غزوة اُحد











غزوة اُحد



إنّ هزيمة المشرکين في بدر، وقتل صناديدهم ورؤسائهم يومذاک أوقدا غضب قريش وحفيظتها؛ فکانت کالأفعي المطعونة لا يقرّ لها قرار. من جهة اُخري کانت قريش قد رأت استبسال المسلمين في بدر وعشقهم للشهادة؛ فلابدّ لها- إذاً- من التخطيط للثأر.

لذا أقبلت علي شتّي القبائل لتصطحب مقاتليها وشجعانها لحرب محمّد صلي الله عليه و آله، وتولّت مصاريف القتال، وإعداد عدّته وسائر ما يتطلبّه، وتوجّهت صوب المدينة بجيش جرّار بلغ ثلاثة آلاف مقاتل، وفيه مئتا فرس،[1] وثلاثة آلاف بعير.[2] .

وعرف النبيّ صلي الله عليه و آله ذلک، فشاور أصحابه، ثمّ عزم علي القتال، وبعد صلاة الجمعة غادر المدينة ومعه قرابة ألف مقاتل صَوب «اُحد» التي کان العدوّ قد عسکر فيها.[3] .

[صفحه 190]

بدأ القتال صبيحة السابع من شوّال سنة 3 ه،[4] وکاد النصر يکون حليف المسلمين في البداية لولا ترک الرصَد مواضعهم من الجبل طمعاً في الغنائم، فباغتهم العدوّ، وإذا هم بوضعهم العسکريّ المتخلخل، أمام عدوٍّ حاقدٍ موتورٍ متفانٍ في سبيل هدفه- ممّا ذکر التاريخ تفاصيله- فتلقّوا ضرباب شديدة موجعة، وانکسروا،[5] وآثر کثير منهم الفرار علي البقاء، وترکوا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وحده في الميدان، ولم يثبت معه إلّا الإمام عليّ عليه السلام ونفر قليل، فکان عليه السلام يُحيط برسول اللَّه صلي الله عليه و آله ويدفع عنه الهجمات کالليث الهصور.

لقد کانت اُحد من أشدّ معارک النبيّ صلي الله عليه و آله وقعاً، وأکثرها دروساً وعِبَراً، وأبلغها تنبيهاً وتذکيراً، وکان الإمام عليه السلام فيها البطل الذي لا صنو له في دوره البارز المتفرّد؛ إذ:

1- کان رافع لوائها الأصلي؛[6] وهو لواء المهاجرين.[7] .

2- وبسيفه هلک صاحب لواء الشرک المغرور طلحة بن أبي طلحة.[8] .

3- وبضرباته المتوالية قتل بعد طلحة ثمانية غيره حملوا اللواء بعده، فأفناهم

[صفحه 191]

الواحد تلو الآخر، ولم يُرفع للشرک بعدهم لواء.[9] .

4- من المؤسف أنّ کثيراً من المسلمين لاذوا بالفرار بعد تضعضع الجيش، وهجوم العدوّ المباغت، وکان عليّ عليه السلام هو الذي يحمي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من مخاطر هجمات العدوّ في تلک اللحظات الصعبة الحاسمة.[10] .

5- نقل ابن اسحاق أنّ اثنين وعشرين من المشرکين قُتلوا في هذه المعرکة،[11] منهم اثنا عشر قتلهم الإمام عليه السلام.[12] .

6- أثني جبرئيل عليه السلام علي شهامة الإمام عليه السلام وقتاله في هذه الحرب، ودوّي النداء الملکوتي: «لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتي إلّا عليّ» في الآفاق.[13] .

7- أنافتْ جراح الإمام عليه السلام- رمز البطولة والشجاعة- علي تسعين جرحاً.[14] وانکسرت يده المنقذة للمظلوم القامعة للظالم في هذه الحرب.[15] .

8- لمّا ترک جيش الکفر ميدان الحرب، بعث رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من محلّ استخفائه عليّاً عليه السلام- مع ما به من جراحات مزّقت بدنه، ومن ضعف بسبب کثرة النزف- ليستطلع خبر العدوّ ويتأکّد من ترکه الميدان.[16] .

[صفحه 192]

154- تاريخ الطبري عن السدّي- في ذکر غزوة اُحد: إنّ طلحة بن عثمان صاحب لواء المشرکين قام فقال: يا معشر أصحاب محمّد! إنّکم تزعمون أنّ اللَّه يعجّلنا بسيوفکم إلي النار، ويعجّلکم بسيوفنا إلي الجنّة؛ فهل منکم أحد يعجّله اللَّه بسيفي إلي الجنّة، أو يعجّلني بسيفه إلي النار؟! فقام إليه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: والذي نفسي بيده لا اُفارقک حتي اُعجّلک بسيفي إلي النار، أو تعجّلني بسيفک إلي الجنّة، فضربه عليّ فقطع رجله فسقط فانکشفت عورته، فقال: أنشدک اللَّه والرحم يابن عمّ! فترکه، فکبّر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وقال لعليّ: ما منعک أن تجهز عليه؟ قال: إنّ ابن عمّي ناشدني حين انکشفت عورته، فاستحييت منه.[17] .

155- الإرشاد عن ابن إسحاق: کان صاحب لواء قريش يوم اُحد طلحة بن طلحة بن عبدالعزّي بن عثمان بن عبدالدار قتله عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وقتل ابنه أبا سعيد بن طلحة، وقتل أخاه کلدة بن أبي طلحة، وقتل عبداللَّه بن حميد بن زهرة بن الحارث بن أسد بن عبدالعزّي، وقتل أبا الحکم بن الأخنس بن شريق الثقفي، وقتل الوليد بن أبي حذيفة بن المغيرة، وقتل أخاه اُميّة بن أبي حذيفة بن المغيرة، وقتل أرطاة بن شرحبيل، وقتل هشام بن اُميّة وعمرو بن عبداللَّه الجمحي وبشر بن مالک، وقتل صُواباً مولي بني عبدالدار؛ فکان الفتح له، ورجوع الناس من هزيمتهم إلي النبيّ صلي الله عليه و آله بمقامه يذبّ عنه دونهم.

وتوجّه العتاب من اللَّه تعالي إلي کافّتهم لهزيمتهم- يومئذٍ- سواه ومن ثبت معه من رجال الأنصار وکانوا ثمانية نفر، وقيل: أربعة أو خمسة.

وفي قتله عليه السلام مَن قتلَ يوم اُحد وغَنائه في الحرب وحسن بلائه يقول الحجّاج

[صفحه 193]

ابن علاط السلمي:


للَّه أيُّ مذَبِّب عن حزبهِ[18] .
أعني ابن فاطمة المُعَمّ المُخْولا[19] .


جادت يداک له بعاجل طعنةٍ
ترکت طليحة للجبين مجدّلا[20] .


وشددت شدّة باسل فکشفتهم
بالسفح إذ يهوون أسفل أسفلا


وعللت سيفک بالدماء ولم تکن
لتردّه حرّان[21] حتي ينهلا[22] .


156- السيرة النبويّة عن مسلمة بن علقمة المازني: لمّا اشتدّ القتال يوم اُحد جلس رسول اللَّه صلي الله عليه و آله تحت راية الأنصار، وأرسل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلي عليّ بن أبي طالب رضوان اللَّه عليه: أن قَدِّم الراية.

فتقدّم عليّ فقال: أنا أبوالفُصَم- ويقال أبوالقُصَم-، فناداه أبوسعد بن أبي طلحة- وهو صاحب لواء المشرکين-: أن هل لک يا أبا القُصَم في البراز من حاجة؟ قال: نعم.

فبرزا بين الصفّين فاختلفا ضربتين، فضربه عليّ فصرعه، ثمّ انصرف عنه ولم يُجهز عليه، فقال له أصحابه: أفلا أجهزت عليه؟ فقال: إنّه استقبلني بعورته، فعطفتني عنه الرحم، وعرفت أنّ اللَّه عزّ وجلّ قد قتله.[23] .

157- المناقب لابن شهر آشوب عن زيد بن عليّ عن آبائه عليهم السلام: کُسرت زند عليّ

[صفحه 194]

يوم اُحد وفي يداه لواء رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فسقط اللواء من يده فتحاماه المسلمون أن يأخذوه، فقال رسول اللَّه: فضعوه في يده الشمال، فإنّه صاحب لوائي في الدنيا والآخرة.

وفي رواية غيره: فرفعه المقداد وأعطاه عليّاً، وقال صلي الله عليه و آله: أنت صاحب رايتي في الدنيا والآخرة.[24] .

158- المعجم الکبير عن أبي رافع: لمّا قتل عليّ رضي الله عنه يوم اُحد أصحاب الألوية قال جبريل عليه السلام: يا رسول اللَّه! إنّ هذه لهي المواساة. فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: إنّه منّي وأنا منه. قال جبريل: وأنا منکما يا رسول اللَّه.[25] .

159- تاريخ الطبري عن أبي رافع: لمّا قتل عليّ بن أبي طالب أصحاب الألوية أبصر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله جماعة من مشرکي قريش، فقال لعليّ: احمل عليهم، فحمل عليهم، ففرّق جمعهم، وقتل عمرو بن عبداللَّه الجمحي.

قال: ثمّ أبصر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله جماعة من مشرکي قريش، فقال لعليّ: احمل عليهم، فحمل عليهم ففرّق جماعتهم، وقتل شيبة بن مالک أحد بني عامر بن لؤيّ، فقال جبريل: يا رسول اللَّه! إنّ هذه للمواساة، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: إنّه منّي وأنا منه، فقال جبريل: وأنا منکما، قال: فسمعوا صوتاً:


لا سيف إلّا ذو الفقارِ
ولا فتي إلّا عليّ[26] .

[صفحه 195]

160- الإرشاد عن عبداللَّه بن مسعود- في ذکر غزوة اُحد: کان لواء المشرکين مع طلحة بن أبي طلحة وکان يدعي کبش الکتيبة، قال: ودفع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لواء المهاجرين إلي عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وجاء حتي قام تحت لواء الأنصار، قال: فجاء أبوسفيان إلي أصحاب اللواء فقال: يا أصحاب الألوية! إنّکم قد تعلمون أنّما يؤتي القوم من قبل ألويتهم، وإنّما اُتيتم يوم بدر من قبل ألويتکم؛ فان کنتم ترون أنّکم قد ضعفتم عنها فادفعوها إلينا نُکفِکُموها.

قال: فغضب طلحة بن أبي طلحة وقال: ألنا تقول هذا؟! واللَّه لاُوردنّکم بها اليوم حياض الموت قال: وکان طلحة يسمّي کبش الکتيبة، قال: فتقدّم وتقدّم عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال عليّ: من أنت قال: أنا طلحة بن أبي طلحة، أنا کبش الکتيبة، قال: فمن أنت؟ قال: أنا عليّ بن أبي طالب بن عبدالمطّلب، ثمّ تقاربا فاختلفت بينهما ضربتان، فضربه عليّ بن أبي طالب عليه السلام ضربة علي مقدّم رأسه، فبدرت عيناه وصاح صيحة لم يسمع مثلها قطّ، وسقط اللواء من يده، فأخذه أخ له يقال [له]:[27] مصعب، فرماه عاصم بن ثابت فقتله، ثمّ أخذ اللواء أخ له يقال له: عثمان، فرماه عاصم- أيضاً- فقتله، فأخذه عبدلهم يقال له: صُواب- وکان من أشدّ الناس- فضرب عليّ بن أبي طالب عليه السلام يده فقطعها، فأخذ اللواء بيده اليسري، فضربه علي يده فقطعها، فأخذ اللواء علي صدره وجمع يديه وهما مقطوعتان عليه، فضربه عليّ عليه السلام علي اُمّ رأسه فسقط صريعاً.

وانهزم القوم وأکبّ المسلمون علي الغنائم. ولمّا رأي أصحاب الشِّعب[28] .

[صفحه 196]

الناس يغنمون قالوا: يذهب هؤلاء بالغنائم ونبقي نحن، فقالوا لعبد اللَّه بن عمرو ابن حزم- الذي کان رئيساً عليهم: نريد أن نغنم کما غنم الناس، فقال: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أمرني أن لا أبرح من موضعي هذا، فقالوا له: إنّه أمرک بهذا وهو لا يدري أنّ الأمر يبلغ إلي ما تري! ومالوا إلي الغنائم وترکوه، ولم يبرح هو من موضعه، فحمل عليه خالد بن الوليد فقتله، وجاء من ظهر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يريده فنظر إلي النبيّ في حَفٍّ من أصحابه فقال لمن معه: دونکم هذا الذي تطلبون فشأنکم به، فحملوا عليه حملة رجل واحد ضرباً بالسيوف وطعناً بالرماح ورمياً بالنبل ورضخاً بالحجارة، وجعل أصحاب النبيّ صلي الله عليه و آله يقاتلون عنه حتي قتل منهم سبعون رجلاً.

وثبت أميرالمؤمنين عليه السلام وأبودجانة الأنصاري وسهل بن حنيف للقوم يدفعون عن النبيّ صلي الله عليه و آله وکثر عليهم المشرکون، ففتح رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عينيه ونظر إلي أميرالمؤمنين عليه السلام... فقال: يا عليّ! ما فعل الناس؟ فقال: نقضوا العهد وولّوا الدبر، فقال له: فاکفني هؤلاء الذين قد قصدوا قصدي، فحمل عليهم أميرالمؤمنين عليه السلام فکشفهم، ثمّ عاد إليه- وقد حملوا عليه من ناحية اُخري- فکرّ عليهم فکشفهم، وأبودجانة وسهل بن حنيف قائمان علي رأسه بيد کلّ واحد منهما سيفه ليذبّ عنه.[29] .

161- الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام: کان أصحاب اللواء يوم اُحد تسعة، قتلهم عليّ عن آخرهم، وانهزم القوم، وطارت مخزوم منذ فضحها عليّ بن أبي طالب يومئذٍ.

[صفحه 197]

قال: وبارز عليّ الحکم بن الأخنس فضربه فقطع رجله من نصف الفخذ فهلک منها.[30] .

162- المغازي: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال يوم اُحد: من له علم بذکوان بن عبدقيس؟ قال عليّ عليه السلام: أنا رأيت- يا رسول اللَّه- فارساً يرکض في أثره حتي لحقه وهو يقول: لا نجوتُ إن نجوتَ! فحمل عليه بفرسه وذکوان راجل، فضربه وهو يقول: خذها وأنا ابن علاج! فأهويت إليه وهو فارس، فضربت رجله بالسيف حتي قطعتها عن نصف الفخذ، ثمّ طرحته من فرسه، فذففت عليه وإذا هو أبوالحکم بن الأخنس بن شريق ابن علاج بن عمرو بن وهب الثقفي.[31] .

163- الإمام الصادق عليه السلام: لمّا انهزم الناس يوم اُحد عن النبيّ صلي الله عليه و آله انصرف إليهم بوجهه وهو يقول: أنا محمّد، أنا رسول اللَّه، لم اُقتل ولم أمُت... وکان الناس يحملون علي النبيّ صلي الله عليه و آله الميمنة فيکشفهم عليّ عليه السلام، فإذا کشفهم أقبلت الميسرة إلي النبيّ صلي الله عليه و آله، فلم يزل کذلک حتي تقطّع سيفه بثلاث قطع، فجاء إلي النبيّ صلي الله عليه و آله فطرحه بين يديه وقال: هذا سيفي قد تقطّع، فيومئذٍ أعطاه النبيّ صلي الله عليه و آله ذا الفقار، ولمّا رأي النبيّ صلي الله عليه و آله اختلاج[32] ساقيه من کثرة القتال رفع رأسه إلي السماء وهو يبکي وقال: يا ربّ وعدتني أن تظهر دينک وإن شئت لم يعيِک، فأقبل عليّ عليه السلام إلي النبيّ صلي الله عليه و آله فقال: يا رسول اللَّه، أسمع دويّاً شديداً، وأسمع «أقدِم حَيْزُومُ»[33] وما أهمّ أضرب أحداً إلّا سقط ميّتاً قبل أن أضربه؟ فقال: هذا جبرئيل وميکائيل وإسرافيل في

[صفحه 198]

الملائکة، ثمّ جاء جبرئيل عليه السلام فوقف إلي جنب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فقال: يا محمّد! إنّ هذه لهي المواساة، فقال: إنّ عليّاً منّي وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منکما. ثمّ انهزم الناس.[34] .

164- الإمام الکاظم عليه السلام: إنّ جبرئيل قال يوم اُحد: يا محمّد! إنّ هذه لهي المؤاساة من عليّ. قال: لأ نّه منّي وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منکما يا رسول اللَّه عليه السلام. ثمّ قال: لا سيف إلّا ذو الفقار، ولا فتي إلّا عليّ، فکان کما مدح اللَّه تعالي به خليله عليه السلام إذ يقول: «فَتًي يَذْکُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ و إِبْرَ هِيمُ».[35] .

165- الکافي عن نعمان الرازي عن الإمام الصادق عليه السلام: انهزم الناس يوم اُحد عن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فغضب غضباً شديداً، قال: وکان إذا غضب انحدر عن جبينيه مثل اللؤلؤ من العرق، قال: فنظر فإذا عليّ عليه السلام إلي جنبه، فقال له: ألحق ببني أبيک مع من انهزم عن رسول اللَّه، فقال: يا رسول اللَّه، لي بک اُسوة، قال: فاکفني هؤلاء، فحمل فضرب أوّل من لقي منهم، فقال جبرئيل عليه السلام: إنّ هذه لهي المؤاساة يا محمّد، فقال: إنّه منّي وأنا منه، فقال جبرئيل عليه السلام: وأنا منکما يا محمّد.

فقال أبوعبداللَّه عليه السلام: فنظر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلي جبرئيل عليه السلام علي کرسيّ من ذهب بين السماء والأرض وهو يقول: لا سيف إلّا ذو الفقار، ولا فتي إلّا عليّ.[36] .

166- السيرة النبويّة عن ابن أبي نجيح: نادي منادٍ يوم اُحد:

[صفحه 199]

لا سيف إلّا ذو الفقارِ
ولا فتي إلّا عليّ[37] .


167- المناقب للخوارزمي عن أبي ذرّ عن الإمام عليّ عليه السلام- للمهاجرين والأنصار بعد حصول البيعة لعثمان: ناشدتکم اللَّه تعالي، هل تعلمون- معاشر المهاجرين والأنصار- أنّ جبرئيل عليه السلام أتي النبيّ صلي الله عليه و آله فقال: يا محمّد، لا سيف إلّا ذو الفقار، ولا فتي إلّا عليّ؟ هل تعلمون کان هذا؟ قالوا: اللهمّ نعم.[38] .

168- تاريخ الطبري: قاتل مصعب بن عمير دون رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ومعه لواؤه حتي قتل، وکان الذي أصابه ابن قميئة الليثي، وهو يظنّ أنّه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فرجع إلي قريش فقال: قتلت محمّداً، فلمّا قتل مصعب بن عمير أعطي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله اللواء عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.[39] .

169- الإرشاد: لمّا انهزم الناس عن النبيّ صلي الله عليه و آله في يوم اُحد، وثبت أميرالمؤمنين عليه السلام قال[40] له: ما لَکَ لا تذهب مع القوم، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام:

[صفحه 200]

أذهب وأدعک يا رسول اللَّه؟! واللَّه لابرحت حتي اُقتل أو ينجز اللَّه لک ما وعدک من النصر، فقال له النبيّ صلي الله عليه و آله: أبشر يا عليّ؛ فإنّ اللَّه منجز وعده، ولن ينالوا منّا مثلها أبداً.

ثمّ نظر إلي کتيبة قد أقبلت إليه، فقال له: لو حملت علي هذه يا عليّ، فحمل أميرالمؤمنين عليه السلام، فقتل منها هشام بن اُميّة المخزومي وانهزم القوم. ثمّ أقبلت کتيبة اُخري، فقال له النبيّ صلي الله عليه و آله: احمل علي هذه، فحمل عليها فقتل منها عمرو بن عبداللَّه الجمحي، وانهزمت أيضاً. ثمّ أقبلت کتيبة اُخري، فقال له النبيّ صلي الله عليه و آله: احمل علي هذه، فحمل عليها فقتل منها بشر بن مالک العامري وانهزمت الکتيبة، فلم يعد بعدها أحد منهم.

وتراجع المنهزمون من المسلمين إلي النبيّ صلي الله عليه و آله وانصرف المشرکون إلي مکّة وانصرف النبيّ صلي الله عليه و آله إلي المدينة، فاستقبلته فاطمة عليهاالسلام ومعها إناء فيه ماء، فغسل به وجهه، ولحقه أميرالمؤمنين عليه السلام وقدخضب الدم يده إلي کتفه ومعه ذو الفقار، فناوله فاطمة عليهاالسلام وقال لها: خذي هذا السيف فقد صدقني اليوم. وأنشأ يقول:


أفاطم هاک السيف غيرذميمِ
فلست بِرِعْديد ولا بمُليمِ[41] .


لعمري لقد أعذرتُ في نصرأحمدٍ
وطاعة ربّ بالعباد عليمِ


أميطي دماء القوم عنه فإنّهُ
سقي آل عبدالدار کأس حميمِ


وقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: خذيه يا فاطمة، فقد أدّي بعلک ما عليه وقد قتل اللَّه بسيفه

[صفحه 201]

صناديد قريش.[42] .

170- الإمام عليّ عليه السلام- حينما رجع من غزوة اُحد وأعطي فاطمة عليهاالسلام سيفه:


أفاطم هاک السيف غير ذميمِ
فلست برعديد ولا بمُليمِ


لعمري لقد قاتلتُ في حبّ أحمدٍ
وطاعة ربٍّ بالعباد رحيمِ


وسيفي بکفّي کالشهاب أهزّهُ
أجُذّ به من عاتقٍ وصميمِ


فما زلت حتي فضّ ربّي جموعهم
وحتي شَفَينا نفس کلّ حليمِ[43] .


171- المغازي عن الإمام عليّ عليه السلام: لمّا کان يوم اُحد وجال الناس تلک الجولة أقبل اُميّة بن أبي حذيفة بن المغيرة، وهو دارع مقنّع في الحديد، ما يري منه إلّا عيناه، وهو يقول: يوم بيوم بدر، فيعترض له رجل من المسلمين فيقتله اُميّة.

قال عليّ عليه السلام: وأصمد له فأضربه بالسيف علي هامته وعليه بيضة وتحت البيضة مغفر، فنبا سيفي، وکنت رجلاً قصيراً، ويضربني بسيفه فأتّقي بالدَّرَقة، فلحج[44] سيفه فأضربه- وکانت درعه مشمّرة- فأقطع رجليه، ووقع فجعل يعالج سيفه حتي خلّصه من الدَّرَقة،[45] وجعل يناوشني وهو بارک علي رکبتيه، حتي نظرت إلي فتق تحت إبطه فأخشّ بالسيف فيه، فمال ومات وانصرفت عنه.[46] .

[صفحه 202]

172- الإرشاد عن سعيد بن المسيّب: لو رأيت مقام عليّ يوم اُحد لوجدته قائماً علي ميمنة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يذبّ عنه بالسيف وقد ولّي غيره الأدبار.[47] .

173- الإمام الباقر عليه السلام: أصاب عليّاً عليه السلام يوم اُحد ستّون جِراحة.[48] .

174- تفسيرالقمّي عن أبي واثلة شقيق بن سلمة- في عليّ عليه السلام: أصابه في وجهه ورأسه وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جِراحة.[49] .

175- اُسد الغابة عن سعيد بن المسيّب: لقد أصابت عليّاً يوم اُحد ستّ عشرة ضربة، کلّ ضربة تلزمه الأرض، فما کان يرفعه إلّا جبريل عليه السلام.[50] .

176- السيرة النبويّة عن ابن إسحاق: لمّا انصرف أبوسفيان ومن معه نادي: إنّ موعدکم بدر للعام القابل، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لرجل من أصحابه: قل: نعم، هو بيننا وبينکم موعد.

ثمّ بعث رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عليّ بن أبي طالب فقال: اُخرج في آثار القوم، فانظر ماذا يصنعون وما يريدون، فإن کانوا قد جنّبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنّهم يريدون مکّة، وإن رکبوا الخيل وساقوا الإبل فإنّهم يريدون المدينة، والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرنّ إليهم فيها، ثمّ لاُناجزنّهم!

قال عليّ: فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون، فجنّبوا الخيل وامتطوا

[صفحه 203]

الإبل ووجّهوا إلي مکّة.[51] .

177- الإمام عليّ عليه السلام: لمّا أنزل اللَّه سبحانه قوله: «الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَکُواْ أَن يَقُولُواْء َامَنَّا وَ هُمْ لَا يُفْتَنُونَ»[52] علمتُ أنّ الفتنة لا تنزل بنا ورسول اللَّه صلي الله عليه و آله بين أظهُرنا، فقلت: يا رسول اللَّه، ما هذه الفتنة التي أخبرک اللَّه تعالي بها؟ فقال:

يا عليّ، إنّ اُمّتي سيفتنون من بعدي. فقلت: يا رسول اللَّه، أوَليس قد قلتَ لي يوم اُحدٍ حيث استُشهِدَ من استشهد من المسلمين، وحِيزَتْ عنّي الشهادة، فشقّ ذلک عليَّ، فقلت لي: أبشِر؛ فإنّ الشهادة من ورائک.

فقال لي: إنّ ذلک لکذلک، فکيف صبرک إذن؟ فقلتُ: يا رسول اللَّه، ليس هذا من مواطن الصبر، ولکن من مواطن البُشري والشکر.[53] .

[صفحه 205]



صفحه 190، 191، 192، 193، 194، 195، 196، 197، 198، 199، 200، 201، 202، 203، 205.





  1. تاريخ الطبري: 504:2 تا 507، المغازي: 203:1 و 204، الکامل في التاريخ: 549:1، تاريخ الإسلام للذهبي: 166:2.
  2. المغازي: 203:1 و ص 204 و 206، السيرة الحلبيّة: 218:2.
  3. تاريخ الطبري: 503:2.
  4. المغازي: 199:1 و ص 208، الکامل في التاريخ: 547:1، السيرة الحلبيّة: 216:2.
  5. تاريخ الطبري: 513:2، الکامل في التاريخ: 551:1، تاريخ الإسلام للذهبي: 173:2، المغازي: 229:1، السيرة الحلبيّة: 226:2.
  6. تاريخ دمشق: 72:42؛ إعلام الوري: 374:1، بشارة المصطفي: 186.
  7. الإرشاد: 801؛ المغازي: 215:1، تاريخ الطبري: 516:2، السيرة النبويّة لابن هشام: 77:3، تاريخ الإسلام للذهبي: 170:2 و ص 177، الکامل في التاريخ: 552:1.
  8. المغازي: 226:1، تاريخ الطبري: 509:2 وفيه «طلحة بن عثمان»، السيرة النبويّة لابن هشام: 158:3؛ الإرشاد: 91:1.
  9. الإرشاد: 88:1، بشارة المصطفي: 186؛ تاريخ الطبري: 514:2.
  10. تاريخ الطبري: 518:2، المغازي: 240:1؛ الإرشاد: 82:1.
  11. السيرة النبويّة لابن هشام: 135:3.
  12. الإرشاد: 91:1.
  13. تاريخ الطبري: 514:2، الکامل في التاريخ: 552:1؛ الکافي: 90:110:8، الإرشاد: 87:1.
  14. تفسير القمّي: 116:1، مجمع البيان: 826:2؛ الخرائج والجرائح: 235:148:1، السيرة الحلبيّة: 236:2.
  15. المناقب لابن شهر آشوب: 299:3.
  16. تاريخ الطبري: 527:2، السيرة النبويّة لابن هشام: 100:3، الکامل في التاريخ: 556:1.
  17. تاريخ الطبري: 509:2 وراجع المغازي: 226:1 والسيرة الحلبيّة: 223:2.
  18. وفي نسخة «حرمة».
  19. المُعَمُّ المُخْوَل: الکثير الأعمام والأخوال والکريمهم (الصحاح: 1992:5).
  20. مجَدَّلاً: أي مرميّاً ملقيً علي الأرض قتيلاً (النهاية: 248:1).
  21. أي عطشان (لسان العرب: 178:4).
  22. الإرشاد: 91:1، کشف الغمّة: 196:1 وراجع السيرة النبويّة لابن هشام: 159:3.
  23. السيرة النبويّة لابن هشام: 77:3، البداية والنهاية: 20:4.
  24. المناقب لابن شهر آشوب: 299:3.
  25. المعجم الکبير: 941:318:1، فضائل الصحابة لابن حنبل: 1119:657:2؛ الاحتجاج: 271:340:2 عن أبي محمّد رفعه إلي الإمام الکاظم عليه السلام وليس فيه «لمّا قتل علي رضي الله عنه يوم اُحد أصحاب الألوية»، العمدة: 303:200، المناقب للکوفي: 387:480:1 عن جابر عن الإمام الباقر عليه السلام.
  26. تاريخ الطبري: 514:2، الکامل في التاريخ: 551:1 و 552؛ بشارة المصطفي: 186 نحوه، المناقب للکوفي: 398:491:1 و ص 403:495.
  27. الزيادة منّا لتتميم العبارة.
  28. الشِّعْب: ما انفرج بين جبلين (لسان العرب: 499:1).
  29. الإرشاد: 80:1، کشف الغمّة: 192:1 وراجع تفسير القمّي: 112:1.
  30. الإرشاد: 88:1 عن أبي عبيدة.
  31. المغازي: 283:1، شرح نهج البلاغة: 275:14.
  32. الاختلاج: الحرکة والاضطراب (النهاية: 60:2).
  33. اسم فرس جبرئيل عليه السلام (النهاية: 467:1). وحيزوم: منادي؛ أي أقدم يا حيزوم.
  34. الکافي: 502:318:8 عن الحسين أبي العلاء الخفّاف وراجع تفسير القمّي: 116:1.
  35. الأنبياء: 60، عيون أخبار الرضا: 9:85:1، الاحتجاج: 271:340:2.
  36. الکافي: 90:110:8 وراجع علل الشرائع: 3:7 وتفسير فرات: 78:95.
  37. السيرة النبويّة لابن هشام: 106:3، المناقب لابن المغازلي: 234:197 عن أبي رافع، شرح نهج البلاغة: 29:1 و ج 219:7 وزاد في ذيله «إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال: هذا صوت جبرئيل»؛ الإرشاد: 871 عن سعد بن طريف عن الإمام الباقر عن آبائه عليهم السلام وعن أبي رافع وعن عکرمة عن الإمام عليّ عليه السلام، معاني الأخبار: 1:119، الأمالي للصدوق: 292:268 کلاهما عن أبان بن عثمان عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عليهم السلام، تفسير القمّي: 116:1 عن أبي واثلة، الأمالي للطوسي: 232:143 عن محمّد بن إسحاق عن مشيخته، شرح الأخبار: 282:1 و ج 739:381:2 عن سفيان الثوري بإسناده عن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله.
  38. المناقب للخوارزمي: 296:301؛ الطرائف: 414 کلاهما عن أبي ذرّ، نهج السعادة: 122:1 وراجع الاحتجاج: 55:324:1.
  39. تاريخ الطبري: 516:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 177:2، السيرة النبويّة لابن هشام: 77:3 کلاهما عن ابن إسحاق، الکامل في التاريخ: 552:1.
  40. في المصدر: «فقال»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  41. رجلٌ رِعْديد: جبان يُرعَد عند القتال جبناً. والمَلِيم: مَن استحقّ اللَّوْم (لسان العرب: 179:3 و ج 557:12).
  42. الإرشاد: 89:1 وراجع إعلام الوري: 378:1 وشرح الأخبار: 280:286:1 ودعائم الإسلام: 374:1 والمناقب للکوفي: 369:466:1 و ص 382:477 و ص 392:485 وبحارالأنوار: 87:20.
  43. تاريخ الطبري: 533:2؛ بشارة المصطفي: 187 عن أبي رافع نحوه.
  44. أي نشِب فيه (النهاية: 236:4).
  45. الدَّرَقة: تُرْس من جلود ليس فيه خشب ولا عَقَب (لسان العرب: 95:10).
  46. المغازي: 279:1؛ الإرشاد:88:1 عن أبي عبيدة عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام نحوه.
  47. الإرشاد: 88:1.
  48. مجمع البيان: 852:2 عن أبان بن عثمان، بحارالأنوار: 4:3:41.
  49. تفسير القمّي: 116:1، بحارالأنوار: 3:54:20.
  50. اُسد الغابة: 3789:93:4؛ شرح الأخبار: 762:415:2 عن سعد بن المسيّب، المناقب لابن شهر آشوب: 240:2 کلاهما نحوه.
  51. السيرة النبويّة لابن هشام: 100:3، تاريخ الطبري: 527:2، الکامل في التاريخ: 556:1 نحوه.
  52. العنکبوت: 1 و 2.
  53. نهج البلاغة: الخطبة 156.