القصيدة الشافعية و ما يتبعها











القصيدة الشافعية و ما يتبعها



ألمولود 321-320، ألمتوفي 357


ألحق مهتضم والدين مخترم
وفئ آل رسول الله مقتسم


والناس عندک لاناس فيحفظهم
سوم الرعاة ولا شاء ولا نعم


إني أبيت قليل النوم أرقني

قلب تصارع فيه الهم والهمم

وعزمة لا ينام الليل صاحبها
إلا علي ظفر في طيه کرم


يصان مهري لامر لا أبوح به
والدرع والرمح والصمصامة الحذم[1] .


وکل مائرة الضبعين مسرحها
رمث الجزيرة والخذراف والعنم[2] .


وفتية قلبهم قلب إذا رکبوا
وليس رأيهم رأيا إذا عزموا


ياللرجال أما لله منتصر
من الطغاة؟ أما لله منتقم


بنو علي رعايا في ديارهم
والامر تملکه النسوان والخدم


محلئون فأصفي شربهم وشل
عند الورود وأوفي ودهم لمم[3] .


فالارض إلا علي ملاکها سعة
والمال إلا علي أربابه ديم


فما السعيد بها إلا الذي ظلموا
وما الشقي بها إلا الذي ظلموا


للمتقين من الدنيا عواقبها
وإن تعجل منها الظالم الاثم


أتفخرون عليهم لاأبا لکم
حتي کأن رسول الله جدکم؟!

[صفحه 400]

ولا توازن فيما بينکم شرف
ولاتساوت لکم في موطن قدم


ولالکم مثلهم في المجد متصل
ولا لجدکم معاشر جدهم


ولا لعرقکم من عرقهم شبه
ولا نثيلتکم من امهم أمم[4] .


قام النبي بها (يوم الغدير) لهم
والله يشهد والاملاک والامم


حتي إذا أصبحت في غير صاحبها
باتت تنازعها الذؤبان والرخم


وصيروا أمرهم شوري کأنهم
لايعرفون ولاة الحق أيهم


تالله ماجهل الاقوام موضعها
لکنهم ستروا وجه الذي علموا


ثم ادعاها بنو العباس ملکهم
ولا لهم قدم فيها ولا قدم


لايذکرون إذا ما معشر ذکروا
ولا يحکم في أمر لهم حکم


ولا رآهم أبوبکر وصاحبه
أهلا لما طلبو منها وما زعموا


فهل هم مدعوها غير واجبة؟
أم هل أئمتهم في أخذها ظلموا؟


أما علي فأدني من قرابتکم
عند الولاية إن لم تکفر النعم


أينکر الحبر عبدالله نعمته؟
أبوکم أم عبيد الله أم قثم؟!؟!


بئس الجزاء جزيتم في بني حسن
أباهم العلم الهادي وامهم


لا بيعة ردعتکم عن دمائهم
ولايمين ولا قربي ولا ذمم


هلا صفحتم عن الاسري بلا سبب
للصافحين ببدر عن أسيرکم؟!


هلا کففتم عن الديباج سوطکم[5] .
وعن بنات رسول الله شتمکم؟[6] .


مانزهت لرسول الله مهجته
عن السياط فهلا نزه الحرم؟


مانال منهم بنو حرب وإن عظمت
تلک الجرائر إلا دون نيلکم


کم غدرة لکم في الدين واضحة
وکم دم لرسول الله عندکم


أنتم له شيعة فيما ترون وفي
أظفارکم من بنيه الطاهرين دم

[صفحه 401]

هيهات لاقربت قربي ولارحم
يوما إذا أقصت الاخلاق والشيم


کانت مودة سلمان له رحما
ولم يکن بين نوح وابنه رحم


ياجاهدا في مساويهم يکتمها
غدر الرشيد بيحيي کيف ينکتم؟[7] .


ليس الرشيد کموسي في القياس ولا
مأمونکم کالرضا لو أنصف الحکم


ذاق الزبيري غب الحنث وانکشفت
عن ابن فاطمة الاقوال والتهم[8] .


باؤا بقتل الرضا من بعد بيعته
وأبصروا بعض يوم رشدهم وعموا


ياعصبة شقيت من بعدما سعدت
ومعشرا هلکوا من بعد ماسلموا


لبئسما لقيت منهم وان بليت
بجانب الطف تلک الاعظم الرمم[9] .


لاعن أبي مسلم في نصحه صفحوا
ولا الهبيري نجا الحلف والقسم[10] .


ولا الامان لاهل الموصل اعتمدوا
فيه الوفاء ولا عن غيهم حلموا[11] .


أبلغ لديک بني العباس مالکة
لايدعوا ملکها ملاکها العجم


أي المفاخر أمست في منازلکم
وغيرکم آمر فيها ومحتکم؟


أني يزيدکم في مفخر علم؟
وفي الخلاف عليکم يخفق العلم


ياباعة الخمر کفوا عن مفاخرکم
لمعشر بيعهم يوم الهياج دم


خلوا الفخار لعلامين إن سئلوا
يوم السؤال وعمالين إن عملوا


لايغضبون لغير الله إن غضبوا
ولا يضيعون حکم الله إن حکموا


تنشي التلاوة في أبياتهم سحرا
وفي بيوتکم الاوتار والنغم

[صفحه 402]

منکم علية أم منهم؟ وکان لکم
شيخ المغنين إبراهيم أم لهم؟[12] .


إذا تلوا سورة غني إمامکم
قف بالطلول التي لم يعفها القدم


مافي بيوتهم للخمر معتصر
ولا بيوتکم للسوء معتصم


ولا تبيت لهم خنثي تنادمهم
ولايري لهم قرد ولاحشم[13] .


ألرکن والبيت والاستار منزلهم
وزمزم والصفي والحجر والحرم


وليس من قسم في الذکر نعرفه
إلا وهم غير شک ذلک القسم


ما يتبع الشعر

توجد هذه القصيدة کما رسمناها 58 بيتا في ديوانه المخطوط المشفوع بشرحه لابن خالويه النحوي المعاصر له ألمتوفي بحلب في خدمة بني حمدان سنة 370، و خمس منها العلامة ألشيخ إبراهيم يحيي العاملي 54 بيتا، وذکر تخميسه في (منن الرحمان) ج 1 ص 143 مستهله:


ياللرجال لجرح ليس يلتئم
عمر الزمان وداء ليس ينحسم


حتي متي أيها الاقوام والامم
ألحق مهتضم.....


أودي هدي الناس حتي أن أحفظهم
للخير صار بقول السوء ألفظهم


فکيف توقظهم إن کنت موقظهم
والناس عندک.....


وهي التي شرحها م- أبوالمکارم محمد بن عبدالملک بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة الحلبي المتوفي 565، وشرحها إبن أمير الحاج بشرحه المعروف المطبوع وتوجد بتمامها في (الحدائق الوردية) المخطوط، وذکرها القاضي في (مجالس المؤمنين) ص 411، والسيد ميرزا حسن الزنوزي في (رياض الجنة) في الروضة الخامسة ستين بيتا، وهي التي شطرها العلامة ألسيد محسن الامين العاملي. وإليک نص البيتين الزائدين:


أمن تشاد له الالحان سايرة
عليهم ذو المعالي أم عليکم؟[14] .

[صفحه 403]

صلي الاله عليهم کلما سجعت
ورق فهم للوري کهف ومعتصم[15] .


وأسقط ناشر الديوان منها أبياتا وذکرها 53 بيتا وأحسب انه التقط أبياتا ما کان يروقه مفادها ودونک الاشارة إليها:

1- کل مائرة الضبعين مسرحها

2- وفتية قلبهم قلب إذا رکبوا

3- فما السعيد بها إلا الذي ظلموا

4- للمتقين من الدنيا عواقبها

5- ليس الرشيد کموسي في القياس ولا

6- يا باعة الخمر کفوا عن مفاخرکم

7- صلي الاله عليهم سجعت

هذه القصيدة تعرف ب (الشافية) وهي من القصايد الخالدة التي تصافقت المصادر علي ذکرها أو ذکر بعضها[16] أو الايعاز إليها، مطردة متداولة بين الادباء، محفوظة عند الشيعة وقسمائهم منذ عهد نظمها ناظمها أمير السيف والقلم وإلي الآن، وستبقي خالدة مع الدهر، وذلک لما عليها من مسحة البلاغة، ورونق الجزالة، وجودة السرد، وقوة الحجة، وفخامة المعني، وسلاسة اللفظ، ولما أنشد ناظمها (الامير) أمر خمسمائة سيفا وقيل أکثر يشهر في المعسکر[17] نظمها لماوقف علي قصيدة إبن سکرة العباسي التي أولها:


بني علي دعوا مقالتکم
لاينقص الدر وضع من وضعه


وللامير أبي فراس هائية يمدح بها أهل البيت وفيها ذکر (الغدير) وهي:


يوم بسفح الدار لا أنساه
أرعي له دهري الذي أولاه


يوم عمرت العمر فيه بفتية
من نورهم أخذ الزمان بهاه


فکأن أوجههم ضياء نهاره
وکأن أوجههم نجوم دجاه

[صفحه 404]

ومهفهف کالغصن حسن قوامه
والظبي منه إذا رنا عيناه


نازعته کأسا کأن ضياء ها
لما تبدت في الظلام ضياه


في ليلة حسنت لنا بوصاله
فکأنما من حسنها إياه


وکأنما فيها الثريا إذبدت
کف يشير إلي الذي يهواه


والبدر منتصف الضياء کأنه
متبسم بالکف يسترقاه


ظبي لو أن الدر مر بخده
من دون لحظة ناظر أدماه


إن لم أکن أهواه أو أهوي الردي
في العالمين لکل مايهواه


فحرمت قرب الوصل منه مثل ما
حرم الحسين الماء وهو يراه


إذ قال: اسقوني. فعوض بالقنا
من شرب عذب الماء ما أرواه


فاجتز رأسا طالما من حجره
أدنته کفا جده ويداه


يوم بعين الله کان وإنما
يملي لظلم الظالمين الله


وکذاک لو أردي عداة نبيه
ذو العرش ماعرف النبي عداه


يوم عليه تغيرت شمس الضحي
وبکت دما مما رأته سماه


لاعذر فيه لمهجة لم تنفطر
أو ذي بکاء لم تفض عيناه


تبا لقوم تابعوا أهوائهم
فيما يسوئهم غدا عقباه


أتراهم لم يسمعوا ماخصه
منه النبي من المقال أباه؟!


إذ قال يوم (غدير خم) معلنا
من کنت مولاه فذا مولاه


هذا وصيته إليه فافهموا
يامن يقول بأن ماأوصاه


أقروا من القرآن مافي فضله
وتأملوه وأفهموا فحواه


لو لم تنزل فيه إلا هل أتي
من دون کل منزل لکفاه


من کان أول من حوي القرآن من
لفظ النبي ونطقه وتلاه؟!


من کان صاحب فتح خيبر؟ من رمي
بالکف منه بابه ودحاه؟!


من عاضد المختار من دون الوري؟
من آزر المختار من آخاه؟!؟!


من بات فوق فراشه متنکرا
لما أطل فراشه أعداه؟


من ذا أراد إلهنا بمقاله:
ألصادقون القانتون سواه؟!

[صفحه 405]

من خصه جبريل من رب العلي
بتحية من ربه وحباه؟!


أظننتم أن تقتلوا أولاده
ويظلکم يوم المعاد لواه؟!


أو تشربوا من حوضه بيمينه
کأسا وقد شرب الحسين دماه؟!


طوبي لمن ألقاه يوم اوامه
فاستل يوم حياته وسقاه


قد قال قبلي في قريض قائل:
ويل لمن شفعائه خصماه


أنسيتم يوم الکساء وإنه
ممن حواه مع النبي کساه؟!


يارب إني مهتد بهداهم
لا أهتدي يوم الهدي بسواه


أهوي الذي يهوي النبي وآله
أبدا وأشنأکل من يشناه


وأقول قولا يستدل بأنه
مستبصر من قاله ورواه


شعرا يود السامعون لو أنه
لاينقضي طول الزمان هداه


يغري الرواة إذا روته بحفظه
ويروق حسن رويه معناه


صفحه 400، 401، 402، 403، 404، 405.








  1. ألحذم من السيوف بالحاء المهملة: ألقاطع.
  2. مار: تحرک. ألضبع: العضد. کناية عن السمن. الرمث بکسر المهملة: خشب يضم بعضه إلي بعض ويسمي: الطوف. الخذراف بکسر الخاء ثم الدال المعجمتين: نبات اذا أحس بالصيف يبس. العنم بفتح المهملة. نبات له ثمرة حمراء يشبه به البنان المخضوب.
  3. حلاء عن الماء: طرده. الوشل الماء القليل. لم: اي غب.
  4. نثيله هي ام العباس بن عبدالمطلب. الامم: القرب.
  5. الديباج هو محمد بن عبدالله العثماني أخو بني حسن لامهم فاطمة بنت الحسين السبط ضربه المنصور مأتين وخمسين سوطا.
  6. عله أشار إلي قول منصور لمحمد الديباج: يابن اللخناء. فقال محمد. اي امهاتي تعيرني؟ أبفاطمة بنت الحسين؟ أم بفاطمة الزهراء؟ أم برقية؟.
  7. أشار إلي غدر الرشيد بيحيي بن عبدالله بن الحسن الخارج ببلاد الديلم؟؟ سنة 176 فانه أمنه ثم غدره وحبسه ومات في حبسه.
  8. الزبيري هوعبدالله بن مصعب بن الزبير باهله يحيي بن عبدالله بن حسن فتفرقا فما وصل الزبيري إلي داره حتي جعل يصيح؟؟: بطني بطني. ومات.
  9. أشار إلي مافعله المتوکل بقبر الامام الشهيد.
  10. أبومسلم هو الخراساني مؤسس دولة بني العباس قتله المنصور والهبيري: هو يزيد بن عمر بن هبيرة أحد ولاة بني امية حاربه بنو العباس أيام السفاح ثم امنوه فخرج إلي المنصور بعد المواثيق والايمان فغدروا به وقتلوه سنة 132.
  11. استعمل السفاح أخاه يحيي بن محمد علي الموصل فامنهم ونادي: من دخل الجامع فهو آمن. وأقام الرجال علي أبواب الجامع فقتلوا الناس قتلا ذريعا قيل: انه قتل فيه أحد عشر ألفا ممن له خاتم، وخلقا کثيرا ممن ليس له خانم، وأمر بقتل النساء والصبيان ثلاثة أيام وذلک في سنة 132.
  12. علية: بنت المهدي بن المنصور کانت عوادة. وابراهيم أخوها کان مغنيا وعوادا.
  13. الخنثي: هو عبادة، نديم المتوکل. والقرد کان لزبيدة.
  14. بعد البيت ال- 53.
  15. مختتم القصيدة.
  16. ذکر سراج الدين السيد محمد الرفاعي المتوفي 885 في (صحاح الاخبار) ص 26 من القصيدة ثمانية بيتا وقال: القصيدة طويلة ليس هذا محل ذکرها.
  17. کما ذکره الفتوني في کشکوله، وابوعلي في رجاله ص 349.