كلمة الأمير شكيب و النظر فيها











کلمة الأمير شکيب و النظر فيها



قال: ذکر الامير الجليل شکيب أرسلان في کتاب (حاضر العالم الاسلامي)[1] انه التقي بأحد رجال الشيعة المثقفين البارزين فکان هذا الشيعي يمقت العرب أشد المقت ويزري بهم أيما ازراء، ويغلو في علي بن أبي طالب وولده غلوا يأباه الاسلام والعقل فعجب الامير الجليل لامره وسأله کيف تجمع بين مقت العرب هذا المقت و حب علي وولده هذا الحب؟ وهل علي وولده إلا من ذروة العرب وسنامها الاشم؟ فانقلب الشيعي ناصبيا واهتاج وأصبح خصما لعلي وبنيه وقال ألفاظا في الاسلام و العرب مستکرهة ص 14.

جواب: هذا النقل الخرافي يسف بأمير البيان إلي حضيض الجهل والضعة، حيث حکم بثقافة إنسان وبروزه والي اناسا وغلا في حبهم ردحا من الزمن وهو لايعرف عنصرهم، أو کان يحسب انهم من الترک أو الديلم؟ وهل تجد في المسلمين جاهلا لايعرف أن محمد وآله صلوات الله عليه وعليهم من ذروة العرب وسنامها الاشم؟ وقد من عليه الامير حيث لم يخبره بان مشرف العترة الرسول الاعظم هو المحبتي علي تلک الذروة وذلک السنام لئلا يرتد المثقف إلي المجوسية، ولا أري سرعة إنقلاب المثقف

[صفحه 290]

البارز إلا معجزة للامير في القرن العشرين (لا القرن الرابع عشر)

هذا عند من يصدق القصيمي (المصارع) في نقله، وأما المراجع کتاب الامير (حاضر العالم الاسلامي) فيجد في الجزء الاول ص 164 مانصه:

کنت احادث إحدي المرار رجلا من فضلائهم (يعني الشيعة) ومن ذوي المناصب العالية في الدولة الفارسية، فوصلنا في البحث إلي قضية العرب والعجم، و کان محدثي علي جانب عظيم من الغلو في التشيع إلي حد أني رأيت له کتابا مطبوعا مصدرا بجملة هو العلي الغائب فقلت في نفسي: لاشک ان هذا الرجل لشدة غلوه في آل البيت، ولعلمه أنهم من العرب، لايمکنه أن يکره العرب الذين آل البيت منهم، لانه يستحيل الجمع بين البغض والحب في مکان واحد، ماجعل الله لرجل من قلبين في جوفه، ولقد أخطأ ظني في هذا ايضا، فإني عندما سقت الحديث إلي مسألة العربية والعجمية وجدته انقلب عجميا صرفا ونسي ذلک الغلو کله في علي عليه السلام وآله، بل قال لي هکذا وکان يحدثني بالترکية: ايران بر حکومت إسلامية دکلدر يالکزدين إسلامي اتخاذ ايتمش بر حکومتدر أي ايران ليست بحکومة إسلامية وأنما هي حکومة اتخذت لنفسها دين الاسلام.

إقرأوا عجب من تحريف الکلم عن مواضعه، هکذا يفعل القصيمي بکلمات قومه فکيف بما خطته يد من يضاده في المبدء.

والقارئ جد عليم بأن الامير شکيب أرسلان قد غلت ايضا في فهم ماصدر الشيعي الفاضل به کتابه من جملة هو العلي الغالب وإتخاذه دليلا علي الغلو في التشيع، فإنهما کلمة مطردة تکتب وتقال کقولهم: (هو الواحد الاحد) وما يجري مجراه، تقصدبها أسماء الله الحسني، وهي کالبسملة في التيمن بافتتاح القول بها.

وأنت لاتجد في الشيعة من يبغض العروبة، وهو يعتنق دينا عربيا صدع به عربي صميم، وجآء بکتاب عربي مبين وفي طيه: أأعجمي وعربي؟[2] وقد خلفه علي أمر الدين والامة سادات العرب، ولايستنبط أحکام الدين إلا بالمأثورات العربية عن اولئک الائمة الطاهرين صلوات الله عليهم المنتهية علومهم إلي مؤسس

[صفحه 291]

الدعوة الاسلامية صلي الله عليه وآله، وهو يدعو الله في آناء الليل وأطراف النهار بالادعية المأثورة عنهم بلغة الضاد، ويطبع وينشر آلافا من الکتب العربية في فنونها، فالشيعي عربي في دينه، عربي في هواه، عربي في مذهبه، عربي في نزعته، عربي في ولائه، عربي في خلايقه، عربي عربي عربي...

نعم: يبغض الشيعي زعانفة بخسوا حقوق الله، وضعضعوا أرکان النبوة، وظلموا أئمة الدين، واضطهدوا العترة الطاهرة، وخانوا علي العروبة، عربا کانوا أو أعاجم وهذه العقيدة شرع سواء فيها الشيعي العربي والعجمي.

ولکن شاء الهوي، ودفعت الضغاين أصحابه إلي تلقين الامة بأن التشيع نزعة فارسية والشيعي الفارسي يمقت العرب. شقا للعصا، وتفريقا للکلم، وتمزيقا لجمع الامة، وأنا أري أن القصيمي والامير قبله في کلمات اخري يريد ان ذلک کله، وما اريکم إلا ماأري وما أهديکم إلا سبيل الرشاد.


صفحه 290، 291.








  1. کتاب يفتقر جدا إلي نظارة التنقيب. ينم عن قصور باع مؤلفه، وعدم عرفانه بمعتقدات الشيعة، وجهله بأخبارهم وعاداتهم، غيرما لفقه قومه من أباطيل ومخاريق فاخذه حقيقة راهنة، وسود به صحائف کتابه بل صحايف تاريخه.
  2. سورة فصلت آية 44.