النصوص الساکتة
بل إن مروان والمسور بن مخرمة لم يدعهما حقدهما علي علي (ع) أن يذکرا اسمه في روايتهما، فلو کان ثمة ما يأخذانه عليه لم يترکا التصريح باسمه، والتشنيع عليه به. ونذکر من هذه النصوص: 1 ـ أن ابن حبان وغيره يذکرون اعتراض سهيل بن عمرو علي کتابة البسملة،ثم علي کتابة کلمة (رسول الله) ثم يقولون: (فقال رسول الله (ص): اکتب محمد بن عبد الله، وسهيل بن عمرو. فکتب: محمد بن عبد الله: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو)[1] . وقريب من ذلک روي عن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً. وحسب نص اليعقوبي عن علي: (فقال سهيل: لو علمنا: إنک رسول الله ما قاتلناک. فمحا رسول الله اسمه بيده، وأمرني فکتبت: من محمد بن عبد الله. وقال: إن اسمي واسم أبي لا يذهبان بنبوتي)[2] . 2 ـ وفي نص الزهري: أنه لما اعترض سهيل علي کتابة الاسم قال (ص): اکتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو الخ[3] . 3 ـ وهناک ما قاله ابن عباس للحرورية، حيث (قالوا: لو نعلم إنک رسول الله ما قاتلناک، ولکن اکتب اسمک واسم أبيک. فقال: اللهم انک تعلم إني رسولک. ثم أخذ الصحيفة فمحاها بيده، ثم قال: يا علي اکتب: هذا ما صالح عليه الخ)[4] . 4 ـ وکذا ما روي عن أنس بن مالک في حکايته لهذه القضية، فإنه أيضاً لم يشر إلي أي تمنع من علي عليه السلام. 5 ـ وهناک أيضاً رواية مروان بن الحکم والمسور بن مخرمة ـ وهما من أعداء علي عليه السلام، ولذا لم يصرحا باسم علي کاتب الصحيفة ـ فانهما أيضاً لم ينسبا إلي علي ما يشير إلي امتناعه عن تلبية طلب النبي (ص) بالمحو. بل لقد أشار إلي أن المسلمين هم الذين عارضوا، فقد قالا: (فقال المسلمون: والله لا نکتبها إلا: بسم الله الرحمان الرحيم)[5] . 6 ـ ويروي المعتزلي عن علي عليه السلام، أنه (ص) قال له: (يا علي، إني لرسول الله، وأنا محمد بن عبد الله، ولن يمحو عني الرسالة کتابي لهم: من محمد بن عبد الله، فاکتبها، وامح ما أراد محوه. أما إن لک مثلها ستعطيها وأنت مضطهد)[6] . 7 ـ ويذکر نص آخر: أن سهيل بن عمرو أمسک بيد رسول الله (ص)، وقال: لقد ظلمناک إن کنت رسوله، اکتب في قضيتنا ما نعرف. فقال: اکتب: هذا ما صالح محمد بن عبدالله. فبينما نحن کذلک، إذ خرج علينا ثلاثون شاباً.. الخ..[7] .
هناک نصوص ذکرت هذه القضية، ولم تشر إلي رفض علي عليه السلام إطاعة أمر النبي بمحو شئ. وقد روي بعضها أعداء علي عليه السلام وشانئوه. وذلک يقرّب أن يکون علي قد رفض طلب سهيل بن عمرو بعد مشادة کلامية حصلت بينهما.