كلمة القسطلاني و الزرقاني حول حديث تحريم الذرية علي النار











کلمة القسطلاني و الزرقاني حول حديث تحريم الذرية علي النار



قال القسطلاني في (المواهب) والزرقاني في شرحه 3 ص 203: (روي) عن

[صفحه 295]

إبن مسعود رفعه (إنما سميت فاطمة) بإلهام من الله لرسوله إن کانت ولادتها قبل النبوة، وإن کانت بعدها فيحتمل بالوحي (لان الله قد فطمها) من الفطم وهو المنع ومنه فطم الصبي (وذريتها عن النار يوم القيامة) أي منعهم منها، فأما هي وأبناها فالمنع مطلق، وأما من عداها فالمنوع عنهم نار الخلود فلا يمتنع دخول بعضهم للتطهير، ففيه بشري لآله صلي الله عليه وسلم بالموت علي الاسلام، وانه لايختم لاحد منهم بالکفر نظيره ماقاله الشريف السمهودي في خبر الشفاعة لمن مات بالمدينة، مع انه يشفع لکل من مات مسلما، أو أن الله يشآء المغفرة لمن واقع الذنوب منهم إکراما لفاطمة سلام الله عليها أو يوفقهم للتوبة النصوح ولو عند الموت ويقبلها منهم (أخرجه الحافظ الدمشقي) هو إبن عساکر.

وروي الغساني والخطيب وقال: فيه مجاهيل (مرفوعا) إنما سميت فاطمة لان الله فطمها ومحبيها عن النار ففيه بشري عميمة لکل مسلم أحبها وفيه التأويلات المذکورة. وأما مارواه أبونعيم والخطيب: أن عليا الرضا بن موسي الکاظم إبن جعفر الصادق سئل عن حديث: ان فاطمة أحصنت فرجها فحرمها الله وذريتها علي النار. فقال: خاص بالحسن والحسين. وما نقله الاخباريون عنه من توبيخه لاخيه زيد حين خرج علي المأمون. وقوله: ماأنت قائل لرسول الله؟ أغرک قوله: ان فاطمة أحصنت؟ ألحديث. إن هذا لمن خرج من بطنها لالي ولا لک، والله مانالوا ذلک إلا بطاعة الله، فإن أردت أن تنال بمعصيته ما نالوه بطاعته؟ إنک إذا لاکرم علي الله منهم. فهذا من باب التواضع والحث علي الطاعات وعدم الاغترار بالمناقب وإن کثرت، کما کان الصحابة المقطوع لهم بالجنة علي غاية من الخوف والمراقبة، وإلا فلفظ (ذرية) لا يخص بمن خرج من بطنها في لسان العرب ومن ذريته داود وسليمان. الآية. وبينه و بينهم قرون کثيرة، فلا يريد بذلک مثل علي الرضا مع فصاحته، ومعرفته لغة العرب، علي أن التقييد بالطائع يبطل خصوصية ذريتها ومحبيها إلا أن يقال: لله تعذيب الطائع فالخصوصية أن لايعذبه إکراما لها. والله أعلم[1] .

وأخرج الحافظ الدمشقي باسناده عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم

[صفحه 296]

لفاطمة رضي الله عنها: يافاطمة تدرين لم سميت فاطمة؟ قال علي رضي الله عنه لم سميت؟ قال: إن الله عزوجل قد فطمها وذريتها عن النار يوم القيامة. وقد رواه الامام علي بن موسي الرضا في مسنده ولفظه: إن الله فطم إبنتي فاطمة وولدها ومن أحبهم من النار.[2] .

أيري القصيمي بعد أن الشيعة قد إنفردوا بما لم يقله أعلام قومه؟ أو رووا بحديث لم يروه حفاظ مذهبه؟ أو أتوا بما يخالف مبادئ الدين الحنيف؟ وهل يسعه أن يتهم ابن حجر والزرقاني ونظرائهما من أعلام قومه، وحفاظ نحلته المشارکين مع الشيعة في تفضيل الذرية؟! ويرميهم بالقول بعصمتهم؟! ويتحامل عليهم بمثل ماتحامل علي الشيعة؟.

وليس من البدع تفضل المولي سبحانه علي قوم بتمکينه إياهم من النزوع من الآثام، والندم علي مافرطوا في جنبه، والشفاعة من ورآء ذلک، ولاينافي شيئا من نواميس العدل ولا الاصول المسلمة في الدين، فقد سبقت رحمته غضبه ووسعت کل شيئ.

وليس هذاالقول المدعوم بالنصوص الکثيرة بأبدع من القول بعدالة الصحابه أجمع والله سبحانه يعرف في کتابه المقدس اناسا منهم بالنفاق وانقلابهم علي أعقابهم بآيات کثيرة رامية غرضا واحدا، ولاتنس ماورد في الصحاح والمسانيد ومنها: مافي صحيح البخاري من أن اناسا من أصحابه صلي الله عليه وسلم يؤخذ بهم ذات الشمال فيقول: أصحابي أصحابي فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين علي أعقابهم منذ فارقتهم.

وفي صحيح آخر: ليرفعن رجال منکم ثم ليختلجن دوني فأقول: يارب أصحابي. فيقال: إنک لاتدري ماأحدثوا بعدک.

وفي صحيح ثالث: أقول أصحابي فيقول: لاتدري ماأحدثوا بعدک.

وفي صحيح رابع: أقول إنهم مني فيقال: إنک لاتدري ماأحدثوا بعدک. فأقول سحقا سحقا لمن غير بعدي.

وفي صحيح خامس: فأقول: يارب أصحابي. فيقول: إنک لاعلم لک بما أحدثوا

[صفحه 297]

بعدک. إنهم ارتدوا علي أدبارهم القهقري.

وفي صحيح سادس: بينا أنا قائم إذا زمرة حتي إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم. فقال. هلم. فقلت. أين؟ قال: إلي النار والله. قلت: وماشأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا علي أدبارهم القهقري. ثم إذا زمرة حتي إذا عرفتهم خرج رجل من بيني و بينهم فقال: هلم. قلت: أين؟ قال. إلي النار والله. قلت: ماشأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدک علي أدبارهم القهقري، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم.[3] قال القسطلاني في شرح صحيح البخاري 9 ص 325 في هذا الحديث: همل بفتح الهاء والميم: ضوال الابل واحدها: هامل. أو: الابل بلا راع. ولا يقال ذلک في الغنم، يعني: ان الناجي منهم قليل في قلة النعم الضالة، وهذا يشعر بأنهم صنفان کفار وعصاة.

وأنت من وراء ذلک کله جد عليم بما شجر بين الصحابة من الخلاف الموجب للتباغض والتشاتم والتلاکم والمقاتلة القاضية بخروج إحدي الفريقين عن حيز العدالة، ودع عنک ماجاء في التأريخ عن أفراد منهم من ارتکاب المآثم والاتيان بالبوائق.

فإذا کان هذا التعديل عنده وعند قومه لايستتبع لوما ولايعقب هماجة، فأي حزارة في القل بذلک التفضل الذي هو من سنة الله في عباده؟! ولن تجد لسنة الله تبديلا.

وأما ماأردفه في الاستناد من کلام سيدنا الامين في (أعيان الشيعة) 3 ص 65 فإني ألفت نظر القارئ إلي نص عبارته حتي يعرف مقدار الرجل من الصدق والامانة في النقل، ويري محله من الارجاف وقذف رجل عظيم من عظماء الامة بفاحشة مبينة واتهامه بالقول بعصمة الذرية وهو ينص علي خلافه، قال بعد ذکر حديث الثقلين[4] بلفظ مسلم وأحمد وغيرهما من الحفاظ مانصه:

دلت هذه الاحاديث علي عصمة اهل البيت من الذنوب والخطاء لمساواتهم فيها بالقرآن الثابت عصمته في أنه أحد الثقلين المخلفين في الناس، وفي الامر بالتمسک بهم کالتمسک بالقرآن، ولو کان الخطأ يقع منهم لما صح الامر بالتمسک بهم الذي هو

[صفحه 298]

عبارة عن جعل أقوالهم وأفعالهم حجة، وفي أن المتمسک بهم لايضل کما لايضل المتمسک بالقرآن، ولو وقع منهم الذنوب أو الخطأ لکان المتمسک بهم يضل، و إن في اتباعهم الهدي والنور کما في القرآن، ولو لم يکونوا معصومين لکان في اتباعهم الضلال، وأنهم حبل ممدود من السماء إلي الارض کالقرآن، وهوکناية عن انهم واسطة بين الله تعالي وبين خلقه، وان أقوالهم عن الله تعالي، ولو لم يکونوا معصومين لم يکونوا کذلک. وفي أنهم لم يفارقوا القرآن ولن يفارقهم مدة عمر الدنيا، ولو أخطأوا أو أذنبوا لفارقوا القرآن وفارقهم، وفي عدم جواز مفارقتهم بتقدم عليهم بجعل نفسه إماما لهم أو تقصير عنهم وائتمام بغيرهم، کما لايجوز التقدم علي القرآن بالافتاء بغير مافيه أو التقصير عنه باتباع أقوال مخالفيه، وفي عدم جواز تعليمهم ورد أقوالهم، ولو کانوا يجهلون شيئا لوجب تعليمهم ولم ينه عن رد قولهم.

ودلت هذه الاحاديث ايضا علي أن منهم من هذه صفته في کل عصر وزمان بدليل قوله صلي الله عليه وآله وسلم انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض وان اللطيف الخبير أخبر بذلک، وورود الحوض کناية عن انقضاء عمر الدنيا، فلو خلا زمان من أحدهما لم يصدق انهما لن يفترقا حتي يردا عليه الحوض.

إذا علم ذلک ظهر انه لايمکن أن يراد بأهل البيت جميع بني هاشم، بل هو من العام المخصوص بمن ثبت اختصاصهم بالفضل والعلم والزهد والعفة والنزاهة من أئمة أهل البيت الطاهر وهم الائمة الاثنا عشر وامهم الزهراء البتول، للاجماع علي عدم عصمة من عداهم، والوجدان ايضا علي خلاف ذلک، لان من عداهم من بني هاشم تصدر منهم الذنوب ويجهلون کثيرا من الاحکام، ولا يمتازون عن غيرهم من الخلق، فلا يمکن أن يکونوا هم المجعولين شرکاء القرآن في الامور المذکورة بل يتعين أن يکون بعضهم لا کلهم ليس إلا من ذکرنا، أما تفسير زيد بن أرقم لهم بمطلق بني هاشم[5] إن صح ذلک عنه فلا تجب متابعته عليه بعد قيام الدليل علي بطلانه.

إقرأ واحکم. حياالله الامانة والصدق. هکذا يکون عصر النور.


صفحه 295، 296، 297، 298.








  1. بقية العبارة مرت ص 176. مابين القوسين لفظ المواهب.
  2. عمدة التحقيق تأليف العبيدي المالکي المطبوع في هامش روض الرياحين لليافعي ص 15.
  3. راجع صحيح البخاري ج 5 ص 113، ج 9 ص 247 - 242.
  4. اني تارک فيکم الثقلين أو الخليفتين: کتاب الله وعترتي أهل بيتي.
  5. فيما أخرجه مسلم في صحيحه.