زيد الشهيد و رأي الشيعة فيه











زيد الشهيد و رأي الشيعة فيه



هو أحد اباة الضيم، ومن مقدمي علمآء أهل البيت، قد اکتنفته الفضائل من شتي جوانبه، علم متدفق، وورع موصوف، وبسالة معلومة، وشدة في البأس، وشمم يضع له کل جامع، وإباء يکسح عنه أي ضيم، کل ذلک موصول بشرف نبوي، ومجد علوي، وسؤدد فاطمي، وروح حسيني.

والشيعة علي بکرة أبيها لاتقول فيه إلا بالقداسة، وتري من واجبها تبرير کل عمل له من جهاد ناجع، ونهضة کريمة، ودعوة إلي الرضا من آل محمد، تشهد لذلک کله أحاديث أسندوها إلي النبي صلي الله عليه وآله وأئمتهم عليهم السلام، ونصوص علمائهم، و مدايح شعرائهم وتأبينهم له، وإفراد مؤلفيهم أخباره بالتدوين.

أما الاحاديث فمنها قول رسول الله صلي الله عليه وآله للحسين السبط: يخرج من صلبک رجل يقال له: زيد يتخطا هو وأصحابه رقاب الناس يدخلون الجنة بغير حساب[1] .

وقوله صلي الله عليه وآله فيه: انه يخرج ويقتل بالکوفة ويصلب بالکناسة، يخرج من قبره نبشا، وتفتح لروحه أبواب السماء، وتبتهج به أهل السموات والارض[2] .

وقول أميرالمؤمنين عليه السلام وقد وقف علي موضع صلبه بالکوفة فبکي وبکي أصحابه فقالوا له: ماالذي أبکاک؟! قال: إن رجلا من ولدي يصلب في هذا الموضع، من رضي أن ينظر إلي عورته أکبه الله علي وجهه في النار[3] .

[صفحه 70]

وقول الامام الباقر محمد بن علي عليهماالسلام: أللهم اشدد أزري بزيد. وکان إذا نظر إليه يمثل


لعمرک ماإن أبومالک
بواه ولا بضعيف قواه


ولا با لالد له وازع
يعادي أخاه إذا مانهاه


ولکنه هين لين
کعالية الرمح عرد نساه


إذا سدته سدت مطواعة
ومهما وکلت إليه کفاه


أبومالک قاصر فقره
علي نفسه ومشيع غناه[4] .


ودخل عليه زيد فلما رآه تلا: ياأيها الذين آمنوا کونوا قوامين بالقسط شهدآء لله. ثم قال: أنت والله يازيد من أهل ذلک[5] .

وقول الصادق عليه السلام: إنه کان مؤمنا، وکان عارفا، وکان عالما، وکان صدوقا، أما إنه لوظفر لوفي، أما إنه لو ملک لعرف کيف يصنعها[6] .

وقوله الآخر لما سمع قتله: إنا لله وإنا إليه راجعون، عند الله أحتسب عمي إنه کان نعم العم، إن عمي کان رجلا لدنيانا وآخرتنا، مضي والله عمي شهيدا کشهداء استشهدوا مع رسول الله وعلي والحسين مضي والله شهيدا[7] .

وقوله الآخر: إن زيدا کان عالما، وکان صدوقا، ولم يدعکم إلي نفسه وإنما دعاکم إلي الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفي بما دعاکم إليه، وإنما خرج إلي سلطان مجتمع لينقضه[8] .

وقوله الآخر في حديث: أما الباکي علي زيد فمعه في الجنة، أما الشامت فشريک في دمه.

وقول الرضا سلام الله عليه، إنه کان من علماء آل محمد غضب لله فجاهد أعداءه


حتي قتل.[9] والاحاديث في ذلک کثيرة وإنما اقتصرنا علي المذکور تحريا للايجاز.

وأما نصوص العلمآء فدونک کلمة الشيخ المفيد في إرشاده، والخزار القمي في کفاية الاثر، والنسابة العمري في المجدي، وابن داود في رجاله، والشهيد الاول في قواعده، والشيخ محمد بن الشيخ صاحب المعالم في شرح الاستبصار، والاسترابادي في رجاله، وإبن أبي جامع في رجاله، والعلامة المجلسي في مرآة العقول، وميرزا عبدالله الاصبهاني في رياض العلماء، والشيخ عبد النبي الکاظمي في تکملة الرجال، و الشيخ الحر العاملي في خاتمة الوسائل، والسيد محمد جد آية الله بحر العلوم في رسالته، والشيخ أبي علي في رجاله، وشيخنا النوري في خاتمة المستدرک، وشيخنا المامقاني في تنقيح المقال.

إلي کثيرين من أمثالهم فقد اتفقوا جميعا علي معني واحد هو تنزيه ساحة زيد عن أي عاب وشية، وان دعوته کانت إلهية، وجهاده في سبيل الله.

ويعرب عن رأي الشيعة جمعا، قول شيخهم بهاء الملة والدين العاملي في رسالة إثبات وجود الامام المنتظر: إنا معشر الامامية لانقول في زيد بن علي إلا خيرا، والروايات عن أئمتنا في هذا المعني کثيرة. وقال العلامة الکاظمي في التکملة: إتفق علماء الاسلام علي جلالة زيد وورعه وفضله.

وأما شعراء الشيعة فللکميت من هاشمياته قصيدة يرثي بها زيد بن علي وابنه الحسين ويمدح بني هاشم مطلعها:


ألا هل عم في رأيه متأمل؟!
وهل مدبر بعد الاساءة مقبل؟!


وله قوله في زيد:


يعز علي أحمد بالذي
أصاب ابنه أمس من يوسف[10] .


خبيث من العصبة الاخبثين
وإن قلت: زانين. لم أقذف


وقال سديف بن ميمون في قصيدة له:


لاتقيلن عبد شمس عثارا
واقطعوا کل نحلة وغراس

[صفحه 72]

واذکروا مصرع الحسين وزيد
وقتيلا بجانب المهراس[11] .


وقال أبومحمد العبدي الکوفي المترجم في کتابنا 2 ص 329 -326 ط ثاني


حسبت أمية أن سترضي هاشم
عنها ويذهب زيدها وحسينها


کلا ورب محمد وإلهه
حتي تباع سهولها وحزونها


وتذل ذل حليلة لحليلها
بالمشرفي وتسترد ديونها


وقال السيد الحميري المترجم 2 ص 228 -231 کما في تاريخ الطبري 8 ص 278:

بت ليلي مسهدا
ساهر الطرف مقصدا


ولقد قلت قولة
وأطلت التبلدا:


لعن الله حوشبا
وخراشا ومزبدا


ويزيدافإنه
کان أعتي وأعندا


ألف ألف وألف أل دف
من اللعن سرمدا


إنهم حاربوا الاله
وأذوا محمدا


شرکوا في دم المطهر
زيد تعندا


ثم عالوه فوق جذ
ع صريعا مجردا


يا خراش بن حوشب[12] .
انت أشقي الوري غدا


ورثاه الفضل بن عبدالرحمن بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب المتوفي 129 يقصيدة أولها:


ألا ياعين لاترقي وجودي
بدمعک ليس ذا حين الجمود


غداة ابن النبي أبوحسين
صليب بالکناسة فوق عود


وأبوثميلة صالح بن ذبيان الراوي عن زيد بقصيدة مستهلها:


أأبا الحسين أعار فقدک لوعة
من يلق مالاقيت منها يکمد


والوزير الصاحب بن عباد بمقطوعة أولها:

[صفحه 73]

بدي من الشيب في رأسي تفاريق
وحان للهو تمحيق وتطليق


هذا فلا لهو من هم يعوقني
بيوم زيد وبعض الهم تعويق


وقال أبوالحسن إبن حماد في أبيات له تأتي:


ودليل ذلک قول جعفر عندما
عزي بزيد قال کالمستعبر


لو کان عمي ظافرا لوفي بما
قد کان عاهد غير أن لم يظفر


والشيخ صالح الکواز في قصيدة يرثي بها الامام السبط قوله:


وزيد وقد کان الاباء سجية
لآباءه الغر الکرام الاطايب


کأن عليه القي الشيخ الذي
تشکل فيه شبه عيسي لصالب


وقال الشيخ يعقوب النجفي المتوفي 1329:


يبکي الامام لزيد حين يذکره
وإن زيدا بسهم واحد ضربا


فکيف حال علي بن الحسين وقد
رأي ابنه لنبال القوم قد نصبا؟!


وللشيخ ميرزا محمد علي الاورد بادي قصيدة في مدحه ورثائه أولها:


أبت علياؤه إلا الکرامه
فلم تقبر له نفس مضامه


25 بيتا


وللسيد مهدي الاعرجي قصيدة في رثائه مطلعلها:


خليلي عوجابي علي ذلک الربع
لاسقيه إن شح الحيا هاطل الدمع


19 بيتا


ورثاه السيد علي النقي النقوي اللکهنوي بقصيدة إستهلها:


أبي الله للاشراف من آل هاشم
سوي أن يموتوا في ضلال الصوارم


22 بيتا


وللشيخ جعفر نقدي قصيدة في رثائه أولها:


يامنزل بالبلاغيبن أرسمه
يبکيه شجوا علي بعد متيمه


31 بيتا


وأفرد غير واحد من أعلام الامامية تأليفا في زيد وفي فضله ومآثره، فمنهم:

1- إبراهيم بن سعيد بن هلال الثقفي المتوفي 283، له کتاب أخبار زيد.

[صفحه 74]

2- محمد بن زکريا مولي بني غلاب المتوفي 298، له کتاب أخبار زيد.

3- ألحافظ أحمد بن عقدة المتوفي 333، له کتاب من روي أخبار زيد ومسنده.

4- عبد العزيز بن يحيي الجلودي المتوفي 368، له کتاب أخبار زيد.

5- محمد بن عبدالله الشيباني المتوفي 372، له کتاب فضايل زيد.

6- ألشيخ الصدوق أبوجعفر القمي المتوفي 381، له کتاب في أخباره.

7- ميرزا محمد الاسترابادي صاحب الرجال الکبير.

8- ألسيد عبدالرزاق المقرم. أحد أعلام العصر المنقدين المکثرين من التأليف في المذهب، علي تضلعه في العلم، وقدمه في الشرف، واحتوائه للمآثر الجليلة، و من مهمات تآليفه وأوفرها فائدة کتاب الامام السبط المجتبي، وکتاب حياة الامام السبط الشهيد ومقتله، وکتاب السيدة سکينة، ورسالة في علي بن الحسين الاکبر، وکتاب زيد الشهيد، وکتاب في تنزيه المختار بن أبي عبيد الثقفي طبع مع کتاب زيد، و کتاب أبي الفضل العباس بن أميرالمؤمنين. إلي غيرها من کتابات ورسائل قد جمع فيها وأوعي وأتي بما خلت عنه زبر الاولين فحياه الله ووفقه للخير کله.


صفحه 70، 72، 73، 74.








  1. عيون أخبار الرضا لشيخنا الصدوق في الباب ال د 25، وکفاية الاثر.
  2. عيون اخبار الرضا لشيخنا الصدوق.
  3. کتاب الملاحم لسيدنا ابن طاوس في الباب ال د 31.
  4. الاغاني 20 ص 127.
  5. الروض النضير 1 ص 55.
  6. رجال الکشي ص.
  7. عيون أخبار الرضا.
  8. الکافي.
  9. عيون الاخبار لشيخنا الصدوق.
  10. يوسف بن عمر الثقفي عامل هشام علي العراق وهو قاتل زيد.
  11. ماء بجبل احد والقتيل بجنبه حمزة بن عبدالمطلب سلام الله عليهما.
  12. يقال: ان خراش بن حوشب هو الذي اخرج جسد زيد الشهيد من مدفنه الشريف.