الحالات النفسيه والانفعالات العاطفيه











الحالات النفسيه والانفعالات العاطفيه



وهذه تدخل ضمن قائمه القرائن التي يستدل بها علي امر معين، فقد سلف وتطرقنا الي حادث النزاع الذي حصل بين امراتين تدعي کل منهما امومه طفل حديث الولاده من دون بينه، فامر الامام علي باحضار منشار لقد الطفل نصفين، لتاخذ کل منهما النصف ولما تنازلت احداهما عن حصتها، رافه بالطفل، ومقابل ان يبقي حيا، اعتبر ذلک قرينه علي ان الطفل ابنها وحکم لها به. فانفعالها العاطفي هذا وتنازلها عن حصتها لغريمتها لقاء عدم قد الطفل يمثل قرينه فاعله علي کونها هي الام الحقيقيه ولا تفسير آخر له.

ومن الحالات النفسيه نذکر، ايضا، حادث النزاع الذي حصل بين شخصين کل منهما يدعي انه سيد صاحبه، ولم يکن لدي اي منهما ما يثبت ادعاءه، فطلب الامام من قنبر ان يثقب جدارا ثقبين، ثم امر ان يدخل کل منهما راسه فيهما، ثم قال: يا قنبر علي بسيف رسول اللّه، عجل به، واضرب رقبه العبد منهما، وهنا اخرج احدهما دون الاخر راسه من الثقب بشکل لا شعوري فاستدل بذلک علي انه العبد، اما الذي مکث في الثقب فهو السيد،[1] فلولا دافع الخوف من ان يوخذ راسه ظنا منه باکتشاف امره لما اخرج راسه من الثقب بعد شعوره بالخطر -الموهوم الذي احدق به.رابعا ما تعارف عليه الناس: يستفيد القاضي مما تعارف عليه الناس في اصدار الحکم، فامتعه الزوجيه واثاثها، مثلا، لا يصح ان يدرج في قائمتها السلاح او ادوات مهنه الزوج، لان الشاهد العرفي عليها يشهد بانها للرجل بينما الجواهر والقطع الذهبيه وغيرها مما تتخذه المراه زينه لها يحکم بها للمراه، اذا لم يدحضها ما هو اقوي من قرينه مثل هذا العرف. ومن السوابق القضائيه التي يصح الاستشهاد بها هنا، للامام علي، قضيه الرجل الذي ادعي العمي وفقدان حاسه الشم نتيجه ضربه شديده وجهها اليه المشکو منه في هامته.[2] فکان قضاء الامام فيها الطلب من المشتکي رفع راسه ووجهه امام عين الشمس، فان کانت عينه صحيحه فانه لن يقوي علي مواجهه اشعه الشمس من دون اغماضها. اما فقدان الشم فقد طلب الامام بجلب ما هو شديد الرائحه -کالبصل الحار- ووضعه قرب انف المدعي، فان کانت حاسته سليمه فلا بد من ان يظهر تحسسها فيه وفي غدده الدمعيه، فهذا يمثل قرينه علي کذب دعواه، ذلک لان المتعارف بين الناس ان عين الانسان الصحيحه لا تستطيع ان تواجه ضوء الشمس، وتبقي مفتوحه، کما ان شده الرائحه تثير حساسيه العين والانف ايضا.

ولنکتف بهذا القدر من الامثله من دون الاسترسال او التوسع الذي يخرجنا عن خطه الکتاب، مع ملاحظه ان هناک صورا اخري للقرينه، مثل بصمات الاصابع والوشم علي الجلد ومساله الحاله الراهنه لموضوع النزاع، اذ قد يکون قرينه علي صدق دعوي الخصم، وذلک عملا بما يعرف بمصطلح الاستصحاب المقلوب الذي يعني سحب حاله الماضي الي واقع الحاضر او ابقاء ما کان علي ما کان، وما الي ذلک من امور افاض الفقهاء في بحثها في موسوعاتهم الاصوليه، فيمکن لمن شاء مراجعتها.









  1. فروع الکافي، سبق ذکره.
  2. من لا يحضره الفقيه، ج 3ص 11.