اجابة المرتضي وآخرين











اجابة المرتضي وآخرين



لقد أجاب السيد المرتضي رحمه الله علي الشبهة المذکورة آنفاً ـ ووافقه غيره علي ذلک ـ بما مفاده:

أنه قد سلم بأن هذا الأمر قد صدر عن علي أمير المؤمنين عليه السلام، ولکنه يرفض أن يکون دالاً علي عدم عصمته صلوات الله وسلامه عليه، لأنه لم يصدر منه علي سبيل التمرُّد، والعصيان، إذ ليس الأمر علي سبيل الإيجاب.

قال رحمه الله:

(إن النبي (ص) حينما أمر علياً (ع) بمحو کلمة (رسول الله) وإثبات اسمه الشريف، بدون هذه الکلمة، فإنه قد استکبر ذلک واستعظمه.وجوّز أن يکون (ص) إنما قال: افعل ذلک مرضياً لسهيل وإن کان لا يؤثر، ولا يريد فعله.بل يؤثره التوقف عنه فتوقف حتي يظهر من النبي (ص) أنه لذلک مؤثر. وأنه أمر حقيقي بالمحو، فصبر علي (ع) علي ذلک علي مضض شديد.

وقد يثقل علي الطباع ما فيه مصلحة من العبادات کالصوم في الحر).

ثم ذکر رحمه الله موقف عمر في هذه المناسبة، ثم أجاب عن قولهم بأنه کان يجب مع الشک أن يستفهم، بأنه عليه السلام قد فعل ما يقوم مقام الاستفهام، من التوقف حتي ينکشف الأمر، وإن لم يکن (ع) شاکاً في أنه (ص) لا يوجب قبيحاً، ولا يأمر بمفسدة. لکنه لما تعلق صورة الأمر بفعل تنفر منه النفوس والطباع، فقد جوز أن لا يکون ذلک القول أمراً، فتلاه بتوقفه.

وذلک منه عليه السلام غاية الحکمة، ونهاية الاحتياط للدين[1] .

وقال العيني: (قول علي رضي الله تعالي عنه: ما أنا بالذي أمحاه ليس بمخالفة لأمر رسول الله (ص)، لأنه علم بالقرينة: أن الأمر للإيجاب)[2] .

وقال القسطلاني والنووي: قال العلماء: وهذا الذي فعله علي من باب الأدب المستحب، لأنه لم يفهم من النبي (ص) تحتّم محو علي نفسه، ولهذا لم ينکر عليه. ولو حتّم محوه لنفسه لم يجز لعلي ترکه ولا أقره النبي (ص) علي المخالفة[3] .









  1. المصدر السابق ص442 /443
  2. عمدة القاري ج13 ص275.
  3. المواهب اللدنية ج1 ص128 وشرح النووي علي صحيح مسلم ج12 ص135.