الكلام حول حديث المنزلة











الکلام حول حديث المنزلة



ألاولي: قوله: أم ترضي أن تکون مني بمنزلة هارون من موسي؟!. وهو يعطي إثبات کل ماللنبي صلي الله عليه وآله من رتبة وعمل ومقام ونهضة وحکم و إمارة وسيادة لامير المؤمنين عداما أخرجه الاستثناء من النبوة کما کان هارون من موسي کذلک. فهو خلافة عنه صلي الله عليه وآله وإنزال لعلي عليه السلام منزلة نفسه لامحض استعمال کما يظنه الظانون، فقد استعمل صلي الله عليه وآله وسلم قبل هذه علي البلاد اناسا، وعلي المدينة آخرين. وأمر علي السرايا رجالا لم يقل في أحد منهم ماقاله في هذا الموقف، فهي منقبة تخص أميرالمؤمنين فحسب.

ألثانية: قوله صلي الله عليه وآله فيما مر عن سعد بن أبي وقاص: کذبوا ولکن خلفتک لما ورائي. لماطعن رجال من المنافقين في إمرة علي عليه السلام ولايوعز صلي الله عليه وآله به إلا إلي ماأشرنا إليه عن خشية الارجاف بالمدينة عند مغيبه، وان إبقاءه کان لابقاء بيضة الدين عن أن تنتهک، وحذار أن يتسع خرقها بهملجة المنافقين، لولا هناک من يطأفورتهم بأخمص بأسه وحجاه، فکان قد خلفه لمهمة لاينوء بها غيره.

ألثالثة: قوله صلي الله عليه وآله لعلي عليه السلام في حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم قالا قال حين أراد صلي الله عليه وآله أن يغزو: انه لابد من أن اقيم أو تقيم فخلفه. ألحديث.[1] وهو يدل علي أن بقاء أميرالمؤمنين عليه السلام علي حد بقاء رسول الله صلي الله عليه وآله في کلائة بيضة الدين، وإرحاض معرة المفسدين، فهو أمر واحد يقام بکل منهما علي حد سواء، وناهيک به من منزلة ومقام.

[صفحه 200]

ألرابعة: ماصح عن سعد بن أبي وقاص من قوله: والله لان يکون لي واحدة من خلال ثلاث أحب إلي من أن يکون لي ماطلعت عليه الشمس، لان يکون قال لي ماقال له حين رده من تبوک، أما ترضي أن تکون مني بمنزلة هرون من موسي؟! إلا انه لانبي بعدي. أحب إلي من أن يکون لي ما طلعت عليه الشمس. ألحديث[2] .

وقال المسعودي في المروج 2 ص 61 بعد ذکر الحديث ووجدت في وجه آخر من الروايات وذلک في کتاب علي بن محمد بن سليمان النوفلي في الاخبار عن إبن عائشة وغيره ان سعدا لما قال هذه المقالة لمعاوية ونهض ليقوم ضرط له معاوية و قال له: اقعد حتي تسمع جواب ماقلت، ماکنت عندي قط ألام منک الآن فهلا نصرته؟ ولم قعدت عن بيعته؟ فاني لو سمعت من النبي صلي الله عليه وسلم مثل الذي سمعت فيه لکنت خادما لعلي ماعشت. فقال سعد: والله إني لاحق بموضعک منک. فقال معاوية: يأبي عليک بنو عذرة. وکان سعد فيما يقال لرجل من بني عذرة. ألکلام

وصح عند الحفاظ الاثبات أن معاوية أمر سعدا فقال: مامنعک أن تسب أبا تراب؟! قال: أما ماذکرت ثلاثا قالهن رسول الله صلي الله عليه وسلم فلن أسبه، لان تکون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول لعلي وخلفه في تبوک فقال له علي: يارسول الله؟ تخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم أما ترضي أن تکون مني بمنزلة هارون من موسي؟! إلا أنه لانبي بعدي. الحديث[3] .

م- و ورد في حديث ان سعدا دخل علي معاوية فقال له: مالک لم تقاتل معنا؟! فقال: إني مرت بي ريح مظلمة فقلت: اخ اخ فأنخت راحلتي حتي انجلت عني ثم عرفت الطريق فسرت. فقال معاوية: ليس في کتاب الله اخ اخ ولکن قال الله تعالي: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما علي الاخري

[صفحه 201]

فقاتلوا التي تبغي حتي تفيئ إلي أمر الله. فوالله ماکنت مع الباغية علي العادلة ولا مع العادلة علي الباغية. فقال سعد: ماکنت لاقاتل رجلا قال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسي غير انه لانبي بعدي. فقال معاوية: من سمع هذا معک؟! فقال: فلان وفلان وام سلمة. فقال معاوية: أما إني لوسمعته منه صلي الله عليه وسلم لما قاتلت عليا. تاريخ إبن کثير 8 ص 77.

إن هذا الذي کان يستعظمه سعد في عداد حديث الراية والتزويج بالصديقة الطاهرة، بوحي من الله العزيز الذين هما من أربي الفضائل، ويراه معاوية لو کان سمعه فيه لما قاتل عليا ولکان يخدم عليا ماعاش، لابد وأن يکون علي حد ماوصفناه حتي يتسني لسعد تفضيله علي ماطلعت عليه الشمس أو حمر النعم، ولمعاوية ايجاب الخدمة له، دون الاستخلاف علي العايلة لينهض بشئون حياتها کما هو شأن الخدم، أو ينصب علينا علي المنافقين فحسب، ليتجسس أخبارهم کما هو وظيفة؟ من مستخدم الحکومات.

الخامسة: قول سعيد بن المسيب بعد ماسمع الحديث عن ابراهيم أو عامر ابني سعد بن أبي وقاص: فلم أرض فأحببت أن اشافه بذلک سعد ا فأتيته فقلت: ماحديث حدثني به إبنک عام؟ فأدخل أصبعيه في اذنيه وقال: سمعت من رسول الله وإلا فاستکتا[4] فماذا کان سعيد يستعظمه من الحديث حتي طفق يستحفي خبره من نفس سعد بعد ما سمعه من إبنه؟! فأکد له سعد ذلک التأکيد، غير انه فهم من مؤداه ما ذکرناه من العظمة.

ألسادسة: قول الامام أبي البسطام شعبة بن الحجاج في الحديث: کان هارون أفضل امة موسي عليه السلام فوجب أن يکون علي عليه السلام أفضل من کل امة محمد صلي الله عليه وسلم صيانة لهذا النص الصحيح الصريح کما قال موسي لاخيه هارون: اخلفني في قومي وأصلح.[5] .

ألسابعة: قال الطيبي: مني خبر المبتداء ومن إتصالية ومتعلق الخبر

[صفحه 202]

خاص والباء زائدة کما في قوله تعالي: فإن آمنوابمثل ماآمنتم به. أي فإن آمنوا ايمانا مثل ايمانکم، يعني أنت متصل ونازل مني بمنزلة هارون من موسي، وفيه تشبيه ووجه الشبه مبهم بينه بقوله: إلاأنه لانبي بعدي. فعرف أن الاتصال المذکور بينهما ليس من جهة النبوة بل من جهة مادونها وهي الخلافة[6] .


صفحه 200، 201، 202.








  1. أخرجه الطبراني باسنادين احدهما رجاله رجال الصحيح الاميمون البصري وهو ثقة وثقه ابن حبان کما في مجمع الزوائد 9 ص 111، راجع مامر في الجزء الاول ص 71.
  2. خصايص النسائي 32، مروج الذهب 2 ص 61.
  3. جامع الترمذي 2 ص 213، مستدرک الحاکم 3 ص 108 و صححه واقره الذهبي م- واخرجه باللفذه المذکور مسلم في صحيحه، ونقله عند الحافظ الکنجي في الکافيه 28، والبداخشي في نزل الابرار ص 15 عن مسلم و الترمذي، و ذکره بهذا اللفظ ابن حجر في الاصابه 2 ص 509 عن الترمذي و ميرزا مخدوم الجرجاني في الفصل الثاني من (نواقص الروافض) نقلا عن مسلم الترمذي.
  4. أخرجه النسائي في الخصايص بعدة طرق ص 15.
  5. أخرجه الحافظ الکنجي في الکفاية 150.
  6. شرح المواهب للعلامة الزرقاني 3 ص 70.