلت أصحابه ولم يبرحوا قريباً، فابعثْ معي نفراً؛ فإنّي أرجو أن أظفر بهم!

فبعث رسول اللَّه صلي الله عليه و آله معه عشرةً، فيهم: أبودجانة سِماک بن خرشة، وسهل بن حنيف، فأدرکوهم قبل أن يَلِجوا الحصن، فقتلوهم وجاؤوا برؤوسهم إلي النبيّ صلي الله عليه و آله، فأمر أن تُطرح في بعض آبار بني حُطَمة.

وکان ذلک سبب فتح حصون بني النضير.[5] .

[صفحه 207]



صفحه 206، 207.





  1. تاريخ الطبري: 551:2، السيرة النبويّة لابن هشام: 199:3، الکامل في التاريخ: 564:1.
  2. تاريخ الإسلام للذهبي: 245:2، السيرة النبويّة لابن هشام: 200:3.
  3. الإرشاد: 92:1 و93؛ المغازي: 371:1.
  4. الغُرّة: الغفلة (النهاية: 355:3).
  5. الإرشاد: 92:1؛ المغازي: 371:1 نحوه.