تكذيب حديث علي مع الحق و الحق يدور معه والجواب عنه











تکذيب حديث علي مع الحق و الحق يدور معه والجواب عنه



حديث ان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: علي مع الحق، والحق يدور معه حيث دار، ولن يفترقا حتي يردا علي الحوض. من أعظم الکلام کذبا وجهلا، فإن هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي صلي الله عليه وسلم لا بإسناد صحيح ولاضعيف، وهل

[صفحه 177]

يکون أکذب ممن يروي (يعني العلامة الحلي) عن الصحابة والعلماء أنهم رووا حديثا والحديث لايعرف عن أحد منهم أصلا؟ بل هذا من أظهر الکذب، ولو قيل: رواه بعضهم وکان يمکن صحته لکان ممکنا وهو کذب قطعا علي النبي صلي الله عليه وسلم فإنه کلام ينزه عنه رسول الله. 168 و167.

جواب: أما الحديث فأخرجه جمع من الحفاظ والاعلام منهم: ألخطيب في التأريخ ج 14 ص 321 من طريق يوسف بن محمد المؤدب قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن سليمان السراج: حدثنا عبدالسلام بن صالح: حدثنا علي بن هاشم بن البريد عن أبيه عن أبي سعيد التميمي عن أبي ثابت مولي أبي ذر قال: دخلت علي ام سلمة فرأيتها تبکي وتذکر عليا وقالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتي يردا علي الحوض يوم القيامة.

هذه ام المؤمنين ام سلمة سيدة صحابية، وقد نفي الرجل أن يکون أحد الصحابة قد رواه کما نفي أن يکون أحد من العلماء يرويه إلا أن يقول: إن الخطيب وهو هو ليس من العلماء، أو لم يعتبر ام المؤمنين صحابية، وهذا أقرب إلي مبدأ إبن تيمية لانها علوية النزعة. علوية الروح. علوية المذهب.

وحديث ام سلمة سمعه سعد بن أبي وقاص في دارها قال سمعت: رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: علي مع الحق. أو: الحق مع علي حيث کان: قاله في بيت ام سلمة فأرسل أحد إلي ام سلمة فسألها فقالت: قد قاله رسول الله في بيتي. فقال الرجل لسعد: ماکنت عندي قط ألوم منک الآن. فقال ولم؟! قال: لو سمعت من النبي صلي الله عليه وسلم لم أزل خادما لعلي حتي أموت.

أخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 7 ص 236 وقال: رواه البزار وفيه سعد بن شعيب ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح.

قال الاميني: ألرجل الذي لم يعرفه الهيثمي هو سعيد بن شعيب الحضرمي قد خفي عليه لمکان التصحيف، ترجمه غير واحد بما قال شمس الدين إبراهيم الجوزجاني: إنه کان شيخا صالحا صدوقا. کما في خلاصة الکمال 318، وتهذيب التهذيب 4 ص 48. وکيف يحکم الرجل بأن الحديث لم يروه أحد من الصحابة والعلماء أصلا

[صفحه 178]

وهذا الحافظ إبن مردويه في (المناقب) والسمعاني في (فضائل الصحابة) أخرجا بالاسناد عن محمد بن أبي بکر عن عايشة انها قالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول:علي مع الحق والحق مع علي لن يفترقا حتي يردا علي الحوض.

وأخرج إبن مردويه في (المناقب) والديلمي في (الفردوس) انه لما عقر جمل عايشة ودخلت دارا بالبصرة أتي إليها محمد بن أبي بکر فسلم عليها فلم تکلمه فقال لها: انشدک الله أتذکرين يوم حدثتيني عن النبي صلي الله عليه وسلم إنه قال: ألحق لن يزال مع علي وعلي مع الحق لن يختلفا ولن يفترقا؟ فقالت: نعم.

وروي إبن قتيبة في (الامامة والسياسة) 1 ص 68 عن محمد بن أبي بکر انه دخل علي اخته عائشة رضي الله عنها قال لها: أما سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: علي مع الحق، والحق مع علي؟! ثم خرجت تقاتلينه.

وروي الزمخشري في (ربيع الابرار) قال: إستأذن أبوثابت مولي علي علي ام سلمة رضي الله عنها فقالت: مرحبا بک ياأبا ثابت، أين طارقلبک حين طارت القلوب مطائرها؟ قال: تبع علي بن أبي طالب. قالت: وفقت والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: علي مع الحق والقرآن، والحق والقرآن مع علي، ولن يفترقا حتي يردا علي الحوض.

وبهذا اللفظ أخرجه أخطب ألخطباء الخوارزمي في (المناقب) من طريق الحافظ إبن مردويه. وکذا شيخ الاسلام الحمويي في (فرائد السمطين) في الباب ال 37 عن طريق الحافظين أبي بکر البيهقي والحاکم أبي عبدالله النيسابوري.

وأخرج إبن مردويه في (المناقب) عن أبي ذر انه سئل عن اختلاف الناس فقال: عليک بکتاب الله والشيخ علي بن أبي طالب عليه السلام فإني سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول: علي مع الحق والحق معه وعلي لسانه، والحق يدور حيثما دار علي.

ويوقف القارئ علي شهرة الحديث عند الصحابة احتجاج أميرالمؤمنين به يوم الشوري بقوله: انشدکم بالله أتعلمون أن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: ألحق مع علي و علي مع الحق يزول الحق مع علي کيفما زال؟ قالوا: أللهم نعم[1] .

[صفحه 179]

وهنا نسأل الرجل عن ان هذا الکلام لماذا لايمکن صحته؟ أفيه شئ من المستحيلات العقلية کاجتماع النقيضين أو ارتفاعهما؟ أو اجتماع الضدين أو المثلين؟ و کأن الرجل يزعم ان الحقيقة العلوية غير قابلة لان تدور مع الحق وأن يدور الحق معها. کبرت کلمة تخرج من أفواههم.

وقد مر ج 1 ص 308 و305 من طريق الطبراني وغيره بإسناد صحيح قول رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم غدير خم: أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه (إلي قوله): و أدر الحق معه حيث دار[2] .

وصح عنه صلي الله عليه وآله قوله: رحم الله عليا أللهم أدر الحق معه حيث دار[3] .

وقال الرازي في تفسيره 1 ص 111. وأما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه کان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر، ومن اقتدي في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدي والدليل عليه قوله عليه السلام: أللهم أدر الحق مع علي حيث دار.

وحکي الحافظ الکنجي في (الکفاية) ص 135، وأخطب خوارزم في (المناقب) عن مسند زيد قوله صلي الله عليه وآله لعلي: إن الحق معک والحق علي لسانک وفي قلبک وبين عينيک، والايمان مخالط لحمک ودمک کما خالط لحمي ودمي.

وأخرج غير واحد عن إبي سعيد الخدري عنه صلي الله عليه وآله إنه قال مشيرا إلي علي:ألحق مع ذا، ألحق مع ذا[4] وفي لفظ إبن مردويه عن عايشة عنه صلي الله عليه وآله: ألحق مع ذا يزول معه حيثما زال.

وأخرج إبن مردويه والحافظ الهيثمي في (مجمع الزوائد) 9 ص 134 عن ام سلمة أنها کانت تقول: کان علي علي الحق، من اتبعه اتبع الحق، ومن ترکه ترک الحق، عهدا معهودا قبل يومه هذا[5] .

[صفحه 180]

ومر في ج 1 ص 166 من طريق شيخ الاسلام الحمويي قوله صلي الله عليه وآله وسلم في أوصيائه:فإنهم مع الحق، والحق معهم لايزايلونه ولايزايلهم.

وليت شعري هذا الکلام لماذا ينزه عنه رسول الله صلي الله عليه وآله ألاشتماله علي کلمة إلحادية؟! أو إشراک بالله العظيم؟! أو أمر خارج عن نواميس الدين المبين؟!.

أنا أقول عنه لماذا: لانه في فضل مولانا أميرالمؤمنين والرجل لايروقه شئ من ذلک. ونعم الحکم الله، والخصيم محمد.

ولايذهب علي القارئ أن هذا الحديث عبارة اخري لما ثبتت صحته عن ام سلمة من قوله صلي الله عليه وآله وسلم: علي مع القرآن والقرآن معه لايفترقان حتي يردا علي الحوض[6] .

وکلا الحديثين يرميان إلي مغزي الصحيح المتواتر الثابت عنه صلي الله عليه وآله وسلم من قوله:إني تارک أو: مخلف فيکم الثقلين، أو: الخليفتين: کتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتي يردا علي الحوض.

فإذا کان مايراه إبن تيمية غير ممکن الصدور عن مبدأ الرسالة فهذه الاحاديث کلها مما يغزو مغزاه يجب أن ينزه صلي الله عليه وآله عنها، ولا أحسب أن أحدا يقتحم ذلک الثغر المخوف إلا من هو کمثال إبن تيمية لايبالي بما يتهور فيه، فدعه وترکاضه، ولا تتبع أهواء الذين لايعلمون.


صفحه 177، 178، 179، 180.








  1. مر الکلام في حديث المناشدة ج 1 ص 163 -159.
  2. وبهذا اللفظ رواه الشهرستاني في نهاية الاقدام ص 493.
  3. مستدرک الحاکم 3 ص 125، جامع الترمذي 2 ص 213، الجمع بين الصحاح لابن الاثير، کنز العمال 6 ص 157، نزل الابرار 24.
  4. مسند ابي يعلي، سنن سعيد بن منصور، مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي 7 ص 35 وقال: رواه أبويعلي ورجاله ثقات.
  5. في لفظ الهيثمي: عهد معهود.
  6. مستدرک الحاکم 3 ص 124 صححه هو وأقره الذهبي، المعجم الاوسط للطبراني وحسن سنده، الصواعق 75 و74، الجامع الصغير 2 ص 140، تاريخ الخلفاء للسيوطي 116، فيض القدير 4 ص 358.