الفراسه











الفراسه



الفراسه هي من القرائن الموضوعيه التي يفطن اليها من اللجاج والامارات وظواهر الملامح والاشياء، فيستنبط منها امرا ما ويستدل بها احيانا علي حقيقه معينه. ولقد ورد ذکرها في کتاب اللّه العزيز، في قوله تعالي: (ان في ذلک لايات للمتوسمين)، فالفراسه مبنيه علي العلامات والامارات المرتسمه علي الانسان وعلي الحدس، فالمتهم عندما يستجوب قد يتغير وجهه، وقد يتصبب عرقا في فصل الشتاء بفعل مباغتته، او مفاجاته، بسوال معين. وقد يتلکا في کلامه او ينعقد لسانه فلا يستطع النطق رغم ظهور محاولات الاجابه..

فهذه قرائن تفصح عن اشياء، وقد تدل علي حقائق مجهوله احيانا. ويعزز من قيمه مثل هذه القرائن اذا ما عرف المتهم بانه صاحب سوابق اجراميه او تحقيقيه تثير الشبهه مثلا.

ومن السوابق القضائيه التي اعتمد قضاء الامام علي فيها علي الفراسه نذکر شکوي کان قد تقدم بها احد الفتيان، مدعيا ان امه انکرت بنوتها له، وکانت من قبيله قريش. وعززت انکارها للفتي بشهاده اخوتها مع اربعين نفر من قومها قسامه[1] وعندما تفرس الامام في وجهها ووجه الفتي، بادر (ع) بمفاجاه من کان حاضرا من ذويها في مجلس قضائه بالحکم بان امر بعقد قرانها علي الفتي، علي مهر قدره اربعمائه درهم نقدا، وامر بتسليمه من بيت المال الي الفتي. فهنا لم تتمالک المراه نفسها واعترفت قائله: (ياابن عم محمد، تريد ان تزوجني من ولدي هذا؟!). ثم اعترفت له بان الذي اجبرها علي انکاره هم اخوتها المذکورين[2] فالامام هنا ما کان ليصل الي اکتشاف هذه الحقيقه لولا دقه فراسته، ولربما لاحظ في وجه المراه ما ينم علي خوفها من اخوتها وابناء عشيرتها، فمن يدري؟









  1. القسامه نوع من اليمين، وهو من طرق الاثبات المعروفه في الجاهليه التي لم يلغها الاسلام، انظر: التشريع الجنائي الاسلامي، ج 2ص 321وما بعدها.
  2. راجع: الوسائل، کتاب القضاء، الطبعه الحجريه غير المرقمه، سبق ذکره.