مفهوم الحكم











مفهوم الحکم



يعرف الحکم بانه اخبار عن حکم اللّه تعالي يصدره القاضي في صيغه قرار يفصل به النزاع المعروض، فتنتهي به الخصومه وتحسم الدعوي[1] وذلک باحد حلين -کما المحنا- الاول اجابه طلبات المدعي في ما يسمي بقضاء الالزام او قضاء الاستحقاق وغالب الاحکام هي الزام.[2] .

اما الحل الثاني فينصب علي رفض طلب المدعي ومنع منازعته للمدعي عليه في ما يسمي بقضاء الترک او الاطلاق[3] کالحکم باطلاق المحبوس[4] -اي الموقوف رهن التحقيق في المصطلح القانوني المعاصر- لعدم ثبوت الحق عليه او ابقاء صاحب اليد يده علي الشي ء ومنع منازعته في ملکيته من قبل المدعي. ولم يکن في نهج الامام علي (ع) شکل معين لصيغه القرار بالحکم، فهو يقوم علي تعبير يودي الي احقاق الحق وتنفيذ حکم الشرع في اسرع وقت ممکن لايصال کل ذي حق الي حقه. ومن خلال استعراض قضايا الامام فان الذي نستدله من شذراته القضائيه وسوابقه العدليه ان قرار الحکم فيها يقوم علي العناصر التاليه:

1 - وقائع الدعوي والادله التي تثبت وجودها عبر مجريات المرافعه او التحقيق فان لم تتوفر الادله الکافيه التي تعزز ادعاء المدعي يصار الي يمين المدعي عليه عاده للحسم وانهاء الخصومه.

2 - تکييف تلک الوقائع ووصفها بالوصف الشرعي المناسب، اذ لا تصح الاستنباطات الظنيه کما علمنا.

3 - تطبيق حکم اللّه تعالي علي تلک الوقائع اتباعا لقوله تعالي: (يحکم به ذوا عدل منکم). وتطبيق حکم اللّه هو العدل عينه، وقد سلفت الاشاره الي ما جاء في وصيه الامام علي (ع) الي کميل بن زياد، وهي: (يا کميل لا تاخذ الا عنا تکن منا)، لان اهل بيت الرسول -والامام علي ياتي في مقدمتهم- هم اقرب موردا واوثق مصدرا لعلم الرسول الامين. فاستنباط الاحکام النظريه، بوصفها حلولا عمليه لجزئيات القضايا المطروحه في ساحات القضاء، يقتضي ان تتم علي ضوء احکام الباري المستمده من اصولها المعتبره، او من سنه کان الامام اعلم بها من غيره، لهذا وصفه نبي الامه بانه اقضي الامه واعلمها بالفقه والشريعه، لا بل (کان اقدرهم علي تطبيق احکامها)،[5] وادقهم في التعليل والتسبيب، ولعل خير شاهد علي عمق تسبيبه للاحکام ان نذکر تعليله النموذجي الوارد في عقوبه المسکر، اذ جاء فيه: (ان الرجل اذا شرب الخمر سکر واذا اسکر هذي واذا هذي افتري فاجلدوه حد المفتري). وهذا ما تفيده المصادر التي تطرقت الي قضائه (ع).[6] .









  1. جواهر الکلام، کتاب القضاء، ان وددت التوسع.
  2. القواعد والفوائد، القسم الاول، ص 320.
  3. المصدر نفسه، وکذا التجکاني، النظريه العامه للقضاء، ص 320.
  4. عرف الحبس، في قضاء الامام علي، کاجراء احتياطي يتخذ ضد المتهم عن جريمه حديه حيث يطلق صراحه بعد ثبوت عدم کفايه الادله ضده، کما عرف الحبس ايضا عنده کعقوبه تعزيريه من جانب آخر، ويروي عنه قوله: (يجب علي الامام ان يحبس الفساق من العلماء والجهال من الاطباء والمفاليس من الاثرياء)، راجع التستري، ص 178سبق ذکره.
  5. الدکتوره سعاد ماهر، مشهد الامام، ص 51سبق ذکره.
  6. التشريع الجنائي الاسلامي، ج 1ص 649مثلا.