ترجمة ابوالقاسم الصنوبري
شاعر شيعي مجيد. جمع شعره بين طرفي الرقة والقوة، ونال من المتانة وجودة الاسلوب حظه الاوفر، ومن البراعة والظرف نصيبه الاوفي، وتواتر في المعاجم وصفه بالاحسان تارة[4] وبه وبالاجادة اخري[5] وإن شعره في الذروة العليا ثالثة[6] وکان يسمي حبيبا الاصغر لجودة شعره[7] وقال الثعالبي: تشبيهات إبن المعتز. و أوصاف کشاجم، وروضيات الصنوبري، متي اجتمعت إجتمع الظرف والطرف، وسمع السامع من الاحسان العجب. وله في وصف الرياض والانوار تقدم باهر، وذکر إبن عساکر: أن أکثر شعره فيه. وقال إبن النديم في فهرسته: إن الصولي عمل شعر الصنوبري علي الحروف في مأتي ورقة. فيکون المدون علي ماالتزم به إبن النديم من تحديد کل صفحة من الورقة بعشرين بيتا ثمانية آلاف بيت، وسمع الحسن بن محمد الغساني من شعره مجلدا.[8] . [صفحه 370] وله في وصف حلب ومنتزهاتها قصيدة تنتهي إلي مائة وأربعة أبيات توجد في (معجم البلدان) للحموي 3 ص 321 -317، وقال البستاني في (دائرة المعارف) 7 ص 137: هي أجود ماوصف به حلب، مستهلها: إحبسا العيس احبساها وأما نسبته إلي الصنوبر فقد ذکر إبن عساکر عن عبدالله الحلبي الصفري إنه قال: سألت الصنوبري عن السبب الذي من أجله نسب جده إلي الصنوبر حتي صار معروفا به. فقال لي: کان جدي صاحب بيت حکمة من بيوت حکم المأمون فجرت له بين يديه مناظرة فاستحسن کلامه وحدة مزاجه وقال له: إنک لصنوبري الشکل. يريد بذلک الذکاء وحدة المزاج. اه د. وذکر له النويري في (نهاية الارب) ج 11 ص 98 في نسبته هذه قوله: وإذا عزينا إلي الصنوبر لم لابل إلي باسق الفروع علا مثل خيام الحرير تحملها کأن مافي ذراه من ثمر باق علي الصيف والشتاء إذا محصن الحب في جواشن قد حب حکي الحب صين في قرب ال ذو نثة ماينال من عنب ياشجرا حبه حداني أن فالحمد لله إن ذا لقب وأما تشيعه فهو الذي يطفح به شعره الرائق کما وقفت علي شطر منه وستقف فيما يلي علي شطر آخر، ونص بذلک اليماني في نسمة السحر، وعد إبن شهر اشوب له من مادحي أهل البيت عليهم السلام يوذن بذلک. وأما دعوي صاحب النسمة أنه کان زيديا واستظهاره ذلک من شعره فأحسب انها فتوي مجردة فإنه لم يدعمها. بدليل، وشعره الذي ذکره هو وغيره خال من أي ظهور ادعاه، وإليک نبذا مما وقفنا عليه في [صفحه 371] المذهب.قال في قصيدة يمدح بها عليا أميرالمؤمنين عليه السلام: واخي حبيبي حبيب الله لاکذب صلي إلي القبلتين المقتدي بهما مامثل زوجته اخري يقاس بها فمضمر الحب في نور يخص به هذا غدا مالک في النار يملکه ردت له الشمس في أفلاکها فقضي أليس من حل منه في اخوته وشافع الملک الراجي شفاعته قال النبي له: أشقي البرية يا هذا عصي صالحا في عقر ناقته ليخضبن هذه من ذا أبا حسن ويرثي فيها أميرالمؤمنين وولده السبط الشهيد بقوله: نعم الشهيدان رب العرش يشهد لي من ذا يعزي النبي المصطفي بهما من ذا لفاطمة اللهفاء ينبئها من قابض النفس في المحراب منتصبا نجمان في الارض بل بدران قد أفلا سيفان يغمد سيف الحرب إن برزا وله يرثي الامام السبط الشهيد عليه السلام[9] . ياخير من لبس النبوة وجدي علي سبطيک وجد هذا قتيل الاشقياء يوم الحسين هرقت دمع [صفحه 372] يوم الحسين ترکت با ب ياکربلاء خلقت من کم فيک من وجه تشرب نفسي فداء المصطلي نار حيث الاسنة في الجواشن فاختار درع الصبر حيث وأبي إباء الاسد إن وقضي کريما إذ قضي منعوه طعم الماء لا من ذا لمعفور الجواد من للطريح الشلوعر من للمحنط بالتراب من لابن فاطمة المغيب ويؤکد ماذکرنا للمترجم من المذهب شدة الصلة بينه وبين کشاجم المسلم تشيعه، وتؤکد المواخاة بينهما کما ستقف عليه في ترجمة کشاجم، ويعرب عن الولاء الخالص بينهما قول کشاجم في الثناء عليه: لي من أبي بکر أخي ثقة ماحال في قرب ولا بعد جسمان والروحان واحدة فإذا افتقرت فلي به جدة ذاکره أو حاوله مختبرا في نعمة منه جلبت بها وبدلة بيضاء ضافية متذلل سهل خلايقه ونتاج مغناه متممة [صفحه 373] وجنان آداب مثمرة وتواضع يزداد فيه علا وإذا أمرؤ شيبت خلائقه وقصيدته الاخري وقد کتبها إليه: ألا أبلغ أبا بکر يناديک بإخلاص أظن الدهر أعداک فما ترغب في وصل ولاتخطرني منک أتنسي زمنا کنا أليفين حليفين مکبين علي اللذات تر ي في فلک الآداب کما ألفت الحکمة فألهتک بساتينک وماشيدت للخلوة (ألقصيدة) کان المترجم يسکن حلب دمشق وبها أنشد شعره ورواه عنه أبوالحسن محمد ابن أحمد بن جميع الغساني کما في أنساب السمعاني، وتوفي في سنة 334 کما أرخه صاحب (شذرات الذهب) وغيره. وعده إبن کثير في تاريخه 11 ص 119 ممن توفي في حدود الثلمائة، وهذا بعيد عن الصحة جدا من وجوه، منها: أنه اجتمع[10] مع أبي الطيب المتنبي بعد ما نظم القريض وقد ولد بالکوفة سنة 303. ومنها: مدحه سيف الدولة الحمداني وقد ولد سنة 303. أعقب المترجم ولده أبا علي الحسين، حکي إبن الجني[11] قال حدثني أبوعلي [صفحه 374] الحسين بن أحمد الصنوبري قال: خرجت من حلب اريد سيف الدولة فلما برزت من الصور إذا أنا بفارس متلثم قد أهوي نحوي برمح طويل، وسدده إلي صدري، فکدت أطرح نفسي عن الدابة فرقا، فلما قرب مني ثني السنان وحسر لثامه فإذا المتنبي (ألشاعر ألمعروف) وأنشدني: نثرنا رؤوسا بالاحيدب منهم ثم قال: کيف تري هذا القول؟ أحسن هو؟ فقلت له: ويحک قد قتلتني يارجل؟ قال إبن جني: فحکيت أنا هذه الحکاية بمدينةالسلام لابي الطيب فعرفها وضحک لها. وتوفيت للصنوبري بنت في حياته رثاها زميله (کشاجم) وعزاه بقوله: أتأسي يا أبا بکر وقد زوجتها قبرا وعوضت بها الاجر زفاف اهديت فيه فتاة أسبل الله ورده أشبه النعم دة وقد يختار في المکروه فقابل نعمة الله التي وعز النفس مما فات وکتب المترجم علي کل جانب من جوانب قبة قبرها الستة بيتين توجد الابيات في تاريخ إبن عساکر 1 ص 457 و456.
أبوالقاسم وأبوبکر وأبوالفضل[1] أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الجزري الرقي[2] الضبي[3] الحلبي الشهير بالصنوبري.
وسلا الدار سلاها
نعز إلي خامل من الخشب
مناسبا في ارومة الحسب
أعمدة تحتها من الذهب
طير وقوع علي ذري القضب
شابت رؤوس النبات لم يشب
أمن في لبسها من الحرب
أصداف حتي بدا من القرب
مانيل من طيبها ولا رطب
أفدي بامي محبة وأبي
يزيد في حسنه علي النسب
وابناه للمصطفي المستخلص ابنان
والناس عن ذاک في صم وعميان
ولايقاس علي سبطيه سبطان
ومضمر البغض مخصوص بنيران
وذاک رضوان يلقاه برضوان
صلاته غير ماساه ولا وان
محل هارون من موسي بن عمران؟!
إذ جاءه ملک في خلق ثعبان
علي إذ ذکر الاشقي شقيان
وذاک فيک سيلقاني بعصيان
في حين يخضبها من أحمر قان
والخلق انهما نعم الشهيدان
من ذا يعزيه من قاص ومن دان؟
عن بعلها وابنها إنباء لهفان؟
وقابض النفس في الهيجاء عطشان؟
نعم وشمسان إما قلت شمسان
وفي يمينيهما للحرب سيفان
من جميع الانبياء
ليس يؤذن بانقضاء
وذا قتيل الادعياء
الارض بل دمع السماء
العز مهجور الفناء
کرب علي ومن بلاء
ماؤه ماء البهاء
الوغي أي اصطلاء
کالکواکب في السماء
الصبر من لبس السناء
الاسد صادقة الاباء
ظمآن في نفر ظماء
وجدوا لماء طعم ماء
ممال أعواد الخباء؟
يانا مخلي بالعراء؟
وللمغسل بالدماء؟
عن عيون الاولياء؟
لم استرب بإخائه قط
سيان فيه الثوب والشط
کالنقطتين حواهما خط
وإذا اغتربت فلي به رهط
تر منه بحرا ماله شط
لا الشيب يبلغها ولا القرط
مثل الملاءة حاکها القبط
وعلي عدو صديقه سلط
ونتاج مغني غيره سقط
ماشأنها أثل ولا خمط
والحر يعلو حين ينحط
غدرا فما في وده خلط
مقالا من أخ بر
وإن ناداک من عقر
فاخلدت إلي الغدر
ولاتعرض من هجر
علي بال من الذکر
به کالماء في الخمر؟!
علي الايسار والعسر
في الصحو وفي السکر
کالشمس وکالبدر
بين العود والزمر
ذات النور والزهر
من دار ومن قصر
کما نثرت فوق العروس الدراهم
لموت الحرة البکر
وما کالقبر من صهر
وما للاجر من مهر
من الخدر إلي القبر
عليها أسبغ الستر
في الموقع والقدر
للعبد وما يدري
أولاک بالشکر
بالتسليم والصبر
صفحه 370، 371، 372، 373، 374.