علي و معاوية سيان في النسب والجواب











علي و معاوية سيان في النسب والجواب



أما معاوية فإنه بدون ريب يري نفسه عظيما من عظماء قريش لانه إبن شيخها أبي سفيان بن حرب وأکبر ولد امية بن عبد شمس بن عبد مناف، کما أن عليا أکبر ولد هاشم بن عبد مناف، فهما سيان في الرفعة النسبية (ج 2 ص 67)

جواب: ماذا أقول لمغفل؟! يري عنصر النبوة، وآصرة القداسة المنتقلة بين أسلاب طاهرة، وأرحام زکية، من نبي إلي وصي إلي ولي إلي حکيم إلي عظيم إلي شريف إلي خاتم الرسالة إلي وصيه صاحب الولاية الکبري، لدة العنصر الابشمي، ويراهما في الرفعة والشرف سيان، وشتان بين الشجرتين: شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. وشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض مالها من قرار. وما أبعد مابين الشجرتين: شجرة مبارکة زيتونة، والشجرة الملعونة في القرآن[1] بتأويل من النبي الاعظم[2] بلا اختلاف بين إثنين في أنهم هم المراد من الشجرة الملعونة کما في تاريخ الطبري 11 ص 356.

وکيف يراهما الرجل سيان؟! والنبي الاعظم يقول: إن الله اختار من بني آدم العرب ، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشا، وأختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم[3] .

وکيف يراهما سيان؟! وقد استاء رسول الله صلي الله عليه وآله من ثمار هذه الشجرة الملعونة طيلة حياته فما رؤي ضاحکا من يوم رأي في منامه انهم ينزون علي منبره نزو

[صفحه 252]

القردة والخنازير.[4] فأنزل الله: وما جعلنا الرؤيا التي أريناک إلا فتنة للناس.

وکيف يراهما سيان؟! وبنو امية هم الذين اتخذوا عباد الله خولا، ومال الله نحلا، وکتاب الله دغلا. کما أخبربه النبي الصادق الامين[5] .

وکيف يري أبا سفيان شيخ قريش؟! وهو عارها وشنارها وهو الملعون بنص النبي الاعظم بقوله: أللهم؟ العن التابع والمتبوع، أللهم، عليک بالاقيعس[6] يوم رأي أبا سفيان ومعه معاوية. وبقوله: أللهم العن القائد والسائق والراکب. يوم نظر إليه وهو راکب ومعه معاوية وأخوه أحدهما قائد والآخر سائق[7] .

وکيف يراه شيخ قريش لدة شيخ الابطح؟! وفيه قال علقمة:


إن أبا سفيان من قبله
لم يک مثل العصبة المسلمه


لکنه نافق في دينه
من خشية القتل علي المرغمه


بعدا لصخر مع أشياعه
في جاحم النار لدي المضرمه[8] .


وليت الخضري يقرأ کلمة المقريزي في النزاع والتخاصم ص 28 وهي: أبوسفيان قائد الاحزاب الذي قاتل رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم احد، وقتل من خيار أصحابه سبعين ما بين مهاجري وأنصاري منهم: أسد الله حمزة بن عبدالمطلب بن هاشم، وقاتل رسول الله صلي الله عليه وسلم في يوم الخندق ايضا وکتب إليه:

باسمک اللهم أحلف باللات والعزي وساف ونائلة وهبل، لقد سرت إليک اريد استئصالکم. فأراک قد اعتصمت بالخندق فکرهت لقائي ولک مني کيوم احد.

وبعث بالکتاب مع أبي سلمة الجشمي فقرأه النبي صلي الله عليه وسلم ابي بن کعب رضي الله عنه فکتب إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم: قد أتاني کتابک وقديما غرک ياأحمق بني غالب وسفيههم

[صفحه 253]

بالله الغرور وسيحول الله بينک وبين ماتريد، ويجعل لنا العاقبة، وليأتين عليک يوم أکسر فيه اللات والعزي وساف ونائلة وهبل ياسفيه بني غالب.

ولم يزل يحاد الله ورسوله حتي سار رسول الله صلي الله عليه وسلم لفتح مکة فأتي به العباس ابن عبدالمطلب رضي الله عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد أردفه، وذلک انه کان صديقه و نديمه في الجاهلية، فلما دخل به علي رسول الله صلي الله عليه وسلم سأله أن يؤمنه فلما رآه رسول الله صلي الله عليه وسلم قال له: ويلک يا أبا سفيان؟ ألم يأن لک أن تعلم ان لا إله إلا الله؟ فقال: بأبي أنت وامي ماأوصلک وأجملک وأکرمک، والله لقد ظننت انه لو کان مع الله غيره لقد أغني عني شيئا. فقال ياأبا سفيان؟ ألم يأن لک أن تعلم أني رسول الله؟ فقال: بأبي أنت وامي ما أوصلک وأجملک وأکرمک، أما هذه ففي النفس منها شئ. فقال له العباس: ويلک؟ إشهد لشهادة الحق قبل أن تضرب عنقک. فشهد وأسلم. فهذا حديث إسلامه کما تري، واختلف في حسن إسلامه فقيل: إنه شهد حنينا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وکانت الازلام معه يستقسم بها، وکان کهفا للمنافقين، وانه کان في الجاهلية زنديقا، وفي خبر عبدالله بن زبير إنه رآه يوم اليرموک قال: فکانت الروم إذا ظهرت قال أبوسفيان: ايه بني الاصفر، فإذا کشفهم المسلمون قال أبوسفيان:


وبنو الاصفر الملوک ملوک الر وم
لم يبق منهم مذکور[9] .


فحدث به الزبير أباه فلما فتح الله علي المسلمين فقال الزبير: قاتله الله يأبي إلا نفاقا، أو لسنا خيرا من بني الاصفر؟.

وذکر المدايني عن أبي زکريا العجلاني عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: حج أبوبکر رضي الله عنه ومعه أبوسفيان بن حرب فکلم أبوبکر أبا سفيان فرفع صوته فقال: أبوقحافة اخفض صوتک ياأبا بکر عن إبن حرب. فقال: أبوبکر ياأبا قحافة إن الله بني بالاسلام بيوتا کانت غير مبنية، وهدم به بيوتا کانت في الجاهلية مبنية وبيت أبي سفيان مما هدم.

وکان يوم بويع أبوبکر يثير الفتن ويقول: إني لاري عجاجة لايطفئها إلا دم، يا آل عبد مناف؟ فيم أبوبکر من امورکم؟ أين المستضعفان؟ أين الاذلان علي و

[صفحه 254]

عباس؟ مابال هذا الامر في أقل حي من قريش؟ ثم قال لعلي: ابسط يدک ابايعک، فوالله لئن شئت لاملانها عليه خيلا ورجلا، فأبي علي عليه السلام عليه فتمثل بشعر المتلمس:[10] .


ولن يقيم علي خسف يرادبه
إلا الاذلان غير الحي والوتد


هذا علي الخسف مربوط برمته
وذا يشج فلا يبکي له أحد


فزجره علي وقال: والله ماأردت بهذا إلا الفتنة، وإنک والله طالما بغيت للاسلام شرا، لاحاجة لنا في نصحک.[11] وجعل يطوف في أزقة المدينة ويقول:


بني هاشم لاتطمعوا الناس فيکم
ولا سيما تيم بن مرة أو عدي


فما الامر إلا فيکم وإليکم
وليس لها إلا أبوحسن علي


فقال عمر لابي بکر: إن هذا قد قدم وهو فاعل شرا، وقد کان النبي صلي الله عليه وسلم يستألفه علي الاسلام فدع له مابيده من الصدقة. ففعل فرضي أبوسفيان وبايعه[12] وقد سبق الخضري في رأيه هذا معاوية فقال فيما کتب إلي علي أميرالمؤمنين: نحن بنو عبد مناف ليس لبعضنا علي بعض فضل. فأجاب عنه أميرالمؤمنين بقوله: لعمري إنا بنو أب واحد ولکن ليس امية کهاشم. ولاحرب کعبد المطلب. ولا أبوسفيان کأبي طالب. ولا المهاجر کالطليق. ولا الصريح کاللصيق. ولا المحق کالمبطل. ولا المؤمن کالمدغل. ولبئس الخلف خلف يتبع سلفا هوي في نار جهنم، وفي أيدينا بعد فضل النبوة.[13] .

قال الاميني ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم؟! قل: هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون.


صفحه 252، 253، 254.








  1. سورة الاسراء: 60.
  2. تاريخ الطبري 11 ص 356، تاريخ الخطيب 3 ص 343، تفسير القرطبي 10 ص 286، تفسير النيسابوري 15 ص 55 هامش تفسير الطبري.
  3. أخرجه البيهقي، ابن عدي، الحکيم، الطبراني، ابن عساکر، راجع کنز العمال 6 ص 204.
  4. تفسير الطبري 15 ص 77، تاريخ الطبري 11 ص 356، تاريخ الخطيب 9 ص 44 ج 8 ص 280، تفسير النيسابوري هامش الطبري 15 ص 55، تفسير القرطبي 10 ص 283، النزاع والتخاصم ص 52، اسدالغابة 3 ص 14 من طريق الترمذي، الخصايص الکبري 2 ص 118 عن الترمذي والحاکم والبيهقي، تفسير الخازن 3 ص 177.
  5. النزاع والتخاصم ص 54 و52، الخصايص الکبري 2 ص 118.
  6. قال البراء بن عازب: يعني معاوية.
  7. کتاب نصر بن مزاحم في حرب صفين 148 و244، تاريخ الطبري 11 ص 357.
  8. کتاب نصر ص 219.
  9. هذا البيت من جملة ابيات للنعمان بن امرئ القيس.
  10. هو جرير بن عبد المسيح من بني ضبية، توجد ترجمته في (الشعر والشعراء) لابن قتيبة، و (معجم الشعراء).
  11. الکامل لابن الاثير 2 ص 135.
  12. العقد الفريد 2 ص 249.
  13. کتاب صفين لابن مزاحم 538 و 539، الامامة والسياسة 1 ص 100، مروج الذهب 2 ص 61، نهج البلاغة 2 ص 12، شرح بن أبي الحديد 3 ص 424، م - ربيع الابرار للزمخشري باب 66.