تحريف التاريخ في قضيّة المؤازرة
[صفحه 150] ومن الطبيعي أن يکون نقل الطبري مثاراً للتساؤل ومدعاه للتأسّف! والتأمّل فيه يدلّ علي أنّه کان مُکرَهاً متحکّماً فيه، وإلّا فماذا يعني قوله: «إن هذا أخي وکذا وکذا، فاسمعوا له...»؟! علماً أنّ قوله: «فاسمعوا له وأطيعوه» ينطوي علي مکنون سرّ يُشعر بحذفٍ لروح الکلام ولبابه! وقد حذا ابن کثير حذو الطبري أيضاً، فنقل ذلک في تفسيره، وتاريخه، وسيرته النبويّة بالنحو الذي أورده الطبري في تفسيره؛ أي بشکله المقطّع، وهذا ما يُثير الدهشة والعجب، إذ إنّ «تاريخ الطبري» أهمّ مصدر ومرجع اعتمد عليه ابن کثير في «البداية والنهاية».[3] . و ذکر الکاتب المصري محمّد حسين هيکل تلک الحادثة في الطبعة الاُولي من کتابه «حياة محمّد»، مع حذف لمواضع منها، لکنّه حذف الخبر کلّه في الطبعة الثانية وما تلاها من طبعات![4] . و حاول ابن تيميّة أيضاً أن يطعن في السند، وأحياناً في المتن، وامتري في أصل الحادثة، وقد رُدَّ عليه بأجوبة مفصّلة.[5] . [صفحه 151]
إنّ ما أوردناه هو عين ما نقله المؤرّخون، والمحدّثون، والمفسّرون بطرق مختلفة وأسانيد متنوّعة، وسيأتي في الصفحات القادمة،[1] وهو ما ذکره الطبري أيضاً في تاريخه مفصّلاً؛ بيد أنّه في تفسيره بعد أن نقل الرواية بنفس السند الوارد في تاريخه، غيّر فيها فقال: «علي أن يکون أخي وکذا وکذا» بدل «علي أن يکون أخي ووصيّي وخليفتي فيکم»، وأباح لنفسه تحريف الکلام النبوي وهو يواصل کلامه، فقال: «إنّ هذا أخي وکذا وکذا فاسمعوا له وأطيعوه» مکان «إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيکم؛ فاسمعوا له وأطيعوه»![2] .
صفحه 150، 151.