عقيدة أبن الرومي
فإبن الرومي واحد من هؤلاء القراء لاننتظر أن تمر به هذه المباحث التي کان يدرسها ويحضر مجالسها ويسمع من أهلها بغير أثر محسوس في تفسير العقيدة، فکان مسلما صادق الاسلام، ولکنه کان شيعيا معتزليا قدريا يقول بالطبيعتين، وهي أسلم النحل التي کانت شايعة في عهده من حيث الايمان بالدين. وقد قال المعري في رسالة الغفران: إن البغداديين يدعون انه متشيع و يستشهدون علي ذلک بقصيدته الجيمية ثم عقب علي ذلک فقال: ما أراه إلا علي مذهب غيره من الشعراء. ولا ندري لماذا شک المعري في تشيعه لانه علي مذهب غيره من الشعراء، فإن الشعراء إذا تشيعوا کانوا شيعة حقا کغيرهم من الناس، وربما أفرطوا فزادوا في ذلک علي غيرهم من عامة المتشيعين، وإنما نعتقد أن المعري لم يطلع علي شعره کله فخفيت عنه حقيقة مذهبه ولولا ذلک لما کان بهذه الحقيقة من خفاء. علي أن القصيدة الجيمية وحدها کافية في إظهار التشيع الذي لاشک فيه، لان الشاعر نظمها بغير داع يدعوه إلي نظمها من طمع أو مداراة، بل نظمها وهو يستهدف للخطر الشديد من ناحية بني طاهر وناحية الخلفاء، فقد رثي بها يحيي بن عمر بن الحسين إبن زيد بن علي الثائر في وجه الخلافة ووجه أبناء طاهر ولاة خراسان ، وقال فيها يخاطب بني العباس ويذکر (ولاة السوء) من أبناء طاهر: أجنوابني العباس من شنآئکم وخلوا ولاة السوء منکم وغيهم نظار لکم أن يرجع الحق راجع علي حين لا عذري لمعتذريکم [صفحه 40] فلا تلحقوا الآن الضغاين بينکم غررتم لئن صدقتم ان حالة لعل لهم في منطوي الغيب ثائرا فماذا يقول الشيعي لبني العباس أقسي وأصرح في التربص بدولتهم وانتظار دولة العلويين من هذا الکلام؟! فقد أنذر بني العباس بزوال الملک وکاد يتمني أو تمني لبني علي يوما يهزمون فيه أعداءهم، ويرجعون فيه حقهم، ويطلبون تراثهم، وينکلون بمن نکل بهم، وهواه ظاهر من العلويين لامداجاة فيه کهوي کل شيعي في هذا المقام. علي انه کان أظهر من هذا في النونية التي تمني فيها هلاک أعدائهم ولام نفسه علي التقصير في بذل دمه لنصرتهم: إن يوالي الدهر أعداء لکم خلعوا فيه عذار المعتدي فاصبروا يهلکهم الله لکم قرب النصر فلا تستبطئوا ومن التقصير صوني مهجتي لادمي يسفک في نصرتکم غير أني باذل نفسي وإن ليت إني غرض من دونکم أتلقي بجبيني من رمي إن مبتاع الرضي من ربه وليس يجوز الشک في تشيع من يقول هذا القول ويشعر هذا الشعور، فإنه يعرض نفسه للموت في غير طائل حبا لبني علي وغضبا لهم وإشهارا لهم لعاطفة لاتفيده ولاتفيدهم، وقد کان لايذکر يحيي بن عمر إلا بلقب الشهيد کما ذکره في القصيدة الجيمية وفي خاطرة اخري مفردة نظمها في هذين البيتين: کسته القنا حلة من دم جزته معانقة الدار عين [صفحه 41] وبعض هذا يکفي في الدلالة علي تشيعه للطالبيين واتخاذه التشيع مذهبا في الخلافة کمذهب الشعراء أو غير الشعراء ولا سيما التشيع المعتدل الذي يقول أهله بجواز إمامة المفضول مع وجود الافضل، ويستنکرون لعن الصحابة الذين عارضوا عليا في الخلافة، ومعظم هؤلاء من الزيدية الذين خرجوا في جند يحيي بن عمر لقتال بني العباس، فهم لايقولون في نصرة آل علي أشد مما قال إبن الرومي، ولايتمنون لهم أکثر مما تمناه. ويلوح لنا أن إبن الرومي ورث التشيع وراثة من امه وأبيه لان امه کانت فارسية الاصل فهي أقرب إلي مذهب قومها الفرس في نصرة العلويين، ولان أباه سماه عليا وهو من أسماء الشيعة المحبوبة التي يتجنبها المتشددون من أنصار الخلفاء، ولا حرج علي أبي الشاعر أن يتشيع وهو في خدمة بيت من بيوت العباسيين، لان مواليه کانوا اناسا بعيدين من الخلافة وولاية العهد وهما علة البغضاء الشديدة بين العباسيين والعلويين، وقد اتفق لبعض الخلفاء وولاة العهد أنفسهم أنهم کانوا يکرمون عليا وأبناءه کما کان مشهورا عن (المعتضد) الخليفة الذي أکثر إبن الرومي من مدحه، کما کان مشهورا عن (المنتصر) ولي العهد الذي قيل: إنه قتل أباه المتوکل جريرة ملاحاة وقعت بينهما في الذب عن حرمة علي وآله ثم قال بعد إستظهار تشيع بني طاهر ص 209 -207 وإن أحق عقيدة أن يجد المرء فيها لعقيدة تجرؤه إذا خاف، وتبسط له العذر والعزاء إذا سخط من صروف الحوادث، وتمهد له الامل في مقبل خير من الحاضر، وأدني منه إلي کشف الظلمات ورد الحقوق، وکل أولئک کان إبن الرومي واجده علي أوفاه في التشيع للعلويين أصحاب الامامة المنتظرة في عالم الغيب علي العباسيين أصحاب الحاضر الممقوت المتمني زواله، فلهذا کان متشيعا في الهوي، متشيعا في الرجاء، وکان علي مذهب غيره من الشعراء وعلي مذهب غيره من سائر المتشيعين. أما الاعتزال فإبن الرومي لايکتمه ولا يماري فيه، بل يظهره إظهار معتز به حريص عليه فمن قوله في إبن حريث. معتزلي مسر کفر أأرفض الاعتزال رأيا [صفحه 42] لو صح عندي له اعتقاد وکان مذهبه في الاعتزال مذهب القدرية الذين يقولون بالاختيار وينزهون الله عن عقاب المجبر علي مايفعل، وذلک واضح من قوله يخاطب العباس بن القاشي و يناشده صلة المذهب: إن لا يکن بيننا قربي فآصرة مقالة العدل والتوحيد تجمعنا وبين مستطرفي غي مرافقة کن عند أخلاقک الزهر التي جعلت ما عذر (معتزلي) موسر منعت أيزعم القدر المحتوم أثبطه؟! أم ليس مستأهلا جدواه صاحبه؟! أم ليس يمکنه ما يرتضيه له؟! لاعذر فيما يريني الرأي أعلمه فواضح من کلامه هذا انه (معتزلي) وانه من أهل العدل والتوحيد وهو الاسم الذي تسمي به القدرية لانهم ينسبون العدل إلي الله فلا يقولون بعقوبة العبد علي ذنب قضي له وسبق إليه، ولانهم يوحدون الله فيقولون: إن القرآن من خلقه و ليس قديما مضاهيا له في صفتي الوجود والقدم، وقد اختاروا لانفسهم هذا الاسم ليردوا به علي الذين سموهم القدرية ورووا فيهم الحديث القدرية مجوس هذه الامة فهم يقولون: مانحن بالقدرية لان الذين يعتقدون القدر أولي بأن ينسبوا إليه، إنما نحن من أهل العدل والتوحيد لاننا ننزه الله عن الظلم وعن الشريک. وواضح کذلک من کلامه انه يعتقد حرية الانسان فيما يأتي من خير وشر، ويحتج علي زميله بهذه الحجة فيقول له: لم لاتثيبني؟! إن قلت: إن القدر يمنعک؟! فقد حللت ما اعتقدت من اختيار الانسان في أفعاله، وإن قلت: إنک لاتريد؟! فقد ظلمت الصداقة وأخللت بالمروءة. وله عدا هذا أبيات صريحة في إعتقاد (الاختيار) وخلق الانسان لافعاله کقوله: [صفحه 43] لولا صروف الاختيار لاعنقوا وقوله: أني تکون کذا وأنت مخير وقوله: ألخير مصنوع بصانعه والشر مفعول بفاعله إلا انه کان يقول بالقدر في تقسيم الارزاق وأن: ألرزق آت بلا مطالبة ويقول: أما رأيت الفجاج واسعة قال الاميني:هذا في الرزق الذي يطلبک لافي الرزق الذي تطلبه کما فصله الحديث، ولا تناقض عند القدرية في هذا، لانهم يقولون بالاختيار فيما يعاقب عليه الانسان ويثاب لافيما يناله من الرزق وحظوظ الحياة أما القول بالطبيعتين فأوضح ما يکون في قوله: فينا وفيک طبيعة أرضية هبطت بآدم قبلنا وبزوجه فتعوضا الدنيا الدنية کاسمها بئست لعمر الله تلک طبيعة واستأسرت ضعفي بنيه بعده لکنها مأسورة مقصورة فجسومهم من أجلها تهوي بهم لولا منازعة الجسوم نفوسهم أو قصروا فتناولوا بأکفهم قال الاميني لقد عزي الکاتب هاهنا إلي المترجم هنات لامقيل لها في مستوي الحقيقة، ومنشأ ذلک بعده عن علم الاخلاق وعدمه تعقله معني الشعر، فحبسه [صفحه 44] منافيا للتوحيد الذي جاء به نبي الاسلام، لکن العارف بأساليب الکلام، ألعالم بما جبل به الانسان من الغرايز المختلفة لايکاد يشک في صحة معني الشعر، وهو يعرب عن إلمام إبن الرومي بالاخلاق، والمتکفل لتفصيل هذه الجملة کتب الاخلاق وما يضاهيها، ولخروج البحث عن موضوع الکتاب ضربنا عنه صفحا. قال: وإبن الرومي کان مفطورا علي التدين لانه کان مفطورا علي التهيب والاعتماد علي نصير، وهما منفذان خفيان من منافذ الايمان والتصديق بالعناية الکبري في هذا الوجود، ومن ثم کان مؤمنا بالله خوفا من الشک، مقبلا علي التسليم بسيطا في تسليمه بساطة من يهرب من القلق ويؤثر السکينة علي أي شئ، وبلغ من بساطته أنه کان ينکر علي الحکماء الذين يشکون في حفظ أجساد الاتقياء بعد الموت و يحسبونه من فعل الدواء والحنوط، فقال لابن أبي ناظرة حين تذوق بعض الاجساد ليعلم مافيها من عوامل البقاء: يا ذائق الموتي ليعلم هل بقوا بينت عن رعة وصدق أمانة أحسبت أن الله ليس بقادر وظننت ماشاهدت من آياته ومات وهو يقول في ساعاته الاخيرة: ألا أن لقاء الله هول دونه الهول وماکانت الطير عنده إلا شعبة من ذلک التهيب الديني الغريزي، فهو يتفلسف ويري الآراء في الدين ولکن في حدود من الشعور لافي حدود من التفکير، ولهذا کان الفنان ولم يکن الفيلسوف. قال الاميني: ألطيرة ليست من شعب الدين، ولا يرکن إليها أي خاضع له وملا مسامعه قول الصادع به صلي الله عليه وآله وسلم: لاطيرة ولاحام. وإنماهي بين ضعف النفس غير المتقوية بنور اليقين والتوکل علي الله في ورد وصدر، ولذا کانت شايعة في الجاهلية ونفاها الاسلام. قال: وليس من الاجتراء انه قال بالاختيار ورأي له في الدين رأيا غير مااصطلح [صفحه 45] عليه السواد فإنه کان يحيل الذنب علي الانسان وينفي الظلم عن القدر في العقاب و الثواب، ويتصور الله علي أحسن ما يتصور المتفلسف مثله إلهه؟؟، فکأنما جاءه هذا الرأي من محاباة عالم الغيب لامن الاجتراء عليه، وإنما دفع به إلي رأي المعتزلة مخاوف الشکوک التي کانت تخامره، فلا يستريح حتي يسکن فيها إلي قرار، وينتهي فيها إلي بر الامان، ولذلک کان يأوي إلي الاصدقاء يکاشفهم بمافي صدره ويستعين بهم علي تفريج غمته. ويدمج أسباب المودة بيننا وإخلاصنا التوحيد لله وحده بمعرفة لايقرع الشک بابها وإعمالنا التفکير في کل شبهة يبيت کلانا في رضي الله ماحضا بيد أن الايمان شئ وأداء الفرايض الدينية شئ آخر، فقصاري الايمان عنده انه يؤمنه بقرب آل البيت وتنزيه ربه والاطمينان إلي عدله ورحمته، ثم يدع له سبيله يلعب ويمرح کلما لذ له اللعب والمرح، ولا أهلا بالصيام إذا قطع عليه مااشتهي من لذة وأرب. فلا أهلا بمانع کل خير بل لاحرج عليه إذا قضي ليلة في السرور أن يشبهها بليلة المعراج. رفعتنا السعود فيها إلي الفوز ذلک انه کان في تقواه طوع الاحساس الحاضر، کما کان في کل حالة من حالاته يلعب، فلا يبالي أن يتماجن حيث لايليق مجون، ويستحضر التقوي والخشوع فلا يباريه أحد من المتعبدين، ويخيل إليک انک تستمع إلي متعبد عاش عمره في الصوامع حين تستمع إليه يقول: تتجا في جنوبهم کلهم بين خائف ترکوا لذة الکري ورعوا أنجم الدجي [صفحه 46] لو تراهم إذاهم وإذا هم تأوهوا وإذا باشروا الثري وأستهلت عيونهم ودعوا: يامليکنا اعف عنا ذنوبنا اعف عنا ذنوبنا أنت إن لم يکن لنا فاجيبوا إجابة ليس ما تصنعونه أبذلوا لي نفوسکم وله من طراز هذا الشعر الخاشع کثير لاتسمعه من إبن الفارض ولامحيي الدين قال الاميني ليس ما ارتئاه إبن الرومي في باب الاختيار نتيجة مخامرة الشبه والشکوک کما يراه (المترجم) وإنما هي وليدة البرهنة الصادقة، وانه لم يعط القدر حقه محاباة له، لکن الحجج الدامغة ألجأته إلي ذلک، وکذلک مايقوله في باب الارزاق فهي تقادير محضة غير أن الانسان کلف بتحري الاسباب الظاهرية جريا علي النواميس الالهية المطردة في النظام العالمي الاتم، وهذه مسائل کلامية لايروقنا الخوض فيها إلا هنالک. وأما إعتماد إبن الرومي علي العدل والرحمة وتنزيه ربه فهو شأن کل مؤمن بالله عارف بکمال قدسه وصفاته الجلالية، وليس قرب أهل البيت الطاهر عليهم السلام إلا نتيجة مودتهم التي هي أجر الرسالة بنص من الذکر الحکيم، وإنما مثلهم کمثل سفينة نوح من رکبها نجي ومن تخلف عنها غرق، وهم عدل الکتاب وقد خلفهما رسول الله صلي الله عليه وآله بعده وقال: ما إن تمسکتم بهما لن تضلوا بعدي، فأحربهم أن يکون القرب منهم مؤمنا للانسان نشأته الاخري، واما ماعزاه إليه من مظاهر من المجون فهي معان شعرية لايؤاخذ بها القائل، وکم للشعراء الاعفاء أمثالها. [صفحه 47]
تقدم في الکلام عن الحالة الدينية في القرن الثالث للهجرة انه کان عصرا کثرت فيه النحل والمذاهب وقل فيه من لايري في العقايد رأيا يفسر به إسلامه و ويخلصه بين جماعة الدارسين وقراء العلوم الحديثة.
وأوکوا علي مافي العياب وأشرجوا
فأحري بهم أن يغرقوا حيث لججوا
إلي اهله يوما فتشجوا کما شجوا
ولا لکم من حجة الله مخرج
وبينهم إن اللواقح تنتج
تدوم لکم والدهر لونان أخرج
سيسمولکم والصبح في الليل مولج
فلهم فيه کمين قد کمن
وغدوا بين اعتراض وأرن
مثل ماأهلک أذواء اليمن
قرب النصر يقينا غير ظن
فعل من أضحي إلي الدنيار کن
لاولا عرضي فيکم يمتهن
حقن الله دمي فيما حقن
ذاک أودرع يقيکم ومجن
وبنحري وبصدري من طعن
فيکم بالنفس لايخشي الغبن
فأضحت لدي الله من ارجوان
معانقة القاصرات الحسان
يبدي ظهورا لها بطون
کلا لاني به ضنين
مادنت ربي بما يدين
للدين يقطع فيها الوالد الولدا
دون المضاهين من ثني ومن جحدا
ترعي فکيف اللذان استطرفا رشدا
عليک موقوفة مقصورة أبدا
کفاه معتزليا. مقترا صفدا؟!
إن قال ذاک فقد حل الذي عقدا
أني؟! وما جار عن قصد ولاعندا
يکفي أخا من أخ ميسورما وجدا
للمرء مثلک ألا يأتي السددا
لهوي کما اتثقت جمال قطار
متصرف في النقض والامرار؟!
فمتي صنعت الخير أعقبکا
فمتي فعلت الشر أعطبکا
سيان مدفوعه ومجتذبه
والله حيا والرزق مضمونا؟!؟!؟!
تهوي بنا أبدا لشر قرار
من جنة الفردوس أفضل دار
من تلکم الجنات والانهار
حرمت أبانا قرب أکرم جار
فهم لها أسري بغير إسار
مقهورة السلطان في الاحرار
ونفوسهم تسمو سمو النار
نفزوا بسورتها من الاقطار
قمر السماء وکل نجم سار
بعد التقادم منهم بدواء
لولا اتهامک خالق الاشياء
أن يجعل الاموات کالاحياء؟!
بلطيفة من حيلة الحکماء؟!
مودتنا الابرار من آل هاشم
وتذييبنا؟؟ عن دينه في المقاوم
ولاطعن ذي طعن عليها بهاجم
بها حجة تعيي دهاة التراجم
لحجته صدرا کثير الهماهم
وأهلا بالطعام وبالشراب
فکانت کليلة المعراج
عن وطئ المضاجع
مستجير و طامع
للعيون الهواجع
طالعا بعد طالع
خطروا بالاصابع
عند مر القوارع
بالخدود الضوارع
فائضات المدامع
ياجميل الصنائع
للوجوه الخواشع
للعيون الدوامع
شافع خير شافع
لم تقع في المسامع:
أوليائي بضائع
أنها في ودائعي
صفحه 40، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 47.