اضرار خلافة مثل يزيد











اضرار خلافة مثل يزيد



وقبل هذه کلها مامر ص 257 من قول رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من أن أول من يبدل سنته رجل من بني امية، ولا يزال الامر معتدلا قائما بالقسط حتي يثلمه رجل من بني امية يقال له: يزيد.

وإلي مثل هذه کان يرمي کل من ينقم بيعة يزيد، فخلافة مثله وهو علي هذه الحالة خطر عظيم علي الدين والمسلمين من شتي النواحي: ژ

1- فقوم تتضعضع ضمايرهم عن الدين لما تمرکز في الادمغة من أن الخليفة يجب أن يکون مسانخا لمن يتخلف عنه، والناشئة الذين لم يدرکوا عصر النبوة و لم يکهربهم التعاليم الصحيحة في العصور المظلمة، تخالجهم هذه الشبهة بأسرع مايکون، فيحسبون أن قداسة النبي الاعظم کانت ملوثة (ألعياذ بالله) بأمثال هذه الادناس من دون علم بأن الرجل خليفة أبيه لاخليفة رسول الله، وإنما سنمه ذلک العرش المطامع والشره من جانب، والتخويف والارهاب من جانب.

2- قوم يروقهم اقتصاص أثر الخليفة في تهتکه لميل النفوس إلي الاستهتار ورفض القيود تارة، ومن جهة حب التشبه بالعظماء والساسة طورا، والناس علي دين مليکهم والناس إذا استهوتهم الشهوات لايقفون علي حد، فتکثر فيهم الموبقات، وتشيع الفواحش، فمن فجور إلي مثله، ومن فاحشة إلي اخري، فلا يمر يسير من

[صفحه 262]

الزمن إلا ومملکة الاسلام مبائة للمنکرات، ومستوي للفواحش، حتي لاتبقي من نواميس الدين عين ولا أثر.

3- وهناک أقوام ينکرون هذه المظاهر وقد أفلتت من أيديهم المظاهر الدينية، فهم بين حائر لايدري إين يولي وجهه وممن يأخذ معالم دينه، وبين من تتسرب إليه الشبه خلال هاتيک الظلمات الدامسة، فلا يشعر حتي يري نفسه في هلکة الجاهلية الاولي.

4- إذا سادت الخلاعة بين أي امة من ملوکها وسوقتها وامرائها وزعمائها فهي بطبع الحال تلتهي عن الشئون الاجتماعية والادارية ودحض الفوضي، ومقاومة القلاقل الداخلية، فهنالک يسود فيها الضعف إختلال نظامها، فتنبو عن الدفاع عن ثغورها واستقلالها، فتطمع فيها الاجانب، وتکثر عليها الهجمات، فلايمر عليها ردح قصير من الزمن إلا وهو فريسة الضاري، واکلة الجشع، وطعمة کل مخالف.

5- إن نواميس الاسلام کانت بطبع الحال تبلغ إلي امم نائية عن مملکته فيروقها جمالها البهيج، وحکمتها البالغة، وموافقتها العقل والمنطق، وأعمال رجالها المخلصين، فيکون فيهم من يتأثر بجاذبتها، أو يکون علي وشک من اعتناقها، ولا أقل من الحب الممتزج لنفسياتهم، لکن بينما القوم علي هذه الحالة إذا تعاقب تلک الانباء مايضادها من عادات هذا الدور الجديد الحالک، وأخبارها الموحشة تحت رأية تلک الخلافة الجائرة، وبلغهم ان هاتيک التعاليم الوضيئة قد هجرت، والمطرد في مملکة الاسلام غيرها بشهوة من الخليفة، وانهماک من القواد. وتهالک من الزعامة، وتفان من السوقة، فسرعان ماتعود تلک السمعة مشوهة، ويعود ذلک الحب بغضا من غير تمييز بين الاصيل والدخيل من الاعمال، فتکون الحالة معثرة في سبيل سير الاسلام وتسريه إلي الاجانب.

6- أضف إلي هذه کلها ماکان يظهر من فلتات ألسنة الامويين، ويري في فجوات أعمالهم من نواياهم السيئة علي الدين والمسلمين، وقد علمنا من ذلک أنهم لم يقلعهم عن دينهم الوثني الارل إلا خشية السيف، والطمع في الزعامة، فأقل شئ ينتظر منهم علي ذلک عدم إهتمامهم ينشر معالم الدين إن لم يرد الامة عن سيرها الديني

[صفحه 263]

القهقري، فتبقي مرتطمة بين هذه وبين تهالکها في الفجور وسيئ الخلق، فتعود دولة قيصرية ومملکة جاهلية.

ثم إن نفس الخليفة إذا شاهدمن استحوذ عليهم من الامم علي هذه الاحوال، و علم أنه قد ملک الرقاب ولا منکر عليه من بينهم علي مأثم يرتکبها أو سيئات يجترحها فإنه بالطبع يتوغل في غلوائه، ويزداد في انهماکه، ويشتد في التفرعن والاستعباد.


صفحه 262، 263.