الاب
وکان أعبدالمطّلب الوجه المتألِّق في قريش، وله منزلته السامقة في أوساطها. ثمّ جاء بعده ولده أبوطالب فورث تلک المکانة الاجتماعيّة العليّة.[2] . وکانت اُسرة أبي طالب أوّل الاُسر التي اجتمع فيها زوجان هاشميّان.[3] . تولّي أبوطالب رعاية النبيّ صلي الله عليه و آله الذي فقد أبويه في طفولته، ثمّ فقد جدّه.[4] . ولمّا بُعث أمين قريش صلي الله عليه و آله لم يدّخر أبوطالب وسعاً في دعمه ومؤازرته علي ما هو بسبيله في مسيرته الجهادية الشاقّة. وآمن به أرسخ الإيمان،[5] وأصحر بذلک في شِعره.[6] وکانت منزلته [صفحه 63] الاجتماعيّة السامية بين قريش وأهل مکّة، ودعمه السخيّ لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله، حائلَين أصليّين دون وصول الأذي إليه صلي الله عليه و آله من قريش.[7] . رافقه في حصار الشِّعب، وتحمّل مصائب المقاطعة الاقتصاديّة علي کبر سنّه، ولم يتنازل عن معاضدته ومواساته.[8] . وکان له حقّ عظيم علي الإسلام والمسلمين في غربة الدين يومئذٍ. وبعد خروجه من الشعب فارق الحياة حميداً. ففقد النبيّ صلي الله عليه و آله بوفاته ووفاة خديجة عليهماالسلام عضدَين وفيّين مضحّيين. واشتدّ أذي قريش وتعذيبها للمؤمنين عقب ذلک.[9] . 5- کمال الدين عن الأصبغ بن نباتة: سمعت أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه يقول: واللَّه ما أعبدأبي ولا جدّي أعبدالمطّلب ولا هاشم ولا أعبدمناف صنماً قطّ! قيل له: فما کانوا يعبدون؟ قال: کانوا يصلّون إلي البيت علي دين إبراهيم عليه السلام، متمسّکين به.[10] . 6- الإمام الصادق عليه السلام: إنّ أباطالب أظهر الکفر وأسرّ الإيمان. فلمّا حضرته الوفاة أوحي اللَّه عزّ وجلّ إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: اُخرج منها؛ فليس لک بها ناصر. فهاجر إلي المدينة.[11] . [صفحه 64] 7- عنه عليه السلام: کان أميرالمؤمنين عليه السلام يعجبه أن يُروي شعر أبي طالب وأن يُدوَّن، وقال: تعلَّموه وعلِّموه أولادکم؛ فإنّه کان علي دين اللَّه، وفيه علم کثير.[12] . 8- إيمان أبي طالب عن عليّ بن محمّد الصوفي العلوي العمري: أنشدني أبوأعبداللَّه بن منعية[13] الهاشمي- معلّمي بالبصرة- لأبي طالب: لقد أکرم اللَّه النبيّ محمّداً وشقّ له من اسمه لِيُجلَّه 9- إيمان أبي طالب عن ضوء بن صلصال: کنت أنصر النبيّ صلي الله عليه و آله مع أبي طالب قبل إسلامي، فإنّي يوماً لجالس بالقرب من منزل أبي طالب في شدّة القيظ، إذ خرج أبوطالب إليّ شبيهاً بالملهوف، فقال لي: يا أباالغضنفر، هل رأيت هذين الغلامين؟- يعني النبيّ وعليّاً صلوات اللَّه عليهما- فقلت: ما رأيتهما مذ جلست، فقال: قم بنا في الطلب لهما؛ فلست آمَنُ قريشاً أن تکون اغتالتهما. قال: فمضينا حتي خرجنا من أبيات مکّة، ثمّ صرنا إلي جبل من جبالها فاستَرْقيناه إلي قلّته، فإذا النبيّ صلي الله عليه و آله وعليّ عليه السلام عن يمينه وهما قائمان بإزاء عين الشمس يرکعان ويسجدان. قال: فقال أبوطالب لجعفر ابنه: صِل جناح ابن عمّک، فقام إلي جنب عليّ، فأحسّ بهما النبيّ صلي الله عليه و آله فتقدّمهما، وأقبلوا علي أمرهم حتي فرغوا ممّا کانوا فيه، ثمّ أقبلوا نحونا، فرأيت السرور يتردّد في وجه [صفحه 65] أبي طالب، ثمّ انبعث يقول: إنّ عليّاً وجعفراً ثقتي لا تخذلا وانصرا ابن عمّکما واللَّه لا أخذل النبيّ ولا 10- الفصول المختارة- في ذکر ما جري في شعب أبي طالب-: لمّا نامت العيون، جاء أبوطالب ومعه أميرالمؤمنين عليه السلام فأقام رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وأضجع أميرالمؤمنين عليه السلام مکانه، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: يا أبتاه، إنّي مقتول، فقال أبوطالب: اصبِرنْ يا بُنيّ فالصبر أحجي قد بذلناک والبلاء شديدٌ لفداء الأغرّ ذي الحسب الثا إن تُصبْک المنون فالنبل يبري کلّ حيٍّ وإن تملي بعيشٍ قال: فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: أتأمرني بالصبر في نصر أحمدٍ ولکنّني أحببت إظهارَ نصرتي وسعيي لوجه اللَّه في نصر أحمدٍ [صفحه 66] 11- الکافي عن إسحاق بن جعفر عن الإمام الصادق عليه السلام: قيل له: إنّهم يزعمون أنّ أباطالب کان کافراً؟ فقال: کذبوا، کيف يکون کافراً وهو يقول: ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّداً وفي حديث آخر: کيف يکون أبوطالب کافراً وهو يقول: لقد علموا أنّ ابننا لا مکذَّبٌ وأبيض يُستسقي الغمامُ بوجههِ 12- إيمان أبي طالب عن الحسن بن جمهور العمي يرفعه: قيل لتأبّط شرّاً الشاعر- واسمه ثابت بن جابر-: من سيّد العرب؟ فقال: اُخبرُکم: سيّد العرب أبوطالب بن أعبدالمطّلب. وقيل للأحنف بن قيس التميمي:[18] من أين اقتبست هذه الحکم، وتعلّمت هذا الحلم؟ قال: من حکيم عصره وحليم دهره؛ قيس بن عاصم المنقري.[19] ولقد قيل لقيس: حلمَ من رأيتَ فتحلّمت؟ وعلمَ من رويتَ [صفحه 67] فتعلّمت؟ فقال: من الحليم الذي لم تحلّ قطّ حبْوته، والحکيم الذي لم تنفد قطّ حکمته؛ أکْثَم بن صَيْفيّ التميمي.[20] . ولقد قيل لأکثم: ممّن تعلّمت الحکم والرئاسة والحلم والسياسة؟ فقال: من حليف الحلم والأدب، سيّد العجم والعرب؛ أبي طالب بن أعبدالمطّلب.[21] . راجع: کتاب «بحارالأنوار»: 68:35، نسبه وأحوال والديه. کتاب «إيمان أبي طالب» لفخار بن معدّ. کتاب «الغدير»: 445:7 تا 550.
أعبدمناف بن أعبدالمطّلب، المشهور بأبي طالب، أحد العشرة من أولاد أعبدالمطّلب.[1] .
فأکرمُ خَلق اللَّه في الناس أحمدُ
فذو العرش محمودٌ وهذا محمّدُ[14] .
عند مُلِمّ الزمان والنُّوَبِ
أخي لاُمّي من بينهم وأبي
يخذله من بنيَّ ذو حَسَبِ[15] .
کلّ حيّ مصيره لشعوبِ
لفداء النجيب وابن النجيبِ
قب والباع والفناء الرحيبِ
فمصيبٌ منها وغير مصيبِ
آخذٌ من سهامها بنصيبِ
وواللَّه ما قلت الذي قلت جازعا
وتعلمَ أنّي لم أزل لک طائعا
نبيّ الهدي المحمود طفلاً ويافعا[16] .
نبيّاً کموسي خُطّ في أوّل الکتبِ
لدينا ولا يعبا بقِيل الأباطلِ
ثمال اليتامي عصمة للأراملِ[17] .
صفحه 63، 64، 65، 66، 67.