اساطير حول الامة فيها تشنيع علي الأئمة والجواب عنها











اساطير حول الامة فيها تشنيع علي الأئمة والجواب عنها



الامة معصومة عصمة نبيها. معصومة في تحملها وحفظها. وفي تبليغها وأدائها. حفظت کل مابلغه النبي مئل حفظ النبي. وبلغت کل مابلغه النبي مثل تبليغ النبي. حفظت کليات الدين وجزئيات الدين أصلا وفرعا. وبلغت کليات الدين وجزئيات الدين أصلا وفرعا.

لم يضع من اصول الدين ومن فروع الدين شيئ. 1 حفظه الله 2 حفظه نبيه محمد، 3 حفظته الامة: کافة عن کافة، عصرا بعد عصر، ولايمکن أن يوجد شيئ من الدين غفل عنه أو نسيه الامة.

فالامة بالقرآن والسنة أعلم من جميع الائمة، وأقرب من إهتداء الائمة، و علم الامة بالقرآن وسنن النبي اليوم أکثر وأکمل من علم علي ومن علوم کل أولاد علي. ومن عظيم فضل الله علي نبيه، ثم من عموم وعميم فضل الله علي الامة أن جعل في الامة من أبناء الامة کثيرا هم أعلم بکثير من الائمة ومن صحابة النبي صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم.

وکل حادثة إذا وقعت فالامة لاتخلو من حکم حق وصواب وجواب يريه الله الواحد من الامة التي ورثت نبيها وصارت رشيدة ببرکة الرسالة وختمها أرشد إلي الهداية وإلي الحق من کل إمام، والامة مثل نبيها معصومة ببرکة الرسالة و کتابها، ومعصومة بعقلها العاصم.

ألامة بلغت وصارت رشيدة لاتحتاج إلي الامام، رشدها وعقلها يغنيها عن کل إمام.

أنا لاأنکر علي الشيعة عقيدتها ان الائمة معصومة، وإنما أنکر عليها عقيدتها

[صفحه 326]

أن امة محمد لم تزل قاصرة ولن تزال قاصرة، تحتاج إلي وصاية إمام معصوم إلي يوم القيامة، والامة أقرب إلي العصمة والاهتداء من کل إمام معصوم، وأهدي إلي الصواب والحق من کل إمام معصوم، لان عصمة الامام دعوي، أما عصمة الامة فبداهة وضرورة بشهادة القرآن.

ليس يمکن في العالم نازلة حادثة ليس لها جواب عند الامة: وعقلنا لايتصور إحتياج الامة إلي إمام معصوم، وقد بلغت رشدها، ولها عقلها العاصم، وعندها کتابها المعصوم، وقد حازت بالعصوبة کل مواريث نبيها، وفازت بکل ماکان للنبي بالنبوة.

ألامة بعقلها وکمالها ورشدها بعد ختم النبوة أکرم وأعز وأرفع من أن تکون تحت وصاية وصي تبقي قاصرة إلي الابد.

جواب: هذه سلسلة أوهام، وحلقة خرافات تبعد عن ساحة أي متعلم متفقه فضلا عمن يري نفسه فقيها، فکأن الرجل يتکلم في الطيف في عالم الاضغاث والاحلام.

ألا من يسائله عن أن الامة إذا کانت معصومة حافظة لکليات الدين وجزئياته أصلا وفرعا، ومبلغة جميع ذلک کافة عن کافة وعصرا بعد عصر، ولم يوجد هناک شيئ منسي أو مغفول عنه، فما معني أعلميتها من جميع الائمة؟ وأقربية إهتدائها من اهتدائهم؟ أيراهم خارجين عن الامة غير حافظين ولا مهتدين، في جانب عن الدين الذي حفظته الامة، لاتشملهم عصمتها ولا حفظها ولا اهتدائها ولا تبليغها؟.

وعلي مايهم الرجل يجب أن لايوجد في الامة جاهل، ولايقع بينها خلاف في أمر ديني أو حکم شرعي، وهؤلاء جهلاء الامة الذين سد واکل فراغ بين المشرق والمغرب، وتشهد عليهم أعمالهم وأقوالهم بأنهم جاهلون وفي مقدمهم هو نفسه وما شجر بين الامة من الخلاف منذ عهد الصحابة وإلي يومنا الحاضر مما لايکاد يخفي علي عاقل، وهل يتصور الخلاف إلا بجهل أحد الفريقين بالحقيقة الناصعة؟ لانها وحدانية لاتقبل التجزية، أيري من الدين الذي حفظته الامة وبلغته جهل علي و أولاده من بينهم بالقرآن والسنن؟ أم يراهم أنهم ليسوا من الامة؟ فيقول: إن علم الامة بالقرآن وسنن النبي اليوم أکثر وأکمل من علم علي ومن علوم کل أولاد علي. ومتي أحاط هو بعلم علي وأولاده عليهم السلام وبعلم الامة جمعاء؟ حتي يسعه

[صفحه 327]

هذا التحکم البات والفتوي المجردة.

والعجب انه يري أن الامة إذا وقعت حادثة يري الله لواحد منها الحکم و صواب الجواب، وأنها ورثت نبيها، ورشدت ببرکة الرسالة وبها وبکتابها ماتلت نبيها في العصمة، وإنها معصومة بعقلها العاصم، فما بال الائمة (علي وأولاد علي) لايکون من اولئک الآحاد الذين يريهم الله الحق والصواب؟! ومابالهم قصروا عن الوراثة المزعومة؟! وليس لهم شرکة في علم الامة؟ ولم تشملهم برکة الرسالة وکتابها؟ ولايماثلون النبي في العصمة؟ ولا يوجد عندهم عقل عاصم؟ وأعجب من هذه کلها هتاف الله بعصمتهم في کتابه العزيز، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟ أم علي قلوب أقفالها؟.

ولعلي يسعني أن أقول بأن النبي صلي الله عليه وآله کان أبصر وأعرف بامته من صاحب هذه الفتاوي المجردة، وأعلم بمقادير علومهم وبصائرهم، فهو بعد ذلک کله خلف لهداية امته من بعده الثقلين: کتاب الله وعترته (ويريد الائمة منهم) وقال: ماإن تمسکتم بهما لن تضلوا بعدي وإنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، فحصر الهداية بالتمسک بهما واقتصاص آثارهما إلي غاية الامد يفيدنا أن عندهما من العلوم والمعارف ماتقصر عنها الامة، وانه ليس في حيز الامکان أن تبلغ الامة وهي غير معصومة من الخطأ ولم تکشف لها حجب الغيب مبلغا يستغني به عمن يرشدها في مواقف الحيرة.

فأئمة العترة أعدال الکتاب في العلم والهداية بهذا النص الاغر، وهم مفسروه والواقفون علي مغازيه ورموزه، ولو کانت الامة أو أن فيها من يضاهيهم في العلم والبصيرة فضلا عن أن يکون أعلم بکثير منهم لکان هذا النص الصريح مجازفة في القول لاسيما وأن الهتاف به کان له مشاهد ومواقف منها مشهد (يوم الغدير) وقد ألقاه.

صاحب الرسالة علي مائة ألف أو يزيدون، وهو أکبر مجتمع للمسلمين علي العهد النبوي، هنالک نعي نفسه وهو يري امته (وحقا مايري) قاصرة (ولن تزل قاصرة) عن درک مغازي الشريعة فيجبره ذلک بتعيين الخليفة من بعده.

وهذا الحديث من الثابت المتواتر الذي لايعترض صدوره أي ريب، وللعلامة السمهودي کلام حول هذا الحديث أسلفناه ص 80. وکان يري صلي الله عليه وآله مسيس حاجة

[صفحه 328]

امته إلي الخليفة من يوم بدء دعوته يوم أمر بانذار عشيرته کما مر حديثه ج 2 ص 278[1] ومما يماثل هذا النص حديث سفينة نوح حيث شبه فيه نفسه وأهل بيته) ويريد الائمة منهم) بسفينة نوح التي من رکبها نجا ومن تخلف عنها غرق، فحصر النجاة باتباعهم المستعار له رکوب السفينة، ولولا أن لهم علوما وافية بإرشاد الامة وأنها لاتهتدي إليها إلا بالاخذ منهم لما استقام هذا التشبيه ولا اتسق ذلک الکلام.

ومثله حديث تشبيهه صلي الله عليه وآله أهل بيته بالنجوم، فأهل بيته أعلام وصوي للهداية يهتدي بهم في ظلمات الغي والخلاف، کما أن النجوم يهتدي بها في غياهب الليل البهم، ولولا أنهم أرکان العلم والهداية لما يتم التمثيل.

ولو کان علم الامة اليوم بالقرآن والسنن أکثر وأکمل من علم علي ومن علوم کل أولاد علي (کما زعمه المسکين) فکيف خفي ذلک علي رسوله الله فقال و کأنه لم يعرف امته: أعلم امتي من بعدي علي بن أبي طالب؟

وکيف اتخذه وعاء علمه وبابه الذي يؤتي منه؟

وکيف رآه باب علمه ومبين امته بما ارسل به من بعده؟

وکيف أخبر امته بأنه خازن علمه وعيبته؟

وکيف خصه بين امته بالوصية والوارثة لعلمه؟

وکيف صح عن أميرالمؤمنين قوله: والله إني لاخوه ووليه وابن عمه و وارث علمه، فمن أحق به مني؟

وکيف حکم الحافظ النيسابوري بإجماع الامة علي أن عليا ورث العلم من النبي دون الناس؟

وعلي هذه کلها فلازم کون الامة أعلم من علي کونها أعلم من رسول الله صلي الله عليه وآله لانه ورث علمه کله.

ثم کيف کان رسول الله صلي الله عليه وآله يري أن الله جعل الحکمة في أهل بيته وفي الامة من هو أعلم منهم؟ وقد صح عنه صلي الله عليه وآله قوله: أنا دار الحکمة وعلي بابها.

وکيف يأمر امته بالاقتداء بأهل بيته من بعده ويعرفهم بأنهم خلقوا من طينتي

[صفحه 329]

ورزقوا فهمي وعلمي؟

وکيف يراهم أئمة امته ويقول: في کل خلوف من امتي عدول من أهل بيتي ينفون من هذا الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطين، وتأويل الجاهلين، ألا إن أئمتکم وفدکم إلي الله فانظروا بمن توفدون.[2] .

والامة إن کانت غير قاصرة لاتحتاج إلي وصاية إمام معصوم إلي يوم القيامة کما زعمه المغفل ولايتصور عقله إحتياجها إلي إمام معصوم فلماذا أخرت الامة تجهيز نبيها صلي الله عليه وآله ودفنه ثلاثة أيام؟ وهذه کتب القوم تنص علي ان ذلک إنما کان لاشتغالهم بالواجب الاهم ألا وهو. أمر الخلافة وتعيين الخليفة.

قال ابن حجر في الصواعق ص 5: إعلم أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعوا علي أن نصب الامام بعد انقراض زمن النبوة واجب، بل جعلوه أهم الواجبات حيث اشتغلوا به عن دفن رسول الله صلي الله عليه وسلم واختلافهم في التعيين لايقدح في الاجماع المذکور.

والباحث يجد نظير هذه الکلمة في غضون الکتب کثيرا، فکيف يتصور عندئذ عقل الرجل مسيس حاجة الامة يوم ذلک إلي إمام غير معصوم وهي لاتحتاج إلي إمام معصوم قط إلي يوم القيامة؟!


صفحه 326، 327، 328، 329.








  1. في الطبعة الثانية. وص 251 من الاولي.
  2. راجع في هذه الاحاديث المذکورة ص 80 و 81 و 95 و 101 و 123 من هذا الجزء 1.