عقيدة الشيعة











عقيدة الشيعة



تأليف المستشرق روايت م. رونلدسن

قد يحسب الباحث رمزا من النزاهة في هذا الکتاب، وخلاء من القذف والسباب المقذع، غير انه مهما أمعن النظر فيه يراه معربا عن جهل مؤلفه المطبق، وقصر باعه في آراء الشيعة ومعتقداتهم، وعدم عرفانه برجالهم وتراجمهم وتآليفهم، و يجده مع ذلک: ذلک الافاک الاثيم، ذلک الهماز المائن، يخبط خبط عشواء، أو کحاطب ليل لا يدري مايجمع في حزمته، فجاء يکتب عن امة عظيمة کهذه ويبحث عن عقائدهم ويستند فيها کثيرا إلي کتب قومه المشحونة بالطامات والآراء الساقطة والمخازي التافهة، والمشوهة بأساطيرهم المائنة، أو إلي تآليف أهل السنة المؤلفة بيد اناس دجالين محدثين الذين کتبوا بأقلامهم المسمومة ماشاءت لهم أهوائهم وأغراضهم الاستعمارية. فکشف عن سوءاته بمثل قوله في ص 25:

يذکر Hlghes في کتابه (قاموس الاسلام) ص 128 قضية طريفة عن عيد الغدير قال: وللشيعة عيد في الثامن عشر من ذي الحجة يصنعون به ثلاثة تماثيل من العجين يملئون بطونها بالعسل، وهي تمثل أبا بکر وعمر وعثمان ثم يطعنونها بالمدي فيسيل العسل تمثيلا لدم الخلفاء الغاصبين، ويسمي هذا العيد بعيد الغدير.

وبمثل قوله في ص 158: يذکر برتن Burton ان الفرس تمکنوا في بعض الاحيان أن ينجسوا المکان الکائن قرب قبري أبي بکر وعمر بقذف النجاسة الملفوفة بقطعة من الشال، يدل ظاهرها علي أنها هدية من الشباک.

وبمثل قوله في ص 161: أما الشيعة الاثني عشرية فيؤکدون أن الامام جعفر الصادق نص علي إمامة إبنه الاکبر إسماعيل بعده، غير أن إسماعيل کان سکيرا، فنقلت الامامة إلي موسي، وهو الوليد الرابع من بين سبعة أولاد، وکان الخلاف الناجم عن

[صفحه 321]

ذلک سببا في حدوث إنقسام کبير بين الشيعة کما أشار إلي ذلک إبن خلدون.

وبمثل قوله في ص 128: إدعي عبدالله بن علي بن عبدالله بن الحسين[1] الامامة، ويروي أن وفدا مؤلفا من إثنين وسبعين رجلا جاء إلي إلمدينة من خراسان، ومعهم أموال يحملونها إلي الامام وهم لايعرفونه، فذهبوا إلي عبدالله أولا فاخرج لهم درع النبي صلي الله عليه وسلم وخاتمه وعصاه وعمامته، فلما خرجوا من عنده علي أن يرجعوا غدا لقيهم رجل من أتباع محمد الباقر فخاطبهم بأسمائهم ودعاهم إلي دار سيده فلما حضروا کلهم طلب الامام محمد الباقر من إبنه جعفر أن يأتيه بخاتمه فأخذه بيده وحرکه قليلا وتکلم بکلمات فإذا بدرع الرسول وعمامته وعصاه تسقط من الخاتم، فلبس الدرع ووضع العمامة علي رأسه وأخذ العصا بيده فاندهش الناس، فلما رأوها نزع العمامة والدرع وحرک شفتيه فعادت کلها إلي الخاتم، ثم التفت إلي زواره وأخبرهم انه لاإمام إلا وعنده مال قارون فاعترفوا بحقه في الامامة ودفعوا له الاموال. وقال في تعليقه: انظر دائرة المعارف[2] الاسلامية. مادة قارون.

سبحانک اللهم ماکنا نحسب أن رجلا يسعه أن يکتب عن امة کبيرة ويأخذ معتقداتها عمن يضادها في المبدء، ويتقول عليها بمثل هذه الترهات من دون أي مصدر، وينسب إليها بمثل هذه المخازي من دون أي مبرر، فما عساني أن أکتب عن مؤلف حائر بائر ساح بلاد الشيعة، وجاس خلال ديارهم، وحضر في حواضرهم وعاش بينهم (کما يقول في مقدمة کتابه) ست عشر سنة، ولم يرمنهم في طيلة هذه المدة أثرا مما تقول عليهم، ولم يسمع منه رکزا، ولم يقرأه في تآليف أي شيعي ولو لم يکن فيهم وسيطا.[3] ولم يجد في طامور قصاص، فجاء يفصم عري الاخوة الاسلامية، ويفرق صفوف أهل القرآن، بما لفقته يد الافک والزور من شاکلته،

[صفحه 322]

ويبهت أرقي الامم بما هم بعداء منه، ويعزو إليهم بما يکذبه به أدب الشيعة وتحرمه مبادئهم الصحيحة، ويقذفهم بما وضعته يد الاحن والشحنا من أمثال هذه الافائک الشائنة، فکأن في اذنيه وقرا لم تسمع ذکرا مما ألفه أعلام الشيعة قديما وحديثا في اصول عقائدهم، وکأن في بصره غشاوة لم ير شيئا من تلک التآليف التي ملات مکتبات الدنيا. نعم: إن الذين لايؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمي. فأتعس الله حظ مؤلف هذا شأنه، وجدع أنفه ويريه وبال أمره في الدنيا قبل عذاب الآخرة.

والخطب الفظيع إن هذا الکيذبان (وليد عالم التمدن) مهما ينقل عن تأليف شيعي تجده تارة يمين في نقله کقوله في ترجمة الکليني ص 284: يقال إن قبره فتح فوجد في ثيابه وعلي هيئته لم يتغير وإلي جانبه طفل کان قد دفن معه فبني علي قبره مصلي. ويذکر في التعليق انه کذلک ص 207 فهرست الطوسي رقم 709. ولم يوجد في فهرست الطوسي من هذه القيلة أثر.

وتارة تراه يحرف الکلم عن مواضعها ويشوه صورتها کما فعل فيما ذکره من زيارة مولانا أميرالمؤمنين ص 80 ناقلا عن الکافي للکليني ج 2[4] ص 321 فإنه إدخل فيها من عند نفسه ألفاظا لم توجد قط فيها لافيه ولا في غيره من کتب الشيعة.

أضف إلي هذه فظيعة جهله برجال الشيعة وتاريخهم قال في ترجمة الصحابي الشيعي العظيم سلمان الفارسي: يزور کثير من الشيعة قبره عند عودتهم من کربلاء وهو في قرية اسبندور من المدائن ويقول بعضهم:[5] إنه دفن في جوار إصفهان. و قال ص 268: والمقداد الذي توفي في مصر ودفن بالمدينة. وحذيفة بن اليمان الذي قتل مع أبيه وأخيه في غزوة احد ودفن في المدينة. وقال ص 268: إن الکليني مات في بغداد ودفن بالکوفة[6] وأکثر النقل عن تبصرة العوام للسيد المرتضي الرازي أحد أعلام القرن السابع ونسبه في ذلک کله إلي السيد الشريف علم الهدي المرتضي مؤرخا وفاته 436.

[صفحه 323]

ولعلنا نبسط القول حول مافي طيه من أباطيل ومخاريق بتأليف مفرد ونبرهن فساد ماهنالک في ص 20 و 21 و 24 و 34 و 36 و 43 و 47 و 59 و 60 و 63 و 72 و 77 و 80 و 83 و 91 و 92 و 100 و 101 و 110 و 111 و 114 و 115 و 122 و 126 و 128 و 151 و 158 و 161 و 170 و 174 و 185 و 192 و 208 و 211 و 235 و 253 و 268 و 280 و 282 و 284 و 295 و 296 و 304 و 320 و 329 وغيرها.

ولايفوت المترجم عرفاننا بأن يده الامينة علي ودايع العلم لعبت بهذا الکتاب وانه زاد شوها في شوهه، وبذل کله في تحريفه، وأخني عليه ورمجه، وقلب له ظهر المجن، وأدخل فيه ماحبذته نفسيته الضئيلة، فتعسا لمترجم راقه مافي الکتاب من التحامل علي الشيعة والوقيعة فيهم، فجاء يحمل أثقال أوزار الغرب وينشرها في الملا ولم يهمه التحفظ علي ناموس الاسلام، وعصمة الشرق، وکيان العرب ودينه.

وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم، وليسئلن يوم القيمة عما کانوا يفترون

(سورة العنکبوت: 13)

[صفحه 324]


صفحه 321، 322، 323، 324.








  1. ليته دلنا علي مدعي الامامة هذا من ولد الحسين من هو؟ ومتي ولد؟ وأين ولد؟ وأين عاش؟ وأين مات؟ وأين دفن؟ ومتي کان دعواه؟ لم يکن ممن عاصر الامام الباقر من ولد جده الحسين غير أخيه عبدالله بن علي بن الحسين، وکان فقيها فاضلا مخبتا إلي امامة أخيه الباقر فالقضية بهذا الاسم سالبة بانتفاء الموضوع، وفيها ماينافي اصول الشيعة وقد خفي علي الواضع.
  2. هذا الکتاب فيه من البهرجة والباطل شئ هائل يحتاج جدا ألي نظارة التنقيب.
  3. وسيط القوم: أرفعهم مقاما وأشرفهم نسبا. ومن هنا يقال: الحکمة الوسطي.
  4. والصحيح: ج 1.
  5. ليته دلنا علي ذلک البعض.
  6. خفي عليه انه (باب الکوفة) وهو من محلات بغداد.