النسب
وکانت لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام جذور ضاربة في سلالة طاهرة کريمة هي سلالة إبراهيم عليه السلام، فهو کرسول اللَّه صلي الله عليه و آله في ذلک. وإبراهيم عليه السلام هو بطل التوحيد، الراغب إلي اللَّه، المغرم بحبّه، وهو الواضع سنّة الحجّ؛ رمز العبودية ومقارعة الشرک. وهکذا فالحديث عن جُدود النبيّ صلي الله عليه و آله حديث عن جدود [صفحه 60] عليّ عليه السلام، والکلام عن سلالته صلي الله عليه و آله هو بعينه الکلام عن سلالة أخيه ووصيّه عليه السلام، قال صلي الله عليه و آله في أسلافه: «إنّ اللَّه اصطفي من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفي من ولد إسماعيل بني کِنانة، واصطفي من بني کنانة قريشاً، واصطفي من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم».[1] . وهکذا فبنو هاشم هم صفوة اختيرت من بين صفوة الاُسر، ورسول اللَّه صلي الله عليه و آله وعليّ عليه السلام هما صفوة هذه الصفوة، قال الإمام عليه السلام واصفاً سلالة النبيّ صلي الله عليه و آله: «اُسرته خير الاُسر، وشجرته خير الشجر؛ نَبَتت في حرَم، وبَسَقت في کَرَم، لها فروع طوال، وثمر لا يُنال».[2] . وهذا الثناء- بحقّ- هو ثناء علي سلالته عليه السلام أيضاً، حيث قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «أنا وعليّ من شجرة واحدة».[3] . وقال: «لحمه لحمي، ودمه دمي».[4] . وعلي هذا يکون بيت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وبيت عليّ هو بيت النبوّة، واُرومتهما اُرومة النور والکرامة، وهما المصطفيان من نسل إبراهيم وبني هاشم، مع خصائص ومزايا سامقة؛ کالطهارة، والفصاحة، والسماحة، والشجاعة، والذکاء، والحياء، والعفّة، والحلم، والصبر وأمثالها.[5] ناهيک عن منزلتهما المرموقة [صفحه 61] العليّة بين قبائل العرب بأجمعها. 1- المناقب لابن المغازلي عن مُصعب بن أعبداللَّه: هو عليّ بن أبي طالب بن أعبدالمطَّلب بن هاشم بن أعبدمَناف بن قُصَيّ بن کِلاب بن مُرّة بن کَعْب بن لُؤَيّ ابن غالب بن فِهْر بن مالک بن النَّضْر بن کِنانة بن خُزَيْمة بن مُدْرِکة بن إلياس بن مُضَر بن نَزار بن معدّ بن عَدنان. واسم أبي طالب أعبدمَناف.[6] . 2- شرح نهج البلاغة: هو أبوالحسن عليّ بن أبي طالب- واسمه أعبدمناف- ابن أعبدالمطّلب- واسمه شَيْبة- ابن هاشم- واسمه عمرو- ابن أعبدمناف بن قصيّ.[7] . 3- الإمام عليّ عليه السلام- من کلام له علي منبر البصرة-: اسم أبي: أعبدمناف، فغلبت الکنية علي الاسم، وإنّ اسم أعبدالمطّلب: عامر، فغلب اللقب علي الاسم، واسم هاشم: عمرو، فغلب اللقب علي الاسم، واسم أعبدمناف: المغيرة، فغلب اللقب علي الاسم، وإنّ اسم قصيّ: زيد، فسمّته العرب مجمعاً؛ لجمعه إيّاها من البلد الأقصي إلي مکّة، فغلب اللقب علي الاسم.[8] . 4- رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: خُلقت أنا وعليّ من نور واحد... فلم يزل ينقلنا اللَّه عزّ وجلّ من أصلاب طاهرة إلي أرحام طاهرة حتي انتهي بنا إلي أعبدالمطّلب.[9] . راجع: القسم التاسع/عليّ عن لسان النبيّ/الخلقة. [صفحه 62]
إنّ اُرومة الناس دليل علي شخصيّتهم وفکرهم وثقافتهم. فاُولو النزاهة والصلاح والعقل والحکمة ينحدرون- في الغالب- من اُسَر کريمة طيّبة مهذّبة، وذوو السوء والقبح والشرّ غالباً هم ممّن نشأ في أحضان غير سليمة، وانحدر من اُصول لئيمة. ويتجلّي القسم الأوّل في الأنبياء- الذين هم عِلْية وجوه التاريخ، وقمم الشرف والکرامة والعزّة- ومَنْ تفرّع من دوحاتهم، ورسخت جذوره في بيوتاتهم الرفيعة.
صفحه 60، 61، 62.