اتخاذ الفرس مشهد الرضا كعبة











اتخاذ الفرس مشهد الرضا کعبة



قال: ألسيارات الکبيرة تمر تباعا (بين طهران وخراسان) ذهابا ورجعة في کثرة هائلة کلها تحمل جماهير الحجاج، ويقولون: بان هذا الخط علي وعورته أکثر البلاد حرکة في نقل المسافرين لان مشهد خير لديهم من مکة المکرمة تغنيهم عن بيت الله الحرام في زعمهم 152.

وقال ص 162: والذي شجع الفرس علي اتخاذ مشهد کعبة مقدسة ألشاه عباس أکبر الصفويين، هناک صرف قومه عن زيارة مکة المکرمة لکراهتهم للعرب. ولکي يوفر علي قومه ماکانوا ينفقون من أموال طائلة في بلاد يکرهونها، وکثير من الحجاح کانوا من السراة، فاتخذ مشهد کعبة وجه إليها الشعب، ولکي يزيدها قدسية حج إليها بنفسه ماشيا علي قدميه مسافة تفوق 1200 کليو متر فتحول إليها الناس جميعا، ويندر من يزور الحجاز اليوم، وهم يحترمون کلمة (مشهدي) عن کلمة (حجي)

[صفحه 316]

لان من زار مشهد لاشک أکثر قدسية واحتراما ممن زار مکة.

جواب: أللهم ماأجرأ هذا (الکذبان) علي المفتريات التي لم تطرق سمع أحد من الشيعة ولاوقع عليها نظر أي منهم ولو في اسطورة کاذبة حتي وجدها في کتاب هذا المائن، وليس في الشيعة أحد يعتقد في خراسان غير أنه مرقد خليفة من خلفاء رسول الله، ومثوي إمام من أئمتهم، ولذلک عاد مهبطا للفيوض الالهية، وأما القول بإغنائه عن البيت الحرام وإن زيارته مسقطة للحج فبهتان عظيم، والشاه الصفوي المغفور له لم يتخذه کعبة ولاقصد زيارته ماشيا إلا للتزلف إلي المولي سبحانه بزيارة ولي من أوليائه، والتوسل إليه بخليفة من خلفائه، ولم يصرف قومه عن الحج لذلک، ولم يأت برأي جديد يضاد رأي الشيعة من أول يومهم، والشيعة إنما تقصد زيارته بداعي الولاء للعترة الطاهرة الذي هوأجر الرسالة، ورغبة في المثوبات الجزيلة المأثورة عن أئمتهم عليهم السلام.

ولم يکن الشاه ولاشعبه الايرانيون بالدين يشحون علي الاموال دون الفرايض التي من أعظمها الحج إلي الکعبة المعظمة، ولايرون لهذه الفريضة أي بدل من زيارة أو عبادة، وهذه الحقب والاعوام تشهد لآلاف مؤلفة من الايرانيين الذين کانوا يحجون البيت في کل عام.

نعم: في السنين الاخيرة قل عددهم لما هنالک من عدم الطمأنينة علي الاحکام والدماء، فالشيعي يري أن أغلب الحجاج غير متمکنين من أداء المناسک کما ينبغي، وغير آمنين علي دمائهم بأدني فرية يفتريها عدو من أعداء الله، ويشهد عليها آخرون أمثاله، فيحکم علي إراقة دمه قاض بالجور.

وإن تنس لاننسي ماجري في سنة 1362 ه من إزهاق حاج مسلم ايراني (يسمي طالب) بين الصفي والمروة ببهتان عظيم، وهو يتشهد الشهادتين وقد حج البيت واعتمر وأتي بالفرايض کلها، فقتل مظلوما ولامانع ولا وازع ولا زاجر ولا مدافع، ودع عنک ما يلاقي الشيعة بأسرها عراقيين وايرانيين من هتک وهوان والخطاب بمثل قول الحجازي إياهم: ياکافر، يامشرک. وأمثالهما من الکلم القارصة، وتحري الحجج التافهة لهذه المخازي کلها ولاراقة دمائهم، فمن هنا خارت العزائم، وقلت الرغبات، ومنعت الحکومة الايرانية

[صفحه 317]

شعبها عن السفر إلي الحجاز کلائة لامتها، مستندة علي حکم ديني لعدم التمکن من أداء الفريضة غالبا، لا لما أفرغه السايح المتحذلق في بوتقة إفکه مماسطره من إتخاذ المشهد کعبة، ومن الکراهة المحتدمة بين الايرانيين والعرب، ذينک الفريقين المتواخيين علي الدين والمذهب، إلي جوامع کثيرة يعرفها من جاس خلال ديارهما بقلب طاهر متجردا عن النعرات الطائفية غير متحيز إلي فئة (لاکسايحنا الثابت علي غيه) وقد قدمنا مابين العرب والعجم المسلمين من التحابب والموادة.


صفحه 316، 317.