تعبد الامامية بالرقاع والجواب عنه











تعبد الامامية بالرقاع والجواب عنه



قال تحت عنوان تعبد الامامية بالرقاع الصادرة من المهدي المنتظر نعم: إنهم أخذوا غالب مذهبهم کما اعترفوا من الرقاع المزورة التي لا يشک عاقل في انهاافتراء علي الله، والعجب من الروافض أنهم سموا صاحب الرقاع بالصدوق وهو الکذوب، بل: انه عن الدين المبين بمعزل.

کان يزعم أنه يکتب مسألة في رقعة فيضعها في ثقب شجرة ليلا فيکتب الجواب عنها المهدي صاحب الزمان بزعمهم، فهذه الرقاع عند الرافضة من أقوي دلائلهم وأوثق حججهم، فتبا...

[صفحه 279]

واعلم أن الرقاع کثيرة منها: رقعة علي بن الحسين بن موسي بن مابويه القمي فإنه کان يظهر رقعة بخط الصاحب في جواب سؤاله ويزعم انه کاتب أبا القاسم بن أبي الحسين ابن روح أحد السفرة علي يد علي بن جعفر بن الاسود أن يوصل له رقعته إلي الصاحب أي المهدي وأرسل إليه رقعة زعم أنها جواب صاحب الامر له.

ومنها: رقاع محمد بن عبدالله بن جعفر بن حسين بن جامع بن مالک الحريري أبوجعفر القمي، کاتب صاحب الامر سأله مسائل في الشريعة قال: قال لنا أحمد بن الحسين: وقفت علي هذه المسائل من أصلها والتوقيعات بين السطور، ذکر تلک الاجوبة محمد بن الحسن الطوسي في کتابه الغيبة وکتاب الاحتجاج.

والتوقيعات خطوط الائمة بزعمهم في جواب مسائل الشيعة، وقد رجحوا التوقيع علي المروي بإسناد صحيح لدي التعارض، قال إبن مابويه في الفقه بعد ذکر التوقيعات الواردة من الناحية المقدسة في باب الرجل يوصي إلي الرجلين: هذا التوقيع عندي بخط أبي محمد إبن الحسن بن علي، وفي الکافي للکليني رواية بخلاف ذلک التوقيع عن الصادق، ثم قال: لاأفتي بهذا الحديث بل أفتي بما عندي من خط الحسن بن علي.

ومنها: رقاع أبي العباس جعفر بن عبدالله بن جعفر الحميري القمي.

ومنها: رقاع أخيه الحسين ورقاع أخيه أحمد.

وأبوالعباس هذا قد جمع کتابا في الاخبار المروية عنه وسماه قرب الاسناد إلي صاحب الامر.

ومنها: رقاع علي بن سليمان بن الحسين بن الجهم بن بکير بن أعين أبو الحسن الرازي، فإنه کان يدعي المکاتبة ايضا ويظهر الرقاع.

هذه نبذة مما بنوا عليه أحکامهم ودانوا به، وهي نغبة من دأماء،[1] وقد تبين بها حال دعوي الرافضي في تلقي دينهم عن العترة. إلخ. ص 61 و58.

جواب: کان حقا علي الرجل نهي جمال الدين القاسمي عن أن يظهر کتابه إلي غيره،

[صفحه 280]

کما کان علي السيد محمد رشيد رضا أن يحرج علي الشيعة بل أهل النصفة من قومه ايضا أن يقفوا علي رسالته، إذ الاباطيل المبثوثة في طيهما تکشف عن السوئة، وتشوه السمعة، ولا تخفي علي أي مثقف، ولا يسترها ذيل العصبية، ولا تصلحها فکرة المدافع عنها، مهما کان القارئ شريف النفس، حرا في فکرته وشعوره.

کيف يخفي علي الباحث؟! ان الامامية لاتتعبد بالرقاع الصادرة من المهدي المنتظر ، وکلام الرجل ومن لف لفه کما يأتي عن القصيمي في الصراع بين الاسلام والوثنية أوضح ماهناک من السر المستسر في عدم تعبدهم بها، وعدم ذکر المحامدة الثلاثة[2] مؤلفي الکتب الاربعة التي هي عمدة مراجع الشيعة الامامية في تلکم التآليف شيئا من الرقاع والتوقيعات الصادرة من الناحية المقدسة، وهذا يوقظ شعور الباحث إلي أن مشايخ الامامية الثلاثة کانوا عارفين بما يؤل إليه أمرالامة من البهرجة وإنکار وجود الحجة، فکأنهم کانوا منهيين عن ذکر تلک الآثار الصادرة من الناحية الشريفة في تآليفهم مع أنهم هم رواتها وحملتها إلي الامة، وذلک لئلا يخرج مذهب العترة عن الجعفرية الصادقة إلي المهدوية، حتي لايبقي لرجال العصبية العمياء مجال للقول بأن مذهب الامامية مأخوذ من الامام الغائب الذي لاوجود له في مزعمتهم ، وأنهم يتعبدون بالرقاع المزورة في حسبانهم، وهذا سر من أسرار الامامة يؤکد الثقة بالکتب الاربعة والاعتماد عليها.

هذا ثقة الاسلام ألکليني مع أن بيئته (بغداد) تجمع بينه وبين سفراء الحجة المنتظر الاربعة، ويجمعهم عصر واحد، وقد توفي في الغيبة الصغري سنة 323، و ألف کتابه خلال عشرين سنة، تراه لم يذکر قط شيئا من توقيعات الامام المنتظر في کتابه (الکافي) الحافل المشتمل علي ستة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثا، مع أن غير واحد من تلک التوقيعات يروي من طرقه، وهو يذکر في کتابه کثيرا من توقيعات بقية الائمة من أهل بيت العصمة سلام الله عليهم.

وهذا أبوجعفر بابويه الصدوق مع روايته عدة من تلک الرفاع الکريمة

[صفحه 281]

في تأليفه إکمال الدين وعقده لها بابا فيه ص 266 لم يذکر شيئا منها في کتابه الحافل من لا يحضره الفقيه.

نعم: في موضع واحد منه علي ماوقفت يذکر حديثا في مقام الاعتضاد من دون ذکر وتسمية للامام عليه السلام وذلک في ج 2 ص 41 ط لکهنو قال: ألخبر الذي روي فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا أن عليه ثلاث کفارات فإني أفتي به فيمن أفطر بجماع محرم عليه أو بطعام محرم عليه لوجود ذلک في روايات أبي الحسين الاسدي رضي الله عنه فيماورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه.

وبعدهما شيخ الطايفة أبوجعفر الطوسي فإنه مع روايته توقيعات الاحکام الصادرة من الناحية المقدسة إلي محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري في کتاب (الغيبة) ص 214 -184 و 258 - 243 لم يورد شيئا منها في کتابيه (ألتهذيب والاستبصار) اللذين يعدان من الکتب الاربعة عمد مصادر الاحکام.

ألا تراهم؟ أجمعوا برواية توقيع إسحاق بن يعقوب عن الناحية المقدسة ورواه أبوجعفر الصدوق عن أبي جعفر الکليني في الاکمال ص 266، والشيخ أبوجعفر الطوسي بإسناده عن الکليني ايضا في کتاب (الغيبة ) ص 188، وفيه أحکام مسائل ثلاث عنونوها في کتبهم الاربعة واستدلوا عليها بغير هذا التوقيع وليس فيها منه عين ولا أثر ألا وهي:

1- حرمة الفقاع

عنونها الکليني في الکافي 2 ص 197. والشيخ في التهذيب 2 ص 313. وفي الاستبصار 2 ص 245. وتوجد في الفقيه 3 ص 361 و217، ولها عنوان في الوافي جمع الکتب الاربعة في الجزء الحادي عشر ص 88. وتوجد من أدلة الباب خمسة توقيعات للامامين: أبي الحسن الرضا وأبي جعفر الثاني. وليس فيها عن التوقيع المهدوي ذکر.

2- تحليل الخمس للشيعة

عنونها الکليني في الکافي 1 ص 425. والشيخ في التهذيب 1 ص 256 تا 259

[صفحه 282]

والاستبصار في الجزء الثاني ص 33 تا 36 وذکرها الصدوق في الفقيه في الجزء الثاني ص 14، وهي معنونة في الوافي في الجزء السادس 45 تا 48، ومن أدلة الباب مکاتبة الامامين: أبي الحسن الرضا وأبي جعفر الجواد عليهماالسلام، وليس فيها ذکر عن توقيع الحجة.

3- ثمن المغنية

ألمسألة معنونة في الکافي 1 ص 361. وفي التهذيب 2 ص 107 وفي الاستبصار ج 2 ص 36. وتوجد في الفقيه 3 ص 53: وهي معنونة في جمعها الوافي في الجزء العاشر ص 32. ولايوجد فيها ايعاز إلي توقيع الامام المنتظر.

فکلمة الآلوسي هذه أرشدتنا إلي جانب مهم، وعرفتنا بذلک السر المکتوم، وأرتنا ماهناک من حکمة صفح المشايخ عن تلکم الاحاديث الصادرة من الامام المنتظر وهي بين أيديهم وأمام أعينهم. فأنت جد عليم بأنه لو کان هناک شيئ مذکور منها في تلکم الاصول المدونة لکان باب الطعن علي المذهب الحق (ألامامية) مفتوحا بمصراعيه، ولکان تطول عليهم ألسنة المتقولين، ويکثر عليهم الهوس والهياج ممن يروقه الوقيعة فيهم والتحامل عليهم.

إذن فهلم معي نسائل الرجل عن همزه ولمزه بمخاريقه وتقولاته وتحکماته وتحرشه بالوقيعة نسائله متي أخذت الامامية غالب مذهبهم من الرقاع وتعبدوا بها؟ ومن الذي اعترف منهم بذلک؟ وأني هو؟ وفي أي تأليف اعترف؟ أم بأي راو ثبت عنده ذلک؟.

وأني للصدوق رقاع؟ ومتي کتبها؟ وأين رواها؟ ومن ذا الذي نسبها إليه؟ و قد جهل الرجل بان صاحب الرقعة هو والده الذي ذکره بقوله: منها رقعة علي بن الحسين.

وما المسوغ لتکفيره؟ وهو من حملة علم القرآن والسنة النبوية، ومن الهداة إلي الحق ومعالم الدين، دع هذه کلها ولا أقل من أنه مسلم يتشهد بالشهادتين، و يؤمن بالله ورسوله والکتاب الذي انزل إليه واليوم الآخر، أهکذا قرر أدب الدين. أدب العلم. أدب العفة. أدب الکتاب. أدب السنة؟ أم تأمره به أحلامه؟ أبهذا السباب المقذع، والتحرش بالبذاء والقذف، يتأتي الصالح العام؟ وتسعد الامة الاسلامية؟

[صفحه 283]

وتجد رشدها وهداها؟.

ثم من الذي أخبره عن مزعمة الصدوق بنيل حاجته من ثقب الاشجار؟ و الصدوق متي سأل؟ وعماذا سأل؟ حتي يکتب ويضع في ثقب شجرة أو غيرها ليلا أو نهارا ويجد جوابه فيها. ومن الذي روي عنه تلک الاسئلة؟ ومن رأي أجوبتها؟ ومن حکاها؟ ومتي ثبتت عند الرافضة حتي تکون من أقوي دلائلهم وأوثق حججهم؟ نعم: فتبا...

وليتني أقف وقومي علي تلک الرقاع الکثيرة وقد جمعها العلامة المجلسي في المجلد الثالث عشر من (البحار) في اثنتي عشرة صحيفة من ص 237 تا 249 والتي ترجع منها إلي الاحکام إنما تعد بالآحاد ولاتبلغ حد العشرات، فهل مستند تعبد الامامية من بدء الفقه إلي غايته هذه الصحايف المعدودة؟ أم يحق أن تکون تلک المعدودة بالآحاد هي مأخذ غالب مذهبهم؟. أنا لا ادري لکن القارئ يدري، إنما يفتري الکذب الذين لايؤمنون بآيات الله:

وليته کان يذکر رقعة علي بن الحسين بن بابويه بنصها حتي تعرف الامة أنها رقعة واحدة ليست إلا، وليس فيها ذکر من الاحکام حتي تتعبد بها الامامية، وإليک لفظها برواية الشيخ في کتاب (الغيبة).

کتب علي بن الحسين إلي الشيخ أبي القاسم حسين بن روح علي يد علي بن جعفر أن يسأل مولانا الصاحب أن يرزقه أولادا فقهاء. فجاء الجواب: إنک لاترزق من هذه وستملک جارية ديلمية وترزق منها ولدين فقيهين.[3] أتري هذه الرقعة مما يؤخذ منه المذهب؟! أو فيها مسة بالتعبد؟

وأما رقاع محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري التي توجد في کتابي (الغيبة) و (الاحتجاج) فليست هي إلا رقاعا أربعا ذکر الشيخ في (الغيبة) منها إثنتين في ص 244 - 250 تحتوي إحداهما تسع مسائل والاخري خمسة عشر سؤالا، وزادهما الطبرسي في (الاحتجاج) رقعتين، ولو کان المفتري منصفا لکان يشعر بان عدم إدخال الشيخ هذه المسائل في کتابيه: ألتهذيب والاستبصار إنما هو لدحض هذه الشبهة، وقطع

[صفحه 284]

هذه المزعمة.

وقد خفي علي الرجل أن کتاب (الاحتجاج) ليس من تآليف الشيخ الطوسي محمد بن الحسن وإنما هو للشيخ أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي.

وفي قوله: والتوقيعات... إلخ. جناية کبيرة وتمويه وتدجيل فإنه بعدما ادعي علي الامامية ترجيح التوقيع علي المروي بالاسناد الصحيح لدي التعارض استدل عليه بقوله: قال إبن مابويه في الفقه: بعد ذکر التوقيعات الواردة من الناحية المقدسة في باب ألرجل يوصي إلي رجل: هذا التوقيع عندي بخط أبي محمد إبن الحسن بن علي إلخ.

فإنک لاتجد في الباب المذکور من الفقيه توقيعا واحدا ورد من الناحية المقدسة فضلا عن التوقيعات، وإنما ذکر في أول الباب توقيعا واحدا عن أبي محمد الحسن العسکري، وقد جعله الرجل أبا محمد بن الحسن ليوافق فريته ذاهلا عن أن کنية الامام الغائب أبوالقاسم لا أبومحمد، فلا صلة بما هناک لدعوي الرجل أصلا، وهانحن نذکر عبارة الفقيه حتي يتبين الرشد من الغي.

قال في الجزء الثالث ص 275: باب الرجلين يوصي إليهما فينفرد کل واحد منهما بنصف الترکة. کتب محمد بن الحسن الصفار رضي الله عنه إلي أبي محمد الحسن ابن علي عليهماالسلام: رجل أوصي إلي رجلين أيجوز لاحدهما أن ينفرد بنصف الترکة والآخر بالنصف؟ فوقع عليه السلام: لاينبغي لهما أن يخالفا الميت ويعملان علي حسب ما أمرهما إنشاء الله. وهذا التوقيع عندي بخطه عليه السلام.

وفي کتاب محمد بن يعقوب الکليني رحمه الله عن أحمد بن محمد عن علي بن الحسن الميثمي عن أخويه محمد وأحمد عن أبيهما عن داود بن أبي يزيد عن بريد بن معاوية قال: إن رجلا مات وأوصي إلي رجلين فقال أحدهما لصاحبه: خذ نصف ماترک و اعطني النصف مما ترک. فأبي عليه الآخر، فسألوا أبا عبدالله عليه السلام عن ذلک فقال: ذاک له. قال مصنف هذا الکتاب رحمه الله: لست أفتي بهذا الحديث، بل: أفتي بما عندي بخط الحسن بن علي عليه السلام. إقرأ واحکم.

وأما رقاع أبي العباس والحسين وأحمد وعلي فإنها لم توجد قط في مصادر

[صفحه 285]

الشيعة، ولايذکر منها شيئ في اصول الاحکام، ومراجع الفقه الامامية، ولعمري لوکان المفتري يجد فيها شيئا منها لاعرب عنه بصراخه.

وأبوالعباس کنيه عبد الله بن جعفر الحميري وهو صاحب (قرب الاسناد (لاجعفر بن عبدالله کما حسبه المغفل، وإنما جعفر ومحمد الذي ذکره قبل ولم يعرفه والحسين وأحمد إخوان أربعة أولاد أبي العباس المذکور، ولم ير في کتب الشيعة برمتها لغير محمد بن عبدالله المذکور أثر من الرقاع المنسوبة إليهم، ولم يحفظ التاريخ لهم غير کلمة المؤلفين في تراجمهم: إن لهم مکاتبة. هذه حال الرقاع عند الشيعة وبطلان نسبة إبتناء أحکامهم عليها.

وهناک أغلاط للرجل في کلمته هذه تکشف عن جهله المطبق وإليک مايلي:

موسي بن مابويه (في غير موضع) والصحيح: موسي بن بابويه

أبا القاسم بن أبي الحسين والصحيح: أبا القاسم الحسين

مالک الحريري.الفقه والصحيح: مالک الحميري. الفقيه

أبي العباس جعفر بن عبدالله والصحيح: أبي العباس عبدالله

سليمان بن الحسين والصحيح: سليمان بن الحسن

أبوالحسن الرازي والصحيح: أبوالحسن الزراري

عجبا للرجل حين جآء ينسب وينقد ويرد ويفند وهو لا يعرف شيئا من عقايد القوم وتعاليم مذهبهم، ومصادر أحکامهم، وبرهنة عقايدهم، ولا يعرف الرجال وأسماءهم، ويجهل الکتب ونسبها، ولايفرق بين والد ولا ولد، ولا بين مولود و بين من لم يولد بعد، ولو کان يروقه صيانة ماء وجهه لکف القلم فهو أستر لعورته.


صفحه 279، 280، 281، 282، 283، 284، 285.








  1. ألنغبة: ألجرعة. ألدأماء: ألبحر.
  2. أبوجعفر محمد بن يعقوب الکليني، أبوجعفر محمد بن علي بن بابويه القمي، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي.
  3. وقد ولد له أبوجعفر محمد وأبوعبدالله الحسين من ام ولد.